السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
الأفروسنتريك.. والهوية المصرية «1»

الأفروسنتريك.. والهوية المصرية «1»

أطلت علينا خلال الشهور الماضية عدد من الأحداث التى جعلت اسم «الأفروسنتريك» يتردد بقوة فى الأوساط المصرية، بدءًا من مؤتمر خبيث النوايا كان مزمعًا إقامته فى محافظة أسوان, إلا أن الشريحة المثقفة الواعية المصرية قد تصدت له واستجابت لندائها الجهات الأمنية المصرية فألغت المؤتمر. 



وانتهاء بتلك الزيارة المغرضة والتى قام فيها أستاذ جامعى أمريكى بالشرح لمجموعة من معتنقى الأيديولوجية فى قلب المتحف المصرى بالتحرير وهو الأمر الذى يعد خرقا كاملا للقوانين المصرية حيث تعد مهنة الإرشاد السياحى مهنة أمن قومى وتمنع ممارستها لغير المصريين ولغير الحاملين لترخيص مزاولة المهنة والذى يتم الحصول عليه مسبقًا من وزارة السياحة المصرية بعد اجتياز عدة اختبارات لغوية وعلمية وأمنية أيضًا، وذلك للتصدى لمحاولات تزوير التاريخ وتدليس الحقائق وتأجيج نيران الفتنة التى يشعلها أعداء الدولة المصرية.

أيديولوجية «الأفروسنتريك» معناها هو المركزية الإفريقية؛ حيث ظهرت فى عشرينيات القرن الماضى واتخذت لها اسمًا وشكلا واضحًا فى الثمانينيات على أيدى أفارقة أمريكيين يعدون أنفسهم وكل الأفارقة السود أصحاب حضارة قديمة تعكس قيمًا تقليدية إفريقية. 

وتسمى تلك الحركة أيضا «إفروكولوجى» أوعلم إفريقيا وهو المسمى الذى يحاول محاكاة مسمى علم المصريات أو إيجيبتولوجى؛ حيث إن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى يوجد علْم باسمها يشمل التاريخ والآثار واللغة والمعتقدات. ومن هنا يبدأ التساؤل عن النوايا الحقيقية لتلك الحركة التى أسّسها الأمريكى الإفريقى موليفى أسانتى.

تدّعى تلك الحركة المركزية الإفريقية أن التاريخ الإفريقى قد بدأ ونبع فى مصر القديمة وذلك حين سادت مصر العالم القديم وترأست إفريقيا السوداء، إلى أن تمت سرقة أفكارها وتقنياتها وإنجازاتها وتم طمسها بمساعدة الأوروبيين ليقللوا من قيمة الأفارقة السود وتجدر الإشارة إلى أنه منذ أن بدأ أعضاء حركة الأفروسنتريك فى نشر أفكارهم فى أوروبا وأمريكا، تشكلت حالة من العداء تجاه كل ما هو مصرى؛ ونتيجة لذلك، ظهرت مظاهر عنصرية ضد المصريين وصلت إلى حالات إقامة دعاوى قضائية ضد مصر لمنعها من التنقيب عن الآثار بزعم أنها ملكهم.

ولما كان اللغو والسفسطة هو أساس هذه الأيديولوجية التى لا تستند لأى حقيقة علمية وإنما تلقى تشجيعًا من بعض الحركات القومية السوداء السابقة كالحركة الإثيوبية والوحدة الإفريقية وغيرها، فقد استمرت فى دعوتها حتى بلغت الذروة بالترويج لفكر الدياسبورا أو «الشتات الإفريقى» ودعا الناشط الجامايكى ماركوس جارفى إلى إنشاء دولة إفريقية منفصلة للأمريكيين السود... وهى دعوة مخيفة إذا ما تمت مقارنتها بدعاوى شبيهة سابقة.

والآن تعلو النداءات فى أيامنا هذه لتصبح مؤتمرات وحفلات وزيارات ترويجية لنشر فكر مضلل يستوجب الوعى من كل مصرى للتصدى لهذه المفاهيم المضللة، فالفكر لا يواجه إلا بالفكر والحركات المضللة لا تواجه إلا بالحركات المستنيرة الواثقة.

ومن هنا نوجه دعوة لكل مصرى للتعرف على تاريخ أجداده المصريين القدماء عن عمق ووعى لدرء كل فكر فاسد ودحض كل أكاذيب وادعاءات مغرضة شهدنا مثلها على مدار قرن مضى وفهمنا ما ترمى إليه...فهل نحن منتبهون؟!

 (يتبع)