السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

البطل الأسطورة.. شخصية غير قابلة للتفسير بإنسانية مميزة ولغز لا حدود له

لوحات طارق الشيخ تضرب على الوجع وتداوى بالطبطاب

«الفن ضرورة وآه لو أعرف لماذا».. إنها حيرة الإجابة عن تساؤل مربك وتفسير غير محدود للفن وأهميته.. تلك الحيرة التى تتزايد بروعة مدهشة فى لوحات الفنان طارق الشيخ، فاختيار بطل لوحاته - عالمه السردى والفنى له أهداف معلنة وأخرى خفية والأخيرة هى ما تسبب هذا الارتباك، فبطل لوحاته الأسطورة - الحلم - الماضى - المستقبل - الحقيقة الخفية.



 

 

 

وكأنه يرسم نفسه وهو ذاته الذى يتحرك فى اللوحة، كل حركة بها.

تفهم من لوحات «الشيخ» بأن اللوحة عمل فنى وأخلاقى نابع من الذكريات غير المباشرة أو المفهومة.. يخلق الصورة من ذكرياته ويمرر التراث - الأسطورة - الحاضر لبناء سيمفونية حرة بدون تحكم.. سيمفونية غير زمانية لا يحكمها المنطق ولا يعوقها أى رقيب فكل لوحة لها جودة الأسطورة فلا هويات للشخصية.

المشهد لدى طارق الشيخ ليس له قيمة أو معنى إلا إذا سعى أن يكون حلماً فشخوصه معقدة وغير قابلة للتفسير أو التنبؤ وهو ما يثير الحيرة لدى المتلقي، تحمل جمالاً أدبيًا وأخلاقيًا وتمثل الحاضر والماضى والمستقبل بإنسانية مميزة، وفى المقابل تحمل فى داخلها لغزًا ونقاءً لا حدود له، ففى أغلب لوحاته يخلق الفنان عالماً مرئيًا يمنحه شكلاً مجسماً ويحتفظ دائماً بجزء فيه الكثير من الغموض.

 

 

 

فقوالبه الفنية ليست محدودة، إنه يفتح المجال لخيال أبطال أعماله ويترك لها الحرية لتنقسم إلى جزأين، جزء للكائن المرئى وآخر لشخصية غير مرئية للتحرر من أى أفكار متوقعة.. فمن  غير المرئى يخلق الشيخ عالمًا لا يخطر على عقولنا.

 

 

 

اختيار الفنان لبطله - الأسطورة - والتى يسميها البعض بالأراجوز وهو المعنى الظاهر التراثى للشخصية.. والتى تذكرنا بشاعرية صلاح جاهين فى رباعية عن مهرج القصر الذى أخاف الجميع.. إلا أن بطل الشيخ يعلنها بكل ما يحملها من أجراس لمواجهة الخوف الإنسانى وبدعوة للتفكير والتحرر الجسدى والفكرى فى عالم لا تحده أرض ولا سماء.. دعوة لكل من يعتقد أنه مهمش فى الأرض للانطلاق إلى أفق أرحب وأوسع والتأمل الذاتى بعيداً عن أى سلطة أو سلطان.

وفى الوقت ذاته هو أراجوز فؤاد حداد الذى يضرب على الوجيعة ويداوى على الطبطاب.

 

 

 

تعددت وتطورت الأدوات والخامات الفنية لدى الفنان بتعدد الرؤى والأفكار ومشاعر الشخصية المتطورة ذاتيًا بكل ما تحمله من تفاصيل، فنجده مرة يصور شخوصه بالأحبار والسلك المعدنى وتارة أخرى بالألوان الزيتية على القماش بخلفية محايدة لإظهار ذاتية البطل، وأحياناً تجذبه الخامات المختلفة كالأخشاب وقصاقيص الورق المنثورة على سطح اللوحة على هيئة مستطيلات ومربعات ملونة والتى تشارك صاحبها حال الأمل فى تحول من حال لأخر، وأحيانا انكشاف سطح اللوحة كليًا ليظهر السطح الخشبى لإبراز أبطاله ولتنفيذ فكرة ملحة.

أقام الشيخ معارض فنية متعددة لافتًا الانتباه بعناوين صادمة غايتها التأمل كـ «أنا».. «شبهى».. «مستمر».. «المواطن عادي» وهى عناوين غير تقليدية تسعى لحكى ما يشبه السيرة الذاتية وهى بمثابة تجربة إنسانية تشبه موضوعًا متصلاً من التسعينيات بداية عروضه الفنية وربما تأكيدا على المعارض المتلاحقة، وقد كانت فلسفة الأراجوز والشكل الآدمى له واستخدامه كأيقونة نقد لأمور عديدة وبالحالة الخاصة به.. كما شارك الفنان فى عدة معارض محلية وعربية ودولية نال عنها العديد من الجوائز.