الأربعاء 15 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اتجوز.. ولا أهلى لهم رأى تانى

العروسة الحائرة!

ريشة: نسرين بهاء
ريشة: نسرين بهاء

المثل يقول «حاسب قبل ما تناسب».. فترة من الفترات تغيرت الأحوال، انساق الشباب وراء اختياراتهم، مش كل مرة تسلم الجرة.



فترة من الفترات كانت الجملة الأثيرة «هو أنا اللى هتجوز ولا أهلى».. فى المقابل كانت جملة أخرى تدور: «هتجوزها هى مش هتجوز أهلها»!

كثيرون اكتشفوا بعد فوات الأوان أنه فعلاً «حاسب قبل ما تناسب» وكثيرون عرفوا أن للأهل نظرة، وأن هذه النظرة عادة ما تكون سليمة، وتثبتها الظروف بعد فترة من الزواج.

المسألة الآن تتأرجح بين رأيين الأول يرى ضرورة السير وراء رأى الأهل فى تقييم «العروسة»، ووضع مزيد من الاعتبارات لرأى الأهل فى الحكم على «العريس».

وفى المقابل هناك من ظل فى خانة مكتسبات الحرية، يؤكد على أن ما اكتسبه من أراضٍ بمرور الزمن لا يمكن التفريط فيها والعودة لزمن سيدى وستى وتعليق «الجوازة» على رأى الأهل أو ترك الحكم للأمثال القديمة وترك الخيوط معلقة على أقاويل زمان.

وفيما عاد كثير من الشباب لـ«رأى الأهل» ظل أطراف متمسكين بجملة «أنا اللى هتجوز مش أهلي».

السؤال: «هل نعود للتمسك حرفيًا برأى الأهل وحكمهم ضمانة لنجاح الاختيار، أم نترك نفسنا للتجارب وخبراتنا على أساس أننا «نحن من يتزوج وليس أهلنا»؟!

محاولات الإجابة هنا فى هذا التحقيق.

تحكى منى .م.ص 27 سنة خريجة كلية الآداب جامعة الزقازيق عن تجربتها، بأنها بدأت التعارف على زميل فى الجامعة، وجذبها بكلامه المعسول فى البداية، حتى أصبحت لا تستطيع التوقف عن محادثته، وبعد فترة التخرج تقدم لأهلها، ولم يقتنع الوالد به، وأكد أن «شكله بيضحك عليكي»، لكن مع إصرارها والضغط على الأسرة، تم عقد القران والزواج به، ومع أول سنة جواز بدأت معاملته تتغير معها على عكس ما اعتادت عليه منه، وبدأ يعاملها بقسوة، وكانت ترى محادثات بينه وبين فتيات أخريات وواجهته بذلك، ليؤكد أنهن زميلاته فى «الشغل»، حتى أصبحت الحياة معه مللاً وتعبًا وإهانة فذهبت إلى والدها، ولم يأت إلى البيت ليصالحها، حتى فوجئت به وبمأذون وطلقت منه، واكتشفت بعدها بشهور قليلة أنه تزوج وتركها مطلقة.

وتقول الحالة الثانية وهى سارة م.ص خريجة كلية التربية جامعة الزقازيق، أنها أثناء تحضيرها للماجستير تعرفت على شاب بعد إلحاح منه وكنت لا أعرفه جيدًا غير أنه بيحضر معى ومع مرور الوقت تعودت عليه وأصبحت لا أستطيع مرور اليوم من غير مكالمة هاتفية منه، ووعدنى بالزواج ووقتها كنت سعيدة بهذا الخبر وجاء بالفعل ليتقدم لى وبعدها قالت لى والدتى (أنا قلبى مش مرتاح للشاب دا).

وتمت الخطبة وبعدها بسنة عقدنا القران وتزوجت ثم فوجئت بتغير حالته معى على عكس فترة الخطوبة.

تقول: «وقتها كنت بدرس مادة اللغة العربية فى إحدى المدارس وفى كل شهر كنت لا أرى مرتبى بسببه، فكان يأخذه منى بالقوة وكنت لا أعرف لماذا حتى اتضح لى بعد ذلك أنه يتعاطى مخدرات بعد أن شاهدتها فى درج «الكوميدينو» وبعدها طلبت الطلاق منه وطلقنى ووقتها ندمت على الضغط على والدى ووالدتى من أجل الزواج منه.

هنا ينصح الخبراء الفتيات بدراسة الشخص المتقدم لهن جيدًا، فتقول الدكتورة أمل عطوة استشارى العلاقات الأسرية والتنمية البشرية: إن الفتاة يجب أن تدرك طبيعة الشخص المتقدم هو وأسرته والقيم المجتمعية التى تحكم بينهما وتفكر على المدى البعيد فى استمرارية الحياة الزوجية والتفكير هنا تفكير العقل وليس القلب.

وتقول إنه لابد أن نعود لزمن اختيار الأهل والتفكير بالعقل هل الشاب دا هيضيف لحياتى ولأولادى فى المستقبل وأسرته أيضًا؟، معرفة طبائعهم وطريقة تفكيرهم لأن الارتباط ليس على المستوى الفردى فقط، بل بموافقة الأهل أيضًا.

تكمل: وعلى الفتاة دراسة إيجابيات وسلبيات الشاب قبل الإقدام على الزواج، وتكافؤ الأهداف ومستوى الذكاء بما يضمن لها استمرارية الحياة.

وتؤكد أنه عند إصرار الفتاة على الشاب يجب على الآباء عدم الاصطدام فى الرأى والدخول فى حوار بينهما بتبادل الخبرات الحياتية التى مر بها الوالدان وتوجيه النصح للابنة وتوصيل فكرة الأهل عن المستقبل بكل هدوء لكى تتقبل الفتاة بكل ترحيب وصدق.

من جانبه يؤكد الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسى أن اختيار الزوج يجب أن يتم على أسس وعلاقات اجتماعية مثل التكافؤ المادى والتعليمى والاجتماعى ..وفى ظل غياب الوعى، فبالتالى عندما يتم الزواج مع هذا التفاوت والتباين يحدث الاصطدام بعد الزواج ويؤدى إلى الطلاق، وبسبب هذا يفضل فى الزواج أن يؤخذ  رأى الأهل بكل اعتبار لأن نسبة الطلاق فيه ضئيلة، ويقول: فى مرحلة الحب الشبابی يظهر كل طرف المثالية ولابد من مشاركة الوالدين فى هذا القرار لأن نظرتهما للشاب تختلف تمامًا عن الفتاة التى تعتمد على العاطفة والتجاذب النفسى.

فيما ترى الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع جامعة عين شمس أن الفتاة اليوم مستقلة عن الأهل فى اختيار شريك حياتها، وأيضًا فى ظل التطور الهائل فى السوشيال ميديا أصبح التعارف سهلًا، على عكس الماضى كان الاختيار عن طريق الأهل ويميلون إلى زواج الأقارب أو يكون المتقدم نفس المكانة والطبقة الاجتماعية، أما الآن فأصبحت الفتيات يتصورن أن الزواج بين اثنين فقط ولا علاقة للأهل به، فلابد من تغيير هذا التصور خصوصًا حاليًا فى زمن يدخل فيه أبناؤنا علاقات حب بلا خبرات، والنظر إلى المتقدم على وجود مشتركات أسرية متقاربة ومعقولة.

وتبين الدكتورة هالة الباز أحمد مدرس النيرولوجى قسم علم النفس كلية الآداب جامعة الزقازيق أن الجواز شرعًا قديمًا أو حديثًا مقرر فى كل الأديان ليحل العشرة بين الشاب والفتاة وما بين كونه سرًا مقدسًا أو ميثاقًا غليظًا نستشعر قدسية وعمق الارتباط فى تلك العلاقة، ولكن دراسة اختيار شريك الحياة قديمًا كانت السيادة لرأى الأهل فى اختيار الشريك دون الاهتمام برغبة الشاب أو الفتاة، كانوا يقولون منذ صغر الأبناء «فلانة موهوبة لفلان»، و«فلانة لابن عمها أو وجود الخاطبة التى تجمع الصور حتى يتم الاختيار دون اعتبار لرأى الفتاة أو الشاب» كان ذلك يحدث لعدم الانفتاح أو الاختلاط، وحديثًا اختلف الأمر كثيرًا فبعد ما كانت السيادة لرأى الأهل دون أدنى اعتبار لرأى الشاب أو الفتاة أصبح رأى الأهل «ضيف شرف» دون اعتبار.

وتؤكد هالة: لابد من مرحلة وسط الآن بين اختيارات البنت أو الشاب وبين آراء الأهل، بمعنى لا يجب العودة لزمن كانت فيه البنت بدون رأى، ولا الاستمرار فى زمن «أنا اللى هتجوز مش أهلى»، يلزم التأنى والشورى والإقناع والدراسة الجيدة والأهل أهم الأشخاص فى حياة كل من الشاب والفتاة، ليس بسبب صفة الدم بل لأنهم حقيقتنا وطبيعتنا، فرأى الأهل قطعًا مهم فى اختيار شريك الحياة، ولتحقيق المعادلة بالإقناع للتوفيق بين رأى الشاب أو الفتاة وبين رأى الأهل، ينبغى أن يحظى رأى الأهل بنصيب لائق من الاعتبار، فمهما بلغ الحماس لدى الشاب والفتاة لقبول اختيار ما تحت مسميات الحب أو الإعجاب أو الانبهار فليتأكدوا أنه سرعان ما تذوب كل هذه الأمور وتكشف الوقائع حقيقتهما.