الإثنين 9 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قراءة فى رواية حفيف حيفا لرنا أشرف

‎كتابة برائحة الشمس

ريشة: محمود سليمان
ريشة: محمود سليمان

 

تبدأ هذه الرواية بتمرد بطلتها على نفسها فتعلن ثورتها على تفاصيل يومها، وتكتب أول خطاب تمرد لحياتها، فتقول: «حياتى صديقتى العزيزة التى أحياها مرحبا، أدرك جيدا أننى لم ألقك منذ جيل بعيد، ولكن اعذرينى، وارفعى غضبك عنى».. ثم تنهى خطابها فتقول: «صديقتى «حياتى» أود فقط أن ألفت انتباهك أننى أعانى فاعذرى عدم استمتاعى بوجودى معك».



بهذه الكلمات تبدأ «تالين» مغامرة وجودها الذى تريده أن يكون مسئولا، ومغايرا لما ترسمه لها أسرتها، خاصة أمها، وخطيبها «سمير» الذى لا يشعر بها حتى وهى تبكى إلى جانبه.

وبهذه البطلة التى تريد أن تشق لنفسها حياة جديدة، تبدأ رواية «حفيف حيفا» للكاتبة المصرية رنا أشرف، الرواية صدرت حديثا عن «دار دييير» للنشر والتوزيع.

تمضى «تالين» فى رحلة اكتشاف ذاتها فتكتشف العالم ورائحة الشمس، تستحضر شخصية عمتها «سميحة» التى تمردت على أوامر أمها التى رغبت فى تشكيل حياتها، فرفضت سفرها إلى «فلسطين»، فى عز الحرب بعد أن تزوجت «رضوان» الشاب الفلسطينى الذى ارتحلت معه إلى مدينته «حيفا».

كان حفيف أوراق الكروم فى «حيفا» كموسيقى تسمعها «تالين» فى لحظات تأملها، تنصت إليها، وتصنع منها لحنها الخاص.

لقد اختارت عمتها حياتها بجرأة، وارتبطت بمن تحب، بل ارتبطت بقضية وطن نحبه، «فلسطين» التى نحمل لها هذا الحب العميق الذى يسكن القلوب بعروبته، وانتمائه.

مغامرة السفر

حفيف أوراق الكروم، وصوت العمة المحب، وكلمات والد «تالين»، كل شىء يدفعها نحو مغامرة السفر واكتشاف الذات، يقول أبوها: «أنت شبه عمتك «سميحة» فى كل حاجة، طول عمرى بقول كده، أنت وهى أرواح ربنا بعتها عشان تعمل طعم للحياة».

اتخذت «تالين» قرار السفر، وساعدها على ذلك وجود رحلة عمل مع بعض زملائها إلى «فلسطين» وستكون مشرفة الرحلة التى تستمر عشرين يوما كما أخبرها «كمال» أحد موظفى شئون العاملين.

لم تشر الكاتبة إلى زمن أحداث الرواية، ولكن يرجح أنه فى الفترة من «1979- 1987».

قرار «تالين» بالسفر إلى فلسطين، أخاف أمها فهى تخشى أن يصيبها مكروه، أو تفقدها إلى الأبد فى سجون إسرائيل.

لكن الأب يشجع ابنته على السفر، ويطمئن الأم بأن «تالين» قد تعود أكثر سعادة، أو تجد «شغفها هناك»، ووجود أخته سميحة إلى جانبها سيكون مصدرا للأمان.

ولتأمين سفر «تالين» اتفق «آدم» صديق طفولتها، وزميل دراستها مع أبيها على أن يسافر معها على الرحلة نفسها، وأن يرعاها فى هذا السفر، فوافق الأب لثقته فى «آدم» الذى نشأ فى كنف أب كريم الخلق، ارتبط بصداقة طويلة معه وأسرته.

 

 

 

سافرت «تالين» ومعها «آدم» وكانا على اتصال بالفوج المسافر إلى «حيفا» والمكون من زملاء «تالين» فى العمل.

وعندما وصلا، حاولا الاتصال بالعمة «سميحة» وزيارتها، ويبدآن معا حياة جديدة عامرة بالاكتشاف، والفهم العميق لذواتهما على المستوى الشخصى والعام، فيزداد ارتباطهما بحب «فلسطين» الأرض والناس.

«آدم» شاب مصرى، من أب مصرى وأم أمريكية، يجمع فى شخصيته بين سمات الرجل الشرقى، والرجل الغربى معا، فقد عاش فى مصر، وعاش عدة سنوات فى أمريكا، وهو يشعر بعاطفة قوية تجاه «تالين»، ويود لو يفصح لها عن هذه العاطفة الجامحة، لكنه يتمسك بشرقيته فلا يبوح لها بحبه، فهو يدرك رغبتها فى التحرر من قيود عائلتها، وقساوة معاملة خطيبها «سمير» لها، مما اضطرها لفسخ الخطبة، يريد لها «آدم» أن تختار حياتها بحرية، وأن يكون قرارها العاطفى وليد تفكيرها، واقتناعها فوقف على مسافة حب من قلبها، يرجو ورده، ويخشى شوكه.

 

مدينة حيفا قبل النكبة بعام واحد فى 1947
مدينة حيفا قبل النكبة بعام واحد فى 1947

 

حيفا عربية

وتصف «تالين» لحظة بلحظة وصولها لحيفا، وطابع المدينة، ومساكنها، وشوارعها، وفنادقها فترصد ما حدث للمدينة من تغييرات بسبب الاحتلال، فالفندق الذى ستقيم فيه مع الفوج المسافر هو فى الأصل منزل عربى فلسطينى، استولت عليه سلطات الاحتلال فتقول:

«الفندق منزل عربى قديم، قال عامل الاستقبال العربى إن هذا المنزل كان لأسرة كبيرة قبل الاحتلال، وكانت كل المساحة المجاورة من منازل ومحال وغيرها ملكا لصاحب المنزل ومزرعته التى كانت تنتج أفضل ثمار العنب فى «فلسطين».

مزرعة الثرى العربى وقعت فى وسط «حيفا» ووقفت كحائل يثبت عربية «حيفا»، فاعتدت قوات الاحتلال كل يوم على مزرعته، ونهشت جزءا، وتركوا له منزله فقط، ما يؤرقهم ليس امتلاكه لتلك المساحة فى وسط «حيفا»، بل أرقهم حقا سيطرته على جزء كبير من العمالة الفلسطينية وأسرهم، لأنهم كانوا يشكلون قوة لابد أن تتفتت، فتتوا ملكيته، وتركوها حطاما، فهجم صغار المزارعين عليها، وحولوها لدكاكين ومنازل صغيرة.

إلا أن شجرة تحمل رائحة صاحب المنزل لا تزال على إصرارها أن تنمو داخل البيت، رغم أنها خارج السور، وبيت المزرعة لا يزال ملكية لعرب.

 

مدينة حيفا 1937
مدينة حيفا 1937

 

ولاحظت «تالين» أن هذا الفندق أو المنزل العربى من طراز بدوى فلسطينى، لكن كل ما فى ثلاجات الفندق فى غرف النزلاء مكتوب عليه باللغة العبرية «زجاجات المياه، والحلويات المغلفة.. كل محتويات الثلاجة صناعة إسرائيلية».

ترسم «تالين» صورة للحياة فى «حيفا» من خلال مشاهداتها فتقول: «حيفا» محل صراع مثل «القدس» و«غزة»، وباقى مناطق الضفة الغربية، كنت أظن أن الوضع هنا سيتشابه مع الوضع فى باقى المدن، لكن إعلانها جزء من إسرائيل قد شكل اختلافا».

وحيث الصمت مجرد قشرة تخفى انفجارا داخليا، ترصد «تالين» الصراع الدائر بين الفلسطينيين، والمستوطنين المتطرفين، بل ترصد الصراع بين العائلات اليهودية ذات الأصول الشرقية «سفارديم» والعائلات اليهودية ذات الأصول الأوروبية «الأشكيناز».

وعلى الرغم من محاولة الاحتلال الإسرائيلى تغيير ملامح «حيفا» الاقتصادية، والافتئات على حدائقها، وهدمها، إلا أن موسيقى الأرض لاتزال تنبعث فى الجذور، وتتبرعم فى قلوب أهلها، ومن شهادات أهل «حيفا» عما حدث لحدائقها كما وثقتها «تالين»:

«حيفا» كانت حقول عنب وموالح متجاورة، أرضها شديدة الخصوبة، وشمسها ملائمة للنباتات، أما «ها الحين» فهى قليلة جدا، حقول الموالح، كلها راحت، اتهدمت، وانبنى مكانها مصانع ومشروعات ضخمة، «عنَّا» حقول عنب قليلة قريبة من البحر وصغيرة فنسكت، ونقول: أيام!

 

 

 

حكايات العمة «مصرية»

وتسجل «تالين» أيضا حكايات عمتها «سميحة» التى يناديها أهل المزرعة باسم «مصرية»، فهى القادمة العزيزة من مصر، ومتزوجة من «رضوان» الفلسطينى عاشق الأرض، فتقول «مصرية»: «العنب زى الأطفال، النبات عموما بيحس بصاحبه، لكن العنب يحتاج عناية بحب وونس، إذا الهوا بارد، حبات العنب «تبوظ» وتفسد، لازم نحافظ له على درجة حرارة معينة، ما يبردش فيها، العنف بيخاف من الوحدة، وأى شىء خايف طعمه خسيس، أو مالوش طعم أصلا، بنولع المشاعل على حسب البرد، ونقعد هنا نتابع البرودة، لو زاد البرد نزود المشاعل، وربنا يلطف، لو الدنيا ثلجت زى السنين اللى فاتوا، بنضطر نوزع الحرارة بنفسنا، ونتحرك فى الكروم زى الأشباح خايفين، خسارة محصول العنب طعمها مر، مش عشان وجع الفلوس، لا، ده وجع عدم الاهتمام».

وتنجح «رنا أشرف» فى روايتها أن تبرز ارتباط أبطالها بالأرض، فها هى بطلتها «تالين» تصبح جزءا من لحن الأرض، وتعمل مع أهل «حيفا» فى تلك القرية فى رعاية عناقيد العنب، والاحتفاء بها وتدليلها فتقول على لسان بطلتها:

«قضينا أول اليوم فى رعاية الكروم الذى بدأ به العد التنازلى، الرجال يتوافدون يجمعون صناديق خشبية، ويصفونها أمام صفوف الكروم تجهزا للحصاد، يعدون موائد مستطيلة طويلة، بجوار النافورة، ينظفون النافورة جيدا، يبدأون السقى سيقل، ويستمرون فى تقليم وتدليل عناقيد العنب الملونة».

 

مدينة القدس والمسجد الأقصى وما حولهما أربعينيات القرن الماضى
مدينة القدس والمسجد الأقصى وما حولهما أربعينيات القرن الماضى

 

مفاتيح الحياة

وترسم الساردة صورة لسمات الحياة الاجتماعية فى «حيفا» من تضامن الأهلين، ويظهر هذا الود، وتلك المحبة فى مناسبات الأعراس، حيث تتعهد النساء الفلسطينيات بتطريز أثواب العروس، وتجهيز ملابسها، وتزيين لحافها بالنقوش والرسومات الجميلة، وقد أحبت «مصرية» هذه التقاليد فى الاحتفاء بالعروس، والفرح بإهدائها مفاتيح الحياة فتحكى «مصرية» لابنة أخيها «تالين» عن ذلك فتقول: (لسة بنتجمع لما يقرب عُرس فى الضيعة، ونخيط للعروسة لحافها، عيلة عمك «رضوان» ورثوا العادة دى».

ثم تريها لحاف عُرسها، وتشير إلى ما به من رسومات فتقول: (كل ست أو بنت بتخيط اللى بتحبه فى حياتها أو اللى بتتمناه لبداية حياة جديدة، وسط اللحاف المدوَّر بتخيطه واحدة، ببيختاروها ممكن تكون أقرب واحدة للعروسة، وممكن تكون أكبرهم فى السن، وممكن تكون علاقتها بكل الستات كويسة وبيحبوها فيختاروها، بتخيطه آخر حاجة بعد ما تسأل كل واحدة عملت إيه فى الجزء بتاعها، وتجمع الأيقونات فى القلب على أرضية قماش لونها أبيض أو سُكَّرى، دى «أم يعقوب» عاملاها، كانت لسه عروسة جديدة، خَيَّطت قلب أحمر، وورقة توت خضراء، وكف طفل صغير وردى، كانت جميلة وهاوية وعيونها هادية، و«أم رضوان» رسمت حمام أبيض وورد أخضر، وعنقود عنب بنفسجى، وبنت بفستان طويل وشعر أحمر، ملخص حياة وتجارب هدية للعروسين، أعتقد أن قمة الصفاء هى إن شخص يهدى شخص تانى نظرته للحياة، جميل إن كل واحدة بتدى للعروسة مفتاحها ومفتاح حياتها.

سر الغضب

هذه الحياة الثرية التى عاشتها «تالين» فى كنف عمتها «مصرية» جعلت قلبها يتفتح للانفتاح على الآخرين، ومع حفيف أوراق الكروم توهجت مشاعرها وأقلبت على مرحلة جديدة من حياتها، فهى تخلص لأنوثتها محاولة اكتشاف نصفها الآخر، هل هو «آدم» صديق طفولتها الذى حرص على مرافقتها فى رحلة السفر حُِبا ورغبة فى حمايتها، أم «يوسف» الفلسطينى الذى علمت أن أمه فرنسية، تعمل دبلوماسية فى فرنسا، أما «يوسف» فقد درس الكيمياء، وهو يمتلك بعض مزارع الكروم، كما درس الهندسة المعمارية، ويتجمع فى بيته أهل الضيعة، فيعقدون الصالونات الأدبية، والعمة «مصرية» وزوجها «رضوان» من مؤسسى صالون «يوسف» الأدبي.

هذه الواجهة البراقة فتنت «تالين»، أما يوسف فقد فتنة جمالها.

وتسأله «تالين»: لماذا احتفظت بالجنسية الإسرائيلية؟!

فصارحها بأن أمه فرنسية إسرائيلية، لكنها عمرها ما زارت إسرائيل، وأفصح لها عن معاناته فقال لها عن سر غضب «يعقوب» منه: (يتهمنى دايما إنى جزء من الكيان الإسرائيلى مع إن أبويا فلسطينى».

فتعيد «تالين» سؤالها: (طب ليه ماتنازليتش عن الجنسية الإسرائيلية أو رفضتها؟!

فيقول: (عشان إحنا فى «حيفا»، وبتسهلنا حاجات كتير جدا، تحركات وسفر وتوقيتات، ثم إن معظم «حيفا» اتجنست بالجنسية الإسرائيلية وعرب 48، ويمكن بسبب شغلى وتجارتى محتاجها، ثم إن إيه الفرق أبويا وجدودى فلسطينيين مسلمين، وأنا إنسان طبيعى.

تقترب «تالين» من عالم «يوسف» من خلال صالونه الأدبى فتتعرف على «لافى» التى تزوجت «افراهام» ومع ذلك فهى تحوم حول «يوسف» دائما، وتغار من قربه من «تالين»، التى يشغلها وضع «يوسف» فعمتها وزوجها يشاركانه، ويزرعان له مقابل حصته فى المزرعة، يدور فى بيت العمة ويقبل يدها، ويعدها أمه، وينتمى لكيان المزرعة. لكن «يعقوب» يراه متصهينا، يزرع نفسه داخل عالم المزرعة.

لماذا تطلقون النار؟

وفى رحلة إلى «الخليل» يسافر «آدم»، و«يوسف»، و«تالين» وتتطلع «تالين» إلى شوارع ثائرة فى «الخليل» تعج بالمظاهرات والغضب من الاحتلال فتقول: «البعض ممن يسيرون وكأنهم يملكون أنهارا وأقمارا، حوائط بألوان متمردة، تسقط الاحتلال، شال عربى منتشر إما أبيض وأسود على الأكتاف، أو فوق الرأس، رجال أشداء، مظاهرات واعتراضات، بيوت ودكاكين مزدحمة، شجر زيتون فى الطريق، رائحة الشمس، على الحجر، نساء بوجوه مقسمة لحدود ومستوطنات، ومصادر ابتسامات، لافتات باللغتين العربية والعبرية، وأسوأ ما أراه جنودا إسرائيليين يتجولون مصوبين أسلحتهم فى وجه من هو قادم تجاههم، كثيروا العدد، يتخذون وضع الاستعداد للهجوم، علام الهجوم؟ ولم الهجوم؟!

ويحاول «يوسف» الدفاع عن موقف جنود الاحتلال بحجة أنهم يحاولون حماية أنفسهم من هجوم الشباب الفلسطينيين، لكن تتكشف الأمور لتالين، عندما يرفع أحدهم سلاحه، ويطلق عدة طلقات من الرصاص، فيقترب رجل فلسطينى مُسن ينهاه عن ذلك، ويصرخ فى وجهه: (لاتطلقوا النار، لم تطلقون النار؟ لماذا تقفون هنا؟ لا ترفع السلاح على الأطفال، أنت خذ جنودك من هنا، ألا تخجل من نفسك؟ لم ترفع السلاح فى وجه الأطفال؟، ماذا تريدون؟ اليوم دفنا ولدين شهداء.

فأمره جندى آخر أن يمضى بعيدا، وآخر يدفعه فى صدره.

وهنا أصر «يوسف» أن يتحركوا بسرعة ويغادروا المكان، وكأنه يعرف أن الأمر على مشارف كارثة. يريد ألا تراها «تالين» و«آدم» و«يعقوب».

وفى مشهد مأساوى، يصور الرجل المسن الغاضب، الثائر على جنود الاحتلال وعلى إطلاقهم الرصاص بلا سبب، والذى يفكر فى العودة بعيداً عن الجنود اللذين لم يستجيبوا له، ففاجأوه بطلق نارى مدو، ثم تبين أن قناصة معتدون يصاحبونهم، قد فعلوا ذلك.

وارتفع صوت يوسف مخاتلا مكذبا يقول:

- لا نعلم إن كانت أصابته طلقة نارية أم أنه سقط من شيء ما!

فتمنى الجميع له أن يصمت، وكظم «يعقوب» غيظه إلى حين.

تتساءل «تالين» عما يحدث، وكيف أمكنهم معايشة هؤلاء القتلة؟

فى ليلة الحصاد

وتصور الساردة ما حدث من دوى انفجار هائل اشتعلت له السماء فى ليلة الحصاد، وقرب قطاف العنب، توالت الأعيرة النارية، وصراخ «مريم» زوجة «يعقوب» لاينقطع، وأمه تهتف بهم: «يعقوب» مازال فى «الخليل» حضروا العرس للى راح شهيد.

ثم صارت تتهم «يوسف» وتسبه، وتقول:

(خوانك الغدارة قتلوه، قوم وارقص يا كلب، حَرِّك اكتافك، هيك هيك، وقول: غار اليعقوب).

قالت إنها عرفت أنه شهيد من يوم ما قال لها أن «يوسف» أبلغ الأعداء بعنوانه حتى لايقصفوه.

تقدمت «أم يعقوب» الغاضبة، وحاولت أن تقتنص عينا «يوسف» فيبعدها «آدم» عنه، جرحت وجه «يوسف» وقفز من سباته محاولا صفعها، وتدخل «رضوان» يزجره ويحاول إبعاده، وبسرعة خاطفة ظهر «يعقوب» ليذود عن أمه، وصائحا بيوسف:

(إنت هون بقلب عرب أشراف، بتتصهين بالخفا، بقطع نفسك بالدنيا هلأ).

اشتعل الموقف، ومع كل عيار نارى تضرب العمة (مصرية) الأرض بعصاها منذرة متوعدة.

تسبب «يوسف» فى مقتل أحد الرجال عن طريق الخطأ، فهرب إلى فرنسا، وتزوجت «تالين» من آدم، وأنجبت «ريم» التى تخاطبها أمها فى رسالة فتقول: (إلى ريم: تلك فلسطين التى سكنت قلبنا، وظللت به.

لن ألفت نظرك لكيف استوطنتنا، حتيما ستشعرين بها بقلبك مثل كل من فعلوا من قبل).

(سأخبرك فقط أننى كلما أتيت هنا، حَنَّ رحمى لجنين جديد ألده فلسطينيا).

... «حفيف حيفا» رواية كتبتها «رنا أشرف» برائحة الشمس، وحب الأرض، وعمق الانتماء لقضية عربية عادلة، تطالب بالحرية لفلسطين.