أيام فى شتوتجارت بجنوب ألمانيا
شباب مصر مبهر

ألمانيا: جيهان أبوالعلا
فى قلب مدينة «شتوتجارت» بجنوب ألمانيا مدينة السحر والجمال والصناعة والابتكار، مدينة المليونيرات والاختراعات وصناعة السيارات، قابلت وجوهًا مصرية شابة هى جزء من المشهد العبقرى المبهر فى ألمانيا.. ورد مصرى فتّح فى مختلف مجالات الابتكار والبحث، فأبهر العالم وليس الألمان فقط.. فهم محط أنظار مراكز بحثية وشركات عالمية تتسابق للفوز بهم.
شباب مصرى نظر للمجتمع الألمانى بعيون مفتوحة، لكنها غير مبهورة، فلم تمنعهم شدة الأضواء من الرؤية الصحيحة والتفوق والتميز حتى على الألمان أنفسهم فى أهم قلاع صناعاتهم التى تشتهر بها ألمانيا، من صناعة السيارات إلى صناعة الطائرات إلى البرمجيات والطاقة المتجددة والتقنيات الطبية الحديثة.

التقيت بنماذج تفرح القلب بإنجازها وحضورها المؤثر، وفخرها بمصريتها وقيمتها الإنسانية والحضارية والعلمية.. شباب امتلك أدواته واثق من خطواته ومحدد أهدافه، فى الوقت الذى اعترف فيه «أولفرام راسل» رئيس جامعة شتوتجارت، فى حوار معه، أن هناك عزوفًا من بعض الطلاب الألمان عن دراسة برامج محددة، قائلًا: «لدينا مشكلة لتحميس الطلاب لدراسة بعض البرامج مثل العلوم الطبيعية وتكنولوجيا المعلومات والعلوم التكنولوجية، ونحاول استقطاب الطلاب لدراسة هذه البرامج لتوفير المتخصصين، مضيفًا أنها مشكلة يعانى منها العالم، واعترف بأن الوضع فى مصر أفضل من ألمانيا، مؤكدًا أن فى ألمانيا الكثير من الإناث لا يفضلن دراسة العلوم الطبيعية بعكس مصر.
أول اللقاءات
بالتأكيد شىء يدعو للفخر وللزهو أن يكون أول لقاءاتك فى زيارة دولة أوروبية معروف أنها سابقة فى كل شىء مع أبناء بلدك النابهين من بين 2300 خريج مصرى منتشرين فى أهم وأميز مراكزها البحثية وجامعاتها ومصانعها ومشروعاتها القومية.. كان اللقاء مع أكثر من 15 شابًا منهم يتنافسون بل ويسبقون الألمان أنفسهم فى عاصمة المليونيرات، مهد صناعة السيارات، التى يوجد بها أهم وأعرق مصانع السيارات ومرسيدس وبورش ومصانع بوش للأدوات الكهربائية، وشركتا صناعة الحاسوب «هوليت باكارد» و«آى بى إم».
وبدأ كل منهم يتحدث عن أن رحلته من «مصر» إلى «ألمانيا» لم تكن سهلة، ولكنهم كانوا على قدر المسئولية، خاصة «رؤية» صاحبة «الرؤية».
بوجه صبوح وبملامح شديدة المصرية.. سمراء النيل، هكذا أطلقت عليها قبل أن أعرف أن اسمها «رؤية» وأن لها من اسمها نصيبًا، فقد سماها والدها بهذا الاسم تيمنًا برؤية الرسول عليه الصلاة والسلام فى المنام، يبشره بأنه سينجب بنتًا، وبالفعل كبرت البنت وأصبحت شابة لها رؤية وهدف وطموح قوى فى الحياة.

فإذا كانت «لطفية النادى» هى أول مصرية وعربية ترتاد مجال الطيران كقائد طائرة فى الخمسينات، فها هى الأيام تمر وتُعيد «رؤية مجدى عبدالغنى مجد» ارتياد المجال كأول مهندسة طيران مصرية وعربية.
المهندسة «رؤية»، شابة من خريجى الجامعة الألمانية بالقاهرة هندسة ميكاترونكس 2019، أول فتاة مصرية وعربية تقتحم مجال هندسة الطيران، بل وتطلبها شركة إيرباص كأول مهندسة طيران (بتاء التأنيث) بها لتتفوق حتى على الألمانيات أنفسهن.. تعمل مهندس التحكم فى الطيران ومرشحة من قبل معهد ديناميكيات نظام الطيران للحصول على درجة الدكتوراه.
حصلت على درجة الماجستير فى الفضاء الجوى من «جامعة ميونخ التقنية»، تعمل على مشروع طيارة إيرباص أكبر من الطائرة الحربية، وهى الفتاة الوحيدة فى فريق إيرباص المكون من الرجال فقط.

قالت لى: من صغرى وأنا شغوفة بدراسة الهندسة، وبالذات هندسة الطيران، ورغم أن والدى أستاذ بهندسة القاهرة، وكان أمله أن ألتحق بنفس كليته، لكن أنا اخترت هندسة الجامعة الألمانية، والتحقت بقسم الميكاترونكس وتفوقت فيه، وحصلت على منحة للتدريب فى ألمانيا وأنا طالبة، ثم منحة أخرى للدراسات العليا، واشتغلت فى المركز البحثى الألمانى للطيران، وقدمت للعمل فى «إيرباص»، وكانت الدهشة تعلو وجوه الممتحنين لى فى المقابلة الأولى، كيف لعربية تتقدم للعمل بها، فلا يوجد بها مصريون ولا أتحدث الألمانية بطلاقة وليس معى أى جنسية أوروبية.
وسألونى: ليه عايزة تشتغلى فى إيرباص؟ قلت: شغوفة بالمجال ومصدقة حلمى إنى أقدر أشتغل فى إيرباص، والحمد لله قدرت أثبت لهم إن المصرى أو المصرية يقدروا يشتغلوا فى أى مكان وأن المصرية تقدر ترتاد أى مجال جديد، وبالفعل كنت أول بنت مصرية تقتحم مجال علم الطيران، وإن شاء الله الإنجازات مستمرة فيه.
وتضيف رؤية: من صغرى كانت لى أنشطتى العلمية والثقافية، وكنت من مرتادى المكتبات العامة وشغوفة بالقراءة العلمية، وتعلمت اللغات من بدرى، وتفوقت فى الثانوية العامة، وأسرتى كانت داعمة لى ولطموحى باستمرار حتى الآن.
أكرم رائد الفضاء
لقائى الثانى، كان مع أول رائد فضاء مصرى فى وكالة ناسا الفضائية، الذى حقق فيها إنجازات بحثية كبيرة، وهو أكرم عبداللطيف، باحث مصرى بجامعة ميونخ التقنية بألمانيا، ويعمل بمركز الطيران والفضاء الألمانى، قبل إعلان وكالة «ناسا» عن التحاقه بها كأول رائد فضاء مصرى بها.
وهو كبير مهندسى الطيران للتصديق والتحقق بشركة بوينج (هى شركة أمريكية متعددة الجنسيات لصناعة الطائرات).
يقول أكرم: منذ صغرى كنت مهتمًا بمجال الفضاء وكل ما يتعلق به، كما كنت أحرص على مشاهدة أفلام الخيال العلمى التى تتعلق بالفضاء وكل ما يخصه، وكانت رحلة الصعود إلى الفضاء أمنية راودتنى منذ الصغر، سعيت وراء حلمى وتفوقت فى الثانوية العامة فى مدرسة تجريبية حكومية وحصلت على منحة دراسية بالجامعة الألمانية بالقاهرة، وبعدها حصلت على منحة من ألمانيا لاستكمال دراستى هناك فى هندسة الاتصالات، ومنها إلى هندسة الطيران، والتحقت بوكالة الفضاء الألمانية، وأيضًا فى جامعة ميونخ التقنية كباحث، وحصلت على درجة الدكتوراه فى ديناميكيات أنظمة الطيران من جامعة ميونخ التقنية، وكنت وما زلت أستقدم طلابًا من مصر ليعملوا معى فى هندسة الطيران، ومنهم «رؤية عبدالغنى» التى أصبحت أول فتاة على الإطلاق تشتغل فى المجال ده فى شركة إيرباص.

وعن عمله ومشروعاته فى «ناسا» قال: تم اختيارى عام 2015 من بين 8 فائزين للانضمام لبرنامج «ناسا بوسوم» القائم على تدريب الباحثين لأداء أعمال بحثية فى مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء الموجهة نحو الأرض.
وأجرينا تجارب علمية على المحطة الفضائية الدولية، منها تجربة لإرسال بروتين فيروس سى للفضاء لينمو بدون جاذبية ليساعدنا هذا فى فهم الفيروس، وأيضًا أجرينا تجارب لكشف المياه الجوفية فى الصحراء المصرية والعربية من خلال محطة الفضاء وما زلنا فى تجربة أخرى.
من الطيران للسيارات
من إبداعات الشباب المصرى فى مجال الفضاء والطيران إلى صناعة السيارات بألمانيا، طارق زكى مبتكر مصرى، شارك فى تصميم الفئة السابعة من سيارة بى إم دبليو، وهو صاحب الفكرة الأساسية للشاشة السينمائية الخلفية الجديدة بالسيارة.
يتولى منصبًا رفيعًا فى أهم شركات صناعة السيارات فى ألمانيا، فهو المسئول عن الإنتاج فى شركة بى إم دبليو الألمانية متعددة الجنسيات، التى تنتج السيارات والدراجات النارية.
وهو المسئول عن نجاح المنتج، والتركيز على تعظيم قيمته بناء منتج يلبى متطلبات العملاء، وهو المصرى الوحيد الذى حصل على جائزة علمية رفيعة المستوى، هى جائزة من معهد الإليكترونيات رقم 1 فى العالم، وهى جائزة تمنح أهم رسائل الدكتوراه بعد تقييمها.
تخرج زكى من الجامعة الألمانية بالقاهرة 2009 هندسة تكنولوجيا المعلومات، وسافر إلى ألمانيا، ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية، ودرجة الدكتوراه فى هندسة الإلكترونيات والمعلومات من جامعة «شتوتجارت».
أما ياسر شعيشع، مدير مشروعات فى شركة «بوش سينسورتيك»، وهى شركة فرعية مملوكة بالكامل لشركة متخصصة فى عالم الإلكترونيات الاستهلاكية، تقوم بتطوير وتسويق مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار والحلول والأنظمة للتطبيقات فى الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء والمنتجات المتنوعة ضمن إنترنت الأشياء.
تخرج فى كلية هندسة وعلوم المواد عام 2012، وحصل على درجة الماجستير فى الهندسة وعلوم المواد من الجامعة الألمانية بالقاهرة عام 2014، وحصل على درجة الدكتوراه فى الكيمياء الكهربائية من جامعة «أولم» عام 2019.
تكنولوجيا المعلومات
أما «إيمان بلال»، فهى فتاة مصرية أخرى ناجحة وبارزة فى ألمانيا، تعمل مدير إدارة العمليات بشركة SAP إحدى أكبر الشركات الألمانية الرائدة عالميًا فى إنتاج البرمجيات، وهى المسئول عن نجاح المنتج، والتركيز على تعظيم قيمته وبناء منتج يلبى متطلبات العملاء.
تخرجت فى كلية هندسة وتكنولوجيا الإعلام عام 2014، وحصلت على درجة الماجستير فى هندسة الحاسوب من جامعة فرانكفورت للعلوم التطبيقية عام 2017.
وعادل زعلوك، يعمل مدير إنتاج بشركة «ريد هات»، وهى شركة برمجيات عالمية تقدم حلولًا مفتوحة المصدر لتكنولوجيا المعلومات الخاصة بالمؤسسات.
وهو شخص مسئول عن الإحاطة بدورة حياة المنتج بأكملها، بدءًا من تصور فكرة المنتج وصولًا إلى إطلاقها بالأسواق، وما بعد ذلك.
تخرج «زعلوك» من كلية هندسة وتكنولوجيا المعلومات عام 2011، وحصل على ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية من كلية «كوانتيك» للأعمال والتكنولوجيا فى واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية.
أما عمر حمودة، فهو مستشار شركة «أركونديس»، أكبر شركة استشارية متخصصة فى علوم الحياة والرعاية الصحية فى سويسرا وألمانيا.
هو خريج كلية الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية عام 2013، وحصل على درجة الماجستير فى البيولوجيا الجزيئية من جامعة «هايدلبرج» فى ألمانيا عام 2016، وحصل على درجة الدكتوراه فى العلوم البيولوجية من جامعة هايدلبرج فى ألمانيا عام 2021.
ثم عمرو على، مهندس تطوير العمليات (معالجة المواد بالليزر) بشركة «شيردل» الألمانية التى تعمل فى مجال تكنولوجيا تشكيل المعادن وتجميعها وربطها وبناء الآلات والأدوات وتكنولوجيا الأسطح، وهو خريج كلية هندسة وعلوم المواد عام 2016.
حصل على درجة الماجستير فى هندسة المعادن وتكنولوجيا معالجة المعادن من جامعة رينيش ويستفاليان التقنية التى تعد من أفضل الجامعات الهندسية فى العالم بمدينة «آخن» بألمانيا.
أما أحمد زهران، فهو مهندس اختبار النظم والبرمجيات بشركة «كوالكوم»، وهى شركة أمريكية متخصصة فى مجال نظم الاتصالات، تخرج فى كلية هندسة وعلوم المواد عام 2011، وحصل على ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية من معهد «كارديف» بالمملكة المتحدة.
وكريم أرمانيوس، كبير مستشارى الأعمال فى مجال الذكاء الاصطناعى التوليدى بشركة روبرت بوش، خريج كلية هندسة وتكنولوجيا المعلومات عام 2014.
أما مخترع كروت الدفع البنكية، فهو المصرى هشام عمران، المؤسس المشارك لشركة الاستشارية وتكنولوجيا المعلومات المتخصصة فى الخدمات.
وهو شريك ومستشار تقنى فى شركة EasyCash، وهى شركة رائدة فى مجال التكنولوجيا المالية فى مصر، وتخرج فى كلية هندسة وتكنولوجيا الإعلام عام 2009، وحصل على درجة الماجستير فى المعلوماتية الإعلامية من جامعة رينيش ويستفاليان التقنية، أفضل الجامعات الهندسية فى العالم بمدينة «أخن» بألمانيا.
أما يارا محمد حسين، فهى مصرية سطع نجمها فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وهى مدير محفظة مشاريع تكنولوجيا المعلومات بإحدى الشركات الدولية، المتخصصة فى تزويد العملاء بحلول موفرة للطاقة وسهلة التشغيل للتدفئة والتبريد والماء الساخن، وهى خريجة كلية تكنولوجيا الإدارة – تخصص معلوماتية الأعمال عام 2017.
لما تعرف أن مدير أول سلاسل التوريد فى شركة بوش العالمية هو إيهاب عبدالعزيز، وأن الشركة تعتبر المورد العالمى الرائد فى مجال التكنولوجيا والخدمات.
إيهاب حصل على درجة الماجستير المهنى فى إدارة الأعمال تخصص اللوجيستيات وإدارة سلسلة التوريد، بجامعة فرايبيرج التكنولوجية فى ألمانيا.
أما كارين جورج.. فهى تعتبر عالمة فى تطوير العمليات بشركة كيورفاك، وهى شركة ألمانية تعمل فى مجال تصنيع المستحضرات الدوائية.
حصلت على درجة الماجستير فى الكيمياء الطبية والصيدلانية من الجامعة الألمانية بالقاهرة 2018، وحصلت على درجة الدكتوراه فى الكيمياء الطبية والصيدلانية من جامعة توبنجن بألمانيا.
لم تنته السلسلة بل ما زالت ممتدة سلسلة النجاحات والأسماء المصرية التى تثبت فى كل مكان وفى أى مجال مين زى المصريين إذا أتيحت لهم الفرصة للانطلاق.