من البحيرة لبرلمان كندا

تقرير كتبه: محمد القمحاوى
هو أول نائب من أصل مصرى فى البرلمان الكندى، عن مقاطعة أونتاريو، وهو أول مصرى يتولى منصب نائب وزير السياحة بالمقاطعة.
هو المهندس شريف سبعاوى، واحد من النماذج المصرية الناجحة حول العالم، وكان للمجلة لقاء حكى فيه عن بداياته ورحلته فى مصر قبل الهجرة، والتحاقه بالعمل السياسى فى كندا، وصولًا إلى مقعده فى البرلمان هناك.
«سبعاوى» من محافظة البحيرة، درس الهندسة وتخرج فى جامعة الإسكندرية، وعمل بعدها فى قطاع التكنولوچيا المعلومات، حتى التحق كخبير معلومات وشبكات فى شركة بترول قبل أن يسافر إلى كندا.
سنوات الهجرة
هاجر «سبعاوى» إلى كندا عام 1995.. وهناك بدأت رحلة الكفاح؛ حيث بدأ من الصفر، وعمل فى البداية فى سلسلة مقاهى «تيم مورتون» الكندية، إلى أن حصل على أول وظيفة فى مجال تخصصه عام 1996.
وقتها عمل «شريف» كمدير شبكات فى أحد البنوك الرئيسية فى كندا، وتدرج فى عدة مناصب لاحقًا فى شركات التكنولوچيا العملاقة متعددة الجنسيات، كما أشرف على العديد من المشروعات على مستوى كندا.
بدأ الانخراط فى العمل السياسى والحزبى عام 1998؛ حيث التحق بالحزب الليبرالى وتدرج فى العمل داخله؛ حيث بزغ نجمه كأحد القادة المستقبليين.

بعد فترة تم اختياره فى لجنة تعدد الديانات فى منطقة «بييل»، بجانب اختياره كأحد مستشارى عمدة مدينة مسيساجا؛ ونتيجة لقدراته على التواصل المستمر مع الجاليات المختلفة فى المدينة، دخل فى عام 2015 الانتخابات الأولية لاختيار مرشح الحزب عن دائرة «مسيساجا إيرين ميلز».
بعدها انضم «سبعاوى» إلى حزب المحافظين؛ حيث فاز بترشيح الحزب فى الانتخابات البرلمانية الأولية فى عام 2017. وفى العام الذى يليه كسب باكتساح مقعده البرلمانى الحالى فى دائرة مسيساجا إيرين ميلز كأول مصرى يتولى منصب برلمانى فى تاريخ كندا. بعدها نجح «سبعاوى» فى تمرير مشروع قانون الاحتفال بشهر يوليو شهرًا للحضارة والتراث المصرى فى مقاطعة أونتاريو، ونتيجة لنشاطه الدائم تولى فى العام نفسه منصب نائب وزير السياحة والحضارة والرياضة والتراث؛ حيث شغل هذا المنصب حتى عام 2022، عندما احتفظ بمقعده لدورة ثانية على التوالى، وتولى مرة أخرى منصب نائب لوزير السياحة.
فى البرلمان
فترة الولاية الأولى فى البرلمان الكندى بالنسبة لشريف كان بها العديد من الإنجازات، أبرزها مزيد من حملات إظهار الحضارة المصرية هناك، بما تضمنته من نشر التراث والعادات المصرية، ومساعدة الغير للتعرف على حضارتنا، فضلًا عن مساعدة دخول المهاجرين واندماجهم فى المجتمع الكندى.
وفى كندا، اشتهر المهندس شريف بالعربى الوحيد فى برلمان أونتاريو وأنه صوت الجاليات العربية هناك.
وتتميز دائرة مسيساجا ايرن ميلز التى فاز السبعاوى بأصواتها بتنوع كبير فى أصول مواطنيها، وقد حظى السبعاوى بتأييد الأقليات المختلفة وعلى رأسها الجالية المصرية، وهو ما اعتبره الكثيرون مؤشرًا على شعبيته، ومؤشرًا على الجهد الكبير الذى بذله خلال سنوات طويلة، ليس فقط للجالية المصرية، ولكن لكل أبناء مسيساجا.
أبرز إنجازت «سبعاوى» هناك كان المساهمة الرئيسية فى إقرار قانون إلغاء بند الخبرة الكندية كشرطة من شروط الحصول على رخصة العمل لأكثر من 37 تخصصًا، وهو ما كان العائق الرئيسى الذى يمنع المهاجرين ذوى الخبرات الكبيرة على ممارسة تخصصاتهم، وهو ما اعتبره المراقبون والصحفيون أكبر إنجاز للمهاجرين فى أونتاريو خلال الـ30 عامًا الماضية.
قال سبعاوى : «إن إزالة هذه العقبة من طريق المهاجرين لدخول سوق العمل، كانت إنجازًا غير مسبوق، خدم الملايين من المهاجرين، الذين وصلوا وسيصلون إلى البلاد، وكان يجبرهم على العمل فى تخصصات بعيدة عن خبراتهم أو تركهم تمامًا لتخصصهم الأصلى».

وأضاف: «مثل هذه العوائق مثلت تحديًا بالنسبة لى عندما وصلت إلى كندا «ولقد وعدت عائلتى والمهاجرين بتذليلها، وفى هذا اليوم فى البرلمان ترافعت وقلت «إنه وعد قطعته منذ 23 سنة واليوم وفيت بوعدى».
إلى جانب حياته البرلمانية، يعمل «سبعاوى» أستاذًا لأمن الشبكات والاتصالات الصوتية والمرئية عبر شبكات الإنترنت فى كليتى «چورچ براون» و«سينتنيال»، وهما من كبار الكليات فى مجال تكنولوچيا المعلومات.
الصحة والتعليم
أولوياته فى الفترة البرلمانية الثانية تشمل الاهتمام بالصحة والتعليم وكبار السّن؛ حيث ساهم فى تمرير حزم من القرارات التى تفيد هذه القرارات؛ حيث تم البدء فى بناء أكبر مستشفى فى مسيساجا، بإجمالى 8.7 مليار دولار، وهى من المنتظر أن يقدم خدماته بما يحتوى على عيادات تخصصية وبحثية وأكبر غرفة طوارئ فى كندا.. إضافة إلى اقتراب مشروع مترو مسيساجا «المحور الرأسى» على الانتهاء هذا العام.
المهندس شريف سبعاوى متزوج من الدكتورة مارى السبعاوى، ولديه ولدان الدكتور ديفيد، وكريستوفر؛ حيث يدرس الأخير طب الأسنان.
عن الأسرة قال سبعاوى: «كعائلة مهاجرة، حرصت على الهوية المصرية؛ حيث يتحدث أولادى العربية ويحرصون على متابعة الأفلام والمسلسلات المصرية.. والمجتمع الكندى يشجع الجاليات المختلفة على المحافظة على هويتها الحضارية».
أضاف: «أكثر ما يميز المجتمع الكندى هو تعدديته.. كل جالية تتبارى فى عرض ثقافتها والشعب الكندى يستمتع باكتشاف والتعرف على جميع الحضارات والثقافات من خلال هذه الاحتفالات والمناسبات».
وأكمل: «كنائب لوزير السياحة عملت مع جاليات وأقليات كثيرة فى فعاليات لإلقاء الضوء وتعريف المجتمع الكندى على حضاراتهم وفنهم وتاريخهم وعاداتهم وحتى أكلاتهم الشهيرة».
ويرى «شريف» أن الجالية المصرية فى كندا من أقوى الجاليات فى البلاد، وتحتل المرتبة الأولى فى التعليم، وتمتلك أكبر نسبة من الصيادلة والأطباء والأكاديميين. أمّا مقاطعة أونتاريو فهى ثالث أكبر شريك تجارى للولايات المتحدة الأمريكية، وهى أكبر قوة اقتصادية فى البلاد والمقاطعة الرئيسية فى كندا، وهناك آفاق كثيرة للتعاون بين مصر وكندا فى المجال الاقتصادى والتجارى والتعليمى ونقل الخبرات والتكنولوچيا لصناعات كثيرة.
وقال: إن تزايُد أعداد الجاليات العربية- والمصرية تحديدًا- بكندا تمثل فرصة كبيرة للتعاون بين كندا ومصر، سواء من خلال نقل الخبرات أو الاستثمارات.
وكما قال سبعاوى: «الشعب الكندى مولع بالحضارة المصرية القديمة، وهناك أعداد كبيرة من المتقاعدين يسافرون كل عام لفترات طويلة خلال فترة الشتاء قارسة البرودة، وهو ما يمثل فرصة للسياحة المصرية لاجتذاب هؤلاء بطقسها الرائع فى فصل الشتاء، وفتح سوق جيدة فى قارة أمريكا الشمالية».