الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نظام دولى متعدد الأطراف

استعرض الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال أعمال تجمع دول «بريكس» الذى عقد بمدينة قازان الروسية رؤية مصر ومواقفها إزاء عدد من الموضوعات والقضايا المهمة دوليًا وإقليميًا، وخاصة سبل تعزيز التعاون بين دول التجمع، التى تشارك فيها مصر كعضو للمرة الأولى منذ انضمامها للتجمع رسميا مطلع العام الجارى بما يضمن تطوير العمل متعدد الأطراف والإسهام فى التصدى للتحديات المركبة التى يشهدها العالم سياسيًا واقتصاديًا، وكذا إصلاح الهيكل المالى العالمى لتحقيق التوازن المأمول، لاسيما ما يتعلق بتعزيز صوت ومصالح الدول النامية فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، فى ضوء تنامى التأثيرات السلبية للصراعات والأزمات الدولية على مسيرة التنمية بالدول النامية، وتطرقت كذلك مداخلات الرئيس إلى قضايا تغير المناخ، وسبل دعم التعاون الاقتصادى والتنموى المشترك بين دول التجمع.



 

وأوضح الرئيس موقف مصر الثابت بشأن التطورات الراهنة فى منطقة الشرق الأوسط، وجهود مصر الدؤوبة والمكثفة للتهدئة ومنع توسع دائرة الصراع وتحوله إلى حرب إقليمية، بما يشكله ذلك من خطورة بالغة على مقدرات شعوب المنطقة، وعلى السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

كما شارك الرئيس فى قمة «بريكس بلس»، التى تضم بالإضافة إلى الدول الأعضاء فى بريكس، الدول والمنظمات الدولية المؤثرة والصديقة للتجمع، حيث أكد الرئيس أهمية اجتماعات «بريكس بلس» فى تعزيز التعاون «جنوب - جنوب».

الجلسة الأولى

شارك الرئيس السيسى فى أعمال الجلسة العامة الأولى لقمة تجمع البريكس، التى عقدت تحت عنوان «تعزيز النظام المتعدد من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين»، وألقى كلمة مصر التى تضمنت تأكيد اعتزاز مصر بمشاركتها الأولى كعضو فى تجمع البريكس منذ انضمامها له مطلع العام الجارى، والحرص الذى توليه لتعزيز انخراطها بشكل فاعل فى جميع آليات عمل التجمع، فى إطار تطوير العلاقات الاستراتيجية التى تربط مصر بأعضاء البريكس.

وثمن الرئيس الجهود التى بذلتها الرئاسة الروسية لتجمع البريكس، خلال العام الجارى، فى مختلف المجالات والموضوعات، فضلًا عن جهودها فى إدارة المناقشات الخاصة بتوسيع الشراكة مع الدول الصديقة والمؤثرة، بما يعكس الرغبة المشتركة فى تطوير منظومة العمل الجماعى، وإعلاء صوت الدول النامية فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية.

وسلط الضوء خلال كلمته على الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية المتصاعدة، والتى تدفع إلى العمل بقوة نحو ضمان فاعلية المنظومة الدولية، التى أظهرت بوضوح عجزها عن التفاعل مع الكارثة الإنسانية التى يشهدها قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلى على لبنان، على الرغم من التحذيرات المستمرة من العواقب الوخيمة لهذا الصراع وتوسعه، مشددًا على الأهمية الكبيرة لتجمع البريكس، والدور الحيوى الذى يمكنه القيام به لتطوير المنظومة الدولية مستعرضًا أولويات مصر فى هذا الإطار، والمتمثلة فى أهمية تعزيز التعاون المشترك، لاستحداث آليات مبتكرة وفعالة لتمويل التنمية، على غرار مبادلة الديون من أجل المناخ، مع تعظيم الاستفادة من الآليات التمويلية القائمة، فى ظل ارتفاع فجوة تمويل التنمية إلى حوالى «4» تريليونات دولار فى الدول النامية.

 

 

 

وأكد الرئيس ضرورة اتخاذ خطوات حقيقية وفاعلة، لإصلاح الهيكل المالى العالمى، بما فى ذلك مؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لتعزيز استجابتها للاحتياجات الفعلية للدول النامية، وأهمية تعزيز التعاون بين دول تجمع البريكس، فى مواجهة التداعيات السلبية لتغير المناخ، فضلًا عن وجوب استثمار المميزات النسبية التى تتمتع بها دول التجمع لتنفيذ مشروعات مشتركة فى قطاعات الاقتصاد الرئيسية، خاصة قطاعات الطاقة والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، ودفع أطر التعاون المشترك فيما يتعلق بالتسوية المالية بالعملات المحلية، إضافة إلى دعوته لتكثيف وتعميق التواصل والتعاون الثقافى بين شعوب دول التجمع.

وقال الرئيس فى كلمته خلال الجلسة العامة الثانية الموسعة تحت عنوان: «تعزيز النظام المتعدد من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين»: إن مصر تؤمن إيمانا راسخا، بأهمية تعزيز النظام الدولى متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة وأجهزتها، باعتباره الركيزة الأساسية للحفاظ على مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية، والضمانة القوية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، إلا أن الأزمات المتعاقبة التى عصفت بالعالم، خلال السنوات الماضية، قد أوضحت بما لا يدع مجالا للشك، عجز النظام الدولى عن التعامل بإنصاف مع الصراعات حول العالم، فضلا عن حالة الاستقطاب والانتقائية، التى أضحى النظام الدولى يتسم بها.

وتابع: أظهرت التطورات الدولية، أن القصور الذى يعانى منه النظام الدولى الحالى، لا يقتصر فقط على القضايا السياسية والأمنية، بل يمتد إلى الموضوعات الاقتصادية والتنموية، حيث تعانى الدول النامية من تصاعد إشكالية الديون، وعدم توافر التمويل اللازم، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فضلا عن ارتفـاع تكلفـة التمويـل والاقتـراض، ومن هذا المنطلق، تولى مصر أولوية كبرى لاتخاذ خطوات ملموسة، تضمن اضطلاع المجتمع الدولى بدوره، فى توفير التمويل الميسر لتحقيق التنمية فى الدول النامية، عبر استحداث آليات مبتكرة وفعالة لتمويل التنمية، وآليات شاملة لضمان الإدارة المستدامة لديون الدول النامية.

وأكد أن توسيع عضوية تجمع البريكس مطلع العام الجارى، يعكس نية دول التجمع لتعزيز التعاون متعدد الأطراف، وإعلاء صوت ومصالح الدول النامية، فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، ومن هذا المنطلق، تؤكد مصر دعمها لتعزيز التشاور والتنسيق، بين دول تجمع البريكس، وتكثيف التعاون لمواجهة التحديات الدولية المشتركة، لا سيما تغير المناخ، والنفاذ للتمويل الميسر، والأمن الغذائى، وتزايد معدلات الفقر والجوع، واتساع الفجوة الرقمية والمعرفية.

وشدد الرئيس على أهمية دفع أطر التعاون، فى مجال التسويات المالية بالعملات المحلية، واستثمار الميزات النسبية لدول التجمع، لتدشين مشروعات اقتصادية واستثمارية وتنموية مشتركة، لا سيما فى مجالات الزراعة، والصناعة والتحول الرقمى، والطاقة الجديدة والمتجددة، فضلًا عن دعم الدور المهم لمجلس أعمال البريكس، وتحالف سيدات الأعمال بالتجمع، فى تكثيف التعاون بين القطاع الخاص وأصحاب الأعمال فى الدول الأعضاء، باعتبارهم شركاء رئيسيين فى جهود تحقيق التنمية المستدامة.

 بريكس بلس

كما ألقى الرئيس السيسى كلمة خلال قمة «بريكس بلس» المعنونة بـ«البريكس ودول الجنوب: معًا لبناء عالم أفضل»، مؤكدًا أن الاجتماع يأتى فى ظرف دولى دقيق، يموج بالأزمات والتحديات المركبة، ويشهد تهديدا لمصداقية النظام الدولى متعدد الأطراف، وتغلب عليه النزعات الحمائية والسياسات الأحادية.. حيث تؤمن مصر، فى خضم هذا التشتت، بضرورة تكاتف الدول النامية، وتعزيز التعاون «جنوب – جنوب»، كإحدى السبل المهمة لمواجهة التحديات الراهنة.. حيث كانت مصر دوما فى طليعة الدول، التى حرصت على تعزيز التعاون بين الدول النامية.. فضلا عن سعيها الدءوب، لدعم مصالح وأولويات دول الجنوب، فى مختلف المحافل الدولية.

وشدد الرئيس على أنه لا يمكن أن نتحدث عن الأزمات والتحديات الدولية الراهنة، بدون الحديث عن الأزمة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، على وقع الحرب الإسرائيلية المستمرة، لما يزيد على العام، على أبناء الشعب الفلسطينى المحاصرين بقطاع غزة، والمحاطين بأشكال القتل والترويع كافة، وامتداد هذه الاعتداءات إلى الأراضى اللبنانية، ما يعد أكبر دليل، على ما وصل إليه عالمنا اليوم، والنظام الدولى، من تفريغ للمبادئ وازدواجية للمعايير.. فضلا عن غياب المحاسبة والعدالة، إزاء الانتهاكات التى ترتكب فى حق المواثيق الدولية، وقواعد القانون الدولى والإنسانى، الأمر الذى نتجت عنه كارثة إنسانية غير مسبوقة، واستمرار الحرب وتوسعها.. وهى كلها شواهد تفرض تضافر الجهود الدولية، لوقف التصعيد الخطير فى المنطقة، ومنع انزلاقها إلى حرب شاملة.. وخاصة فى ظل امتداد الصراعات بالمنطقة، لتشمل العديد من الدول، وامتداد تلك الصراعات، لتؤثر سلبا على حركة الملاحة بخليج عدن والبحر الأحمر، وعلى حركة التجارة الدولية واستقرار سلاسل الإمداد العالمية.

وأكد ضرورة استثمار اجتماعات «البريكس بلس» لتعزيز التعاون «جنوب - جنوب»، وتكثيف تبادل الخبرات فى مختلف المجالات، فضلا عن تنفيذ مشروعات مشتركة لتحقيق المنفعة المتبادلة، منوها إلى استعداد مصر لمواصلة جهودها، لتنفيذ العديد من مشروعات التعاون الفنى وبناء القدرات مع الدول الراغبة فى ذلك، مع أهمية استمرار التعاون والتشاور بين الدول النامية، لضمان الحفاظ على فاعلية المنظومة الدولية متعددة الأطراف، والتصدى بشكل جماعى، لمحاولات فرض سياسات أحادية ومنفردة، بما يضر بمصالح دولنا.