الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كيف قادت مصر العالم فى القضاء على فيروس c

قصة نجاح عابرة للحدود

تجربة تدرس فى المحافل الطبية المتخصصة
تجربة تدرس فى المحافل الطبية المتخصصة

فى يومه العالمى، تطبق مصر استراتيجية عمل مؤسسى، للتغلب والقضاء على فيروس «سى»، الذى حصد أرواح الآلاف على مدار العقود الماضية، ولم يكن حصول مصر على الإشهاد الدولى، ودخولها كأول دولة المربع الذهبى بمنظمة الصحة العالمية، لالتزامها بضوابط مكافحة فيروس «سى»، وليد اللحظة، ولكنها معركة ممتدة نفذها جنود من الفرق الطبية، حملوا على عاتقهم إنقاذ الأرواح التى كان يفتك بها الفيروس اللعين.



عمدت الدولة المصرية فى البداية، إلى وضع خطة استراتيجية صحية شاملة طويلة الأمد، لتحقيق نظام صحى ووقائى قوى، أهلها لخفض معدلات الإصابة والوفيات، حتى أصبحت الدولة الأولى فى القضاء على هذا المرض، بعد أن كانت الأعلى فى معدلات الإصابة به.

وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمى لالتهاب الكبدى الفيروسى، أكد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، على أن نجاح مصر فى القضاء على فيروس «سى»، جاء نتيجة جهود استمرت لأكثر من 10 سنوات من العمل دون كلل أو ملل، وتكاتف وتعاون وتكامل بين كافة الجهات المعنية بداية من دعم القيادة السياسية، وجهود وزارة الصحة، ومراكز اكتشاف الفيروسات، واللجان العلمية التابعة للجامعات، وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.

وقال وزير الصحة، كان فيروس «سى» من أبرز التحديات الصحية التى واجهت مصر، حيث هدد حياة الملايين من المصريين، وكان لابد من توفير أفضل خدمات ورعاية طبية مجانية بمعايير عالمية، لضمان صحة المواطنين، وتحسين مؤشرات الصحة العامة، وتحقيق التنمية الصحية الشاملة فى مصر.

وأشاد بالتحول الذى أحدثته مبادرة «100 مليون صحة»، فى المشهد الصحى المصرى، حيث جعلت مصر سابقة عالميا فى مسار القضاء على الالتهاب الكبدى الفيروسى ومكافحته، ومثلت علامة بارزة فى مجال الصحة العالمية، وهو ما يعطى دفعة قوية لدول العالم التى تعانى من مشكلات صحية، حيث ساهمت المبادرة فى الوصول إلى معدلات شفاء تصل لـ99 %، من المرضى ما أنقذ حياة الملايين.

وأكد عبدالغفار أن هذا الإنجاز العالمى يمثل تتويجا للاستراتيجيات المصرية المبتكرة، والجهود والإرادة الجماعية للمواطنين والحكومة، كما أنه يضع على عاتق مصر مسئولية كبيرة، حيث تتوسع فى خبرتها لنقلها إلى الأشقاء بالدول الأفريقية، لتعزيز التعاون وتبادل المعرفة، وهو يؤكد استعداد مصر الدائم لتبادل الخبرات فى هذا المجال.

 أشار وزير الصحة إلى ضرورة زيادة التمويل العالمى، لسهولة الفحص والعلاج فى جميع أنحاء العالم، كما دعا المجتمع الدولى لتوحيد الجهود فى مكافحة جميع أشكال الالتهاب الكبدى الفيروسى، مشددا على مواصلة العمل للقضاء على الفيروس بحلول عام 2030، للتمكن من منع وفاة مريض واحد كل 30 ثانية بسبب مرض مرتبط بالتهاب الكبد.

لفت إلى خفض معدل انتشار الفيروس الوبائى من 10 % إلى 0.38 % فى غضون نحو 10 سنوات، بفضل الجهود الدؤوبة ودعم القيادة السياسية، إلى جانب تحسين الوقاية، والتشخيص، والعلاج، وصياغة خطة استدامة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، للحفاظ على ما تحقق من نجاحات، إضافة إلى إجراء تقييم شامل لآداء البرنامج المصرى عبر المجالات الأساسية ومنها، مسارات رعاية المرضى، وسلامة الدم والحقن، ومبادرات الحد من الضرر، ومراقبة الوفيات، وتطوير الاستراتيجيات لدعم الرعاية الاستثنائية.

 

 

 

من جانبه أشار الدكتور محمد حسانى، مساعد وزير الصحة لشئون المبادرات الرئاسية الصحية، إلى جهود القيادة السياسية فى تعزيز جهود الوقاية من التهاب الكبد، وتقديم نموذج عالمى فى مواجهة أمراض الكبد، والسيطرة على انتشار العدوى، سواء من خلال برامج تغطى سلامة الدم والحقن، وأخرى للحد من الضرر وزيادة الوعى العام، حيث حدثت عمليات نقل العدوى غير المقصودة، من خلال ممارسات الحقن غير الآمنة، فى محاولة للسيطرة على البلهارسيا.

وأوضح أن جهود لجان مكافحة الفيروسات الكبدية بدأت منذ عام 2006، من خلال دورها فى الاقتراب من مستهدفات منظمة الصحة العالمية فى القضاء على المرض، إلى جانب توفير شبكة من مراكز العلاج المتخصصة، ودرها فى الكشف المبكر وضمان توفير العلاج، والمبادرة الرئاسية لمسح فيروس سى والأمراض غير السارية، التى فحصت عشرات الملايين من المصريين، حتى حصولها على المستوى الذهبى للإشهاد من منظمة الصحة العالمية، بعد أن كانت أعلى معدلات الإصابة بالأمراض الفيروسية فى العالم.

أكمل حسانى، أنه فى عام 2014 تم اكتشاف أدوية جديدة مضادة للفيروسات، ووفرت الدولة فحوصات وعلاج التهاب الكبد بالمجان للجميع من خلال المبادرات الرئاسية، وتصاعدت جهود القضاء عليه فى عام 2018، بعد إطلاق مبادرة «100 مليون صحة»، ومنذ انطلاقها وحتى عام 2022 تم فحص أكثر من 60 مليون مواطن، وتلقى 4.1 مليون مريض علاج مجانى لفيروس «سى»، مشيرا إلى الاقتراب من الهدف النهائى فى القضاء على التهاب الكبد الوبائى سى، وهو الوصول إلى أقل من 5 لكل 100 ألف حالة جديدة سنويا، وكذلك تقليل الوفيات الناجمة عن المرض، وذلك بحلول عام 2030.

وأشار مساعد وزير الصحة، إلى وجود 5 عناصر رئيسية ساهمت فى نجاح برنامج مصر الوطنى، أولها توافر بيانات وبائية كافية وموثوقة، وبنية تحتية صحية عامة قوية، ورعاية شاملة وصلت إلى جميع قطاعات المجتمع، والتزام سياسى مع زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية، واستراتيجية شاملة وطويلة الأجل لالتهاب الكبدى الفيروسى، واستخدام الابتكار وتكنولوجيا المعلومات.

فى حين أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، على أن دفع وتيرة القضاء على فيروس «سى» يعد نموذجاً يحتذى به، واستطاعت مصر تغيير المعادلة العالمية، وهذا ما أكدت عليه الدكتورة حنان البلخى، المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية وإقليم شرق المتوسط، على أن وصول مصر للمستوى الذهبى فى مسار القضاء على فيروس «سى»، بعد أن كانت أكثر الدول تحملا لأعباء هذا المرض، هو بداية مرحلة جديدة يتعين فيها الحفاظ على مكتسبات هذا الإنجاز العالمى.

وأكدت البلخى، على أن مصر أصبحت ملهمة للدول التى تسعى لتحقيق الصحة العامة فى إقليم شرق المتوسط، ومشيرة إلى استعداد العديد من دول الإقليم، لإطلاق مبادرات وطنية للقضاء على التهاب الكبد الوبائى.

وعن دور القطاع الخاص مع الحكومة للقضاء على فيروس سى، كتوجه عام للدولة، أكد الدكتور ألان بامبا، نائب الرئيس التنفيذى لشركة عالمية للحلول التشخيصية فى أفريقيا، على أهمية مرحلة التشخيص فى المنظومة الصحية، وهو الكشف المبكر، باعتبارها من أهم ركائز القضاء على هذا المرض، حيث تتعاون وزارة الصحة مع القطاع الخاص فى وضع الحلول التشخيصية الدقيقة، بما يتماشى مع قرار منظمة الصحة العالمية فى مايو 2023، معربا عن سعادته بوصول مصر لهذه النتائج ذات المعايير الدولية.

فيما أشارت الدكتورة ليليان كنعان، مدير عام الشركة فى مصر وشمال أفريقيا، إلى خطة مصر الاستراتيجية فيما يخص الحلول التشخيصية، قائلة: نستمر فى التعاون مع وزارة الصحة والسكان، لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الالتهاب الكبدى الفيروسى، والحفاظ على النظام الصحى.

بينما اعتبرت إيفون باومان، سفيرة سويسرا لدى مصر، أن ما حققته مصر من نجاح، والالتزام والتطور فى نظام الرعاية الصحية، يعد نموذجا قويا، ومرجعاً للدول الأخرى التى تواجه تحديات مماثلة فى مجال الصحة العامة، وأثنت على الشراكات السويسرية التى تسلط الضوء على قوة العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين مصر وسويسرا.