.. ولسان حال جيلها
مصطفى عرام
عناوين كثيرة بمثابة أكلشيهات رائجة بين الأجيال الحالية، إذا أجريت بحثًا بسيطًا عنها تكتشف أنها من بنات أفكار أستاذتنا «زينب صادق» التى رحلت عنا قبل أيام، بين هذه العناوين: لا تسرق الأحلام، يوم بعد يوم، كنا فى زمن أحباب، تكريم فى ملهى ليلى، الحب والزواج، إدارة العواطف، عندما يقترب الحب، أنقذنى من أحلامى، حكايات فى ضوء القمر، أنت شمس حياتى، قوة الحب، بوصلة عقولنا، القرار لك، سيب نفسك.
هكذا كانت صاحبة أسلوب رشيق، يمزح بين الأدب والصحافة فى خفة ضمن أشهر باب إنسانى فى الصحافة المصرية فى الصبوحة بعنوان «أنا والحياة»، الذى واصلت كتابته حتى أقعدها المرض، كما أشرفت على باب «نادى القلوب الوحيدة» لنشر قصائد وكتابات وإبداعات الشباب.
أنا والحياة
قصة هذا الباب يحكيها كاتبنا الكبير «منير مطاوع» فى حكاياته 60 سنة صحافة قائلاً: «أما أكبر فرصة نالتها كاتبات «صباح الخير» فيما مضى، فكانت على يد حسن فؤاد حين طلب من زينب صادق وهى كاتبة صحفية وأديبة روائية وقصصية، أن يكون لها باب أسبوعى ثابت يحمل اسمها وتعبّر فيه عن أفكارها، فاقترحت هى على خجل أن يحمل عنوان «الحياة وأنا».. فبدّله لها عم حسن إلى «أنا والحياة».
وتؤكد كاتبتنا الراحلة الحكاية نفسها بقولها: بمجرد بداية عملى بمجلة صباح الخير قرأت مقالًا فى جريدة المساء فيه هجوم علىَّ وعلى الأستاذ إحسان، واتهامه بقضائه على مستقبلى الصحفى الذى بدأته فى المساء بإلحاقى بمجلة شابة جديدة، وبكيت أمام أستاذىَّ بهاء الدين وإحسان الذى قال لى: إنها شهادة ميلاد لك كأديبة ناجحة وضرورة العمل بمزيد من الكتابة والترجمة والدراسة الأدبية، وكان ذلك من خلال باب بعنوان «حكاية» حتى تولى الفنان حسن فؤاد رئاسة تحرير المجلة عام 1973، استدعانى وطلب منى التفكير فى باب أسبوعى أحرره باسمى، وفى اليوم التالى قلت له: «اخترت عنوان «الحياة وأنا» فرد وقال: لا «أنا والحياة» ورسم الفنان إيهاب شاكر رسومات الباب.
جيل جديد
أما عن بدايتها العملية فقالت: نشأت فى أسرة مثقفة، فوالدى كان يعمل مدرسًا للجغرافيا، أحب التصوير وكان فنانًا فيه فترك الوظيفة وعمل فى التصوير الفوتوغرافى هاويًا يرصد أحوال الحياة والمجتمع بكاميرته، وفى نفس الوقت غرس فى أبنائه حب القراءة والاطلاع بإحضاره لنا الصحف والمجلات والروايات المترجمة.
وأضافت: التحقت بمدرسة السنية الثانوية بحكم وجودنا فى حى المنيرة بالسيدة زينب، ثم كانت مرحلة التعليم الجامعى فالتحقت بكلية الآداب قسم الصحافة الدفعة الأولى ومن أقرب من صاحبتهم سناء البيسى وصافيناز كاظم، تخرجت فى عهد الثورة فأنا بنت الثورة، وبمجرد تخرجى التحقت بالعمل فى جريدة المساء عند صدورها فى قسم التحقيقات، فى باب باسم «يوميات الشعب» ويضم حوارات مع العمال والبسطاء من الشعب وكنت أتجول فى شوارع القاهرة لإجراء حوارات مع البسطاء والعامة فى الأسواق والشوارع والحوانيت والمصانع، بعد أن أثبتُّ جدارتى فى العمل اشترى لى والدى كاميرا فكنت أحرر الباب كتابة وتصويرًا.
وبمجرد النشر عن إصدار السيدة روز اليوسف لمجلة «صباح الخير»، سارعت الصحفية الشابة زينب صادق إلى التقدم مع بعض زميلاتها للالتحاق بها كمحررة، وبعد أيام قليلة اختارها الكاتب أحمد بهاء الدين أول رئيس تحرير للمجلة للعمل معه بالمجلة من دون زميلاتها وقال لها «اكتبى معنا عن جيلك الجديد وعبرى عن أفكاره وأحلامه وطموحاته».
زينب صادق، هى صحفية ومؤلفة وكاتبة مصرية، ولدت بالقاهرة عام 1935، حصلت على ليسانس آداب قسم الصحافة فى كلية الآداب جامعة القاهرة الدفعة الأولى لقسم الصحافة، وزميلة الكاتبات سناء البيسى وصافيناز كاظم وسناء منصور ونعم الباز، ومن زملائها فى هذه الدفعة صلاح قبضايا وعبدالوهاب مطاوع وعباس الطرابيلى وجمال بدوى ومصطفى شردى، وجمال حمدى.
كرمتها نقابة الصحفيين عام 1987، وقد رحلت عن عمر ناهز الـ90 عاما فى 19 ديسمبر 2024.