الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الوهم نصف الداء!

الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء، والصبر أولى خطوات الشفاء، هكذا أبلغنا العالم ابن سينا الملقب بـ «أبو الطب» قبل نحو 100 عام، فى رسالة أثبتت صدقها لعدة قرون من الزمان. إذ يؤدى التوتر والقلق والخوف المبالغ فيه من الأمراض إلى الإصابة الحقيقية بأمراض لم يكن لها وجود بأجسادنا.



وهو المعنى الذى قدمته «الإندبندنت» فى تقرير لها تحت عنوان «جيل مهووس» بالوساوس الصحية بسبب مواقع التواصل الاجتماعى وكورونا، عن دراسة أوروبية حديثة. 

ينقل التقرير تجارب شخصية لـ «ماريا» و«إيما» وكيفية إصابتهما بـ «فوبيا الأمراض».

إذ تقول «ماريا» البالغة من العمر 37 عامًا إنها أصبحت تتجنب معانقة الآخرين ومصافحتهم منذ جائحة كورونا، وتوقفت كذلك عن تناول الكحوليات وأكل اللحوم وترفض الجلوس مع المدخنين أو الاجتماع مع الأشخاص فى أماكن مغلقة، خوفًا من الإصابة بأى أمراض وهى الحالة التى وصفتها هيئة الخدمات الصحية البريطانية باسم «وسواس المرض».

 

 

 

وتشمل أعراض هذه «الفوبيا»: قلق المرء المتواصل على صحته، وفحص جسمه باستمرار بحثًا عن مؤشرات إلى وجود المرض، والهوس بالبحث عن معلومات صحية على الإنترنت، وهو ما قد يعطل حياة الإنسان إذا ما وصل إلى مرحلة، «الوسواس القهرى».

ماريا اكتشفت فجأة أنها تقلق من «الصداع» أو شامة جديدة على جلدها وهو ما يؤدى بها إلى البحث عن أسباب وعلاجات السرطان على الإنترنت.

بالنسبة لـ «إيما لاست» البالغة من العمر 49 عامًا، فقد وجدت كتلة فى صدرها تبين أنها كيس صغير، لكن الأسابيع التى قضتها فى انتظار النتيجة كانت الأطول فى حياتها، للدرجة التى جعلتها تضع تفاصيل جنازتها أثناء قيادتها للسيارة، لأنها افترضت أسوأ الاحتمالات.

لم يعترف بوسواس المرض كحالة مرضية إلا فى عام 2013 عندما أطلقت عليه الجمعية الأمريكية للطب النفسى اسم «اضطراب القلق من المرض»، وقالت دراسة سويدية مؤخرًا إن من يعانون من هذا النوع من الاضطراب قد يتوفون قبل غيرهم.

بحسب هذه الدراسة، رأى الخبراء أن زيادة حالات القلق من الأمراض تنتشر بين الشباب الذين ينشطون أكثر على الإنترنت، خاصة مع التقارير التى تتحدث عن ارتفاع عدد الإصابات بالسرطان بين الأفراد تحت سن الـ50 بنسبة 24% فى غضون 20 عامًا، وهى الإحصاءات التى من شأنها مفاقمة المخاوف المتواجدة بالفعل.

تقول الدكتورة لويز غوارد كرولى، المعالجة النفسية المتخصصة بالقلق من الشئون الصحية، إن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى أتاحت سهولة الاطلاع على كميات هائلة من المعلومات الطبية، لكنها فى الوقت نفسه تعرض معلومات مغلوطة كذلك، الأمر الذى يؤدى بالأشخاص إلى التفكير بأسوأ الاحتمالات الممكنة وتؤدى إلى زيادة مخاوفهم من أى أعراض بسيطة.

ولفتت «لويز» إلى أن التطبيقات والأجهزة الحديثة التى تقيس ضربات القلب وأنماط النوم، من شأنها تعزيز الهوس بوظائف الجسد وما يترتب عليه من تحويل التقلبات الطبيعية إلى مصادر قلق. نقلا عن اندبندنت عربية