نؤمن بمبدأ «وما خفى كان أعظم» فى التسليح والفكر
حوار: شاهندة الباجورى
«إيمان، عزم، مجد» ذلك هو شعار قوات الدفاع الجوى.. حماة السماء ودرعها القوى، فهى المسئولة عن حماية المجال الجوى المصرى من أى خطر أو تهديد، لديها مقاتلون يواصلون الليل بالنهار لتطوير وتحديث أسلحتهُم، لزيادة قُدراتِها القتالية، ومُجابهة ما يُستجد من تهديدات وتحديات للذود عن سماء الوطن.
فى عيدهم الـ54احتفلنا معهم واحتفينا بهم، والتقينا اللواء أ.ح ياسر الطودى - قائد قوات الدفاع الجوى، الذى أرسل بدوره رسالة طمأنة إلى الشعب المصرى بأنهم جنود ساهرون، يقظون دومًا، وعلى أهبة الاستعداد، ليحفظوا للأمة هيبتها ولسماء مصر قُدسيتها، كما حدثنا عن أمنياته التى يريد تحقيقها أثناء فترة قيادته لقوات الدفاع الجوى.
• تحتفل قوات الدفاع الجوى كل عام فى الثلاثين من شهر يونيو بعيد الدفاع الجوى، ما هو سبب اختيار هذا اليوم؟
- فى مثل هذا اليوم تمكنت تجميعات الدفاع الجوى لأول مرة من إسقاط طائرتين فانتوم، وطائرتين سكاى هوك، وأسر ثلاثة طيارين وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل عددها إلى 12 طائرة بنهاية الأسبوع، وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم. واتخذت قوات الدفاع الجوى يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 عيدًا لها، حيث يعتبر ذلك اليوم هو البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة ومنع طائرات العدو من الاقتراب من سماء مصرنا الحبيبة.
وفى هذا الصدد أتوجه بالشكر والتقدير لشهدائنا الأبرار الذين جادوا بأرواحهم، ومصابى العمليات والقادة والرواد الأوائل الذين أدوا مهامهم بإخلاص واقتدار لنحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والخمسين لعيد الدفاع الجوى والذى سيظل خالدًا فى ذاكرة التاريخ.
• تعتبر منظومة الدفاع الجوى المصرى من أعقد منظومات الدفاع الجوى فى العالم، حيث تشتمل على العديد من الأنظمة المتنوعة، فما هى عناصر بناء هذه المنظومة؟
- هناك صراع دائم ومستمر بين منظومات الدفاع الجوى والعدائيات الجوية الحديثة التى أصبحت لا تقتصر على الطائرات المقاتلة بل شملت الطائرات الموجهة بدون طيار بأنواعها الصواريخ (الباليستية / الطوافة)، الأسلحة الموجهة جو أرض (فائقة السرعة / ذات المقطع الرادارى الصغير)، وقذائف المدفعية والهاونات مما يتطلب امتلاك منظومة دفاع جوى متكاملة لاكتشاف ومجابهة العدائيات الجوية الحديثة.
وتنقسم عناصر منظومة الدفاع الجوى إلى عناصر استطلاع وإنذار (طائرات إنذار مبكر – رادارات محمولة جوًا (المنطاد) – الرادارات الأرضية) ودعمها بعناصر المراقبة الجوية بالنظر لاكتشاف جميع العدائيات الجوية وإنذار القوات عنها فى التوقيت المناسب.
وهناك عناصر إيجابية من المقاتلات والصواريخ والمدفعية م ط، والصواريخ المحمولة على الكتف، وأيضًا مراكز القيادة والسيطرة الآلية على مختلف المستويات للقيادة والسيطرة على جميع عناصر المنظومة، والتى تعمل فى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية.
وتولى القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة اهتمامًا كبيرًا فى دعم قوات الدفاع الجوى بتوفير أحدث المنظومات من عناصر الاستطلاع والإنذار والعناصر الإيجابية، وكذلك مراكز القيادة والسيطرة لتتمكن قوات الدفاع الجوى من التعامل مع جميع التهديدات والتحديات الحديثة.
• فى ظل التطور السريع فى العدائيات الجوية وأسلحة الهجوم الجوى الحديثة ظهرت لنا مصطلحات جديدة مثل (الطائرات الشبحية / الطائرات المسيرة / الصواريخ الفرط صوتية).. فما هى استرتيجية قوات الدفاع الجوى لحماية سماء مصر، ومدى ما وصلت إليه من تطوير وتحديث؟
- تقوم قوات الدفاع الجوى بتنفيذ مهامها بدعم من القيادة السياسة والقيادة العامة للقوات المسلحة من خلال عدة محاور، أبرزها التطور النوعى لنظم التسليح من خلال امتلاك منظومات تسليح متنوعة المصادر قادرة على مجابهة العدائيات المتطورة من خلال خطة مقسمة على مراحل وأسبقيات، مع الحفاظ على الموجودات الحالية من الأسلحة والمعدات، وعلى ضوء ذلك تم تزويد قوات الدفاع الجوى بأحدث أجهزة الرادار المتنوعة تسليح نقاط المراقبة الجوية بالنظر بمستشعرات حديثة (كهروبصرية/حرارية)، بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الحديثة، مع تحديث نظام القيادة والسيطرة الآلية بالأيادى والخبرات المصرية للتأمين السيبرانى، وكذلك تطوير العملية التعليمية، والتدريبية لتأهيل وتدريب الفرد المقاتل، ورفع المستوى العلمى والتدريبى لتحقيق المواصفات المنشودة، واستيعاب التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة فى تصنيع المعدات.
• هناك نوعان من الردع (بالتلويح / بالإخفاء) تعودنا من قوات الدفاع الجوى استخدام أسلوب الردع بالإخفاء، وهذا ظهر جليًا خلال حرب أكتوبر، فكيف يتم استخدام هذه السياسة فى ظل إمكانيات العالم حاليًا التى جعلت العالم قرية صغيرة لا يمكن إخفاء أى أسرار بها؟
- أصبحت المعلومات متاحة أمام الجميع فى عصر السماوات المفتوحة سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية، بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة. ونحن لدينا اليقين إلى أن السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات، ولكن يكمن فى قدرتنا على تطوير فكر استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة، وتطوير ما لدينا من أنظمة تسليح بسواعد أبنائنا علاوة على الارتقاء المستمر بمستوى تأهيل الفرد المقاتل لتحقيق المفاجأة من خلال الاستعداد القتالى العالى للقوات، كما نؤمن بمبدأ (وما خفى كان أعظم) سواء كان تسليحًا جديدًا أو تبنى فكر استخدام غير نمطى وأساليب وتكتيكات مبتكرة.
• حظر الدول العظمى لتكنولوجيا التصنيع المتقدمة أجبرنا لسنين عديدة على استخدام أسلحة تم تدبيرها وفقًا لاشتراطات وأولويات الدول المصنعة... فوجئنا خلال معرض إيديكس 2023 بعدد من المنتجات التى قامت قوات الدفاع الجوى بابتكارها وتحديثها، فكيف استطاعت تحقيق هذا الإنجاز؟
- تولى القيادة السياسية اهتمامًا بالغًا بتوطين التكنولوجيا، والبحث العلمى اعتمادًا على الكوادر الوطنية، فكانت البداية إنشاء مركز للبحوث الفنية والتطوير بسواعد كوكبة من ضباط الدفاع الجوى المتميزين الذين تم تأهيلهم داخل وخارج مصر والحاصلين على أعلى الدرجات العلمية ( الماجستير، الدكتوراه) فى المجالات العلمية المتنوعة، وكانوا هم حجر الأساس لمنظومة التحديث على نقل وتطوير سعيًا لامتلاك تكنولوجيا تصنيع أنظمة دفاع جوى مصرية، وحرصنا على توطين التكنولوجيا الحديثة فى المجالات المختلفة من خلال أعمال التطوير والتصنيع المشترك بعمق يصل إلى نسبة (100 %) تدريجيًا، حيث قامت قوات الدفاع الجوى بأيدى مقاتليها النابغين بصناعة (رادار مصرى – مراكز قيادة وسيطرة - أنظمة تعارف - طائرات هدفية – أنظمة مجابهة للطائرات الموجهة بدون طيار) بالتعاون مع المراكز البحثية بالقوات المسلحة والجهات المدنية وبالاستفادة من القاعدة الصناعية بكل من الهيئة العربية للتصنيع، وزارة الإنتاج الحربى. وقد تم الوقوف على مدى الصلاحية للاستخدام الفعلى الميدانى بواسطة مقاتلى قوات الدفاع الجوى. وتضع قوات الدفاع الجوى نصب عينيها دائمًا الحلول غير النمطية للمشكلات الفنية التى نواجهها فى ظل تعقد التكنولوجيا والتطور السريع فى العدائيات الجوية.
• أظهرت الصراعات الحديثة ومن أمثلتها الأزمة الروسية الأوكرانية أهمية الأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى، ما الذى قامت به قوات الدفاع الجوى لتـأمين تسليحها ومراكز اتخاذ القرار؟
- بالتأكيد هناك أهمية للأمن السيبرانى، والذكاء الاصطناعى فى ظل التطور الهائل فى تكنولوجيا المعلومات. وقد اتخذت قوات الدفاع الجوى إجراءات فنية وتكتيكية عديدة لتأمين مراكز القيادة والسيطرة، وأنظمة ومعدات الدفاع الجوى والشبكات ضد حرب المعلومات، وبالاستفادة من مركز البحوث الفنية والتطوير، والكيانات الفنية بالقوات المسلحة، وبفضل الضباط المختصين فى هذا المجال علاوة على تأهيل كوادر داخل وخارج الجمهورية، ونشر الوعى السيبرانى بالفرق الحتمية (ضباط، ضباط صف) لمجابهة حرب المعلومات وطبعًا لا توجد دولة تعلن عن كل ما لديها من إمكانيات وقدرات للمجابهة.
• فى ظل تحول دول العالم إلى التجمع فى تكتلات وتحالفات قوية وشراكات تسمح لها بمجابهة العدائيات المحتملة، ماهى استراتيجية قوات الدفاع الجوى فى تعزيز علاقاتها الثنائية مع الدول الصديقة والشقيقة؟
- تعزز قوات الدفاع الجوى العلاقات مع نظائرها بالدول الصديقة من خلال: تنفيذ التدريبات المشتركة مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة (أمريكا..النجم الساطع)، (روسيا.. سهم الصداقة)، (اليونان..ميدوزا)، (باكستان..حماة السماء)، (السعودية..السهم الثاقب)،(الأردن..العقبة)،(الكويت..سيف العرب). ونخطط لتدريبات مشتركة مع دول أخرى فى المستقبل القريب بما يزيد من الروابط مع الدول الصديقة، ويساعد على تبادل الخبرات والمهارات، والاشتراك فى المسابقات الدولية مع الدول المتقدمة (روسيا، الصين)، وقد حصلت قوات الدفاع الجوى على مراكز متقدمة فى هذه المسابقات ومن أمثلتها: السماء الصافية، فضلا عن تبادل الزيارات والمعايشة داخل الوحدات المتماثلة لتبادل الخبرات العملية وتبادل حضور أنشطة بقوات ومراقبين لاكتساب وتبادل الخبرات والمهارات، والتعرف على أحدث التكتيكات، وعقد ورش عمل لتبادل الخبرات فى مختلف المجالات (العمليات، التدريب، البحوث الفنية والتطوير،....)، وتبادل تأهيل الضباط وضباط الصف بالدورات العامة والتخصصية.
• كل قائد بالقوات المسلحة تكون لديه أحلام يريد أن يحققها فور توليه المسئولية، فما هى أحلامكم التى تريدون تحقيقها لقوات الدفاع الجوى خلال فترة قيادتكم؟
- نحن كرجال عسكريين نعمل طبقًا لخطط وبرامج محددة وأهداف واضحة ولا مجال للأهواء الشخصية فى إدارة العمل، ومنظومة العمل بالقوات المسلحة تسمح لجميع المستويات القيادية بالمشاركة فى صناعة القرارات، ودائمًا تتوفر الفرصة لعرض أفكارنا وأحلامنا للتطوير والتحديث على المستويات الأعلى ودرجها ضمن الخطط، لكن على المستوى الشخصى فور تكليفى للعمل كقائد لقوات الدفاع الجوى عرضت على القيادة العامة عددًا من الخطط التى تم إعدادها بواسطة المختصين وأولويات تنفيذها ليتماشى الأداء بقوات الدفاع الجوى مع فكر القيادة العامة للقوات المسلحة، وطبيعة المتغيرات السياسية والإقليمية كان من ضمن الإجراءات التى تم اتخاذها. واعتبار العام الحالى هو عام التدريب وإعمال الفكر ورفع الكفاءة الفنية والقتالية للأسلحة والمعدات.
وهنا أؤكد للشعب المصرى أن قيادتنا السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة تولى قوات الدفاع الجوى جميع الدعم لضمان التطوير والتحديث المستمر بجميع أسلحة ومعدات الدفاع الجوى لامتلاك القدرة لمجابهة العدائيات الجوية على جميع الاتجاهات الاستراتيجية. وأود أن أطمئن الشعب المصرى أن قوات الدفاع الجوى تعمل ليل نهار سلمًا وحربًا، مُرابضين فى مواقعهم فى كل ربوع مصر، وأن نظل دومًا جنودًا أوفياء، حافظين العهد، مضحين بكل غالٍ ونفيس، نحفظ للأمة هيبتها ولسماء مصر قدسيتها.