السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فيروز..صوت الملائكة

الكتابة عن مسيرة فيروز ليست بالأمر الهين أو السهل لأن الظاهرة الفيروزية ليست فقط فى صوتها الملائكى الذى جعلنا «نحن والقمر جيران»، أو كما وصفه الناقد الجزائرى إبراهيم مشارة: «لكأن الله حين أراد إسماعنا صوت الملائكة خلق صوت فيروز». بل عظمتها تكمن فى رسالتها الراقية السامية وعطائها المتعدد المسارات الإنسانية والوطنية والفنية والغنائية، ظاهرة فريدة استثنائية في الشرق لا تتكرر.



فيروز.. أسطورة العرب، ياسمينة الشام، عصفورة الشرق، جوهرة لبنان، أرزة لبنان، اعتذار السماء عما يحدث لأهل الأرض، سفيرتنا إلى النجوم على حد قول الشاعر الراحل سعيد عقل رفيق مسيرتها الغنائية.

  إلا أن لقب سيدة الصباح.. المتداول بين  بعض عشاقها من العامة والمثقفين فى العالم العربى  من أكثر الألقاب انتشارا، اعتادوا سماع فيروز كطقس يومى يبدأ مع نسمات الصباح وفنجان من القهوة يفوح منه عطر سحرى محمل بالهدوء والسكينة، وتشدو فيروز بصوتها الملائكى «في أمل .. إيه في أمل .. أوقات بيطلع من مَلَل».. تمنحك أول خيط من خيوط الأمل.. إنها قهوة فيروز حيث لا صوت يعلو على صوتها.  سنتوقف عند بعض المحطات .. 

 

 

 

 

 الطفلة الخجولة 

 «نهاد وديع حداد» الطفلة الخجولة وشهرتها فيروز (21 نوفمبر 1934)  نشأت بحى «زقاق البلاط» بيروت، الطفلة الأولى لعائلة مسيحية متواضعة الحال، بدأت فيروز الغناء كأى طفلة، فكانت تردد الأغنيات التى تسمعها من راديو الجيران كانت تقف خلف شباك منزلها لتسمع غناء محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد وأسمهان وفريد الأطرش. 

البداية حين سمع صوتها الملحن حليم الرومى (والد المطربة ماجدة الرومى) رئيس القسم الموسيقى فى إذاعة لبنان وكانت بعمر الرابعة عشر واستدعاها لمكتبه بالإذاعة وكان يجلس معه عازف الكمان الشاب عاصى الرحبانى. وأوصى الرومى بأن يقوم الملحن اللبنانى محمد فليفل تعليمها أصول الإنشاد والتجويد القرآنى من أجل أن تتقن مخارج الحروف وتتعلم المقامات الموسيقية.

 وكان تعليمها تجويد القرآن قد أثر فى تكوين طابع مميز لصوتها ولشخصيتها الغنائية. واستمر فليفل سندا لفيروز وأقنع والدها بأن تلتحق فيروز بالمعهد الموسيقى. وطلب منها الملحن حليم أن تغير اسمها من نهاد حداد إلى فيروز وقال لها: «إن صوتك يشبه حجر الفيروز الثمين»، فى البداية رفضت إلا أنها وافقت بعد ذلك.

بعد الانتهاء من دراستها بمعهد الموسيقى 1952 قدم لها الملحن حليم الرومى ألحانًا لأول أغانيها «تركت قلبى وطاوعت حبك»، وأغنية «حمام يا مروح» وغنتها بالإذاعة اللبنانية. واقتربت علاقتها بالأخوين رحبانى منصور وعاصى الذى لحن لها أغنيتها الثالثة «عتاب» ونجحت أكثر من التجارب السابقة، وأصبحت الأغنية المفضلة فى البيوت والصالونات. وتزوجت فيروز من عاصى الرحبانى 1955. وأنجبت له أربعة أبناء: زياد وليال وهالى وريما. والابن «هالي» من ذوى الاحتياجات الخاصة الذى ترعاه فيروز إلى اليوم.

 ثلاثى الرحبانية

لا يمكن أن نذكر فيروز دون ذكر الرحبانية أو العكس. بدأت مشوارها ومشروعها الغنائى مع الرحبانية (عاصى ومنصور) وهما أحد كبار مجددى الموسيقى العربية ليكونا فريقا فنيا يحلق بالموسيقى إلى مساحات حداثية والمزج بين الأنماط الغربية والشرقية والألوان اللبنانية فى الموسيقى والغناء. وقدم الأخوان رحبانى مع فيروز المئات من الأغانى منها  مجموعة ضمن المسرحيات وسبب نجاح الأغانى كما ذكرها الموسيقار والناقد سليم سحاب: «سبب النجاح تميز الأغنية بقصر المدة على عكس الأغانى العربية السائدة فى تلك الفترة الاغنية الطويلة المدة». ولنذكر أنّ الأخوين رحبانى تعرفا إلى صباح قبل فيروز، لكنهما لم يقتنعا إلا بصوت فيروز. 

وبنفس عام زواجها 1955 وجهت إذاعة صوت العرب بالقاهرة دعوة رسمية لفيروز والأخوين رحبانى لزيارة مصر، أنتج الأخوان رحبانى لفيروز العمل الشهير (راجعون)  يعبر عن القضية الفلسطينية لصالح إذاعة صوت العرب.

فى عام 1956 بدأت إطلالات فيروز والرحابنة فى مهرجانات بعلبك، وازدادت شهرتهم وبدأت حفلاتهم تجوب العالم، ولم تكتف فيروز بالغناء للأخوين رحباني، بل تعاونت مع ملحنين عدة، من أمثال محمد عبد الوهاب، وفليمون وهبة، كما أعادت تقديم عدد من أغنيات الموسيقار خالد الذكر سيد درويش مثل «زورونى كل سنة مرة» التى أصبحت طقسا وتيمة فى كل حفلات فيروز بالعالم العربى.

عام 1957 أصدرت الشركة اللبنانية للتسجيلات ثلاث أغنيات لسيد درويش توزيع الأخوين رحبانى وغناء فيروز تحت عنوان أغانى من الماضي: زورونى كل سنة مرة، طلعت يا محلا نورها، الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية، ثم عطشان ياصبايا دلونى على السبيل.

 وبعد غياب عشرة أعوام أعادت أغانى سيد درويش، حيث اعتاد الرحبانية تقديمها بتوزيع جديد قدموا طقطوقة «سالمة يا سلامة». وبحفلتها الأخيرة فى القاهرة عام 1989 عند سفح الأهرامات بدأت فيروز بغناء طقطوقة «أهو ده اللى صار»، وكانت مفاجأة لجمهور مصر وقام بتوزيعها ابنها الملحن زياد الرحبانى.

 وبسبب نجاح أغانى سيد درويش تشجع الموسيقار محمد عبد الوهاب وطلب أن تغنى فيروز أغنياته، فغنت له : «خايف أقول اللى فى قلبي، وجفنه علم الغزل، وأحب مهما أشوف منه، جارة الوادي».  الرحبانية من بداية مسيرتهم الموسيقية على قناعة تامة بأستاذية محمد عبد الوهاب، وهو الوحيد الذى سمحوا له بالتلحين لفيروز. فلحن محمد عبد الوهاب لفيروز من كلمات الأخوين رحبانى أغنية «إسهار بعد إسهار» عام 1961 وخلال تسجيل الأغنية وقف عبد الوهاب يردد خلف فيروز مع الكورس وأيضا كان الكورس يضم شقيقتها هدى حداد.

 

 

 

  وعن محمد عبد الوهاب وفيروز كتب كمال النجمى المؤرخ والناقد أن أجواء أغنية إسهار بعد إسهار «جاءت ليست بعيدة عن اللون الرحبانى ولذلك غنتها فيروز دون أن تشعر بغربة اللحن عنها. ورفضت فيروز ثلاث أغان لحنها الملحن رياض السنباطى لها خوفا من أن تصبح نسخة من أم كلثوم التى تعشقها دون أن تقترب من مساحاتها الغنانية».  وتكررت ألحان محمد عبد الوهاب لفيروز بقصيدتين الأولى: «سكن الليل» من شعر جبران خليل جبران، والثانية: «مر بي» من شعر الشاعر سعيد عقل. 

سألونى الناس

عاصى الرحبانى الموسيقار والزوج ذكر فى حديثه عن فيروز: «لم أقل لها فى يوم إننى أحبها ولكنها تعرف أنها بالنسبة لى كل شيء فى حياتي» . بعد رحيل زوجها عاصى عام 1986، خاضت فيروز تجارب جديدة مع مجموعة ملحنين ومؤلفين أبرزهم: فلمون وهبة، زكى ناصيف، لكنها عملت بشكل رئيسى مع ابنها زياد الرحبانى الذى قدم لها مجموعة كبيرة من الأغانى أبرزت موهبته وقدرته من خلال نمط موسيقى يستقى من الموسيقى العربية والموسيقى العالمية. من تلك المجموعة: رجعت الشتوية، راجعين ياهوى، أنا عندى حنين، سألونى الناس، حبيتك تنسيت النوم، عندى ثقة فيك، سلملى عليه، حبيتك بالصيف، البوسطة، قديش كان فيه ناس، عودك رنان، حبو بعض، مش قصة هاى.. وغيرها. 

 تحكى فيروز بمجلة الموعد 1980 فى حوار نادر أن هناك صداقة طيبة بينها وبين كوكب الشرق أم كلثوم، والتقت بها للمرة الأولى عندما غنت فى بعلبك، ثم عندما زارت مصر وذكرت فيروز عن مقارنة بينها وبين أم كلثوم: «كل أغانى السيدة أم كلثوم جميلة، وتتميز بمقاطع رائعة الجمال فى الأداء، ولكن ذلك لا يعنى أن ما يناسب أم كلثوم يناسبني، أو أن ما يناسبنى يناسبها، هناك اختلاف فى النظرة إلى الفن من حيث ما هو لحن وكلام وزمن . أقول هذا وأعنى الأغنية، لذا فإن حبى لأغانى أم كلثوم هو حب المستمع المعجب ، لا حب المستمع الذى يتمنى أن يكون له ما لها».

وفى سياق ذلك ذكر الكاتب والباحث كريم جمال: «أن فيروز وأم كلثوم أكبر مشروعين نسائيين لهما أكبر الأثر فى رفع مستوى الأغنية العربية ولا مجال للمفاضلة لأن طبيعة اللغة الشعرية والمضامين  الموسيقية بين المشروعين تكاد تكون متنافرة وهوية كل منهما  تحمل دلالات مجتمعية تاريخية وسياسية مختلفة». 

 صوت الأوطان

سخرت موهبتها الغنائية للتعبيرعن مواقفها تجاة قضايا الوطن العربى وبالأخص قضية فلسطين ولبنان. وقدمت ما لم يقدمه مطرب فى الوطن العربي، وما جعلها على مسافة واحدة من معظم التيارات السياسية أنها تغنى للشعوب والأوطان وليس للقادة وهذا المبدأ الذى لم تستبدله طوال مسيرتها الغنانية.

ضمن ألقابها صوت الأوطان، حيث غنت لكل البلدان العربية، فيروز كانت وما زالت وفية ومناصرة لقضية فلسطين، منذ خطواتها الأولى بالغناء ففى عام 1964، زارت مدينة القدس للمرة الأولى وسارت فى شوارع القدس العتيقة والتقت بسيدة حكت لها عن معاناة الشعب الفلسطينى وأهدتها إناء مزهرية حتى تتذكرها، وكتب الأخوان رحبانى تلك القصة بعنوان القدس العتيقة وغنتها فيروز: «مريت بالشّوارع/ شوارع القدس العتيقة/ قدام الدكاكين إللى بقيت من فلسطين/ حكينا سوا الخبرية /عطيونى مزهرية، قالولى هيدى هدية من الناس الناطرين» . 

 ويليها العديد من الأغانى فمن كلمات الشاعر الراحل سعيد عقل وألحان الأخوين الرحبانى وذلك المقطع الذى يحرك القلوب من أغنية أجراس العودة: «الآن وليس غدا / أجراس العودة فلتقرع / أنا لا أنساكِ فلسطين/ ويشد يشد بى البعد». 

ويعلو ويصرخ صوت فيروز الملائكى بـ«الغضب الساطع آت» وذلك وبعد هزيمة 1967 واحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة غنت من كلمات سعيد عقل  «زهرة المدائن»: لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّى / لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن/ يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي/ عيوننا إليك ترحل كل يوم/ تدور فى أروقة المعابد تعانق الكنائس القديمة/ وتمسح الحزن عن المساجد / يا ليلة الإسراء يا درب من مروا إلى السماء/ عيوننا إليك ترحل كل يوم وإننى أصلي».. الأغنية الأكثر شهرة عن مدينة القدس إلى يومنا هذا.

أبكت لبنانيى المهجر خلال الحرب الأهلية التى استمرت خمسة عشر عامًا، حين غنت: «بحبك يا لبنان يا وطنى بحبك/ بشمالك/ بجنوبك/ بسهلك بحبك». لم تترك فيروز لبنان منذ تلك الحروب وإلى يومنا هذا.. إنها أعلى درجات حب الوطن والانتماء، وهذا سبب حب اللبنانيين لفيروز وتمجيدها أنها رمز للقوة الناعمة اللبنانية . 

ومن البلدان العربية الأخرى غنت لمصر من كلمات الأخوين رحبانى: «مصر عادت شمسك الذهب/ تحمل الأرض وتغترب/ كتب النيل على شطه/ قصصا بالحب تلتهب». وأهدت الأردن أغنية «عمان فى القلب»، وإلى تونس أغنية «إليك من لبنان صديقة/ يا تونس يا شقيقة يا وردة البلدان». وإلى الجزائر قدمت إلى المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد غنت: «صديقتى جميلة»، قدمت واحدة من أعذب الأغنيات التى مجدت فى فريضة الحج الإسلامية «غنيت مكة»  لتؤكد مدى تسامحها الدينى. وفى بحر الإسكندرية غنت: «شط إسكندرية يا شط الهوى»،  كما غنت إلى الكويت والإمارات وبغداد ودمشق ويافا وغيرها.

 

 

 

 سهر الليالى

وفى عام 1965 صرح المخرج يوسف شاهين بإعجابه بالتجربة الغنائية الرحبانية وأنه اقترح على الأخوين الرحبانى تحويل مسرحيتهما الغنائية (بياع الخواتم) إلى فيلم سينمائى ويقدم كما قدمته على خشبة المسرح ونجح الفيلم.

 وقال عنها المخرج يوسف شاهين: «لقد فوجئت بالموهبة التمثيلية التى تتمتع بها المطربة فّيروز. أعرف أنها مطربة كبيرة، لكنها أثبتت أنها ممثّلة كبيرة وواحدة من كبيرات نساء الشرق، إنها تتمتع بالبساطة، والبساطة نبع  الجمال» كما قدمت فيلم «بيت الحارس» للمخرج هنرى بركات.

قدمت خمسة وثمانين ألبوما منها: صباحك حلو، ترانيم دينية، أندلسيات، القدس على البال،  ميس الريم، إلى عاصى، آية فى أمل. وغيرها. ضمت الألبومات 800 أغنية بتنوع القوالب الموسيقية ما بين الملحمى والكلاسيكى والابتهالات والنشيدى والصوفى والفولكلورى والتواشيح والموال وغيرها.  وجسدت  الصلاة فى أغانيها كقيمة روحية.

 والأغانى الأكثر شهرة رقم يستعصى على الحصر على سبيل المثال: «باكتب اسمك يا حبيبى» و«سهر الليالي» و«أنا لحبيبي» و«نسم علينا الهوى» و«حبيتك تنسيت النوم» و«سلم لى عليه» و«سألونى الناس» و«سألتك حبيبي» و«أعطنى الناى وغني» و«كيفك أنت» وغيرها. 

 وبالمسرح 24 مسرحية غنائية منها: لولو، بترا، بياع الخواتم، الليل والقنديل، المحطة، جسر القمر، ميس الريم، صح النوم وغيرها، بالاضافة لمجموعة من الاسكتشات المسرحية القصيرة  منها : عصفورتي، بارود اهربوا، جحا قال،  غربال،  طل القمر عالجبال، الحصاد، المحاكمة، واغلبها أعمال لها الطابع الهزلى النقدى الساخر من بعض النماذج المفروضة. وذلك خلال فترة زمنية امتدت لثلاثة عقود.

 فيروز عدة شغلكم

قال الشاعر مرسى جميل عزيز مخاطبا المثقفين والشعراء: «فيروز هى عدة شغلكم». وقد صدق فى قوله، كتب الشاعر اللبنانى هنرى زغيب: «صمود فيروز وتوهجها ليس بسبب الصوت فحسب، وإنّما بفضل عناصر أخرى، منها الإحساس العالي، واللفظ السليم، وإتقان مخارج الحروف والأداء». الكاتب المغربى الدكتور «عبد الإله بلقزيز» فى مقالته الأولى تحت عنوان «فيروزُ التى فى الوجدان- فيروز التى فى المكان والزمان»، وصفها بأنها ظاهرة خرجت عن المألوف والدارج والشائع فى الموسيقى والغناء والتعبير الشعرى ومثّلت المنعطف الأضخم فى تاريخ الموسيقى والغناء العربيّين الحديثين». الكاتب والشاعر اللبنانى محمد فرحات: «فيروز قوة لبنان الناعمة، لكنّها أيضًا قوّة الفنّ حين يجهد ليصبح قابلًا للاستمرار وديمومة الحضور».

وللروائية الجزائرية أحلام مستغانمي: «فيروز التى لم ترتدِ منذ نصف قرن سوى صوتها». 

فيروز ملهمة الشعراء ما بين شاعر يحلم أن تغنى فيروز من أشعاره، وبين من كتب اشعاره تعبيرا عن عشقه لصوتها. الشاعر الراحل سيد حجاب صرح بأنه يتمنى أن تغنى فيروز «بنت النور» من أشعاره ولو بيتا واحدا يكفي. عدد من القصائد يصعب حصره سنكتفى برصد بعضها لأن لايزال عشاق صوتها يكتبون.

غنت فيروز للشعراء القدامى والمحدثين غنت من قصائد الشاعر الأخطل الصغير «يا عاقد الحاجبين»، ومن كلمات الشاعرأحمد شوقى «يا جارة الوادي» الذى أصبح أحد ألقابها، والشاعر جبران خليل جبران «أعطنى الناى وغنى، وسكن الليل.. محمود أمين العالم قال: حين أستمع إلى صوت فيروز أحب الحياة أكثر».   شاعرة الصوت

وفى عشقها تنافسوا الشعراء فقال محمود درويش: «فّيروز هى الأغنية التى تنسى دائمًا أن تكبر، هى التى تجعل الصحراء أصغر وتجعل القمر أكبر. إنك تملكين سيدتى صوتاً أكبر من ذاكرتنا وحبنا  لهذا البلد لبنان، الذى كان فردوساً وجعلت من نفسك ليس فقط سفيرة لبنان إلى النجوم ولكن أيضًا رمز مجموعات ترفض أن تموت ولن تموت». 

غنت السيدة فيروز  للشاعر نزار قبانى ثلاث أغان أشهرها «لا تسألونى ما اسمه حبيبي»  وقال عنها نزار قبانى: «صوت فيروز هو أجمل ما سمعت فى حياتي، كما أنه نسيج وحده فى الشرق والغرب، وإنها رسالة حب من كوكب آخر، غرتنا بالنشوة والوجود، وكل الأسماء والتعابير تبقى عاجزة عن وصفها لأنها وحدها مصدر الطيبة، قصيدتى بصوتها اكتست حلة أخرى من الشعر».

وفى عصرنا المظلم يشق لنا صوتها ممر الضوء ويعيدنا أنقياء، ما من مكافأةٍ لشاعر أكثر من أنْ تُغَنّى له فيروز، إنها «شاعرةُ الصوت» هكذا وصفها الشاعر أنسى الحاج الذى كتب عنها العديد من الاشعار والمقالات لا حصر لها منها أكثرهم شهرة مقالة تحت عنوان «أحبها بإرهاب» قال فيها: «فى حياتنا لا مكان لفيروز، كل المكان هو لفيروز وحدها لا أعرف فنا غيرها، وأحبها بإرهاب، أى بالشكل الحقيقى الوحيد للحب إن صوتها هو عصرنا، ولصوتها سبعون نافذة مفتوحة على الصباح».

 وأضاف الحاج: «بعض الأصوات سفينة وبعضها شاطئ وبعضها منارة، وصوت فّيروز هو السفينة والشاطئ والمنارة، هو الشعر والموسيقى والصوت، والأكثر من الشعر والموسيقى والصوت، حتى الموسيقى تغار منه». 

 أما الأديب والروائى الفلسطينى غسان كنفاني فقال: «فيروز» ليست مجرد مطربة، بل هى رمز للحب والوطن والجمال».

وقال الشاعر طلال حيدر: «فيروز حبست نفسها والناس حبسوها فى القداسة فى الصوت الذى رسم خارطة لبنان ونسوا من هى ناطورة المفاتيح وعطر الليل».

والموسيقار محمد عبد الوهاب عنها قال: «أم كلثوم معجزة قومية. فيروز معجزة لبنانية، فيروز من الملائكة، صوت قادم من السماء، ولم يعرف الغناء صوتًا أرق من صوتها ولا أجمل، صوتها كخيوط الحرير، وأشعة الفضة».

إلياس سحاب: صوت فيروز كان بمثابة الحاملة التى حملت التطوير الشعرى والموسيقي، اللذين قام بهما الأخوان الرحبانى.

الكاتب مصطفى محمود: «لو هختار صوت واحد ؛ هختار صوت «فيروز»، بحس إنه صوت جميل و مثقف، صوت واخد شهادات، بيخاطبنى بلغتى و أسلوبي». 

الممثل عبد السلام النابلسى: «تراتيل قديسة وأصداء الكنيسة، ابتهال ساجد فى المساجد، وصلاة عابد فى المعابد، صوتها نور وبخور، كأنه آتٍ من بعيد كالغريب، فيه لوعة واشتياق وجفوة وفراق ولقاء وعناق، يزيل الهم والكرب ويعلم حب الله وحب الحب».

زياد الرحباني: «إنها ليست فقط والدتي، بل أيقونة فنية تحمل فى طياتها تاريخًا ومشاعر تستحق التقدير والإجلال».

الناقد السينمائى والباحث  فى التاريخ الثقافى إبراهيم العريس: «فيروز ليست مغنية عادية، إنها صوت الراحة الوحيد وسط الشقاء العربى».

أما المطرب اللبنانى والملحن مارسيل خليفة فقال: «لولا فيروز لكنتُ يتيم الأم، هذا هو طعم صوت فيروز فتشتُ فيه عن أمي، وبعد سنينٍ فتشتُ فيه عن حبيبتى وفتشتُ فيه عن وطني، ليس المكان الذى ولدتُ فيه هو وطني، صوت فيروز وطنى».