الثلاثاء 10 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«ترامب» و«هاريس» على شاشات المستقبل

ريشة: خضر حسن
ريشة: خضر حسن

قراءة تحليلية تبنتها مجلة «المجلة» للمقارنة بين المرشحين للرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، المرشح الجمهورى دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية « كامالا هاريس»، قبل الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل وهو ما نستعرضه فى السطور التالية..



فيما يتعلق بالسعودية ودول الخليج العربى، فسيواصل ترامب إعطاء الأولوية لعلاقاته مع هذه الدول بسبب الفوائد الاقتصادية للولايات المتحدة والحاجة الاستراتيجية إليها فى مواجهة الصين.

وأما عن  الوجود العسكرى الأمريكى، فقد أبرم صفقة مع طالبان لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان وسعى إلى سحب القوات من سوريا، مع الحفاظ على وجود عام والرد بقوة على العدوان الإيرانى ضد الأمريكيين، ولكنه لم يأمر برد عسكرى عندما تعرضت منشآت النفط فى بقيق بالمملكة العربية السعودية للضرب، مما يؤكد نهجه المعروف بـ «أمريكا أولا» فى تعامله مع  الجوانب الأمنية.

 

ريشة: سامح سمير
ريشة: سامح سمير

 

ترامب فى ولاية ثانية

وإذا أتيحت لترامب فترة ولاية ثانية، فالأغلب أن يحافظ على اتجاهه الراسخ. والمرجح أن يواصل دعمه القوى لإسرائيل، على الرغم من أنه حث نتنياهو على إنهاء الحرب الجارية قبل أن يتولى منصبه. 

إن تأييد ترامب لإسرائيل ثابت لا يتزعزع، ولكنه حريص أيضا على تجنب صراعات الشرق الأوسط التي قد تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة فيها. 

وعلى الرغم من العلاقات المتوترة مع نتنياهو، سيستمر ترامب فى دعم التيار اليميني فى إسرائيل وتقويته. ولقد نأى ترامب بنفسه بالفعل عن الالتزام الواضح بحل الدولتين ومن المرجح أن تتماشى سياسته مع ما تفضله إسرائيل لمستقبل غزة والضفة الغربية بعد الحرب. 

 يفضل ترامب إبرام صفقة دفاعية ونووية مربحة للجانبين مع المملكة العربية السعودية، لكنه سيواجه صعوبة فى تمريرها كمعاهدة بأغلبية الثلثين فى مجلس الشيوخ، حيث لن يصوت معظم الديمقراطيين معه. أما فيما يخص إيران، فبصفته صانع صفقات، قد يكون منفتحا على التفاوض على صفقة جديدة مع إيران.

 

تأيد واضح للكيان المحتل
تأيد واضح للكيان المحتل

 

على الجانب العسكرى، من المرجح أن يشرف ترامب على الانسحابات الأمريكية من سوريا والعراق، مع الحفاظ على الوجود الأمريكى فى أماكن أخرى، والعمل مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية والحلفاء الإقليميين لتعزيز الدفاعات المضادة للصواريخ والطائرات دون طيار وتعزيز تحالف لموازنة إيران.

مواقف هاريس

أما كامالا هاريس، فتظل التنبؤات بشأن سياساتها أكثر صعوبة، خاصة فى الشئون الخارجية. ذلك أنها فى السنوات الأربع التي قضتها فى البيت الأبيض كانت تتبع بشكل عام توجيهات بايدن.

 وقبل ذلك، كانت فترة ولايتها فى مجلس الشيوخ قصيرة، قضتها بعد عقدين من الزمن كمدع عام فى كاليفورنيا. وعلى الرغم من خلفيتها العائلية الدولية، فإن خبرتها المباشرة فى السياسة الخارجية محدودة. وقد يُنظر إلى رئاسة هاريس على أنها استمرار لإدارة بايدن أو حتى كولاية رابعة لأوباما، بمعنى أن المستشارين والمسئولين عن السياسة الخارجية سيكونون على الأرجح من المجموعة الديمقراطية المعهودة التى عملت مع بايدن وأوباما. 

ولا يزال من غير المؤكد كيف ستتصرف وتتفاعل كرئيسة، وسوف يكون ذلك اختباراً مهماً لشخصيتها، قد لا تستبين هي نفسها حدوده.

المرجح أن سياسة هاريس ستتوافق، فى البداية، مع الدعم الحزبى العام لإسرائيل. ولكن لنتذكر أنها أعربت أيضا عن تعاطفها مع الفلسطينيين، ما قد يعكس التحول الكبير بين الناخبين الديمقراطيين الأصغر سنا.

ولعل من بين الأسباب التي تدفع نتنياهو لتسوية عدد من الحسابات مع أعدائه فى الشرق الأوسط معرفته أنه لن يكون له صديق في البيت الأبيض إذا فازت هاريس، فهذه الأخيرة ستعيد مبدأ حل الدولتين إلى الطاولة.

 ولكن دون استعداد إسرائيلى للتحرك فى هذا الاتجاه، فمن المشكوك فيه أن تتمكن إدارة هاريس من إحراز تقدم يذكر فى هذا المضمار. وستواصل محاولات إدارة بايدن لإبرام صفقة ثلاثية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل. ومن المرجح أن تشمل الصفقة اتفاقات دفاعية ونووية مع المملكة العربية السعودية، ولكنها ستستمر فى مواجهة عقبة إسرائيلية ما لم تتغير القيادة والمواقف الإسرائيلية بشكل كبير فى العام أو العامين المقبلين. 

وإذا نجحت هاريس فى تأمين صفقة ثلاثية، فسيكون لديها فرصة لتمريرها كمعاهدة فى مجلس الشيوخ من خلال الحصول على دعم معظم الديمقراطيين لها، على أمل تأمين جزء على الأقل من الجمهوريين. وفيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، فالأغلب ألا تحظى هاريس بالعلاقة الدافئة التى يمكن أن يتمتع بها ترامب ولا بذكائه التجارى، ولكنها، كرئيسة، سوف تقدر الأهمية العميقة للمصالح والعلاقات الأمريكية فى الخليج فى مجالات الأمن والطاقة والاستثمار والتكنولوجيا ومواجهة الصين.

 

توافق مع دعم الإحتلال
توافق مع دعم الإحتلال

 

أما فى العلاقة مع إيران، فستواصل هاريس سياسة بايدن فى محاولة إحياء صفقة مع طهران مع الحفاظ على عقوبات معتدلة، وستترك الخيار لطهران لتقرير ما إذا كانت تريد التوصل إلى اتفاق مع إدارة هاريس أم لا. وسوف يتعين عليها أن تتعلم بسرعة كيفية التعامل مع القرارات العسكرية، ولا بأس من الاعتماد فى البداية على نصيحة جنرالاتها. 

وفى الختام، لاشك فى أن شاغل البيت الأبيض فى عام 2025 سيجلب معه أسلوبا مختلفا وبعض التغييرات فى السياسات. ومع ذلك، من الأهمية بمكان أن ندرك أن الكثير من المصالح والسياسات الأمريكية مستمرة وستظل ثابتة تحت أي إدارة. بالإضافة إلى ذلك، فى العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين، ستكون معظم التطورات المهمة فى الشرق الأوسط مدفوعة بقوى إقليمية مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل وإيران وتركيا. وفيما سيظل اللاعبون الدوليون الكبار مثل الولايات المتحدة يمارسون نفوذا كبيرا، فمن غير المرجح أن يفرضوا المسارات المتنوعة للحرب والسلام والازدهار الاقتصادى فى المنطقة.

 

نقلا عن: مجلة «المجلة»