قتلت قائد سلاح المدرعات الإسرائيلى وحصلت على خرائط قواتهم فى الجبهة
بعد مرور 51 عاما على نصر أكتوبر، ومعركة مضيق وادى سدر، لم ينس اللواء محمد سامى فضل بطل الصاعقة وقائد معركة مضيق وادى سدر الأسماء الثلاثية لشهداء سريته الذين استشهدوا أبطالا مدافعين عن تراب وطنهم الغالى، وكيف ينساهم والبطولات لا تسقط بالتقادم؟ التقينا قائد معركة مضيق سدر الذى قتل قائد سلاح المدرعات الإسرائيلى إبراهام منديلر وحصل منه على خرائط تشكيلات القوات الإسرائيلية على الجبهة.
بدأ معى اللواء محمد سامى فضل حديثه متذكرا بداية انضمامه للقوات المسلحة قائلا: تخرجت فى كلية الزراعة عام 1968، وقتها طلبت الكلية الحربية دفعة استثنائية، فقدمت وقبلت بها. وقتها كانت الروح المعنوية لنا سيئة، لكن بعد إعادة تسليح الجيش، وبناء حائط الصواريخ ارتفعت المعنويات لكل الجنود لا سيما بعد معارك حرب الاستنزاف، فقد اشتركت جميع وحدات القوات المسلحة المصرية فى هذه الحرب التى استمرت ستة أعوام، فتم الإعداد والتجهيز الجيد، وتم تدريب قوات الصاعقة من ناحية اللياقة البدينة والرماية، وتم إعداد الجندى والضابط المصرى للعامل النفسى، خاصة بعد هزيمة 1967، فالحقيقة أننا لم نحارب فى 67 لذلك هزمنا، بعكس طبيعة الجندى المصرى الذى لا يخسر فى أى مواجهة مباشرة لأنه شجاع ولا يخاف الموت فى سبيل وطنه.
نوط الشجاعة
ويضيف: كان موقعى فى حرب الاستنزاف فى قطاع بورسعيد، كنت وقتها أقوم بدوريات على طريق الاسماعيلية- بورسعيد، فأجد أفراداً من الجيش الإسرائيلى، أولاد وبنات يرتدون ملابس فى غاية الخلاعة أمامنا، فأقوم بضربهم بسلاحى، على الرغم من أنه لم يكن مسموحا بذلك، وتكرر معى الأمر، وبمجرد أن علمت قيادة العمليات، فوجئت باللواء محمد فوزى يزور قطاع بورسعيد ليقف على حقيقة الأمر، فلم أكن وحدى أقوم بذلك الأمر آنذاك.
وبدلا من أن يوقع على جزاء فوجئت به يمنحنى نوط الشجاعة من الدرجة الأولى، وكان ذلك عام 1970، انتقلت بعد ذلك إلى الكتيبة 143 صاعقة، واستمررت بها حتى جاءت حرب 1973.
وعن تفاصيل مهمته فى معركة مضيق وادى سدر، قال اللواء محمد سامى فضل: كنت برتبة نقيب آنذاك، فى نفس كتيبة الصاعقة التى انتقلت إليها عام 70، ولمن لا يعرف فإن مهمات قوات الصاعقة كانت هى القيام بإبرار جوى أو بحرى على امتداد خط طول قناة السويس، لعمل كمائن خلف خطوط العدو لمنع تقدمهم.
وقد كانت المهمة التى أوكلت لكتيبتى فى حرب أكتوبر 1973 هى عمل كمائن بمضيق وادى سدر لمنع تقدم لواء إسرائيلى إلى الجيش الثالث بالقوات المسلحة المصرية، والاشتباك ضده مع القوات الإسرائيلية الأخرى.
جاء يوم الخامس من أكتوبر مساء، فصدرت لنا الأوامر بالاستعداد لمهمة، فقمنا بالإبرار الجوى من منطقة «بير عريضة»، بعد أن تفهم كل فرد فى الكتيبة دوره بالتحديد، وجاء يوم 6 أكتوبر وعلمنا كيف سنعبر ومن سنقابل وقت العبور.
وهنا اتضحت لنا المهمة الرئيسية، فقد كلفت كتيبتى بعمل كمائن متعددة على محور سدر فى جنوب سيناء المكون من قلعة الجندى وعين انتصار المالح وعين سدر وعين أبو جراد، ولعمل كمائن متعددة على محور سدر، تقوم نفس الوحدة بالتحرك فى عدة أماكن بحيث تمنع مرور القوات على هذا المحور.
وبالفعل تم الإبرار الجوى للكتيبة على مجموعتين، المجموعة الأولى يمثلها قائد الكتيبة ورئيس العمليات وكتيبة إلا سرية فى منطقة بئر أبو جراد.
وكانت سريتى مكونة من الشهيد النقيب رفعت عبد الوهاب وأنا، والشافعى على على، وضياء يوسف عز الدين والضابط شرف غريب قائد فصيلة المقذوفات ضد المدرعات الإسرائيلية، وبعد أن قمنا بالإبرار وصلنا إلى منطقة قلعة الجندى يوم 6 أكتوبر مساء، فقامت الطائرات الإسرائيلية بضرب المجموعة الأولى من الكتيبة، ثم جاءت إلى المنطقة حيث سنقوم بالإبرار ، لكننا تمكنا من خداعهم والاختباء ببطن الجبل، وقمنا بعمل اتصالات بقيادة الكتيبة، ولم يجب أحد.
فى اليوم الثانى لم نلحظ أى نشاط للقوات الإسرائيلية، فقمنا بدفع عدد من القوات للاستطلاع ودراسة المواقف، وقابلنا عددا من البدو الذين كانوا يسكنون وادى سدر، وتعرفنا عليهم، وبعد ذلك كانوا هم من يمدوننا بالعتاد.
بدء المعركة
ويواصل: استمررنا على هذا الحال يوما آخر، ولم نترك موقعنا، فجاء لى الشهيد النقيب رفعت عبد الوهاب عامر قائد السرية، وطلب منى أقوم بعمل دورية بعد ما جاءت إلينا أخبار من إحدى وحدات الاستطلاع بوجود تحركات إسرائيلية فى اتجاه مضيق وادى سدر، وكانت الأوامر هى الدفع بدورية لمقابلة محمود «الاسم الحركى لقائد الكتيبة»، وبالفعل ذهبت فى اتجاه المدخل الشرقى لوادى سدر مع مجموعتى المكونة من أربع أفراد؛ نصر عيد، حسن أحمد ابراهيم، والشهيدين؛ العربى وسمير، وفى هذه المنطقة عرفنى أحد شيوخ قبائل البدو الشرفاء وهو الشيخ عواد سليمان، على بئر مياه لم يكن على الخريطة، فمثَّل هذا الاكتشاف نقلة نوعية لكتيبتنا لأن المياه أساسية لأى مجموعة، يستطيعون من خلالها المكوث فترات طويلة فى المكان نفسه. كما لاحظنا وجود دورية إسرائيلية قادمة من المدخل الغربى للمضيق على بعد 3 كم.
ويكمل: رجعت من الدورية وأخبرت الشهيد رفعت، فتحركنا جميعا فى اليوم التالى مساء وسرنا حوالى 14 كم، ومع أول ضوء أخبرنا عنصر الاستطلاع بسماع جنزير من اتجاه إسرائيل، فعلمنا أن المعركة قد بدأت، ووجدنا مقدمة اللواء تتحرك لتعبر المضيق بقيادة إبراهام منديلر الذى قتلته وأخدت منه خرائطه بعد ذلك.
كنا نريد أن نجعل أكبر عدد من الدبابات والمدرعات فى مواجهة السرية لأن ضيق الوادى كان لا يسمح إلا بمرور دبابة واحدة، وإذا قمنا بضرب دبابة واحدة فلن تستطيع باقى الدبابات الرجوع، وبالفعل مع دخول أول عربية «جيب»، قمنا بتدميرها جميعا، فكانت غنيمتنا: 36 قتيلا وعربة جيب و4 عربيات نصف جنزير و7 دبابات، وإبراهام منديلر، واستشهد منا 12 بطلا، منهم النقيب الشهيد رفعت الذى توليت قيادة العملية بعد استشهاده.
والحمد لله نفذنا المهمة بنجاح وتكتيك عملياتى، ولم يستطع أى جندى إسرائيلى العبور من المضيق، ولم نترك مكاننا إلا يوم 17 أكتوبر بعد صدور الأوامر.