الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

داعش.. خلاصة الإرهاب فى التاريخ!

ريشة: خضر حسن
ريشة: خضر حسن

رغم أن العالم عرف الكثير من الجماعات الإرهابية التى تراوحت فى أهدافها وممارساتها الدموية، وارتكبت أبشع الجرائم، فإن تاريخ الإرهاب فى العالم سيتوقف طويلا أمام الظاهرة الداعشية، فقد استطاع ما يسمى بـ«تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام» أو ما بات يعرف اختصارا بـ«داعش» أن يجمع خلاصة الإرهاب فى العالم، فجمع بين التطرف الدينى واستغلال التفسير المضلل للدين لإسباغ الشرعية على جرائمه، واستطاع أن يصطنع محاكم التفتيش الخاصة به، وتفنن فى عمليات القتل والتعذيب كما كانت تفعل تلك المحاكم، ولم يختلف فى ممارساته الدموية عن الحملات الصليبية واضطهاد مخالفيه سوى فى الراية التى يرفعها.



وربما يكون «داعش» منعطفا جديدا فى تاريخ الإرهاب المتأسلم، فهو لا يستهدف فقط الانقلاب على الأنظمة التى يراها «كافرة» وحسب، إنما أراد بناء دولة وليس مجرد تنظيم، وقد سعى إلى ترسيخ هذا المفهوم منذ بداية تأسيسه، ربما مستلهما التجربة الإسرائيلية التى استطاعت التحول من مجرد عصابات إلى دولة باستخدام الإرهاب، وهو ما يؤكد أن «داعش» ليس مجرد تنظيم، وإنما هو استعادة لأسوأ تجارب التاريخ مجتمعة فى كيان واحد.

 

غزو أمريكا للعراق.. مرحلة انتقالية فى تاريخ المنطقة
غزو أمريكا للعراق.. مرحلة انتقالية فى تاريخ المنطقة

 

فى أعقاب اجتياح الولايات المتحدة الأمريكية للعراق عام 2003، اجتمعت مجموعة من الشخصيات ذات التوجه الإسلامى المتشدد وقرروا تأسيس تنظيم جديد يكون هدفه إعادة بناء دولة الخلافة، وكان التنظيم فى تلك الفترة يضم مجموعة ممن عملوا مع تنظيم «القاعدة» وتدربوا على إعداد المفخخات، وبالفعل نفذ التنظيم عددا من العمليات النوعية داخل العراق، لكنه لم يبرز إلا فى أواخر عام 2013 و2014 عندما فاجأ التنظيم الجميع وأربك كافة الحسابات واستطاع السيطرة على مساحة كبيرة من مدينة الفلوجة العراقية، ومنذ هذا الحين تركز الاهتمام على ذلك التنظيم، الذى استطاع أن يصنع لنفسه سمعة عبر مئات العمليات الوحشية، والممارسات الدموية التى جعلته يتوسع فى الأراضى العراقية، بل ويتمدد نفوذه إلى سوريا المجاورة، مستغلا الأوضاع السياسية التى تشهدها عقب اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد، وسريعا تحول التنظيم إلى هاجس عالمى، استدعى تشكيل تحالفات عربية وعالمية لمواجهته، فضلا عن انتقال عملياته خارج الأراضى العربية، فاستطاعت خلاياه فى أوروبا توجيه ضربات موجعة فى قلب أوروبا فى فرنسا وبلجيكا.

الرعب.. السلاح الأول

منذ البدايات الأولى للتنظيم الذى اتخذ فى مرحلته التأسيسية اسم «جماعة التوحيد والجهاد»، فى العام 2004 ثم تحوله إلى «القاعدة فى بلاد الرافدين»، بقيادة أبو مصعب الزرقاوى كانت الاستراتيجية واضحة والتنفيذ محكما، فقد استخدم التنظيم «الرعب» كأحد أهم أسلحته فى الحرب النفسية، كما أجاد استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى الترويج لجرائمه الوحشية وبث مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعى تظهر الإعدامات وقطع الرؤوس، فضلا عن الاستخدام الاحترافى لتلك الوسائط فى اجتذاب المقاتلين والمتطوعين الذين لم يقتصروا على العرب، وإنما بدا التنظيم متعدد الجنسيات.

 

مختار بلمختار أخطر زعماء الإرهاب فى العالم
مختار بلمختار أخطر زعماء الإرهاب فى العالم

 

ولم يكتف «داعش» بقتال جنود النظام السورى، وإنما بدأ أيضا فى قتال قوات المعارضة ممثلة فى الجيش السورى الحر، ونفذ المزيد من الجرائم خلال تلك المواجهات، وبدأ سلسلة من التفجيرات والاغتيالات والخطف لقادة المعارضة، مؤكدا أن دولة الخلافة لن تقوم إلا بسحب الشرعية  من كافة المنافسين.. وقد واصل «داعش» تحرشه بالجميع  فى العراق وسوريا، وحاصر مدينة عين العرب- كوبانى  ذات الأغلبية الكردية فى سوريا، ونجم عن ذلك  تشكيل تحالف دولى يضم 60 دولة بقيادة أمريكا، حيث بدأت عمليات القصف الجوى على أهدافه فى الرقة وغيرها، أسفرت عن سقوط طائرة  الشهيد  الطيار الأردنى معاذ الكساسبة، الذى ارتكب «داعش» بحقه واحدة من أفظع جرائم القتل العلنى، عندما قام بحرقه حيا وتصوير تلك العملية وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعى ليكون العالم كله شاهدا على الجريمة البشعة، كما يضاف كل يوم المزيد من الجرائم التى يتفنن فى تنفيذها عناصر «داعش» فمن عمليات إعدام 21 رهينة مصرى قبطى  فى ليبيا وإراقة دمائهم فى البحر المتوسط فى مشهد سينمائى دموى يجسد وحشية ذلك التنظيم ومحاولته استخدام سلاح الرعب فى الحرب النفسية التى يخوضها ضد خصومه.

 

مؤسسة راند الأمريكية
مؤسسة راند الأمريكية

 

لم تقتصر جرائم هذا التنظيم البشعة على عمليات القتل والإعدامات الميدانية الجماعية، بل إنها تتضمن أيضا جرائم ضد الإنسانية، وبصورة تسىء إلى الإسلام بصورة غير مسبوقة، ومن ذلك جرائم الاغتصاب الممنهجة للنساء غير المسلمات، مثل المسيحيات والإيزيديات والأشوريات وغيرهن، فضلا عن الاتجار فى البشر عبر بيعهن كسبايا فى أسواق النخاسة!

ولم تقتصر الجرائم الداعشية على ميادين القتال والحرب، بل إنها نقلت الرعب إلى العديد من دول المنطقة عبر استهداف المصلين وتفجير المساجد، وبخاصة مساجد الشيعة فى السعودية والكويت واليمن وغيرها والتى سقط جراء تلك العمليات الانتحارية عشرات المصلين الأبرياء.

 

أبو بكر شيكاو قائد التنظيم فى 2010
أبو بكر شيكاو قائد التنظيم فى 2010

 

أغنى تنظيم إرهابى

واستطاع «داعش» أن يوفر لنفسه موارد مالية هائلة مكنته من تمويل عملياته الإرهابية ليس فقط فى العراق والشام، وإنما فى عدة دول أخرى مثل السعودية والكويت ومصر وتونس وليبيا وتركيا وحتى فى قلب أوروبا، فسيطرة التنظيم على ما يقارب ثلث سوريا وثلث العراق خلال شهور معدودة مكنته من الاتجار غير المشروع فى موارد نفطية  وغازية هائلة تقدر بعض التقارير عائداتها بنحو 300 مليون دولار  يوميا.. فضلا عن استيلائه على أموال البنوك والمؤسسات المالية فى المناطق التى يسيطر عليها، فقد استولى على سبيل المثال على مبلغ  420 مليون دولار بعد السطو على خزائن البنك المركزى بالموصل، ليكون بذلك «داعش» أغنى تنظيم إرهابى فى التاريخ، إذ تشير تقديرات عالمية إلى امتلاكه أصولًا بألفى مليار دولار، وهو ما يتجاوز ثروات دول بأكملها!

 

معاذ الكساسبة
معاذ الكساسبة

 

كما يتحصل «داعش» على أموال طائلة من عائدات  الضرائب والابتزاز حيث حصّل التنظيم حوالى 600 مليون دولار ضرائب فى العراق فقط خلال العام الماضى، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن مؤسسة «راند» الأمريكية، إذ يخضع لسلطة «داعش» نحو عشرة ملايين مواطن فى الأراضى التى يسيطر عليها،  كما تعتبر الآثار من الموارد المهمة للتنظيم، فبحسب بعض التقارير المتخصصة فإن التنظيم جمع 23 مليون جنيه إسترلينى من بيع قطع أثرية من النبق السورية، وفى العراق هيمن على آثار منتشرة فى «نينوى» حيث الحضارة الآشورية، ومتحف الموصل، وتم بيع الكثير من القطع الأثرية النادرة من مدن سوريا التاريخية مثل «تدمر» وتشير التقديرات إلى أن التنظيم يجنى سنويًا 200 مليون دولار من الآثار المنهوبة، فضلا عن تحصيل عشرات الملايين من الدولارات سنويا من عمليات الخطف وتحصيل فدية للرهائن الذين قام باختطافهم.

حاضنة فكرية عالمية

ولم يعد يقتصر دور تنظيم «داعش»  على مجرد تنفيذ العمليات الإرهابية والتوسع فى المنطقة العربية فحسب، بل بات يشكل حاليا حاضنة تكفيرية جهادية حول العالم، حيث أفادت لائحة أعدها المركز الأمريكى لمراقبة الجماعات المتطرفة «إنتلسنتر» أن 31 حركة جهادية فى العالم أعلنت مبايعتها لزعيم «تنظيم الدولة» أبى بكر البغدادي، فيما أكدت عشر مجموعات أخرى دعمها للتنظيم  وتتوزع على خارطة العالم على شكل أحد أطرافه فى الجزائر غربا  والطرف الآخر فى  إندونيسيا شرقا، وعلى الرغم من أن التنظيم الدموى لم يحظ بهذا الزخم من الدعم والمبايعة فى بدايته فإنه وعقب  إعلان زعيم داعش تسمية «تنظيم الدولة الإسلامية» فى أواخر يونيو 2014 فى مدينة الموصل العراقية وإقامة خلافة إسلامية وأطلق على نفسه اسم «الخليفة إبراهيم»، داعيا جميع المسلمين فى العالم إلى مبايعته وطاعته أعلنت مجموعات جهادية البيعة للخليفة المزعوم.

 

 

 

ومن أبرز تلك الجماعات التى أعلنت تبعيتها لـ«داعش» وباتت تنفذ أبشع الجرائم الإرهابية تحت شعار جماعة مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت المقدس (قطاع غزة وسيناء) وهى جماعة جهادية تتركز فى  قطاع غزة  وقامت بمبايعة داعش فى  فبراير 2014.

وهناك أيضا جماعة أنصار بيت المقدس فى سيناء، وهى جماعة إرهابية خطيرة فى شمال سيناء وأعلنت  مبايعة داعش فى  نوفمبر 2014، وقد نفذت العديد من العمليات داخل سيناء باستهداف معسكرات قوات الأمن المصرية أو باغتيال الجنود، ونجحت فى إسقاط مروحية عسكرية والهجوم على إحدى القطع البحرية التابعة للجيش المصري، إضافة إلى تبنيها عددا من التفجيرات بالسيارات المفخخة داخل القاهرة، مثل تفجير القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة، وتبنت مؤخرا تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، وهو ما لم يثبت حتى الآن.

 

 

 

كما بايعت داعش العديد من الجماعات والتنظيمات غير العربية، مثل حركة العدالة بانجسامورو «أنصار الخلافة» فى الفلبين، جماعة أبو سياف فى الفلبين أيضا، وجماعة أنصار التوحيد  فى إندونيسيا، وشبكة مجاهدى شرق إندونيسيا، وكتيبة أبطال الإسلام ببلاد خراسان وتنشط فى باكستان وأفغانستان وإيران، وجماعة أنصار التوحيد فى الهند «أسود الهند» وتنشط فى الهند وباكستان.

ومن الظواهر اللافتة فى تنظيم «داعش» التوسع فى استخدامه للنساء سواء فى مهام غير قتالية مثل ما بات يعرف بـ«جهاد النكاح»، حيث تتطوع النساء المنضمات للتنظيم بالزواج من عناصره، وقد تنتقل الواحدة منهن بين أكثر من مقاتل وأحيانا بلا زواج مثلما روت بعض الهاربات من جحيم التنظيم لاحقا، أو باستخدام الفتيات على نطاق واسع فى أعمال التوظيف والاستخبارات والدعاية، التى تجتذب عشرات الفتيات والشبان الغربيين للانضمام إلى التنظيم.

 

جماعة أنصار بيت المقدس فى سيناء
جماعة أنصار بيت المقدس فى سيناء

 

ولا يقتصر استغلال النساء الداعشيات على الخطوط الخلفية، بل يتم استخدامهن أيضا  فى تنفيذ عمليات قتالية، وبالذات فى أوروبا، ويعد الثنائى الذى شن هجمات باريس حياة بومدين التى شاركت فى الهجوم المسلح على صحيفة شارلى إيبدو الساخرة وعملية احتجاز رهائن فى المتجر اليهودى بضواحى باريس، وحسناء بولحسن المغربية الأصل التى شاركت فى الهجوم الأخير على باريس الذى راح ضحيته 130 شخصا أبرز وجهين نسائيين تقومان بهجمات.

 

جماعة التوحيد فى إندونيسيا
جماعة التوحيد فى إندونيسيا

 

«دواعش» من نوع آخر

ورغم استئثار «داعش» بالكثير من الأضواء كأخطر تنظيم إرهابى موجود فى عالمنا اليوم، وحشدت له العديد من الدول التحالفات وشنت فى مواجهته الهجمات، لكن ذلك لا يعنى أنه بات الوحيد الموجود على الساحة، فهناك جماعات وتنظيمات إرهابية لا تقل خطورة، بعضها مرتبط بالفعل بداعش ولكن فى مناطق أخرى من العالم، والبعض الآخر لا يرتبط بداعش ويفضل العمل خارج سيطرة التنظيم.

وتمثل «كتيبة المرابطين فى مالى» واحدة من تلك الجماعات الإرهابية الأكثر خطورة حاليا، لكنها لا تحظى بنفس التركيز المنصب على «داعش»، ويضم التنظيم  خليطًا من المقاتلين المنتمين لجماعة «التوحيد والجهاد فى غرب إفريقيا»، و«كتيبة الملثمين» التى يترأسها الإرهابى الجزائرى مختار بلمختار، المعروف بـ«الأعور»، وقد أعلنت الجماعتان الاندماج، وأطلقتا على نفسيهما اسم «المرابطون»، بعد قرار فرنسا تقديم الدعم المادى واللوجستى لإنهاء سيطرة المسلحين على شمال مالى.

 

تفجير مبنى الأركان فى دمشق
تفجير مبنى الأركان فى دمشق

 

وتبنى «المرابطون» الاعتداء الإرهابى الذى استهدف فندق «راديسون» فى باماكو عاصمة مالى، وراح ضحيته 120 شخصا من جنسيات مختلفة.

ويعد بلمختار، المولود فى الجزائر فى يونيو 1972 واحدا من أخطر زعماء الإرهاب فى العالم، وكان يتزعم «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى» قبل أن يتحول إلى جماعة «الموقعون بالدم» فى نهاية 2012، وقد أتقن بلمختار فنون الإرهاب وبناء تنظيماته، عندما شارك فى القتال فى أفغانستان وعمره لا يتجاوز العشرين عاما حيث فقد عينه اليمنى، وحمل من يومها لقب «الأعور».. وقاد بلمختار فى يناير 2013 عملية احتجاز الرهائن فى منشأة عين أميناس فى الجزائر والتى قتل خلالها 37 أجنبيا وجزائريا و29 من الإرهابيين منفذى الهجوم.. كما نفذت جماعته فى  مايو من نفس العام عمليتين متزامنتين بالهجوم على قاعدة عسكرية فى منطقة أغاديس، كبرى مدن الشمال النيجيرى، إضافة لشركة اليورانيوم الفرنسية آرافا فى منطقة أورليت، مما أدى إلى قتل 23 شخصا من بينهم 18 جنديًا نيجيريًّا وعدد آخر من الجرحى.

ولا يمكن فى هذا السياق إغفال جماعة «بوكو حرام» الإرهابية التى تتمركز فى الولايات الشمالية فى نيجيريا، فبالرغم من مبايعتها لداعش، لكن سجل تلك الجماعة الإجرامى يتفوق كثيرا على تنظيم الدولة، فهذه الجماعة التى يعنى اسمها «التعاليم الغربية حرام»، متهمة بقتل نحو سبعة آلاف شخص فى عام 2014 وحده، بينما كان داعش مسؤولا عن نحو ستة آلاف شخص، وفقا لدراسة أجراها معهد الاقتصاد والسلام العالمي.. كما أن الجماعتين ، وفقا للتقرير، مسؤولتان عن أكثر من نصف القتلى بسبب «الإرهاب» فى العالم، وتوصفان بأنهما الأكثر دموية على الإطلاق..وقد ضاعف ظهور الجماعتين من أعداد ضحايا الإرهاب فى العالم، ليتجاوز 32 ألف ضحية فى عام واحد وهو ما يمثل تسعة أضعاف ضحايا الإرهاب فى عام 2000.

 

أبو بكر البغدادى
أبو بكر البغدادى

 

ورغم أن الجماعة قامت فى بدايتها عام 1995 من أجل الدعوة، وقد ازدهرت كحركة غير عنيفة، لكن تولى محمد يوسف، وهو أحد الشباب الذين ارتبطوا بجماعة «الإخوان» فى نيجيريا كما أوضحنا سابقا، قيادة الجماعة فى عام 2002 شكّل نقطة تحول حقيقية فى منهج ومسار الجماعة، فتحولت إلى العمل الجهادى المسلح للجماعة ونفذت العديد من العمليات الإرهابية ضد الشرطة والجيش، إلى أن تم تصفية «يوسف» عام 2009 فى مركز للشرطة على أيدى قوات الأمن بعد أن تم اعتقاله فى معركة شوارع مفتوحة بين الأمن وشباب الجماعة.

وقد ذاع صيت جماعة بوكو حرام عالميا بعد سلسلة من الهجمات المنظمة على المدارس، واختطاف مئات الفتيات، وتخييرهن ما بين اعتناق الإسلام والبقاء مع رجال الجماعة أو قتلهن أو بيعهن سبايا، كما قامت الجماعة بحملة شرسة لتفجير الأسواق فى جميع أنحاء نيجيريا أسفرت عن وقوع المئات من الضحايا من مختلف الديانات والأعراق النيجيرية.

وشهدت الجماعة تحولات كبرى منذ عام 2010، وهو العام الذى تولى فيه «أبو بكر شيكاو» قيادة الجماعة وبايع تنظيم القاعدة وتلقى العديد من أوجه الدعم التى أدت إلى إضافة  تكتيكات جديدة أكثر عنفا ودموية فى تنفيذ العمليات تشمل وضع العبوات الناسفة، والاغتيال عبر إطلاق النار من مركبات مسرعة، بالإضافة إلى التفجيرات الانتحارية، فعادت «بوكو حرام» إلى ساحة الإرهاب  بسلسلة من الاغتيالات، والتفجيرات والعمليات الانتحارية الكبرى.

ولا يمكن أن نغفل أيضا وجود العديد من الجماعات الإرهابية التى تشبه تنظيم داعش، وإن رفضت الانضمام إليه، وهناك عشرات الجماعات التى نشطت فى سوريا والتى حولتها إلى جحيم حقيقى، ومن بين الجماعات الإرهابية التى تصدرت مشهد العنف فى سوريا «جبهة النصرة لأهل الشام» وهى منظمة تنتمى للفكر السلفى الجهادى، وتم تشكيلها أواخر سنة 2011 خلال الأزمة السورية وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح فى غضون أشهر من أبرز الجماعات.

ورغم أن المعلومات المتاحة عن تلك الجماعة ومصادر تمويلها تبدو محدودة فإن تقارير استخباراتية غربية ربطتها بتنظيم القاعدة فى العراق، ومعظم عناصر الجبهة عند تأسيسها كانوا من السوريين الذين قاتلوا سابقًا فى العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها، لكن انضم إليها لاحقا عناصر عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين، وتصنفها العديد من دول العالم كمنظمة إرهابية وفى 30 مايو 2013 قرر مجلس الأمن الدولى بالإجماع إضافة «جبهة النصرة» إلى قائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعة لتنظيم القاعدة.

ومن أشهر عمليات «جبهة النصرة» تفجير واقتحام مبنى قيادة الأركان فى العاصمة دمشق فى أوائل أكتوبر 2012 ، وتفجير مبنى المخابرات الجوية فى حرستا وأيضا نسف مبنى نادى الضباط فى حلب.

ورغم توجيه العديد من الضربات القاصمة لتنظيم «داعش» على يد التحالف الدولى الذى جرى تشكيله لقتال «تنظيم الدولة»، فإن العديد من الخلايا المنتشرة فى الكثير من دول العالم لا تزال تشكل خطرا كبيرا، إضافة إلى ما بات يُعرف بـ«الذئاب المنفردة» أى العناصر الفردية التابعة فكريا لداعش دون أن تكون لها صلات مباشر بجسم التنظيم، وهو ما يزيد من صعوبة مهمة الأجهزة الأمنية فى رصد وتعقب تلك العناصر.

وبالفعل نجحت تلك الذئاب المنفردة والخلايا المنتشرة فى العديد من الدول فى تنفيذ عمليات قتل وتفجيرات فى عدد من الدول الغربية خلال السنوات الأخيرة فى لندن وباريس وغيرهما، فضلا عن استغلال حالة الهشاشة الأمنية فى العديد من الدول الأفريقية للبحث عن موطن جديد ترحل إليه، فتوجد خلايا تابعة لداعش فى ليبيا ومالى والصومال ودول الساحل الإفريقى، فضلا عن وجود خلايا وشراذم للتنظيم لا تزال موجودة فى المناطق البعيدة عن سطوة الدولة السورية.

ولا يزال هناك المئات بل ربما الآلاف من العناصر الداعشية الموجودة فى قبضة الجماعات الكردية فى الشمال السورى، وبعضها لا يزال مقيما فى مخيم «الهول» فى سوريا، ويمثل «قنبلة موقوتة»، إذ ترفض العديد من الدول التى يحمل هؤلاء السجناء الداعشيين جنسيتها استقبالهم، وبالتالى يبقى هذا النمط من المخيمات/السجون ميدانا لاستمرار الحاضنة الفكرية الداعشية ووسيلة لاستمرار عمليات التجنيد، وهو ما ينذر بأن القول بانتهاء خطر داعش تمام، يحتاج إلى مزيد من التريث والتدقيق.