إزاى أحمى ابنى من التنمر؟
إن من أهم الأمور التى يجب على الوالدين الاهتمام بها النمو النفسى السليم للطفل، والذى يشير إلى قدرة الطفل على التوافق الإيجابى مع نفسه ومع بيئته مما يشعره بالسعادة، ويمكنه من مواجهة المشكلات والضغوط والمطالب الحياتية بكفاءة واقتدار، ويساعده على تحقيق ذاته واستغلال قدراته وإمكاناته.
ولا يقتصر النمو النفسى السليم على السلامة العقلية والجسمية فقط، بل قد يلاحظ الوالدان تغيرًا فى سلوك أبنائهم، وذلك من خلال عدم التكيف داخل الأسرة التى ينتمون إليها والمجتمع الذى يعيشون وسطه.
سؤال يجيب عنه: د.محمد محمود العطار
أستاذ مساعد رياض الأطفال كلية التربية - جامعة الباحة السعودية سابقا
مفهوم وأنواع التنمر
أصبحت ظاهرة التنمر فى الوقت الحالى من أكثر الأمور المزعجة التى قد يتعرض لها الكثيرون؛ حيث أصبح يهدد حياة الكثير من الأشخاص مما يؤثر عليهم سلبًا وعلى صحتهم النفسية وعلى حياتهم بشكل عام، من خلال شعورهم بالقلق والخوف والتوتر فى الكثير من الأحيان، ولم تعد ظاهرة التنمر حكرًا فى المدارس المتوسطة أو الثانوية، بل يبدو أن الظاهرة وجدت طريقها إلى المرحلة الابتدائية وإلى الروضة ودور الحضانة، فالتعنيف والإيذاء باتا شائعين أكثر فى أوساط الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية والسادسة من العمر، الأمر الذى قد يؤثر سلبًا عليهم وعلى صحتهم النفسية وعلى حياتهم بشكل عام.
والتنمر هو نوع من السلوك العدوانى يقوم فيه شخص بإيذاء شخص آخر أو التسبب فى عدم راحته متعمدًا وبشكل متكرر، وذلك بهدف التلذذ بمشاهدة معاناة الضحية من بعض الآلام والمظاهر الجسدية التى يتركها المتعدى على المعتدى عليه، ويستخدم مثل هؤلاء الأطفال بعض الأساليب العدوانية كشد الشعر والأذن أو الملابس أو القرص أو العض ...إلخ.
ويقصد بالتنمر إيذاء الآخرين عمدًا بطرق مختلفة سواء كان الإيذاء لفظيًا عن طريق السخرية أو الألفاظ الخارجة.. أو جسديًا عن طريق الضرب والرفس والعض واللكم، أو قائمًا على الإقصاء الاجتماعى مثل تعمد رفض إشراك الطفل فى مجموعة اللعب واستبعاد الطفل عن المجموعة.
وتنقسم أنواع التنمر إلى:
التنمر اللفظى: من خلال المضايقة والشتائم واستخدام ألقاب مهينة عند النداء والتهديد بتسبب الأذى.
التنمر الجسدى والمادى: من خلال ضرب ودفع الطفل وإتلاف وتخريب الممتلكات وتكسير الألعاب أو سرقة الأغراض.
التنمر النفسى: من خلال النظرات السيئة والتربص بالطفل وإشعار الطفل بأن التنمر من نسج خياله.
التنمر الاجتماعي: من خلال اضطراب علاقة الطفل الاجتماعية وسمعته واستبعاده من المشاركات الاجتماعية عمدًا ونشر الشائعات وإخبار الآخرين والمحيطين بالطفل ألا يصادقوه وإحراجه علنًا.
التنمر الإلكتروني: من خلال وضع أمور مهينة للشخص سواء علنًا أو بالسر، مثل رسائل، وصور، وفيديوهات، وتشويه سمعة، أو رفض مصادقته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما يتمثل التنمر عبر الإنترنت أو البلطجة الإلكترونية فى طلب أو إرسال أو نشر محتوى عبر الإنترنت أو الهواتف الذكية، بهدف إيذاء أو فضح شخص دون موافقته.
ومن أهم مظاهر الطفل المتنمر أنه سريع الغضب ومتهور، يتشاجر بطريقة عدوانية وعنيفة لفظيًا أو جسديًا مع إخوته، يعبر عن غضبه من خلال ضرب الأطفال الآخرين أو دفعهم، يصاحب أطفالًا يتصرفون بعدائية وعنف.
إرشادات للوقاية
تمثل التنشئة الاجتماعية أحد المحاور المهمة التى يستقى منها الأطفال المعايير والقيم المقبولة اجتماعيًا، وتختلف أنماط تربية الأطفال من مجتمع إلى مجتمع آخر وفق ثقافة كل مجتمع وعاداته وقيمه الدينية، والوقاية خير من العلاج وهنا يجب نشر الوعى بخطورة التنمر بين أفراد المجتمع، من خلال برامج توعوية، كما يجب على الآباء متابعة أطفالهم بصفة مستمرة لأن الخطر الأكبر يتمثل فى عدم القدرة على اكتشاف التنمّر مبكرًا، لذلك كن صديقًا لطفلك، كما يجب اتباع عدة إرشادات للوقاية من التنمر عند الأطفال من أهمها:
متابعة السلوكيات المختلفة للأطفال فى سن مبكرة والوقوف على السلوكيات الخاطئة ومعالجتها.
الانتباه إلى أى تغير فى تصرفات الطفل حيث يؤثر التنمر على نوم الطفل، طعامه، تحصيله الدراسي.
علم طفلك أن يبتعد عن المعتدى وأن يذهب لطلب المساعدة من المعلمة أو المشرفة.
علم طفلك أن يتحدث بنبرة حاسمة وقوية لأن البكاء سيشجع المتنمّر على الاستمرار فى تصرفه المؤذي.
علم طفلك فنون الدفاع عن النفس عن طريق رياضة تمنحه الثقة والهدوء النفسي.
علم طفلك أن يندمج مع الأصدقاء حيث من المستحيل أن يتعرض المتنمّر لطفل يوجد وسط مجموعة من الأطفال.
بناء علاقة صداقة مع الأطفال منذ الصغر والتواصل معهم، وترك باب الحوار مفتوحًا دائمًا، لكى يشعروا بالراحة والاطمئنان.
وفى الختام تذكر عزيزى الأب وعزيزتى الأم أن الأطفال أمانة فى أعناقنا يحتاجون التوجيه والرعاية وأن التربية الصحيحة تعتمد بعد توفيق الله سبحانه وتعالى على التحلى بالصبر والهدوء وعدم الانفعالات الوقتية.
أسباب التنمر
لا يولد الطفل متنمرًا، ولكن يمكن لأى طفل أن يتعلم سلوك التنمر ويمارسه فى ظل ظروف معينة، ومن أهم الأسباب التى تقود إلى التنمر عند الأطفال أن الأطفال الذين يمارسون التنمر هم أنفسهم تم ممارسة التنمر عليهم من قبل، كذلك الشعور بالنقص، فعندما يشعر الطفل بأنه أقل قدرة وكفاءة من الآخرين وأنهم أفضل منه، أو عندما يُشعِره الآخرون بأنهم أفضل منه وأنه أدنى منهم مستوى، فإنه يحاول أن يتغلب على عقدة النقص الموجودة لديه من خلال الانتقام من الآخرين وتخريب أشيائهم وإلحاق الضرر بهم الأمر الذى يشعره باللذة والنشوة والفرح.
كذلك شعور الطفل بأنه منبوذ ومرفوض من قبل والديه وأصدقائه ممن هم فى مثل عمره يولّد لديه مظاهر الحقد والكره والغضب تجاه من يحيط به، وتتحول هذه المشاعر إلى سلوكيات عدوانيه تجاه المحيطين به، كما يعتبر الغضب من أهم الأسباب التى تقود إلى التنمر، وقد ينشأ التنمر نتيجة لحرمان الطفل من الإرضاء العاطفى والحب والمساعدة والقبول الاجتماعي، كما أن قسوة الوالدين والمعلمين واستبدادهم وتسلطهم فى التعامل مع الأطفال ينتج عنه الرغبة فى الانتقام.
ويمكن للتنمر أن يترك آثارًا صادمة على الضحية، فعلى المستوى الدراسى يؤدى تنمر الأطفال إلى تأخر التحصيل الدراسي، وعلى المستوى النفسى يؤدى إلى فقدان الثقة بالنفس والشعور بالوحدة والانطوائية، كما يؤدى إلى الخوف والقلق والتوتر ويكون عرضه للاضطراب النفسى والشعور بالكآبة وعدم التمتع بالصحة النفسية مما يؤدى إلى اضطراب شخصية الطفل، وعلى المستوى الجسمى يؤدى التنمر إلى الشعور بالصداع وآلام المعدة وصعوبات فى النوم، وعلى المستوى الاجتماعى يزداد انسحاب الطفل من الأنشطة الاجتماعية فى الأسرة أو المدرسة حتى يصبح إنسانًا صامتًا ومنعزلًا.