الخميس 12 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
خريف القلق والحيرة.. والحروب الثلاثة

بلاد بره

خريف القلق والحيرة.. والحروب الثلاثة

بدأ موسم كتب الخريف ومعه نشهد تنامى شغف القراء واهتمام الصحافة والإعلام بما سوف يصدر فى الأيام والأسابيع المقبلة. وأيضًا نتابع حديثهم الدائر عن هذه الكتب تحديدًا فى هذا الموسم السياسى الساخن.



ومن الطبيعى أن يتساءل عشاق الكتب السياسية عن وجود كتب تتناول ومن زوايا مختلفة وجديدة المشهد السياسى الأمريكى بجميع جوانبه وتحاول أن تقوم بتقييم ما حدث فى السنوات الأربع الماضية وهل تحمل هذه الكتب معها من تصور أو سيناريو للمستقبل يمكن قراءته بين صفحاتها. الكتب كما قيل دائمًا لا تقدم ولا يجب أن تقدم الإجابات فقط (إذا كان هذا دورها الأساسى فى نظر البعض) بل أيضًا أن تطرح أسئلة أو أن تعطى للقارئ القدرة والرغبة فى فهم الحاضر وتفهمه. هذا إذا كنا نتحدث عما يمكن توصيفه بـ«توسيع المدارك» و«تعميق الرؤى».

ومن المنتظر أن يصدر كتاب جديد لبوب وودورد.. الكاتب الصحفى الأمريكى الشهير. وهو من قام مع زميله كارل برنستين بكشف فضيحة «ووترجيت» وتابعا معًا التفاصيل على صفحات «واشنطن بوست».. ومن ثم جاءت استقالة الرئيس الأمريكى نيكسون فى أغسطس 1974 أى قبل خمسين عامًا.

الكتاب يصدر يوم 15 أكتوبر القادم. وعنوانه «الحرب» ويتناول ما حدث وراء الكواليس خلال إدارة جو بايدن وحكاياتها مع ثلاثة حروب : أوكرانيا والشرق الأوسط والصراع من أجل الرئاسة الأمريكية.

وبالطبع أهل واشنطن فى انتظار هذا الكتاب. إذ اعتاد وودورد قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية أن يصدر كتابًا يتناول تفاصيل صناعة القرار داخل الإدارة التى سوف تنتهى ولايتها. وعلى مدى السنوات السابقة لم تتغير طبيعة كتاباته الصحفية وكتبه. إنها التحقيق الصحفى الاستقصائى. وكتبه غالبًا هى الأكثر مبيعًا ولها أصداء وردود أفعال مؤثرة فى الأوساط السياسية. ولمن لا يعرف وودورد فإن كتبه تناولت عهود الرؤساء الأمريكيين بلا استثناء بدءًا من نيكسون وصولاً إلى ترامب.

ترى ماذا سيقول هذا الكاتب الصحفى (81 سنة) بشغفه المتواصل والحاضر دائمًا لكشف أسرار شكلت قرارات وسياسات الرئيس بايدن وذلك (كما جرت العادة) من خلال حوارات مع من هم وهن داخل مطبخ السياسة ودهاليز القرار الأمريكى.

منذ فترة لاحظ المراقبون لحركة الزوار للبيت الأبيض تردد الصحفى الكبير على الجناح الغربى حيث مركز القرار. وقد ذكر أن وودورد بدأ فى الإعداد لهذا الكتاب فى 2021 العام الأول لولاية بايدن وقبل أن تغزو روسيا أوكرانيا!

وحسبما ذكره مايك آلين رئيس تحرير وأحد مؤسسى «أكسيوس» الموقع الاخبارى / التحليلى، فإن وودورد قال له إذا حصلت روسيا على أوكرانيا فإن التالى فى القائمة هو بولندا وأوروبا. ولم يكن بالأمر الغريب أيضا أن يرى وودورد فيما حدث ما بعد 7 أكتوبر فى الشرق الأوسط غزة وإسرائيل حرب لها تبعات وعواقب طويلة الأمد. أما الحرب الثالثة التى يتناولها الكتاب فهو حالات الانقسام الحاد والمواجهات السياسية الشرسة التى تشهدها أمريكا والحزبان الديمقراطى والجمهورى. وأيضًا حركات الاعتراض والمظاهرات التى تتزايد داخل المشهد السياسى. إنها حرب تعيشها أمريكا بشكل أو آخر.

وجدير بالذكر أن كتب وودورد تشمل «القادة» عن حرب الخليج الأولى وأربعة كتب عن فترتى ولاية بوش الابن عناوينها «بوش فى الحرب» و«خطة الهجوم» و«حالة الإنكار» و«الحرب بالداخل»، كما صدر له كتاب بعنوان «حروب أوباما».. وله كتابان عن فترة ترامب «الخوف» (سبتمبر 2018) و«الغضب» (سبتمبر 2020). ما لفت انتباه المراقبين لعالم الكتب السياسية أن كتاب «الخوف» لبوب وودورد تم بيع 750 ألف نسخة منه فى اليوم الأول لصدوره.

من قرأ كتب وودورد (وعددها 21 كتابًا) وتابع تحقيقاته الاستقصائية المعمقة لمطبخ السياسة الأمريكية يجد أنه أمام محقق صحفى متمكن وذكى يتابع ويسجل ليس فقط تفاصيل الحدث، بل أيضًا الحديث الدائر حوله. وهو لا يمل من أن يطارد ويلتقى بأغلب من كانوا مشاركين فى الحدث (على الأقل نجد مائة شخص كمصدر لكل كتاب)، ثم يحاول وبحرفية عالية وجدية تامة وبإصرار كبير أن يجمع كل مكونات الحدث وصناعة القرار ويتحاور مع من كان طرفًا بشكل أو آخر فى هذا الحدث من أجل أن يتوصل إلى أقرب صورة للمشهد بتفاصيله الدقيقة، ثم ينقل هذه المشاهد للقارئ بصياغة صحفية شيقة ومتكاملة وكاشفة بحيث تقرأ (أنت كقارئ) كيف تم اتخاذ القرار؟ ولماذا كان هذا الاختيار من جانب من يملك زمام الأمور؟ وما هى الأجواء والظروف التى دفعت به لأن يصنع هذا القرار فى ذاك التوقيت؟ بتلك السرعة أو ذلك البطء!

ولا شك أن الكتاب الجديد لوودورد سوف يحمل معه الكثير من الأسرار والمفاجآت والقنابل أو الألغام السياسية والإعلامية.