الجمعة 24 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من مصر إلى بتراء الأردن على «عجلة»!

 فى العاشرة صباحا وبتوقيت عمان كانت لحظة الوصول وبداية الجولات والمغامرة وخوض أول تجربة دولية لى خارج مصر لزيارة الأردن الشقيقة.



قضيت يومًا لطيفًا فى العاصمة توجهت فيه لزيارة «أهل الكهف» المعلم الدينى الذى ذكر فى القرآن الكريم وتعرفت على قصة الفتية الذين هربوا إلى الجبل ليعبدوا الله تعالى وشاهدنا مقابرهم والمسجد الذى بنى أعلاهم.

 

كانت رحلة لطيفة، وقام أحد المرشدين بشرح القصة بالتفصيل والتعرف على أناس لم يحدد زمنهم ولا العهد الذى جاءوا فيه هربًا من حاكم باطش ليعبدوا الله تعالى، فناموا سنين عديدة حتى استيقظوا وأدركوا أنهم فى زمن مختلف تمامًا، وأنهم أعيدوا للحياة مرة أخرى ليكونوا عظة لمن بعدهم.

توجهت بعد الزيارة إلى وسط المدينة للتجول والتعرف على معالم العاصمة.

وفى اليوم التالى بدأت المغامرة بدراجتى الهوائية نحو الشمال لزيارة مدينة جديدة.

تتميز دولة الأردن بجمال الطبيعة والمناظرالخلابة ولكن واجهت صعوبة شديدة فى طبيعة الطريق من مصاعد وقمم جبال كنت أقوم بالراحة قرابة ساعتين لتناول الماء وبعض الحلوى.

وهنا تعرفت على شىء جديد ومميز لدى الأردنيين وهو (المنسف)، أكلة شهيرة لديهم، قام أحد المشايخ باستضافتى وتناول وجبة الغداء معه وهو يتكون من أرز وخبز ويقدم من الدجاج أو اللحم ومع اللبن والعصير وبعض الخضراوات.

وبعد تناول الغداء استكملت رحلتى نحو الشمال لألتقط صورة لبائع خضراوات تحت أحد الجسور وحتى وصلت لأحد المشاتل لبيع الزهور قابلت مصريًا يعمل هناك وقام بالترحاب والشكر وتناولنا معا الشاى.

وعلى بعد قليل من الكيلو مترات وصلت لأول مدينة أقصدها وهى جرش، قمت بزيارة معالمها السياحية والتقاط الصور التذكارية وبعدها توجهت لزيارة بلدة النبى هود عليه السلام والكهف أو المغارة التى اختبأُ فيها مع من آمنوا به وقمت بالمبيت تلك الليلة فى أحد المساجد الموجودة على الطريق.

وفى صباح اليوم التالى توجهت لزيارة جديدة ومغامرة مختلفة.. الطريق مازال يواجهنى صعوباته بالمصاعد والطبيعة الجبلية ولكن جعلتها بمثابة مغامرة واستكشاف واستمتاع بالطبيعة الهدوء والسكون فى الساعات الأولى من اليوم.

لم يمر بجوارى الكثير من السيارات فقد تحركت فى ساعة مبكرة.. ومع دقات العاشرة بدأت الحركه تزداد واحدة تلو الأخرى ومشارف المدينة تنتظرنى وفى استقبالى، أتوقف بعد قرابة العشرين كيلو مترًا للراحة وتناول الماء، وكانت مدينة «أربد» تستقبلنى، المسافة المقطوعة مايقرب من 60 كيلو مترًا منذ أن تحركت من جرش وتوجهت لأحد الفنادق للمبيت بعد تجوال فترة فى المدينة واكتشافها وتفقد المحلات والأسواق، حتى انتهى اليوم الثانى فى رحلتى.

ومع شروق الشمس توجهت لمدينة أخرى لاستكمال المغامرة والرحلة الدولية.

مررت بمدينة تسمى بلدية خالد بن الوليد وسميت نسبة إلى القائد خالد بن الوليد حيث معركة اليرموك، استكلمت الرحلة شمالا حتى الوصول إلى مدينة أم قيس الأثرية التى تبعد كثيرا عن مدينة أربد.

قمت بزيارة معالمها السياحية وشاهدت بحيرة طبرية على الحدود السورية والمناظر الخلابة وخلال جولاتى وسط الآثار توقفت قليلا أمام مقولة عظيمة هى عبرة وعظة للفيلسوف الرومانى أرابيوس قال (أيها المار من هنا كما أنت الآن كنت أنا, وكما أنا الآن ستكون أنت ، فتمتع بالحياة لأنك فان).

 

 

 

هى عبرة وعظة بأن الحياة تستمر وأنت لا تدوم وأن الحياة قصيرة وتنتهى فغامر واستكشف.

كانت تلك العبارة منقوشة على قبره ضمن المعالم الأثرية فى المكان، وبعد الانتهاء من التجوال دقت عقارب الساعة الثانية عشرة ظهرًا تناولت الفطار الخفيف فى أحد المقاهى ولم أجد مكانًا للمبيت مناسبًا واتخذت قرارًا باستكمال الرحلة نحو الجنوب، فقد وصلت لأٌقصى نقطة شمال الأردن مع الحدود السورية.

وهنا مررت على طريق الأغوار وما يسمى بالشونة الشمالية وقد واجهت موقفًا شديد الصعوبة ، حيث كان المنحدر قويا جدًا، واستغرقت قرابة الخمس عشرة دقيقة حتى النزول إلى مستوى الأرض.

ولكن الطريق كان جميلا جدًا استضافنى طفل صغير فى مشتله وتناولت بعض الماء فى بلدية تسمى «وقاص» ولم أكن أعلم أنها سميت نسبة إلى الصحابى الجليل «عامر بن أبى وقاص» الذى أديت صلاة الظهر فى مقامه الشريف فهو أحد الصحابة الكرام أسلم بعد عشرة أفراد.

هاجر إلى الحبشة ثم عاد وشهد غزوة أحد وهو أخو الصحابى سعد بن أبى وقاص وتوفى ودفن بالأغوار. استكملت الطريق نحو الجنوب بعد زيارة الضريح وعلى يسارى ترى الجبال الشاهقة ويمينا ترى نهر الأردن وجبال فلسطين.

بعد العديد من الكيلو مترات توجهت لزيارة ضريح صحابى جليل فاتح الأردن شرحبيل بن حسنة، يبعد مقامه عن الطريق الرئيسى قرابة 2 كيلو مترًا، يتميز مقامه بالهدوء والسكينة، دخلت للمسجد واسترحت قليلاً فى ساحة المسجد حتى أتى وقت صلاة العصر وأديت الصلاة، واستكملت الرحلة لزيارة الصحابة الكرام شهداء معركة اليرموك وكان فى الطريق قبر أمين الأمة «أبو عبيدة عامر بن الجراح» أحد العشرة المبشرين بالجنة، كان أحد القادة الذين تولوا فتح الشام فى عهد أبى بكر الصديق وتوفى بالطاعون ودفن بالأغوار.

كان وقت المغيب قد حلّ على بعد زيارة الصحابى الثالث فى رحلتى، وكان آخر صحابى لم يسبق لى معرفته من قبل هو «ضرار بن الأزور» الذى أسلم بعد الفتح، وقد كان لهُ مالٌ كثيرٌ، قيل: إنّ له ألف بعير، فترك جميع ذلك، وأقبل على الإسلام بحماسة ووفاء، فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (ربح البيع). عدت إلى عمان بعد ثلاثة أيام لاستكمال زيارة الصحابة والأنبياء الكرام فقمت بالتوجه صباحًا نحو مدينة مأدبا التى تبعد ما يقرب من 60 كيلو مترًا من العاصمة.

الشوارع مزدحمة والموظفون فى طريقهم لعملهم والجميع يتناول قهوة الصباح.

سلكت طريق المطار أو ما يسمى بالطريق الصحراوى حتى وصلت لمدخل مدينة مأدبا التى استغرقت منى أربع ساعات.

لم يكن الطريق شديد الصعوبة، وكان ممهدًا وعند مجمع حافلات النقل الخاص بالمدينة توجهت لمسافة 9 كيلو مترات حتى الوصول لجبل نيبو حيث الشاهد والمقام الخاص بالنبى موسى عليه السلام.

يقع الجبل على مرتفع كبير تستطيع رؤية البحر الميت من هناك والتقاط الصور الجميلة للمزار وهناك كنيسة أثرية قمنا بالدخول إليها وزيارتها وترى مجسمًا كبيرا لعصا النبى موسى والثعبان.

لم تستغرق الزيارة أكثر من ساعتين وقيل عن المكان إنه الأرض التى وعد الله بها نبيه موسى وهى أرض المحشر.

رجعت إلى العاصمة بعد الزيارة التى لم أجد فيها مشقة كبيرة كباقى الجولات لأبدأ جولة أخرى على متن رحلتى الدولية فقمت بزيارة مدينة السلط التابعة لمحافظة البلقاء لزيارة مزارين مهمين أحدهما لنبى يخرج المسك من ضريحه ليل نهار، النبى شعيب عليه السلام، الذى كان يعيش فى مدينة مدين وهو أحد الأنبياء العرب الخمسة وكان معروفًا بالفصاحة.

فى وادى يسمى وادى شعيب أرض منخفضة بين جبلين قمت بالمغامرة والدخول ورفع الكسوة الخضراء عن الضريح لأشم رائحة المسك الذى تحدث الكثير عنه.

خلال الزيارة توجهت لساحة المسجد للصلاة ثم غادرت المكان بعد ساعة من الهدوء والراحة، لأقوم بزيارة النبى الذى حبست له شمس وكان تلميذا للنبى موسى عليه السلام، وذكرت قصته الشهيرة فى سورة الكهف وسمى بفتى موسى وشهد فتح القدس الشريف ويرجع نسبه للنبى إسحاق عليه السلام وهو يوشع بن نون.

عند زيارتك للمقام ترى الضريح طويلا قرابة الـ6 مترات وعندما سألت عن السبب، قالو إنهم لا يعلمون أين دفن فى هذا المكان وحبست له الشمس حيث خرج ببنى إسرائيل من التيه ودخل بهم بيت المقدس (القدس) بعد حصار وقتال وعندما صار النصر قاب قوسين أو أدنى كان قد دخل وقت المغرب، واليوم التالى كان السبت (وهو اليوم الذى حرم فيه الله على اليهود العمل، وإن دخل عليهم المغيب لدخل بغياب الشمس يوم السبت، فلا يتمكنون معه من القتال فنظر إلى الشمس ودعا ربه بألاتغيب حتى يتم استثمار الهجوم والنصر، وبقدرة الله كان له ذلك.

 

 

انتهت رحلتى على أرض مدينة السلط ورجعت للعاصمة لأنهى جولتى لهذا البلد بعد قضاء قرابة العشرة أيام، ولكن هذا اليوم كانت الرحلة عصيبة وبعيدة عن العاصمة، فبعد أن وصلنا لأقصى الشمال توجهنا لأقصى الجنوب لزيارة إحدى عجائب الدنيا السبع، إنها المدينة الوردية أو «البتراء» التى تعجب الكثير منها ومن بنائها والتى تتبع وادى موسى فى محافظة معان وتشتهر بعمارتها المنحوتة فى الصخور وسميت بالمدينة الوردية نسبة لألوان الصخور الوردية.

عند الوصول قمت بقطع تذكرة الدخول وتجولت فى المدينة من الداخل والتعرف واكتشاف حضارة الأنباط. أسست البتراء قبل الميلاد عاصمة للأنباط وكان لها مكانة مرموقة لسنوات طويلة حيث تقع على طريق الحرير، ظلت الأنباط مكانًا غير معروف لدى الغرب حتى استكشفها مستشرق سويسرى.

سرت لساعات طويلة تجولت بين الصخور والجبال التى أذهلت الجميع، كيف استطاعوا تمهيد الطرق بين الصخور، وقمنا برؤية صهاريج الجن فعند الانتهاء من الطريق ترى البتراء الخزنة أمامك المكان الذى يجذب السياح وتتوقف أمامه كثيرا وقمنا بالتقاط صور تذكارية جميلة وهنا انتهت رحلتى على أرض المملكة الأردنية.