الأحد 3 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
حياتنا الموسيقية

حياتنا الموسيقية

الاهتمام بثقافتنا الموسيقية لا بد أن يقترن باهتمامنا بالثقافة الأدبية، والفنية، والسينمائية، وليست الثقافة الموسيقية هى الاكتفاء بتراثنا من الأغنيات العربية لكن الاهتمام بدراسة تراثنا من الموسيقى الشعبية، والموسيقى الغربية بمدارسها المختلفة من المدرسة الرومانسية حتى المدرسة الحديثة.



ومن أهم الذين حاولوا تقريب كلاسيكيات الموسيقى الغربية إلى الأذن العربية يحيى حقى فى كتابه «الموسيقى السيمفونية - دليل المستمع إلى موسيقى الأعلام».

وقد كانت الموسيقى الشرقية والغربية معا حلقة متصلة من متعة الأذن والقلب فى العديد من الأمكنة فى مصر بعد ثورة 1919، وما تلاها من سنوات فكان «كشك الموسيقى» فى حديقة الأزبكية يوجد به مكان لجلوس المستمعين، يمكنهم من الاستماع إلى عزف موسيقات عسكرية تتخلها معزوفات غربية، ويصف د. حسين فوزى فى كتابه «سندباد فى رحلة الحياة» ذلك: (حول كشك الموسيقى تعلمنا بعض مبادئ الموسيقى المتطورة، وأساليبها، وذلك بالحس وبالملاحظة المباشرة، بالعين والأذن وكثرة السماع».

وكانت دور السينما تقدم مجموعاتها الموسيقية وتعزف المختارات، كما كانت فنادق وكازينوهات القاهرة والإسكندرية تحرص على وجود عدد من خيرة العازفين.

ويذكر حسين فوزى أنه تعرف على السيمفونية السابعة لبيتهوفن فى سينما كليبر- ركن عماد الدين- ومن الجدير بالذكر أن التعريف بالموسيقى الكلاسيكية كان أحد مشروعاته الثقافية وذلك من خلال برنامجه «ديوان الموسيقى الكلاسيكية» فى البرنامج العام بالإذاعة المصرية منذ عام 1957 - 1966، فقدم نحو تسعين من أعلام الموسيقى من عصر «باخ» حتى القرن العشرين، وقدم سيمفونيات لبتهوفن، وبرامز، وهايدن، وموزار، ومندلسون.

ثم أسس البرنامج الثانى فى الإذاعة المصرية عام 1957، وقدم برنامجا أسبوعياً استمر فيه بالتعريف بالموسيقى الكلاسيكية.

أما يحيى حقى فنصح من يريد التثقيف بالموسيقى الغربية أن يبدأ بالعهد الرومانسى فهو أقرب إلى أذواقنا وينصح بموسيقى موزار.

وآمن يحيى حقى بأن لحظات العزف هى لحظات نادرة فى الحياة، والسعيد من حضرها، وكانت من نصيبه.

ومن المهم أن نذكر أن نجيب محفوظ كان يعزف على آلة القانون، وكان يعتز بما أحرزه الموسيقار محمد عبدالوهاب من مزج بين الموسيقى الشرقية والغربية ببراعة فأثرى موسيقانا.

نحن فى حاجة إلى أن نمتلئ بالموسيقى، وأن نسمعها فى محطات المترو، وفى النوادى، وفى المشافى الصحية، وفى المعارض الفنية، وأن نخصص أياما لطلبة المدارس والجامعات للاستماع الموسيقى فى الأوبرا المصرية.

وأرى أن تقدم الإذاعة المصرية من خلال الإنترنت أحاديث حسين فوزى عن الموسيقى، وكذلك أن يذيع التليفزيون برنامج «الموسيقى العربية» الذى قدمته رتيبة الحفنى.

وأن تنتشر «أكشاك الموسيقى» فى حدائقنا العامة.

إن هذه الحياة الموسيقية جديرة بأن تُعاش، لترسل إلينا أجمل الألحان والأفكار.

فاللحن كما وصفه يحيى حقى هو اللحظة المضيئة التى يستنير فيها الكون كله، ويتبين كل خفى، ويعود كل ماض، وينكشف كل مستقبل.