حسين فهمى: المهرجان صوت القضية الفلسطينية
حوار: مى الوزير
فى ظل مشهد سياسى مرتبك فى العالم أجمع، دورة جديدة تلقى الأحداث العالمية بظلالها على الأفلام المشاركة بها من خلال سعى إدارة المهرجان بأن تكون السينما هى صوت أصحاب القضية وأصحاب الحق والهوية وذلك من خلال تسليط الضوء على السينما الفلسطينية.
بعد تعليق الدورة السابقة للمهرجان يعود هذا العام بخطة واضحة وبرامج مستحدثة لدعم القضية، جهد كبير وعمل لا يتوقف من قبل إدارة المهرجان وسعى لتقديم نسخة متفردة من المهرجان بعد توقف عام تمهيدًا لعودة قوية تليق باسم ومكانة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.
حول دورة المهرجان الحالية وتفاصيلها وأهدافها كان لنا هذا الحوار مع الفنان حسين فهمى رئيس المهرجان.
■ دورة جديدة لمهرجان القاهرة السينمائى تأتى هذه الدورة بالتوازى مع أحداث مرتبكة فى العالم العربى، كيف ألقت هذه الأحداث السياسية بظلالها على تفاصيل هذه الدورة وفعالياتها؟
- إبادة الشعب الفلسطينى أمر غير مقبول ولا يمكن التسليم به تحت أى ظرف. وهو موقفنا نفسه من الاعتداء على الشعب اللبنانى حيث تُحاول القوى الاستعمارية الهيمنة وبالتأكيد كل التضامن مع الشعب اللبنانى.
أكمل: هناك الكثير من الفعاليات لدعم الشعبين الفلسطينى واللبنانى فى دورة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى هذا العام، فقرار تأجيل الدورة الماضية كان دعمًا للقضية الفلسطينية، وكذلك قرارنا باستئناف المهرجان الذى قررنا أن نبرز من خلاله صوت القضية الفلسطينية، فخلال زياراتى للمهرجانات الدولية على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة لاحظت أن العديد منها مثل برلين وفينيسيا يتناول القضايا السياسية، ويركز على الحرب فى أوكرانيا التى يتضامنون معها، وأعتقد أنه يحق لنا فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أن نتحدث عن قضايانا، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطينى والشعب اللبنانى.
لم أكن لأقرر إقامة المهرجان هذا العام لولا أننى وجدت أنه من حقنا أن نطرح قضيتنا أيضًا من خلال منصتنا الوطنية وأن نعلن من خلالها عن تضامننا وأن نجعلها فرصة لتسليط الضوء على معاناة الشعبين الفلسطينى واللبنانى، والتعبير عن تضامننا معهم.
■ هل تأثرت هذه الدورة خاصة بعد تأجيل الدورة السابقة؟
- بالتأكيد خصوصًا بعد الظروف التى مرت بالمنطقة العام الماضى والتى فرضت علينا التأجيل، لم يكن بالإمكان إقامة المهرجان فى ظل المعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطينى.
يكمل: تسبب التأجيل فى تعقيدات لوجيستية كبيرة بسبب الخطوات التى كانت قد تمت بالفعل لدعوة ضيوف المهرجان، مثل حجز تذاكر الطيران والفنادق.
أضاف: تحتم علينا إعادة ترتيب كل هذه الأمور فى فترة زمنية وجيزة، والاعتذار للجان التحكيم والتواصل مع الاتحاد الدولى لجمعيات منتجى الأفلام لشرح الموقف ولم يكن من الممكن إعادة جدولة موعد المهرجان لأن المهرجانات الدولية لا بد أن تقام فى مواعيد محددة.
■ هل كان هناك جانب إيجابى لهذه الخطوة؟
- كأن التوقف الذى حدث فى العام الماضى وقفة صحية تمكنا فيها من جمع أوراقنا واستعادة تماسكنا وإعادة حساباتنا. إنها بمثابة بداية جديدة رائعة للمهرجان وكأنه يولد من جديد وأنا أرى أن العودة قوية وأتمنى أن يستعيد المهرجان مكانته من خلالها.
فالدورة الأخيرة للمهرجان حققت مبيعات تذاكر عالية جدًا، حيث وصل عدد الحضور إلى 45.000 مشاهد. وأتمنى أن نتجاوز هذا العدد بشكل كبير ونصل إلى أعداد أكبر وأدعو الجمهور للتواجد وحضور الفعاليات المختلفة من برنامج أفلام قوى ومتنوع إلى فعاليات مهمة، بالإضافة إلى التواصل مع ضيوف المهرجان من صناع الأفلام والنجوم.
■ وما أهم التحديات التى واجهتكم هذا العام خلال هذه العودة؟
- مع انعقاد الدورة هذا العام كان علينا أن نبدأ من جديد، ونشكل لجان تحكيم جديدة، ونختار أفلامًا جديدة، نظرًا لأن بعض الأفلام التى اخترناها قد عُرضت فى مهرجانات أخرى، كما تغيرت ظروف الكثير من أعضاء لجان التحكيم.
قال: عملنا على استعادة ثقة الجميع ونجحنا فى إقناع المهرجانات الدولية الأخرى بتفهم الموقف. ونسعى لإقامة دورة جيدة جدًا هذا العام.
■ إذًا ما أبرز الملامح للدورة الحالية؟
- بالتأكيد لدينا برنامج أفلام قوى ومهم جدًا. هذا بالإضافة إلى أن الدورة الحالية ستشهد تركيزًا كبيرًا على القضية الفلسطينية من خلال تسليط الضوء على السينما الفلسطينية، فنحن نؤمن بأهمية إلقاء الضوء على هذه القضايا من خلال الفن والسينما، حيث يعكس كل فيلم قصة ومعاناة شعب.
كما سيكون هناك أيضًا اهتمام خاص بقضية الشعب اللبنانى والسينما اللبنانية، نحن نسعى إلى تقديم منصة للفنانين وصناع الأفلام من فلسطين ولبنان لعرض أعمالهم.
ليس فقط للاحتفاء بالفن ولكن أيضًا لإيصال رسائل قوية للعالم عن معاناة هذه الشعوب وتطلعاتها. أبرز ملامح الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أنها تسعى لأن تعكس القيم الإنسانية التى نؤمن بها.
■ ماذا عن الميزانية والتحديات المادية التى تواجهكم فى ظل الظروف الاقتصادية التى تواجه جميع المهرجانات؟
- بالتأكيد الظروف المالية الصعبة تحدٍ يواجه جميع المهرجانات فى العالم. فأنا عندما أسافر وأتحدث مع رؤساء المهرجانات فى الخارج أجد أنهم أيضًا يواجهون نفس العقبات. مع ذلك، لدينا وضع استثنائى لأننا نعمل بنظام مزدوج يجمع بين القطاعين العام والخاص، حيث لدينا الرعاة والدعم الحكومى.
نجحنا هذا العام فى استعادة ثقة الرعاة ومن الجهة الأخرى فإن الدولة تدعم مبادراتنا وتوفر لنا التسهيلات والإمكانيات اللازمة.
يمكننى القول أن وضعنا المالى جيد جدًا هذا العام، فالميزانية مستقرة وتتيح لنا العمل بفاعلية ولدينا عدد كبير من الرعاة وغالبية الشركات المتعاونة معنا هذا العام هى شركات مصرية، مما يعكس دعم مهرجان القاهرة السينمائى الدولى للصناعة المحلية.
بفضل هذه الشراكات المتميزة استطعنا أن نضمن إطلاق الدورة الجديدة من المهرجان بشكل لائق. وتجدر الإشارة إلى أننا أصررنا على مقاطعة أى شركة أو جهة موجودة على قائمة المقاطعة لأننا مؤمنون بقضية الشعب الفلسطينى وهو موقفنا الثابت الذى يتجاوز أى تحديات.
■ الشباب من صناع السينما والطلاب ومساحة أكبر لهم فى برامج وعروض هذه الدورة، ما أهمية هذا الاتجاه من قبل إدارة المهرجان؟
- ترأست مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لأربع دورات متتالية منذ عام 1998 وحتى 2001، ثم عدت لتوليه مرة أخرى فى العام 2022 ولطالما كنت مهتمًا بدعم الشباب من صناع وطلاب السينما؛ فأنا نفسى كنت طالبًا فى معهد السينما يومًا ما، وكنت أحضر المهرجان وأشاهد الأفلام.
حينما كنت رئيسًا للمهرجان سابقًا، كنت أحرص على إرسال أفلام المهرجان لطلبة المعهد، حيث كانت تُعرض فى قاعة سيد درويش، كما كنت دائمًا حريصًا على توفير تذاكر مخفضة لطلاب معهد السينما وطلاب الجامعات عمومًا.
يكمل: نسعى دومًا لتقديم كل التسهيلات لمن يهتمون بصناعة السينما ويرغبون فى مشاهدة أفلام من ثقافات مختلفة حول العالم، لأن هذا هو ما يهمني؛ أن يكون المهرجان استعراضًا لثقافات متنوعة من جميع أنحاء العالم، ونافذة على أفلام مميزة تختلف عن تلك التى تُعرض فى القاعات طوال العام.
قال: إنها فرصة ثقافية وفنية مكثفة أحرص على أن يستفيد منها الشباب عامةً وليس فقط طلاب وصناع السينما.
هذا العام، نشهد أيضًا دعمًا أكبر لصناع الأفلام من خلال زيادة عدد مشاريع الأفلام المشاركة فى برنامج ملتقى القاهرة للصناعة مقارنةً بالسنوات السابقة. كما نعيد إحياء سوق مهرجان القاهرة السينمائى الذى توقف منذ سنوات طويلة. حين كنت رئيسًا للمهرجان سابقًا.
■ ماذا عن سوق المهرجان؟
- أسست هذه السوق لتكون منصة لاستعراض معدات سينمائية جديدة لم تكن متوافرة فى مصر آنذاك، وقد حققت نجاحًا كبيرًا، حيث تم تمديد المعرض من ثلاثة إلى ستة أيام بسبب التفاعل الكبير من المنتجين الذين تعاقدوا على تلك المعدات.
أؤمن أن المهرجان يجب أن يشمل فعاليات متنوعة تدعم صناعة السينما وصناع الأفلام، وأن عودة السوق السينمائية لمهرجان القاهرة خطوة مهمة تعيد للمهرجان حيويته وتواكب التطورات المستمرة فى عالم المهرجانات.
■ تشهد هذه الدورة أيضًا ترميمًا لعدد كبير جدًا من كلاسيكيات السينما المصرية.. حدثنا عنها؟
- تمكنا هذا العام من ترميم عشرة أفلام، وهناك اثنا عشر فيلمًا آخر قيد الترميم، الاهتمام الكبير بترميم تراثنا السينمائى فى هذه الدورة يشكل خطوة بالغة الأهمية فى دعم صناعة السينما وتعزيز الروابط بين الأجيال.
إننى متحمس للغاية لمشروع ترميم كلاسيكيات السينما المصرية العظيمة، بالتعاون مع الشركة القابضة ومدينة الإنتاج الإعلامى.. كما سيتم تزويد جميع الأفلام المرممة بترجمة تتيح أيضًا للجمهور الأجنبى فرصة الاستمتاع بتراثنا السينمائى الغنى. كل هذه الجهود تعكس التزامنا الراسخ بدعم صناعة السينما المصرية والحفاظ على إرثها.