الجمعة 11 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
نجيب محفوظ غاضبًا

نجيب محفوظ غاضبًا

«الشىء الجديد فى أى عمل فنى هو الفنان نفسه».



.. هكذا كان نجيب محفوظ يرى فن الكتابة والإبداع، ومن هنا يمكن أن نفسر غضبه عندما سئل: «كان من حيثيات فوزك بجائزة نوبل العالمية أوجه التشابك بينك وبين «تشارلز ديكنز» فهل ترى أن هذا الشبه كبير بينك وبينه»؟!

فقال كاتبنا: «ديكنز كاتب عظيم، ولكن تشبيهى به تشبيه غير دقيق، قالوا إن «ديكنز» كتب عن الحياة فى لندن، وأنا كتبت عن الحياة فى القاهرة، وإنى أرى أن هذا ليس وجه شبه بينى وبينه، فربما يوجد أديب آخر كتب عن فرنسا يجب أن نشبهه بديكنز أو محفوظ».

وفى حوار أجرى معه لصحيفة «الدستور الأردنية» عن الذين خرجوا من معطفه، قال: «الحقيقة ليس لى معطف وأعتقد أنهم استعاروا المصطلح من «جوجول» الكاتب الروسى صاحب المصطلح الأصلى، ثم قال محفوظ «بصراحة شديدة عندما أقرأ لأحد وأجد فيه روحى لا أستطيع أن أكلمه، وذات مرة قلدنى - من طيبة قلبه - كاتب، فأخذت أقلّب الصفحات بحزن شديد لأنه لا يحمل جديدًا»!

وعندما ابتدعت مجلة «الحوادث اللبنانية» فكرة جديدة، فجمعت عشرة أسئلة من كبار الكتاب والشعراء لمحفوظ قبل نوبل بستة عشر عامًا، فسأله «أدونيس» عن موقفه الإبداعى فى الكتابة عندما كتب عن المجتمع المصرى بشكل واقعى فى المرحلة التى سبقت رواية «ثرثرة فوق النيل»، ثم استخدم الشكل السوريالى أو الصوفى، ورأى «أدونيس» أن هذا الشكل الأخير متقدم على الشكل الأول، فقال له محفوظ: «توجد تجربة من ناحية، وتعبير من ناحية أخرى، وقد يتخذ التعبير شكلاً واقعيًا أو لاواقعيًا، لا لأنه متقدم أو متأخر، ولكن لأنه التعبير المناسب للتجربة».

كما كان محفوظ يرى: «أن الرواية الجيدة هى التى توجد لنفسها جمهورًا يرتبط بها وجدانيًا، ويقتنع بها، الناقد الحديث يقول لك هذا هو الفن، أما الناقد القديم فإنه يقول: كلا، إنه ليس فنًا، خناقة مثل الخناقات السياسية، كل واحد يقول الفن عندى، وليس عندك!

ولكن بعد ذلك هنالك معيار لا يخطئ أبدًا، أى فن له جمهور تعرف أن هناك حاجة استجاب لها الناس».

بل كان يرى أن لكل مبدع سحره الخاص لابد أن يغطى على أى شىء آخر، ولذا وصف رواية «عودة الروح» لتوفيق الحكيم أنها تشعره بأننا انتقلنا من مرحلة إلى مرحلة جديدة، فهذه الرواية رغم خروجها على أشياء كثيرة فى الفن الروائى، فلها امتياز، وسحر يخصها وحدها، جعلها تفرض روحها على عالم الرواية العربية ككل».

وما رآه محفوظ من وجهة نظرى من أهم ما يمكن أن يطرحه النقد فى إضاءة النص الأدبى.

تلك بعض تأملاتى للكثير من الأسئلة الصحفية التى وجهت لمحفوظ فى حوارات عديدة جمعها الروائى أحمد فضل شبلول فى كتاب بعنوان «نجيب محفوظ بلا معطف» حوارات فى دوريات عربية من عام 1970 إلى عام 1995، ونشر الكتاب فى عمان - الأردن، عن دار نشر «الآن ناشرون وموزعون».