السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عام نودعه وعام نستقبله.. وأسئلة تطاردنا

عام نودعه وعام نستقبله.. وأسئلة تطاردنا

أمريكا وهى تودع عام 2024 تحاصرها أجواء قلق وتوتر وحيرة وخوف من الغد القريب ورغبة فى التغيير نحو الأفضل. وبالطبع تتعالى الأصوات وتتصادم المواقف حول ما يمكن تحقيقه فى عهد ترامب الجديد بوعوده العديدة بإصلاح الحال بسرعة ووعيده المتكرر بمعاقبة من وقف ضده وحاول اعتراض عودته للبيت الأبيض. وأيضا نشهد كيف تتصارع المصالح وأصحابها حول ما يمكن تغييره أو استبداله لما تم فى عهد بايدن.



 

أمريكا دائما تتجدد أو تريد أن تتجدد أو هكذا تتحدث عن نفسها وعن التجديد والتذكير بأهمية التجديد ودوره فى ضمان تفوقها وهيمنتها على العالم. بالتأكيد هناك أحلام عظيمة وكوابيس خطيرة مرتبطة بقدوم ترامب إلى البيت الأبيض أخذًا فى الاعتبار كل ما قاله أو ردده أو لوّح به قبل إعادة انتخابه أو بعده.

 

ترامب بطبيعته الحازمة والحاسمة وأيضا كونه صاحب القرار المفاجئ دائما والذى لا يمكن توقعه أو الاستعداد له. يأتى إلينا ومعه مفاجآت غالبا ستكون صادمة. استعانته بالملياردير إيلون ماسك وأيضا بأصحاب المليارات فى صناعة القرار إضافة إلى ما يتم التلويح به بالحد من الإنفاق الحكومى نجد أنفسنا محاصرين بأسئلة لا نعرف إجاباتها حول مصير مؤسسات الدولة. ويبقى السؤال أو التحدى الأساسى كيف سيتعامل ترامب ومن معه من أهل الثقة والولاء بملفات حيوية تعد تحديات للأمريكى وأمريكا ذاتها؟ 

 

 
 

 

بجانب تحديات الداخل (قضايا الاقتصاد والهجرة والتأمين الصحى والتعليم) فإن سؤال التعامل مع العالم الخارجى يفرض نفسه. هل واشنطن ستظل دائما وكما كانت القوة العسكرية العظمى القادرة على التدخل فى مناطق الأزمات وقيامها بدور الحليف أو الوسيط فى محاولات احتواء التصعيد العسكرى وأيضا فى الحد من توسيع نطاقه؟ ثم هل يكفى تكثيف الدبلوماسية المكوكية (التى تلجأ إليها واشنطن أحيانا) فى تحقيق نوع من «إدارة الأزمة» أو اللا تدهور فى الأوضاع القائمة غير المستقرة فى مناطق عديدة فى العالم ومنها بالطبع منطقة الشرق الأوسط؟. 

 

نظرة لخريطة منطقتنا تكشف أو بتعبير أدق تصف ما تم تشكيله أو تشويهه خلال شهور الـ 12 الماضية. بدءا من يناير غزة وحماس مرورا بلبنان وحزب الله وانتهاءً بسقوط نظام الأسد فى سوريا. أوضاع متغيرة وملغمة أو خريطة مناطق نفوذ جديدة (وبالطبع غير مستقرة) خلقت واقعا جديدا يقلقنا ويحيرنا بما له من تبعات. علينا أن نتعامل معها وبها من أجل تحقيق نوع من فك الاشتباك والوصول إلى ما يمكن أن يؤدى إلى نوع من الأمان والاستقرار.

 

ومن الطبيعى أن يتساءل المرء هنا -خبراء الجيوسياسية المعنيون أو المراقبون للمنطقة والذين سوف يستعين بهم ترامب فى المرحلة المقبلة- هل لديهم فهم أو تصور أو تحليل أعمق وأفضل عما كان حالهم من قبل؟ أم أننا سنواجه المزيد من التخبط والارتباك والتصورات التى لم تتغير وغالبا لم تتعلم من أخطاء الماضى!

مؤخرا تم إقرار ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2025 وتقدر بـ 895 مليار دولار. وكانت تقدر بـ 607 مليارات دولار قبل عشر سنوات. وهذا الرقم الضخم يعنى الكثير لما يحمله من مليارات تزيد من صراعات الدول ومهام جيوشها فى مواجهات عسكرية استنزفت اقتصادياتها.

ولا شك يشغل بالنا ما تم ذكره أو التحذير منه بخصوص مشروع أو خطة 2025 التى تبنتها تيارات يمينية بعينها من الحزب الجمهورى. هل سنشهد فى الأسابيع والشهور المقبلة خطوات بشأن تنفيذ بنودها؟

وتحديدا ماذا سيكون مصير وزارات التعليم والعدل والصحة؟ إن غدًا لناظره قريب. هكذا اعتدنا القول وتكراره كلما حيرنا أمر من الأمور وصار الحصول على إجابة محددة وواضحة صعب المنال.

وطالما نتأمل أمريكا فى العام المنصرم (2024) فإن عدد الذين بلغوا المائة من عمرهم وتجاوزوه وصل إلى 101 ألف شخص فى أمريكا منهم جيمى كارتر الرئيس الأمريكى الأسبق. وحسب تقديرات مكتب الإحصاء الأمريكى فإن عدد هؤلاء من أصحاب الفئة العمرية (مائة عام وأكثر) قد يصل إلى 422 ألفا مع حلول عام 2054 أى خلال الثلاثين السنة المقبلة. واليوم النساء يمثلن 78 فى المائة من هذه الفئة العمرية من أهل أمريكا و22 فى المائة منهم من الرجال. وأن 77 فى المائة منهم من البيض. و8 فى المائة منهم من السود و6 فى المائة من الهيسبانيك.

وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن العدد من هم وهن فى المائة من أعمارهم وأعمارهن أو أكثر فى العالم يصل إلى 722 ألف شخص. فاليابان بها 146 ألفا ثم الولايات المتحدة 101 ألف ثم الصين 60 ألفا والهند 48 ألفا وتايلاند 38 ألفا.. وأمام هذه الأرقام يتساءل المرء عن أسرار طول العمر؟ والأهم الكيفية التى سيعيش بها ؟.. سعيدًا كان أم كان أقل تعاسة كما يرجو ويتمنى.

 

 
ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

 

ما تم ذكره وتذكيره فى السطور السابقة ملامح للمشهد الأمريكى فى العام المنصرم. عام حافل بالأحداث وصاخب بالجدل القائم والمستمر حول تحديات المواطن الأمريكى فى حياته اليومية وفى تعامله مع مقتضيات الحاضر والغد القريب.

قراءتنا للمشهد القائم والعام المنصرم مستمرة خاصة أننا لا نقرأ الماضى بقدر ما نحاول أن نتبين المستقبل. العام المقبل على الأقل. والعالم فى حالة حرب أو استعداد لحرب أو يحاول أن يتعافى من تبعات حروب أهلكت شعوب الدول وخربت اقتصادياتها وخلخلت أعمدة استقرارها وأمانها والعواقب كما تبدو وخيمة. وربنا يستر!