تعرفوا إيه عن «الشفتشى»؟!
رولا حمدى
هل سبق أن سمعت عن حرفة الشفتشي؟
الشفتشى كلمة تركية مقتبسة من كلمة «شفت إشى» بمعنى يشف ما خلفه.
وهو فن مصرى قديم ترجع أصوله للمصريين القدامى، وأساس هذا الفن هو تقطيع الأسلاك المعدنية لقطع صغيرة بأشكال وأحجام دقيقة ومحددة حسب التصميم الذى سيتم تطبيقه، ثم يتم لصق هذه القطع عن طريق اللحام لتكّون شكلًا متماسكًا.
ويحتاج هذا الفن إلى الدقة البالغة والصبر وطول البال.
من أجل الحصول على نتائج مرضية ومبهرة، يعتمد الشفتشى فى تكوينه على معدن النحاس والذهب والفضة، وهذا ما يجعل لونه لا يتغير أو يصدأ مهما تعرض لعوامل الزمن أو الجو.
ودائمًا ما يقترن الشفتشى بمشغولات الإكسسوار الحريمى، حيث ارتبط الشفتشى منذ زمن بالصاغة، وكان يصنع من الذهب والفضة، وبالإضافة إلى ذلك يستخدم الشفتشى أيضًا فى صناعة وحدات الإضاءة من نجف وأباجورات وشمعدانات.
وقلة العاملين فى هذه المهنة جعل منها عرضة للاندثار ويرجع ذلك، لصعوبتها واستهلاكها الكثير من الجهد والوقت كما أنها تتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة والحرفية للتمكن من ملء الفراغات المحددة بالزخارف النحاسية الدقيقة.
ويتم تدريس هذه الحرفة فى الكليات والمعاهد الفنية الموجودة فى مصر ولكن بدون عملية اللحام، وتُسمى «أشغال النحاس».
ويقول سيد إمام 71 عامًا صاحب ورشة لصناعة الشفتشى بمدرسة «الجمالية للحرف التقليدية بحارة النحاسين»، إنه تعلم المهنة على أيدى صنايعية حارة اليهود زمان، حيث كان يذهب إلى هناك فى الصباح الباكر ليرى، وظل يحاول تقليدهم إلى أن تمكن من إتقان المهنة وإخراج الشكل النهائى للعمل اليدوى بدقة واحترافية نالت إعجاب الكثيرين.
وأشار عم سيد إلى أن الشفتشى هى عملية «يدوية بالكامل» ولا يدخل فى صناعتها أى آلات حديثة.
كما أن جميع التصاميم التى يقوم بتنفيذها كلها من إبداعه وتصميماته الخاصة.
وكشف عم سيد عن أن هناك الكثير من الأشخاص من بلدان عدة يأتون له خصيصًا لدورات تدريبية لتعلم الشفتشى بالإضافة إلى سفره للعديد من البلدان العربية والأجنبية ليقوم بنشر إبداعه هُناك.
وتابع عم سيد، أنه من عُشاق مهنة الشفتشى حيث أفنى 62 عامًا من عمره فى هذه الحرفة التى بدأ تعلمها لأول مرة عندما كان فى الصف الرابع الابتدائى.
ويقول عم سيد إنه برغم كل تلك السنين، إلا أنه ما زال حتى اليوم يتعلم مهارات جديدة تمكنه من النهوض بالحرفة والابتكار فيها.
وحاليًا يقوم عم سيد بنقل وتعليم المهنة وأصولها من خلال دروس تعليمية للراغبين فى تعلمها وامتهانها، فى مدرسة الجمالية للحرف التقليدية الكائنة بشارع النحاسين فى باب الشعرية، رغبة منه فى مساعدة الراغبين فى احتراف هذه الحرفة وحرصًا منه على استمرارها وعدم اندثارها.
أُمنية حياته أن تستمر هذه الحرفة وتنتشر، حتى لا تصبح بمرور الزمن طى النسيان، وكى لا يتم إغفال قيمتها التُراثية التى استطاعت إثبات جدارتها مع العديد من الصناعات الأخرى، خصوصًا أن هذا الفن لا يوجد فى أى بلد فى العالم سوى مصر، إلى جانب تواجده بشكل خفيف فى دولة الهند لكنه ليس بالتنوع الموجود عندنا وفقًا لما ذكره عم سيد.