رسالة ثقة

متابعة المندوب الرئاسى: ياسمين خلف
يأتى مؤتمر الاستثمار «المصرى - الأوروبى» المشترك، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى وقت مميز بالنسبة للدولة المصرية، حيث انعقد بعد أسابيع معدودة من توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولى بشأن تطبيق برنامج إصلاحى مكمل للبرنامج السابق، وعقد مصر لأكبر صفقة استثمارية فى تاريخها، «صفقة رأس الحكمة» والتى من المتوقع أن تجذب استثمارات لمصر بما يفوق 150 مليار دولار خلال مراحل تطور المشروع.
ويستهدف المؤتمر، الذى استضافته القاهرة، تعزيز التعاون الاقتصادى بين مصر والدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى من خلال جذب الاستثمارات الأوروبية المتنوعة إلى مصر، خاصة فى القطاعات ذات الأولوية مثل البنية التحتية المستدامة والطاقة المتجددة، والأمن الغذائى، والصحة والتعليم، والنقل المستدام وشبكات المياه والصرف الصحى.
وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤتمر الاستثمار «المصرى - الأوروبى» المشترك 2024، بمشاركة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين الذى بدأ بعرض فيلم تسجيلى عن الفرص الاستثمارية الواعدة داخل مصر والقدرات التنافسية المتاحة بها.

وفى بداية كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبى، رحَّب الرئيس السيسى بالحضور، مثمنًا مشاركتهم فى «مؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبى 2024» آملًا أن يكون خطوة جديدة ومثمرة.. فى علاقات التعاون التى تربط بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى. وقال الرئيس: تشهد العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى.. تطورًا إيجابيًا فى شتى مجالات التعاون.. وقد تم تتويج هذا التطور.. بالتوقيع على الإعلان السياسى، لترفيع العلاقات بين الجانبين.. إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة.. فى مارس الماضى.. وها نحن نجتمع معًا للمرة الثانية.. فى فترة وجيزة.. لنشهد انعقاد «مؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبى 2024».. الذى يُمثل أولى الخطوات التنفيذية لمسار ترفيع العلاقات.. ويعكس أيضًا التزام مصر والاتحاد الأوروبى.. بتخطى مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ.
وأضاف: لقد شملت الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى، ستة محاور يأتى على رأسها محور الاستثمار.. حيث التزم الجانبان بتعزيز التعاون.. فى مختلف القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.. بما فى ذلك التجارة، والطاقة والبنية التحتية، والنقل المُستدام.. والزراعة، والأمن الغذائى.. والتحول الرقمى.. والأمن المائى، وشبكات المياه والصرف الصحى.. والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.. وغيرها من القطاعات الحيوية.. المنتظر أن تحشد استثمارات أوروبية.. تقدر بنحو 5 مليارات يورو.. إلى جانب ضمانات استثمار بقيمة 1,8 مليار يورو للقطاع الخاص.. بما يسهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.. وتمكين مجتمع الأعمال الأوروبى.. من الاستفادة من الإمكانات الاستثمارية المتاحة فى مصر.. ويعزز فى الوقت ذاته، من مكانة الاتحاد الأوروبى.. باعتباره الشريك التجارى والاستثمارى الأبرز للاقتصاد المصرى.

وتابع الرئيس السيسى: أودُ بهذه المناسبة.. أن أتوجه بالشكر للسيدة رئيسة المفوضية الأوروبية.. على ما تقوم به من جهد.. لتفعيل مسار ترفيع العلاقات مع مصر.. انطلاقًا من إيمانها بمحورية دور مصر.. كشريك استراتيجى رئيسى للاتحاد الأوروبى فى المنطقة.. وبما يعكس قوة علاقتنا الثنائية.. لا سيما فى الأوقات الدقيقة، التى يمر بها الاقتصاد العالمى.
وأكد أن انعقاد مؤتمر الاستثمار يأتى فى وقت شديد الدقة.. فى ظل أزمات دولية وإقليمية متعاقبة.. ألقت بظلال شديدة السلبية.. وتحديات متعددة وأعباء اقتصادية.. على جميع دول العالم بمختلف مستوياتها.. الأمر الذى يتطلب دعمًا وتنسيقًا مستمرًا.. بين مصر وشركائها فى أوروبا.. من أجل المعالجة المستدامة لهذه التحديات.. خاصة بعدما أثبتت مصر.. أنها شريك يُمكن الاعتماد عليه فى مواجهة التحديات المُشتركة.. وبما يحقق الأمن والاستقرار فى جوارنا الإقليمى.
وأشار الرئيس خلال كلمته إلى أن مصر تخطو بخطى ثابتة وسريعة.. على طريق التغيير والإصلاح.. من أجل اقتصاد أكثر استدامة.. وفى سعيها لتحقيق ذلك.. قامت الدولة بعدد من الإصلاحات.. للمزيد من تمكين القطاع الخاص.. وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري.. ودعم التحول الأخضر.. وحشد الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكمل قائلًا: إن مؤتمرنا.. سيتيح للدول والكيانات الاقتصادية الأوروبية.. فُرصة الاطلاع على الإمكانات الاستثمارية المتوفرة بمصر... لا سيما فى المجالات المحفزة للنمو الاقتصادى والتشغيل.. مثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. والصناعات التحويلية.. وإنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة.. والاقتصاد الدائري.. فضلًا عن الترويج لمصر كمركز إقليمى لسلاسل الإمداد للشركات الأوروبية.. ومركز لنقل وتداول الطاقة المتجددة والخضراء.. على ضوء القُرب الجغرافى والموقع الاستراتيجى لمصر.. إضافة إلى إلقاء الضوء.. على المناطق الجاذبة للاستثمار فى مصر.. كالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
واعتبر أن انعقاد هذا المؤتمر.. يُمثل رسالة ثقة ودعم من الاتحاد الأوروبى للاقتصاد المصرى.. ولإجراءات الإصلاح الاقتصادى.. التى تم تنفيذها على مدار السنوات العشر الماضية.. وتحرص الدولة على مواصلة تنفيذها خلال الفترة المقبلة.. وبما يعكس نجاح تلك الخطوات.. ويؤكد قدرة وإرادة مصرعلى تخطى التحديات الاقتصادية.. والمضى قدمًا نحو تنفيذ خطة التنمية الشاملة.
واختتم الرئيس كلمته قائلا، أرحب بكم مجددًا.. وأتطلع لأن نشهد مؤتمرًا ناجحًا ومثمرًا.. يحقق نتائج ملموسة وقابلة للتنفيذ.. تعزز من التعاون الاقتصادى بين مصر والاتحاد الأوروبى.. وتسهم فى زيادة مستويات تدفق الاستثمارات الأوروبية للسوق المصرية.. بما يحقق الرفاهية والأمن والاستقرار لشعوبنا ودولنا.

تحديات ضخمة
وفى تعليقه على مناقشات الجلسة الحوارية الأولى قال الرئيس السيسى، إن التحديات التى قابلت مصر من 2011 وحتى الآن ضخمة جدا وهذا اختبار نجح فيه المصريون، مؤكدًا أن هذا يؤكد للمستثمرين أن بيئة الاستثمار آمنة ومستقرة مش بقدرة دولة ولكن بإرادة شعب قوى صامد تحمل تحديات وتبعات ضخمة جدا، منها حاجات مش مسئول عنها على الإطلاق زى ما حصل فى أزمة كورونا والحرب الروسية وحرب غزة لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الناشئ، وبطبيعة الحال الاقتصاد المصرى، ولكن تحمله، وبوجه له الشكر على هذا التحمل، وده أكبر ضمانة للاستثمار والمستثمرين المصرين والأجانب.
وشدد الرئيس على أن الدولة المصرية حرصت خلال الـ10 سنوات الماضية على أن يكون فيها بنية أساسية متطورة بشكل يتيح استثمارا حقيقيا وصناعة حقيقية فى المجالات المختلفة.
وأوضح أن «البنية الأساسية جاهزة سواء للاقتصاد القديم أو الاقتصاد الجديد»، مضيفًا: «أقول لكل مشارك معانا ولكل اللى بيسمعنا.. لدينا فرص كبيرة جدًا جدًا فى الاستثمار داخل مصر.. ونبذل كل الجهود لإنجاح هذه الاستثمارات وتوفير البيئة الجاذبة».
ورحب الرئيس برئيسة المفوضية الأوروبية والوزراء الأوروبيين والحضور بمؤتمر الاستثمار المصرى - الأوروبى 2024، معربًا عن شكره وتقديره لفريق العمل المصرى والأوروبى على الجدية والالتزام والجهد الذى بذل خلال 100 يوم لانعقاد هذا المؤتمر.
وأضاف الرئيس: «بقولكم فيه حاجة مهمة قوى لازم تعرفوها عن مصر، وهو إن مصر مش بس سوق ضخم وكبير يضم 120 مليون والضيوف الموجودين، يعنى بتكلم عن سوق ضخم جدا، وزى ما ذكر أن فيه قوى عاملة ضخمة جدا 70 % من شعبنا أقل من 40 سنة وده أمر واعد جدًا لأى مستثمر عاوز قوى عاملة بتكلفة مالية معتبرة.
على هامش المؤتمر شهد الرئيس مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبى الخاصة بالشريحة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلى ودعم عجز الموازنة بقيمة مليار يورو .
مصالح مشتركة
استقبل الرئيس، أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، على هامش انعقاد مؤتمر الاستثمار المصرى - الأوروبى، حيث شهد اللقاء التأكيد على عمق وقوة العلاقات المصرية - الأوروبية، التى تُوجت مؤخرًا بترفيعها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة، بما يعكس الأهمية التى توليها مصر والاتحاد الأوروبى لتعزيز تعاونهما بوصفه ركيزة للتكامل والاستقرار الإقليمى، حيث يمثل مؤتمر الاستثمار أولى محطات تنفيذ هذه الشراكة. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية فى هذا الصدد أن انعقاد المؤتمر يعكس المصالح التى يتقاسمها الجانبان، وحرص الاتحاد الأوروبى على دعم مسار التنمية والإصلاح الاقتصادى الذى تشهده مصر.

وتطرق اللقاء إلى سبل مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة، خاصة على صعيد التطورات فى قطاع غزة وتأثيرها على أمن واستقرار المنطقة، حيث شدد الرئيس على ضرورة تكاتف الجهود الدولية للتوصل لوقف فورى لإطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإغاثية إلى القطاع بصورة عاجلة ومكثفة تفاديًا للكارثة الإنسانية التى يعيشها الشعب الفلسطينى فى غزة، مجددًا تحذير مصر من احتمالات توسع الصراع التى تتزايد حاليًا على نحو يتسم بالخطورة البالغة، ومطالبًا المجتمع الدولى باتخاذ خطوات جادة وسريعة لتفادى انزلاق المنطقة إلى دائرة جديدة وغير مسبوقة من الصراع، كما اتفق الجانبان على أن التوصل لحل شامل وعادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفقًا لقرارات الشرعية الدولية، سيظل السبيل الأمثل لضمان الاستقرار المستدام بالمنطقة.