الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

3 مليارات شخص حول العالم يعتمدون فى حياتهم اليومية على الموارد البحرية

«ناتج قومى».. أزرق

24 تريليون دولار ثروات البحار والمحيطات
24 تريليون دولار ثروات البحار والمحيطات

يعتمد أكثر من 3 مليار ات شخص حول العالم فى حياتهم اليومية والاقتصادية على الموارد البحرية بشكل أو بآخر، لذلك فهناك أهمية بالغة للاقتصاد الأزرق فى الطريق لمستقبل الصناعة والاستثمار.



وتغطى البحار والمحيطات أكثر من ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية، وتوفر أكثر من نصف الأكسجين فى العالم، كما تمثل نسبة تصل من 50 إلى 80 % من أشكال الحياة على الأرض، حيث تعتبر «الثروة السمكية» مصدر الأمن الغذائى لسكان المناطق الساحلية، ولكن يقف التلوث البيئى، وإدارة مصايد الأسماك بطريقة خاطئة، تحديًّا يعرِّض الثروات المائية للخطر الدائم. 

ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى الضوء نحو الاستثمار فيما يعرف بـ«الاقتصاد الأزرق»، ويدرج هذا المفهوم الحديث كثيرًا فى جدول الأعمال الدولى للتنمية، لتحديد كيفية استدامة الاستفادة من هذه الثروات، فى سبيل توطين أهداف التنمية المستدامة، والتصدى لمخاطر التغيُّرات المناخية.

وعرَّف البنك الدولى، الاقتصاد الأزرق، بأنه استخدام موارد المحيطات مع المحافظة على صحة نظامه الطبيعى، لتحقيق استدامة التنمية الاقتصادية، وتحسين سبل العيش،  كما يرتبط هذا النوع من الاقتصاد بكيفية إدارة الموارد المائية، من خلال رؤية استراتيجية واضحة، للحفاظ عليها والتى تعتمد على البحار، والمحيطات، والأنهار، والبحيرات، للقضاء على الفقر، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء، وخلق فرص العمل، مع ضمان التنوع البيولوجى.

 

3 مليارات شخص يعتمدون على الموارد البحرية

3 مليارات شخص يعتمدون على الموارد البحرية

 

صناعات الاقتصاد الأزرق

يحقق الاقتصاد الأزرق سنويا نحو 83 مليار دولار للاقتصاد العالمى، والرقم قابل للزيادة السنوية، حيث يمكن من خلاله توفير سبل العيش بميادين مختلفة، تشمل الشحن البحرى وما يتعلق به مثل النقل، وتوليد طاقة الكهرباء، والسياحة البحرية، والإنشاءات، والتجارة، والبحوث، وأنشطة التعدين، والصيد، وتربية الأحياء المائية «الثروة السمكية».

وفى مصر يمثل الاقتصاد الأزرق مصدرًا أساسيا للتنمية، ومصر تعتبر الأولى عالميًا من حيث الموقع الجغرافى، وتمتلك 4 آلاف كيلو متر من الشواطئ على البحرين الأحمر والمتوسط، وأهم ممر ملاحى «قناة السويس»، ونهر النيل، و 9 بحيرات، و 60 ميناء، ما يستوجب عليها أن تكون فى مقدمة الدول التى تعتمد على هذا الاقتصاد، باستغلال موارد تلك الثروة المائية بشكل جيد، وتحويل الموانئ المصرية إلى لوجيستية.

وناقشت «صباح الخير» بعض الخبراء للتعرف على أهم الفرص والتحديات، وهم ممن لديهم رؤى استراتيجية حول كيفية الاستفادة من الاقتصاد الأزرق، والمساهمة فى تحقيق النهضة التنموية.

قال اللواء بحرى محمود متولى، الخبير الاستراتيجى: إن ما يُعرف بـ«الاقتصاد الأزرق»، يقوم بدور متزايد فى التنمية المستدامة للعديد من دول العالم، حيث تبلغ مساهمته فى الناتج العالمى 2.6 تريليون دولار سنويًا، كما تقدر أصول ثروات البحار والمحيطات بنحو 24 تريليون دولار، وهى أكبر من أصول أكبر 4 صناديق سيادية فى العالم، بإجمالى 3.079 تريليون دولار.

وأضاف متولى: إن مشروعات «الاقتصاد الأزرق» تتصدر أنشطة العالم وخاصة البحرية، خصوصًا أن هناك 4 مكونات رئيسية للمنظومة الاقتصادية ترتبط بقوة الدولة فى البحر، أولها الثروات المرتبطة بالبحر، وأهم تلك الموارد فى مصر البترول، والغاز الطبيعى، والثروتان السمكية والمعدنية، وطاقة الرياح والأمواج، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وثانيها، كل ما يعمل بالبحر لاستخراج هذه الثروات، مثل المنصات العائمة «البترول والغاز» وسفن خدماتها، وسفن الأبحاث، وأسطولى الصيد، والتجاري، وثالثها، فى كل ما يعمل على الأرض لخدمة هذه الأنشطة، مثل الموانئ، واللوجيستيات، وشبكة الطرق والكبارى والمحاور البرية، التى تربط الموانئ بمناطق الإنتاج، والصناعات البحرية سواء كانت الترسانات لبناء السفن، أو ورش لصيانتها وإصلاحها، أو الصناعات المغذية.

ورابعها، مؤسسات إعداد وتدريب الكوادر التى تعمل فى البحر، والقوى العسكرية التى تحمى وتؤمن تلك المنظومة والتى تعرف بـ «قوة الدولة فى البحر».

وأكد اللواء متولى، أن ثروات البحر والأنشطة المرتبطة به، هى القوة التى تهدف إلى التنمية المستدامة، ولذلك فهى مرتبطة بأمن مصر القومى.

وأضاف: تمتلك مصر سواحل بطول البحرين الأحمر والمتوسط حتى خط عرض 22، وسواحل سيناء من السويس وصولًا إلى شرم الشيخ وحتى طابا، موضحًا أن تلك السواحل، هى مناطق على الأرض يوضع عليها خط الأساس، ويحتسب منها المنطقة الاقتصادية، وفى حالة وجود دولة مجاورة ينقسم المسطح المائى للمنطقة الاقتصادية بين الدولتين، مثل وضع مصر مع اليونان، وقبرص، والمملكة العربية السعودية، والأردن، مشيرا إلى تقدير تلك المنطقة الاقتصادية فى البحر بالنسبة لمصر، والتى تصل مساحتها إلى 13.5 مليون فدان، ويصل الفدان إلى 4200 متر، فى حين أن مساحة الأرض الزراعية تصل إلى 6.5 مليون فدان، أى أن المساحات الاقتصادية فى البحر ضعف الزراعية، وهذا يعنى أن مصر دولة بحرية أو «بر مائية».

الثقافة البحرية

من جانبه قال المهندس وائل قدور، الخبير البحري، عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس سابقا: إن رؤية مصر الاقتصادية الواضحة تعمل على تحقيق الاستفادة من تنوع أنشطة الاقتصاد الأزرق، ونشر الثقافة البحرية، والفائدة التى تعود منها، مشيرًا إلى أن 30 % من الناتج القومى لدولة فيتنام مبنى على الاقتصاد الأزرق، وفى الصين يمثل 10 % كما توفر 34 مليون فرصة عمل.

حسب الدراسات الحديثة توفر مصايد الأسماك مصدر غذاء، كما تخلق فرص عمل من الأنشطة الجديدة التى تطرحها، مثل استكشاف حقول الغاز والبترول، وحقول وتنمية الطحالب لاستخراج الوقود الحيوى، ثم استخدامها كأعلاف للأسماك، وكذلك الاستفادة منها فى بعض أنواع الأدوية لعلاج السرطان. 

واكتشافات البترول والغاز، جزء من الاقتصاد الأزرق، و30 % من إنتاجهما عالميا يكمن مصدره فى البحار، ويدخل ضمن أنشطته النقل البحري، والموانئ، وطاقة الرياح، وتحلية المياه، وسياحة الشواطئ.

تطور المفهوم

قال الدكتور محمد على إبراهيم، أستاذ الاقتصاد، والعميد المؤسس لكلية النقل الدولى واللوجيستيات، رئيس الجمعية العلمية العربية للنقل، إن مفهوم الاقتصاد الأزرق على قدر عال من الأهمية خصوصًا مع ما تمثله  الموارد المائية من 75 % من أرجاء المعمورة، وهى المسئولة عن الأكسجين على سطح الأرض بنسبة تتراوح بين 50 و 80 %، كما أن نسبة التجارة العالمية التى تنقل من خلال البحار تصل إلى 80 %، بالإضافة إلى التجارة الداخلية عبر الأنهار، والسواحل، والبحيرات، مشيرا إلى أن هناك ما يقرب من 17 % من الأنشطة مرتبطة بالنقل البحري، وتقدر قيمة أصول الاقتصاد البحرى العالمى بـ24 تريليون دولار.

وأضاف «هناك العديد من الدول، تحقق نسبة من إجمالى الناتج المحلى من مجال الاقتصاد الأزرق، مثل الصين التى تمثل 10 %، ويقدر مساهمته فى الناتج الإجمالى المحلى العالمى بـ3.5 تريليون دولار فى السنة، ومتوقع تضاعفه بعد 2030، مشيرا إلى ما ذكره البنك الدولي، بأنه من المتوقع أن 30% من الناتج المحلى العالمي، قد يكون مصدره الاقتصاد الأزرق».

وقال تمتلك مصر آلاف الكيلو مترات من الشواطئ، وهى فرص للأنشطة الاقتصادية الزرقاء.