د.ريهام عرام
مصر ونصر أكتوبر
هل سمعتم من قبل بمصطلح السياحة العسكرية؟ أو السياحة التذكارية؟ هى ذلك النوع من السياحة التى تركز على زيارة المواقع التاريخية المرتبطة بالأحداث العسكرية والصراعات الكبرى، مثل الحروب والمعارك.
وتهدف هذه السياحة إلى تخليد ذكرى الجنود والمدنيين الذين فقدوا أرواحهم فى النزاعات، وتوفير فرصة للزوار لفهم السياق التاريخى والمعانى الرمزية لتلك الأحداث.
و من خلال عملى بالسياحة لأكثر من عقد من الزمان، ومرافقتى المستمرة لأصدقاء من جميع الجنسيات وجدت عند أى زائر لمصر شغفا وحبا لمعرفة لماذا تمثل مصر دورا مهما فى المنطقة على مر العصور؟
ولماذا تحسب لها دول العالم الغربى حسابا سياسيا وعسكريا؟ وكيف أن المعارك التى تدور على أرضها هى دائما معارك الحسم والنصر؟
وهنا كنت دائما أرد على تساؤلاتهم بأن أصحبهم لمواقع انتصاراتنا السياسية والعسكرية التى توضح انتصار المصرى مثل السد العالى الذى بنته مصر فى أوج أزماتها الاقتصادية, أو قناة السويس التى تحكى حكاية نضال شعبى مستمر.
ويمكن أن تشمل مواقع الزيارة أيضا ميادين المعارك، النصب التذكارية، المتاحف الحربية، والتحصينات التى لعبت دورًا مهمًا فى الحروب لاسترجاع دروس الحرب والسلام.
ظهرت السياحة التذكارية بشكل بارز بعد الحروب العالمية الأولى والثانية، لزيارة مواقع المعارك والنصب التذكارية كنوع من إحياء الذكرى وتكريم.
فى البداية، كانت هذه السياحة مقتصرة على الأقارب والناجين من تلك الحروب، لكنها توسعت لاحقًا لتشمل المهتمين بالتاريخ العسكرى حول العالم، وخلال القرن العشرين، ازداد الاهتمام بهذا النوع من السياحة بفضل الأفلام الوثائقية، الدراسات التاريخية، والرغبة فى فهم الأحداث التى غيرت مسار التاريخ.
فمصر ليست فقط بلد الحضارات القديمة والمواقع الأثرية العريقة، بل هى أيضًا بلد الانتصارات العسكرية التى تشكل جزءًا كبيرًا من هويتها الوطنية، ومن أبرز هذه الانتصارات حرب أكتوبر 1973, التى تمثل علامة فارقة فى التاريخ المصرى الحديث .
وترتبط سياحة ذاكرة النصر العسكرى فى مصر بعدة مواقع يمكن أن يتم من خلالها الترويج الثقافى والدعائى لنصر مصر العظيم فى السادس من أكتوبر وعلى رأس هذه المواقع:
بانوراما حرب أكتوبر: التى تم افتتاحها فى عام 1989 وتضم عروضًا تفاعلية ومعارض تعرض تطورات الحرب، فضلًا عن نماذج ثلاثية الأبعاد تروى تفاصيل المعركة، بما فى ذلك العبور الشهير للقناة وتضم أيضا النصب التذكارى للعبور الواقع على ضفاف قناة السويس، ويخلد ذكرى عبور الجيش المصرى للقناة وتحطيم خط بارليف. وهو ما يجذب السياح، حيث يمكنهم التعرف على مكان عبور الجيش المصرى والتحصينات التى دمرت خلال المعركة. تعد هذه المعالم وجهة جذابة للسياح الأجانب الذين يهتمون بزيارة مصر والتعرف على ثقافتها وتاريخها الحقيقى ومن خلال مصادر دقيقة موثوق بها.
وخاصة أن الحروب التى خاضتها مصر قد غيرت مسار الأحداث فى الشرق الأوسط لعقود طويلة.
فالنصر لم يأتِ صدفة وإنما كان وليد تخطيط ودراسة وصبر وهو ما يستلهمه السائح ويدركه، ثم يعود ليحكى عما ر آه ويروج له.