ماذا يجرى على «الشمس»؟!

قالت تقارير صحفية أوروبية إن العالم قد يواجه خطر تعطل شامل وكامل لخدمات الإنترنت يستمر لعدة أسابيع فى أوائل العام الجديد، مما يُشكل تهديدًا كبيرًا ومباشرًا لقطاع المال والأعمال، وقد يؤدى إلى انهيار العديد من الخدمات والأعمال التى تعتمد على خدمات الإنترنت.
وكانت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أطلقت تحذيرًا عاجلًا من العواصف الشمسية الشديدة التى قد تكون كافية لشل شبكة الإنترنت العالمية لعدة أسابيع.

وقالت الوكالة إن هذه العواصف قد تنتج عما يُسمى «الذروة المتفجرة فى دورة الشمس»، وهى حالة تحدث كل 11 عامًا مرة.
ويقول العلماء إنه عندما تحدث حالة «الذروة المتفجرة فى دورة الشمس» تتحول الشمس إلى كرة فوضوية تطلق دفعات ضخمة من الطاقة نحو الأرض، وهى الفترة المعروفة باسم «الحد الأقصى للطاقة الشمسية».
وقال تقرير نشرته جريدة «ديلى ميل» البريطانية، إن هذه الدفعات من الطاقة مسئولة عن عروض الضوء الشمالى المذهلة التى شاهدناها فى الأشهر الأخيرة.
ومع ذلك، فإنها يمكن أن تعطل أيضًا الإنترنت وأقمار (GPS) التى تدور حول الأرض، إضافة إلى إمكانية انقطاع التيار الكهربائي، وقد تستمر هذه الأعطال لعدة أسابيع فى حال حدوثها.
وأكد العلماء أن الحد الأقصى للطاقة الشمسية قد وصل إلى حدثه الأقصى الفترة الماضية، وقد يستمر ذلك لمدة 12 شهرًا قادمة، بحسب ما نقلت «ديلى ميل».
وبينما ستزداد فرص رؤية الشفق القطبى فى القطبين الشمالى والجنوبى، ستزداد أيضًا فرصة انقطاع خدمات الإنترنت العالمي.
وأكدت وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى ولجنة التنبؤ بالدورة الشمسية فى الولايات المتحدة أن الشمس وصلت إلى فترة الحد الأقصى للطاقة الشمسية، والتى قد تستمر للعام القادم.
وقال جيمى فيفورز، مدير برنامج الطقس الفضائى التابع «ناسا»: «خلال ذروة النشاط الشمسي، يزداد عدد البقع الشمسية، وبالتالى كمية النشاط الشمسي».
وأضاف: «توفر هذه الزيادة فى النشاط فرصة مثيرة للتعرف على أقرب نجم إلينا، ولكنها تسبب أيضًا تأثيرات حقيقية على الأرض وفى جميع أنحاء نظامنا الشمسي»، ومع ذلك، فإن موعد ذروة النشاط الشمسى على الشمس خلال ذروة النشاط الشمسى هذا لم يُعرف بعد.
وقال مدير عمليات الطقس الفضائى فى الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: «بينما وصلت الشمس إلى ذروة النشاط الشمسي، فلن يتم تحديد الشهر الذى يبلغ فيه النشاط الشمسى ذروته إلا بعد أشهر أو سنوات».
ولا يقتصر الأمر على الضوء والدفء الأساسيين اللذين تتلقاهما الأرض من الشمس، التى تبعد عنها فى المتوسط 93 مليون ميل. بل إن نجمنا عبارة عن كرة ضخمة من الغاز الساخن المشحون كهربائيًا والذى يتحرك، مما يولد مجالًا مغناطيسيًا قويًا، يُعرف رسميًا باسم «المجال ثنائى القطب»، وهذا المجال ثنائى القطب - الذى يمتد من أحد قطبى الشمس إلى الآخر مثل الأرض - يمر بدورة تسمى الدورة الشمسية.
وكل 11 عامًا تقريبًا، ينقلب المجال المغناطيسى للشمس تمامًا، ما يعنى أن القطبين الشمالى والجنوبى يتبادلان الأماكن.
وفى بداية الدورة الشمسية (بعد الانقلاب مباشرة)، يكون سطح الشمس به أقل عدد من البقع السوداء على سطحه، والمعروفة باسم «البقع الشمسية»، ومنتصف الدورة الشمسية هو الحد الأقصى للنشاط الشمسي، عندما يكون لدى الشمس أكبر عدد من البقع الشمسية.
وخلال هذا الحد الأقصى للنشاط الشمسي، من المتوقع حدوث أعنف طقس فضائي، وهو المعروف باسم العواصف الشمسية.

لكن العلماء يؤكدون أن العواصف الشمسية ليست خطيرة على البشر، وإنما تأثيرها يقتصر على الأقمار الصناعية فى المدار وكذلك شبكات الطاقة على الأرض.
وقال ديبيندو ناندي، الفيزيائى فى مركز كلكتا للتميز فى علوم الفضاء التابع للمعهد الهندى للعلوم الاقتصادية والاجتماعية: «تزداد فرص حدوث هذه العواصف الشمسية عندما يكون عدد البقع الشمسية مرتفعًا».
وأضاف: «قد تؤدى العواصف الأكثر شدة فى بعض الأحيان إلى تدهور مدارى كارثى للأقمار الصناعية التى تدور حول الأرض فى مدارات منخفضة وتعطل الخدمات القائمة على الأقمار الصناعية مثل الاتصالات والشبكات الملاحية.. يمكنها أيضًا أن تسبب اضطرابات قوية فى المجال المغناطيسى الأرضى الذى يتسبب فى تعثر شبكات الطاقة الكهربائية الموجودة فى مناطق خطوط العرض العالية».
وتابع: «بالطبع، إنها تخلق أيضًا شفقًا قطبيًا جميلًا، لذا يمكننا أن نتوقع أن يكون عام 2024 عامًا جيدًا لصائدى الشفق القطبي».
ويشار إلى أن دراسة أجريت عام 2021 ونشرها عالم من جامعة كاليفورنيا وجدت أن الإنترنت قد يتعطل لأسابيع فى أعقاب عاصفة شمسية شديدة، ويرجع هذا إلى نقاط الضعف فى شبكة العالم الضخمة من كابلات الاتصالات البحرية.
وتقول الدراسة إن التقلبات الكهرومغناطيسية الناجمة عن العواصف الشمسية الشديدة لا يمكنها أن تلحق ضررًا مباشرًا بكابلات الألياف الضوئية التى تشكل العمود الفقرى للإنترنت، ومع ذلك، فإنها تمتلك القدرة على إخراج الإشارة المنتشرة على طول الكابلات البحرية الضرورية للحفاظ على الاتصالات على مسافات كبيرة.