الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الطريق إلى نوفمبر 2024

الطريق إلى نوفمبر 2024

لا شك أن الأيام والأسابيع المقبلة سوف تحمل المزيد من المواجهات والمصادمات وأيضا المفاجآت السياسية التى قد تشهدها أمريكا وهى تقترب من موعد الانتخابات الرئاسية. بالتأكيد الحياة السياسية الأمريكية شهدت مع انسحاب الرئيس بايدن من السباق الانتخابى تطورات عديدة وسريعة غيرت وسوف تغير أكثر فأكثر طبيعة ونوعية المواجهات والمصادمات بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى. كما أن دخول كامالا هاريس نائبة الرئيس المعترك الانتخابى فى مواجهة ترامب الرئيس السابق قلب الأجواء والتوقعات المرتقبة فى العملية الانتخابية برمتها.



وبالطبع العالم كله يراقب ما يحدث فى أمريكا. يراقب ويتكهن ويتوقع ويتمنى ويتعشم فى محاولة لمعرفة من سيأتى إلى البيت الأبيض. والأمر الأهم: كيف ستكون علاقة واشنطن مع قضايا العالم وملفات تقلق وتزعج وتحير شعوب مناطق عديدة من خريطة الكرة الأرضية. والأسئلة المحيرة (لمن يعنيه الأمر) أكثر عددا وتعقيدا من الأجوبة المحددة والواضحة. وهذا أمر يجب التأكيد عليه، خاصة أن خبراء كل حاجة وولا حاجة (بمساعدة ومباركة جوجل) يملأون شاشات الفضائيات والهواتف الذكية بكلامهم وأحكامهم.. وهلم جهلا.

أمريكا المنقسمة والاستقطاب الذى يعيشه ويعانى منه الأمريكيون أمور لا جدال فيها.ولهذا اختيارات الناخب وأهواؤه جديرة بالالتفاتة والاهتمام. ارتفاع الأسعار وملفات المهاجرين وقضايا المرأة خاصة حقها فى الإجهاض، بالإضافة إلى ملفات الصحة والعلاج.. ومدى انخراط أو تورط أمريكا فى الأزمات الدولية سواء كانت أوكرانيا أو غزة.. كلها مسائل لها تأثيرها أو لها تبعاتها فى مزاج الناخب الأمريكى. وبالتأكيد الأجيال الجديدة لها مطالب مختلفة عن الأجيال السابقة ولها أيضا طرق وسبل مختلفة فى المطالبة بها. ولم تتردد وسائل الإعلام الأمريكية فى أن تتناول أيضا هذا السؤال الملح: هل أمريكا لديها استعداد ورغبة فى أن يكون رئيسها امرأة وملونة!؟ بالنسبة للأجيال الجديدة خاصة جيل زد (وأعمارهم تتراوح  ما بين 18 و27 خلال هذا العام ) من المفترض أن 41 مليونا منهم سيكون لهم حق التصويت فى نوفمبر القادم.

وما يلفت الاهتمام أيضًا أن كل الأمور مطروحة للنقاش والجدل فى هذه الفترة الزمنية وكلما تعمقت المناقشة اتضحت الصورة (بما لها وما عليها) بشكل أوضح. والأمر الأهم فى هذا النقاش المحتدم هو أنه فرصة لمراجعة ما تم وما لم يتم. إنها مواجهة مع مشاكل الواقع ومحاسبة لقدرة أو عجز الإدارة التى تولت أمور البلاد منذ أربع سنوات فى التصدى لمشاكل المواطن والمجتمع والتعامل مع متطلبات الحياة اليومية.

نعم، جدير بالمتابعة فى انتخابات هذا العام القصف المتواصل من السوشيال ميديا وتحديدا من تيك توك. وطوفان الأكاذيب والشائعات والأرقام والحقائق المضروبة! وأيضا الوسيط الشهير إكس (تويتر سابقا) خاصة أن مالكها إيلون ماسك قالها وأعلنها بوضوح بأنه يؤيد عودة ترامب إلى البيت الأبيض! أغنى الأغنياء تعهد أيضا بتدفق متواصل من ملايين من الدولارات من أجل ضمان انتخاب ترامب. وجدير بالذكر أن بوستات ماسك السياسية على إكس خلال هذا العام مثلت 17 فى المائة من بوستاته. فى حين نسبتها كانت لا تزيد على اثنين فى المائة فى عام 2021. ماسك ومعه الملياردير بيتر تيل أحد عمالقة وادى سيليكون قيل إنهما لعبا دورًا أساسيًا فى اختيار جى دى فانس كمرشح نائب رئيس لترامب فى الانتخابات الحالية. وادى سيليكون والعمالقة فيه غالبًا كانت لهم اختيارات ليبرالية إلا أن الجناح المحافظ أو الجمهورى فيه بدأ يكشر عن أنيابه فى الفترة الماضية. والسياسة بالنسبة لهؤلاء الجبابرة مصالح أو مكاسب اقتصادية مالية يمكن الحصول عليها.. بواسطة سياسيين ومشرعين لقوانين لا تحد من توسيع وتعميق مصالحهم ومكاسبهم الخرافية. أباطرة الآى تى تكنولوجيا المعلومات بما حققوه من مليارات من الدولارات فى وقت قصير هم القوى الصاعدة والكاسحة. وتريد ألا يقف أحد أمامهم ودائما لديهم الرغبة فى كسر قواعد اللعبة والتقليل من التشريعات التى تلجم تهورهم أو تغولهم. وبالطبع عمالقة الذكاء الاصطناعى بدأوا فى الفترة الأخيرة يظهرون عضلاتهم ويتوعدون بما هو قادم! 

ولهذا يرى المراقبون للمشهد الأمريكى أن الموسم الانتخابى الجارى سيشهد مواجهات ومصادمات شرسة فيما يخص الاقتصاديات الجديدة المرتبطة بسيليكون فالى والعمالقة الذين نشأوا وترعرعوا فى تلك البقعة من الغرب الأمريكى.

إن الطريق إلى 5 نوفمبر 2024 ملىء بالأحداث والمواجهات والمفاجآت. وعلينا أن نتابعها باهتمام وبجدية.. فأمريكا أمام اختيارات مصيرية وبها ومعها سوف يتشكل عالمنا فى السنوات المقبلة.