توماس جورجسيان
أمام تحديات زماننا هذا هل من حل؟
يتساءل المرء فى زماننا هذا: هل فى إمكانى أن أقرأ وأن أسمع أيضا الحواديت الحلوة والأفكار المتميزة وسط هذا الصخب المثار بالسوشيال ميديا بكل أنواعها؟ بالطبع له كامل الحق فى طرح هذا السؤال فى هذا التوقيت بالذات. وإن كان الرد عليه بنعم وممكن ليس بالأمر السهل. لأن الوصول فعليا إلى ما يمكن وصفه أو تسميته بعملية الاختيار أو الانتقاء أو الغربلة (كما يتمنى البعض) صار صعب المنال! ويحتاج إلى جهد كبير.
وكما هو ظاهر للعيان فإن الأسهل والأيسر والأسرع فى الحصول على أى شىء أصبح من سمات ومتطلبات زماننا الحالى. ولا تنسى أن شريكنا فى هذا الطريق وهذا الزمان اسمه الهاتف الذكى!!
أمام هذه الحيرة المستدامة التى تحير الكل لا تتردد الصحف والمجلات الأمريكية فى أن تتناولها كوباء متفشى وتتعامل معها بجدية واهتمام من أجل الإبحار وسط هذا الطوفان من الداتا أى الأخبار والآراء والتعليقات والأكاذيب. وتحاول أن تقدم النصائح أو ما يمكن وصفه ب «خريطة الطريق» أو الدليل للخروج من هذا التخبط المعلوماتى بسلام وأمان. فالقضية لا تخص منبع هذا التخبط أو الطوفان المعلوماتى بقدر ما تخص المصب والمتلقى ونحن وأنت وأنا ..ومن ثم يجب أن تبتعد قليلا عن الهاتف الذكى وتأخذ نفسًا عميقًا وتتأمل حالك وبناءً على هذا تحدد علاقتك وتواصلك عبر الهاتف الذكى والسوشيال ميديا. المشكلة أن أغلب مستهلكى أو مدمنى السوشيال ميديا يرون ويعتقدون بأنهم فى أفضل حالة بما أتيح لهم من خلال هذا الوسيط الاجتماعى والمعلوماتى وأنهم أصحاب الاختيار والقرار .. والاستسلام لما يأتى إليهم بسلاسة ويسر!!
الوباء قائم والتحذيرات ومحاولات التحرر من هذا الإدمان مستمرة ويجب أن تستمر من أجل راحتنا النفسية وصحتنا العقلية.
ما يلفت الأنظار مع بدء العام الدراسى فى أمريكا هو ما قررته بعض المناطق التعليمية وبعض المدارس العامة فى بعض الولايات بعدم السماح التلاميذ والتلميذات باستعمال هواتفهم الذكية أثناء اليوم الدراسى أو تحديد شروط أو قواعد لاستخدامها. هذا الحظر والعمل به انطلق فى كاليفورنيا ووجد صدى حسنا وتدريجيا فى ولايات فلوريدا وأنديانا وأوهايو وفرجينيا وولايات أخرى. أولياء الأمور مازالوا فى حالة حيرة على أساس أن الهاتف الذكى أو الموبايل هو الطريقة المثلى والمضمونة للتواصل مع الأبناء والبنات والاطمئنان عليهم. كما أن هذا الهاتف الذكى أو المحمول صار جزءا أساسيا من عملية التواصل بين أولياء الأمور والتلاميذ والأساتذة. ويبدو فى الجدل الدائر حاليا أن المعلمين والمعلمات هم وهن الأكثر حماسا لتقييد استعمال الموبايل لما كان له وما يزال من دور فى تشتيت انتباه التلاميذ.. وأيضا فى حالات التنمر بكل أشكالها!
ويبقى السؤال الملح: كيف ستكون فصول الدراسة والدراسة نفسها بعد أن يتم نزع الموبايلات منها؟ فلننتظر لكى نرى.
التعليم من منازلهم
يبقى هذا الملف من أكثر الملفات مطروحا للنقاش. والجدل مثار حول ما للتعليم بالمنزل وما عليه من إيجابيات وسلبيات. الأمهات اللاتى يدافعن عن هذا الحل لا يترددن فى القول نريد أن نضمن مناخًا أكثر أمانًا لولادنا (من التنمر تحديدا) وأيضا لا نريد أن نلوث نفوس وعقول أولادنا بما يتم تدريسه أو ما يتم وضعه فى نفوسهم وعقولهم. تعددت الأسباب والنتيجة واحدة. تزايد فى السنوات عدد الأمهات التى اخترن التعليم بالمنزل. ومن ثم تفرغها الكامل للقيام بهذه المهمة الصعبة تعليم أولادها.
من المنتظر أن يصل عدد الأطفال أو التلاميذ الذين يعودون إلى مدارسهم هذا العام نحو 50 مليونا. وحسب بعض الإحصاءات الرسمية فقد تضاعفت تقريبا نسبة التلاميذ الذين يتلقون التعليم فى بيوتهم من عام 2019 إلى عامنا الحالى 2024. الا أن النسبة قليلة بوجه عام لا تزيد على أربعة فى المائة إلا قليلا ممن هم وهن فى سن التعليم الأولى. هذا ما ذكرته مجلة نيوزويك الأمريكية فى تقرير يتناول هذا الملف. ومع هذا هناك إقبال متزايد كما يبدو نحو هذا الاختيار.
ويجب التذكير هنا أن من يعارض هذه الفكرة من أساسها هو من يرى أن التعليم ليس فقط الحصول على المعلومات أو حشوها فى الدماغ أو التدريب على تنمية القدرات بل هذا التفاعل والتواصل القائم مع الآخرين ومن خلفيات أسرية مختلفة. ومن ثم يتم إثراء نفسية وعقلية الطفل بمفهوم تقبل الآخر مهما كان مختلفا عنه .. كما أن الاختلاف والتعدد والتنوع واحتكاك النفوس والعقول ضرورى وأساسى فى العملية التعليمية .. وفى تهيئة الأجيال للدخول فى المجتمع والحياة فيما بعد سنوات الدراسة.
ريشة: أحمد جعيصة