الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«السلام يحتاج سلاح»

منذ ثورة 30 يونيو 2013.. عزمت الدولة المصرية على وضع استراتيجية مغايرة لتطوير ملف تسليح الجيش، وتنويع مصادره، فلم يعد الحصول على الأسلحة الحديثة مقتصرًا على قوى احتكارية بعينها، بل عمدت مصر إلى التعاقد مع دول ومعسكرات مختلفة على صفقات شراء معدات حربية متطورة، ومقاتلات عسكرية تواكب التطور التكنولوجى فى التسليح، فأصبح الجيش المصرى فى غضون 11 عامًا يمتلك أهم وأقوى المعدات القتالية والدفاعية الحديثة، أهلته ليكون فى مصاف أقوى الجيوش العربية والإفريقية والشرق أوسطية، والعالمية أيضاً.



 

ولم تكتف مصر بشراء السلاح فقط، بل باتت تصنعه بنفسها بجهود وسواعد وطنية، مثل: الفرقاطة «الجبار» ميكو A200، وراجمة الصواريخ المصرية «رعد200-»، والطائرات بدون طيار «30 يونيو، و6 أكتوبر»، وغيرها من الأسلحة المتطورة بأيد مصرية 100 %، والبقية تأتى تباعاً.

(الرافال والسوخوي) 

تعد صفقة طائرات الرافال المقاتلة من أهم التعاقدات التى قامت بها الدولة المصرية فى ملف التسليح، حيث استلمت مصر من فرنسا 24 مقاتلة على أربع دفعات، الدفعة الأولى كانت يوم 21 يوليو 2015، والثانية فى 26 يناير 2016، والثالثة فى 5 إبريل 2017 والرابعة 26 يوليو 2017، وبعد ذلك وقعّت مع فرنسا عام 2021 عقد توريد 30 طائرة طراز رافال جديدة، ليصبح إجمالى طائرات الرافال التى تمتلكها مصر 54 طائرة، وتم وضع العلم المصرى عليها لتصبح مصرية بالكامل. 

كما تعاقدت مصر على شراء دفعة من مقاتلات الطيران سوخوى – 35 روسية الصنع، وعلى الرغم من أن أمريكا قد لوحت بقانون كاتسا، لكن القيادة السياسية مضت قدمًا، ووقعت مع روسيا عقدًا لتوريد 24 مقاتلة من هذا الطراز. (الميسترال)

ومن أهم المعدات التى قامت مصر بشرائها فى الـ11 عامًا المنصرم؛ حاملة الطائرات «الميسترال» والتى تعد قاعدة عسكرية متحركة، فقد حصلت مصر على الميسترال الأولى «جمال عبدالناصر» فى يونيو 2016، ثم انضمت المسترال الثانية «أنور السادات» إلى أسطول القوات البحرية المصرية فى شهر سبتمبر من نفس العام، لتصبح لدى مصر حاملتا طائرات، مع الوضع فى الاعتبار أن الجيوش القوية فقط هى من لديها حاملات طائرات، لأن الميسترال ليست حاملة طائرات فحسب، بل هى قاعدة عسكرية متنقلة مساحة سطحها الإجمالية 5200 متر مربع، تستطيع حمل 13 دبابة، و110 عربات مدرعة، و16 هليكوبتر ثقيلة، أو 35 هليكوبتر خفيفة، فضلًا عن الكتلة البشرية التى تستطيع استيعابها، وتحتوى أيضًا على منظومة شديدة التطور لسلاح الدفاع الجوى، كما أنها مزودة بمنظومات رادارية ملاحية وجوية.

وتعد الميسترال فرنسية الصنع، لكن مصر طلبت من روسيا تولى تسليحها وإمدادها بمنظومة صواريخ بعيدة المدى، ومنظومة دفاع جوى ورادارات متطورة الصنع، فاعتُبرت من أقوى حاملات الطائرات البرمائية فى العالم.

 

 

 

 

(الغواصات طراز s-44)

تعد صفقة الغواصات (s-44) من طراز (209 / 1400) من أهم التعاقدات التى وقعت وحصلت عليها مصر، وزودت بها الأسطول البحرى، فقد استلمت مصر بموجب التعاقد مع ألمانيا أربع غواصات من نفس الطراز خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2021، وقد مثَّل اقتناء الغواصة (S-44) ومثيلاتها نقلة غير مسبوقة للقوات البحرية المصرية مما ساهم فى رفع تصنيفها عالميًا، فقد تم بناء الغواصة s-44 بترسانة شركة «تيسين كروب» بمدينة كييل الألمانية، حيث تم إعداد وتأهيل الأطقم التخصصية والفنية العاملة على هذه الغواصات فى توقيتات قياسية، وفقًا لبرنامج متزامن بكل من مصر وألمانيا للإلمام بأحدث ما وصل إليه العالم من تكنولوجيا الغواصات. وقد كان لمصر السبق فى دخول سلاح الغواصات كأول دولة فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وأن هذا النوع من الغواصات هو تنفيذ لاستراتيجية عسكرية مصرية تهدف لتطوير القدرة على مواجهة التحديات والمخاطر التى تشهدها المنطقة، وللحفاظ على مقدرات الوطن وتحقيق السيطرة الكاملة على السواحل المصرية الممتدة بالبحرين الأحمر والمتوسط.

(الفرقاطات - متعددة المهام)

حرصت مصر فى استراتيجيتها الجديدة لتطوير ملف التسليح على التزود بالفرقاطات- متعددة المهام، حيث تعد الفرقاطة من أهم القطع البحرية التى تمتلكها الجيوش القوية، لأنها متعددة المهام الجديدة، لها قدرة على الإبحار لمسافة (6800) ميل بحرى، وتصل سرعتها القصوى إلى (28) عقدة، ويبلغ طولها الكلى (121.6) متر، وتصل إزاحتها إلى (3931) طن، كما تتمتع بالعديد من الخصائص التقنية ومنظومات التسليح الحديثة التى تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر وقت السلم والحرب، وكذلك مكافحة التهديدات المختلفة البحرية (سطحية – جوية – تحت السطح)، ومكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، وتأمين مصادر الثروات الطبيعية المختلفة للدولة بالبحر، مما يجعلها بمثابة إضافة تكنولوجية هائلة لإمكانات القوات البحرية ودعم قدرتها على حماية الأمن القومى المصـرى.

فى 2017.. تسلمت القوات المسلحة الوحدة الشبحية الأولى من طراز «جوويند» التى تم بناؤها بشركة «نافال جروب» الفرنسية، إيذانًا بدخولها الخدمة بالقوات البحرية المصرية، وتم رفع العلم المصرى عليها تحت اسم الفرقاطة «سجم الفاتح» والتى تعد واحدة من أصل 4 وحدات شبحية تم التعاقد عليها بين مصر وفرنسا، حيث تم بناء الأولى بدولة فرنسا، وتم بناء باقى الوحدات الثلاث بترسانة الإسكندرية وبالسواعد والعقول المصرية بالتعاون مع الجانب الفرنسى.

 

 

 

كما تعاقدت مصر مع ألمانيا عام 2018 على شراء أربع فرقاطات طراز(MEKO-A200)، وأطلقت على الفرقاطة الأولى «العزيز» والتى تتميز بالقدرة على تأمين خطوط الملاحة البحرية مع تأمين السفن التجارية المارة بها، وتنفيذ عمليات الدعم الإنسانى بالمناطق المنكوبة، وقد تم إعداد وتأهيل الأطقم التخصصية والفنية العاملة على الوحدة الجديدة فى توقيت قياسى، وفقًا لبرنامج متزامن تم تنفيذه على مرحلتين بمصر وألمانيا، وقد اعتبرت الفرقاطة «العزيز» الأكثر تطورًا فى السلاح البحرى المصـرى لتعزيز قدرته على تحقيق الأمن البحرى وحماية الحدود والمصالح الاقتصادية فى البحرين الأحمر والمتوسط، فضلًا عن الوصول إلى قوة ردع توفر حرية الملاحة البحرية الآمنة فى ظل التحديات التى تشهدها المنطقة.

كما تم التعاقد بين مصر وإيطاليا على شراء فرقاطتين من طراز فريم بيرجامینى، تسملت مصر الأولى فى نهاية 2020 وهى الفرقاطة «الجلالة» التى تتميز بالقدرة على الإبحار لمسافة (6000) ميل بحرى، وتتمتع بالعديد من الخصائص التقنية ومنظومات التسليح الحديثة التى تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر، مما يجعلها بمثابة إضافة تكنولوجية هائلة لإمكانات القوات البحرية.

ثم تسلمت مصر الفرقاطة الثانية «برنيس» عام 2021 والتى تم بناؤها بشركة «فينكانتييرى» الإيطالية وفقًا لأحدث النظم العالمية فى منظومات التسليح والكفاءة القتالية.

وبتلك الفرقاطات استطاعت القوات المسلحة تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث الأسطول البحرى المصـرى لتعزيز الأمن والاستقرار فى مناطق عمل القوات البحرية، ودعم قدرته على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية التى تشهدها المنطقة.

 

 

 

(أسلحة مصرية 100 %)

لم تكتف مصر بصفقات الأسلحة التى حصلت عليها من مختلف الدول المتقدمة عسكريًا، بل حشدت جهودها لإنتاج أسلحة محلية الصنع بأيد وسواعد مصرية، بدأتها بخطوة التصنيع المشترك، حيث أحدث نقلة تكنولوجية كبيرة فى تطوير التصنيع، بما تتطلبه من أجهزة ومعدات وتأهيل عنصر بشرى يجعله قادرًا على تصنيع وحدات جديدة تساهم فى رفع القدرات القتالية للقوات المسلحة، وتتمكن الأيدى العاملة المصرية من اكتساب الخبرات والحصول على المعرفة والخبرة من الشريك الأجنبى حتى وصلت إلى مرحلة التصنيع بأيدى مصرية بنسبة 100  %.

وخير مثال على ذلك؛ الفرقاطة «المعز» التى انتهت شركة ترسانة الإسكندرية من بنائها فى 12 مايو 2019، والفرقاطة جويند الأقصر- الفرقاطة الخامسة والتى تم بناؤها على أرض الوطن فى ترسانة الإسكندرية فى 2020 بالتعاون مع شركة «naval group» التى تعد إحدى قلاع الصناعة الفرنسية فى تكنولوجيا بناء وتصنيع السفن».

 

وفى يناير 2021 انضمت للخدمة الفرقاطة (بورسعيد) التى تم بناؤها هى الأخرى فى شركة ترسانة الإسكندرية بسواعد مصرية 100 %.

والطائرة «نوت» التى خطفت الأنظار فى إيديكس بنسخته الثانية عام 2021، حيث إنها أحدث طائرة مصرية بدون طيار من إنتاج الهيئة العربية للتصنيع، فهى ليست طائرة قتال وحسب، بل طائرة استطلاع أيضًا بدون طيار متوسطة الارتفاع طويلة المدى، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ مهام قتالية. وتصل سرعة الطائرة إلى 180 كيلومترًا فى الساعة، ويمكنها البقاء فى الجو لمدة 10ساعات، ويمكنها القيام بالعمليات الخاصة ومهمات المراقبة ومهمات المساعدة الإنسانية إضافة لعمليات مراقبة الحدود. ولديها القدرة على تنفيذ مهام متنوعة منها الاستطلاع التكتيكى وتحديد الأهداف وتصحيح نيران المدفعية، وتمييز وتتبع الأهداف. كما أنها مجهزة بكاميرا كهرومغناطيسية (تلفزيونية - رقمية)، وتبلغ أقصى حمولة لها 50 كجم.

وهناك أيضًا الرشاش متعدد الأغراض عيار 7.62 MM 51 X، والذى يتكون من 265 مكونًا ويتم تصنيعه بالمصانع الحربية فى مصر، فضلًا عن لنشات المرور الساحلى فى ترسانة القوات البحرية بالإسكندرية.

(الفرقاطة الجبار ميكو.. مصرية بالكامل)

وكانت مفاجأة النسخة الثالثة من المعرض الدولى للصناعات الدفاعية «إيديكس 2023»، تدشين الرئيس عبدالفتاح السيسي- القائد الأعلى للقوات المسلحة للفرقاطة «سجم الجبار 910»، وهيّ أول فرقاطة بحرية مصرية تُصنع بالكامل محليًا، من طراز (MEKO-A200). وتعد الفرقاطة «الجبار» أكبر قطعة بحرية يتم تصنيعها محليًا بنسبة 100 %، وجرى تصنيعها داخل ترسانة الإسكندرية، فى مدة قياسية لم تتجاوز عامين.

وتعتبر «الجبار» واحدة من أقوى قطع السطح ضمن المجموعات القتالية المرافقة لحاملات المروحيات التى تعد هى بدورها، قاطرة للنقل التعبوى الاستراتيجى خارج الحدود ومراكز قيادة وسيطرة عائمة فى البحار، كما أنها تتمتع بعدد من المواصفات والقدرات الخاصة، حيث يبلغ طولها 221 مترًا وعرضها 16.34 متر، وتمتاز بالقدرة على الإبحار لمسافة 7200 ميل بحري، وتبلغ سرعتها القصوى 27.5 عقدة بحرية، وتتضمن منظومات تسليح حديثة تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية فى السلم والحرب، ومكافحة جميع التهديدات السطحية والجوية وتحت السطح.

وتتسلح الفرقاطة الجبار بمدفع رئيسى ثقيل عيار 127 ملل من طراز ليوناردو، و32 صاروخ دفاع جوى طراز ميكا، و16 صاروخًا، ويشمل تسليحها كذلك مدفعًا خفيفًا 20 ملل، ومدفعى دفاع جوى صغير، وتوربيدات خفيفة وثقيلة، وقذيفتين للأعماق السطحية، وقاربين خفيفين للقوات الخاصة، وإمكانية حمل طائرتين هليكوبتر.

ومن أهم القطع مصرية الصنع أيضًا؛ راجمة الصواريخ المصرية «رعد 200» التى تم الإعلان عنها فى إيديكس 2023، وهى أول راجمة صواريخ تُصنع بأياد مصرية، تستطيع أن تحمل صواريخ بوزن 1980 كيلوجرامًا، ومعدل إطلاق الصواريخ منها 30 صاروخًا كل 15 ثانية، ويصل مداها حتى 45 كيلومترًا.

وهناك سلاح الذخائر الجوية المصرى الجديد المسمى «حافظ» بأربعة مستويات، والمدرعة سينا200-، والطائرة «30 يونيو» أحدث طائرة مصرية بدون طيار، وهى طائرة استطلاع وقتال بدون طيار متوسطة الارتفاع طويلة المدى، ويمكنها القيام بمهام الاستطلاع إضافة إلى قدرتها على تنفيذ مهام قتالية وتصل سرعة الطائرة إلى 218 كم فى الساعة، ويمكنها البقاء فى الجو لأكثر من 24ساعة، وتصل حمولتها إلى 1 طن وعند الإقلاع تصل طنًا ونصف الطن، ويمكنها القيام بالعمليات الخاصة ومهمات المراقبة ومهمات المساعدة الإنسانية، إضافة لعمليات مراقبة الحدود.

 وأيضًا الطائرة «6 أكتوبر» وهى طائرة استطلاع بدون طيار، وتبلغ أقصى سرعة لها 260 كيلومترًا/الساعة، ويمكنها أن تُحلق لمدة 30 ساعة متواصلة بمدى عمل 240 كيلومترًا، وهى النموذج المطور من الطائرة بدون طيار 30 يونيو.

 

 

وهكذا تمضى مصر قدمًا فى تسليح قواتها المسلحة بأحدث المعدات والأسلحة المتطورة تكنولوجيًا للحفاظ على أمنها القومى، وحدودها فى ظل ما تشهده الساحة الإقليمية والعالمية من توترات وحروب تقليدية، وغير تقليدية تهدد استقرار المنطقة.