السبت 16 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عودة الحياة لأرض الفيروز

من التحرير إلى التعمير.. معارك كبرى خاضتها الدولة المصرية على أرض الفيروز.. ومهدد الديانات.. هادفة إلى التعمير والتنمية الشاملة، لتحقيق غاية استراتيجية لها أبعاد أمن قومى، وهى تأمين البوابة الشرقية لمصر، وضمان صونها إلى أبد الدهر، كونها مطمعا لغير المصريين من القوى الاستعمارية على مر العصور، لما تحويه من كنوز اقتصادية، ومكانة سياحية ودينية.



 

لذلك فطنت القيادة السياسية لكل تلك الأبعاد الاستراتيجية، فوضعت سيناء فى قلب رؤية التنمية المستدامة، من خلال تنفيذ العديد من المشروعات التنموية فى جميع القطاعات، لتواصل دفع عجلة التنمية الشاملة، وبات المحور الاقتصادى هناك ضرورة مهمة لأمن مصر القومى، وقوة دافعة لزيادة معدلات الناتج القومى للدولة.

كما تولى الدولة اهتماما كبيرا بالمواطن المصرى، لدمجه كشريك أساسى فى اتخاذ قرارات التنمية، فهو المستهدف الأول بخطط الدولة، وكذلك لضمان استدامة جهود التنمية، وهو ما رسخته النسخة المحدثة من رؤية مصر 2030، والتى تتفق مبادئها مع قانون التخطيط العام للدولة رقم 18 لسنة 2022، الذى يعزز مشاركة الأطراف الفاعلة فى عمليات التنمية، وتشجيع الابتكار والبحث العلمى، لتحقيق تنمية مستدامة متوازنة جغرافيا، وبيئيا، وقطاعيا. وتفتح مجلة «صباح الخير» هذا الملف الاستراتيجى، لإبراز الجهود الحثيثة للتنمية فى سيناء، من خلال خبراء الاقتصاد.

 

 

 

التمكين المجتمعى

كان لا بد من إتاحة البيانات التفصيلية لخطط الدولة التنموية، حسب الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وذلك لإحداث تنمية حقيقية، وتمكين المجتمعات المحلية اقتصاديا واجتماعيا، وتحقيق العدالة المكانية، وخفض الفجوات الجغرافية، وإتاحة الخدمات الأساسية بجميع المناطق فى الدولة، وذلك بهدف تمكين المواطنين من المشاركة الفعالة، والمتابعة الدورية لتنفيذ الخطط، وفقا لإطار متكامل يعزز التخطيط التشاركى. 

وفى تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فيما يتعلق بملامح الخطة الاستثمارية لمحافظتى شمال وجنوب سيناء العام الأخير، أشارت وزيرة التخطيط والتنمية، حددت قيمة الاستثمارات الموجهة للمشروعات التنموية بهما «409 مشروع» بـ 12.4 مليار جنيه، منها 7 مليارات لـ 231 مشروعا بشمال سيناء، و5.4 مليار بـ 178 مشروع بجنوب سيناء.

وجاء قطاع النقل فى الشمال متصدرا بنسبة 40  % بواقع 2.8 مليار جنيه، ثم الإسكان بـ 1.5 مليار جنيه بنسبة 21  %، بإجمالى 44 مشروعا تنمويا، و496 مليون جنيه لخدمات مياه الشرب والصرف الصحى، و190 مليونا للتعليم العالى بنسبة 3 %.

كما شملت استثمارات الحكومة بشمال سيناء فى مجال التنمية المحلية 1.4 مليار جنيه بنسبة 20  %، لتنفيذ 96 مشروعا، منها رصف طرق محلية بنحو مليار جنيه.

أما عن الاستثمارات المستهدفة بقطاعات جنوب سيناء، فتصدرها التعليم العالى بنسبة 26  % بقيمة 1.4 مليار جنيه، ثم قطاع الإسكان مليار جنيه بنسبة 19  %، وإجمالى 46 مشروعا تنمويا، و986 مليونا لتنفيذ 50 مشروعا بقطاع التنمية المحلية، ثم الصحة بـ 688 مليون جنيه بنسبة 13 % من حجم الاستثمارات الموجهة لجنوب سيناء، ويليها قطاع الزراعة بـ 240 مليون جنيه بنسبة 4  %، بينما تخصص لباقى القطاعات الأخرى مليار جنيه بنسبة 19  %.

الأمن الغذائى 

 

 

 

اتخذت وزارة الزراعة العديد من الإجراءات الاستباقية لدعم القطاع فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو ما أكده السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، مشيدا بالنهضة والطفرة غير المسبوقة التى شهدتها سيناء فى هذا الملف، مؤكدا أهمية الزراعة فى دعم منظومة الأمن الغذائى المصرى، وتحقيق التنمية المتوازنة من خلال تهيئة المناخ لزيادة الاستثمارات، وتنفيذ العديد من المشروعات القومية.

وكان لسيناء نصيب فى توسيع الرقعة الزراعية واستصلاح الأراضى حسب خطة الدولة التى تستهدف 3.5 مليون فدان فى الصحراء، حيث تم استزراع 456 ألف فدان لتنمية شمال ووسط سيناء، إضافة إلى 18 تجمعا تنمويا زراعيا، منها 7 جنوبا و11 شمالا، واستصلاح 11 ألف فدان تسلمها المزارعون بواقع 5 أفدنة لكل مزارع، ويستفيد منها بشكل مباشر 2122 أسرة من أبناء سيناء والمحافظات الأخرى.

 

استثمارات تنموية

أكد الدكتور محمد سالم مشعل، أستاذ الاقتصاد بكلية الزراعة جامعة القاهرة، عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، أن الإرهاب كان عائقا وتحديا كبيرا أمام استثمارات الدولة الضخمة فى سيناء، وتم التغلب عليه بالقضاء على الإرهاب، وزادت مساحة الأراضى المسطحة والرقعة الزراعية فى سيناء ومدن القنال بنسبة 75 %، فبعد أن كانت المساحة المسطحة عام 2014 تقدر بـ 103 آلاف فدان، أصبحت 285 ألف فدان فى 2024، بخلاف 18 تجمعا زراعيا يستفيد منه عدد كبير من الأسر، وبذلك تتجاوز المساحة الإجمالية لأبرز المشروعات الزراعية والثروة الحيوانية فى سيناء المليون فدان.

وأضاف مشعل، تعتمد مصادر المياه بسيناء على المياه المعالجة، والمحلاة، والجوفية، وتم تنفيذ ما يقرب من 13 مشروعا لمعالجة مياه الصرف الصحى والزراعى، بطاقة 7 ملايين متر مكعب يوميا، أبرزها محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر بطاقة إنتاجية نحو 5.6 مليون متر مكعب يوميا، لزراعة 456 ألف فدان فى سيناء، ومعالجة محطة المحمصة بطاقة إنتاجية مليون متر مكعب يوميا، لزراعة 50 ألف فدان، كما تم استكمال البنية الأساسية لمأخذ مياه الرى بالشيخ جابر لاستصلاح 90 ألف فدان بمنطقة رابعة وبئر العبد، والتى كان مخططا منذ تسعينيات القرن الماضى، فضلا عن الانتهاء من 300 ألف فدان بالأراضى الجديدة ضمن المرحلة الأولى بمنظومة الرى الحديث.

مشيرا إلى تبطين ما يقرب من 175 كيلو مترا من الترع بمحافظتى الإسماعيلية وبورسعيد، إضافة إلى مشروعات الاستزراع السمكى، فهناك أكثر من 8 آلاف حوض ضمن مشروعات هيئة قناة السويس، والفيروز، وجار العمل على إنشاء 8 قرى للصيادين بتكلفة 3.5 مليار جنيه، فى حين تبلغ تكلفة تنمية بحيرة البردويل بشمال سيناء حوالى 120 مليون جنيه، وبلغت تكلفة تنمية مياه الصيد البحرى الجارى تنفيذه بمدينة طور سيناء بالعريش 72 مليون جنيه.

 

 

 

وقال مشعل، أنه تم إطلاق أكثر من 200 قافلة بيطرية فى سيناء ومدن القناة الفترة الماضية، لمتابعة التطعيمات مع الأهالى والمزارعين، واستكمال ما ينقصهم من أدوية، وغيرها، مؤكدا أن هذه المشروعات قادرة على تحقيق الأمن الغذائى، والاكتفاء الذاتى والتصدير، مشيرا إلى أن مراحل التنمية بدأت بالتوازى على جميع الأصعدة، منذ التحرك الجاد فى سيناء عام 2014، لسد الثغرات والمخاطر التى تواجه التنمية والتعمير فى شبه جزيرة سيناء.

قطاعات التنمية الاقتصادية 

أكد الدكتور ياسر شويتة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى، الخبير الاقتصادى، على أن وضع سيناء فى قلب التنمية الحقيقية للدولة خلال الآونة الأخيرة، من خلال تنفيذ المشروعات على مختلف المستويات من إسكان، وطرق، وأنفاق، واستصلاح زراعى، ومحطات معالجة مياه، وغيرها، جاء لأن القيادة السياسية رأت أنها ركيزة أساسية من أجل الحفاظ على سيناء، وتحقيق الأمن القومى.

وقال الخبير الاقتصادى، أن الاهتمام بتنفيذ المشروعات فى شبه جزيرة سيناء وتعميرها، بات من المحاور الرئيسية التى تعتمد عليها الدولة فى تحقيق رؤيتها للتنمية الشاملة، باعتبارها تمثل أمن مصر القومى، فموقعها الاستراتيجى جعلها حلقة وصل بين قارتى إفريقيا وآسيا، وتمر بها «قناة السويس» أهم ممر ملاحى على مستوى العالم، حيث يعبرها ما يقرب من 12 % من حجم التجارة الدولية.

وأضاف، بدأت مراحل التنمية الفعلية فى سيناء منذ عام 2014، حيث كانت هناك الكثير من التحديات، وعلى رأسها تطهيرها من الإرهاب لتحقيق الاستقرار الأمنى، وتم ذلك بالتوازى مع تنفيذ المشروعات التنموية، موضحا أن تكلفة مختلف القطاعات الاقتصادية تخطت 700 مليار جنيه فى الفترة من عام 2014 وحتى 2024، وهو ما أكدت عليه الإحصائيات الرسمية.

حركة التجارة

ترتبط سيناء بالوادى والدلتا من خلال 6 أنفاق بعد أن كان هناك نفق واحد، وكما تشير الأرقام والإحصائيات، إلى أنه فى عهد الرئيس السيسى، تم إنشاء 5 أنفاق بتكلفة بلغت 35 مليار جنيه، وكانت أهم العوائد الاقتصادية لهذه الأنفاق ربط سيناء بالوادى والدلتا، وسهولة حركة العبور من وإلى سيناء فى مدة تتراوح بين 15 و20 دقيقة، كما ساهمت فى تيسير حركة انتقال البضائع إلى سيناء والوادى والدلتا والعكس.

كما تؤكد الأرقام على عبور حوالى 2000 سيارة فى الساعة، أى بمعدل 40 ألف سيارة فى اليوم، فى النفق الواحد أسفل قناة السويس، ما يؤكد سرعة العبور بالنسبة للمواطنين والبضائع، ودعم حركة التبادل التجارى من وإلى سيناء.

قطاع الإسكان 

وعن مجال الإسكان تسعى الدولة إلى إنشاء حوالى 6 مدن جديدة فى سيناء ومنها الإسماعيلية الجديدة، وبئر العبدالجديدة، ومدينة شرق بورسعيد شمال غرب سيناء، ورفح الجديدة، وإنشاء حوالى 445 ألف وحدة سكنية لتطوير العشوائيات فى سيناء، وكان نصيب الإسكان الاجتماعى على أرض الواقع من خلال إنشاء 131 ألف وحدة سكنية.

الثروة السمكية

حرصت الدولة على تطوير بحيرة البردويل، ونفذت عددا من المشروعات المرتبطة بتنمية الثروة السمكية، حيث تم تنفيذ حوالى 990 حوضا للاستزراع السمكى، وجار إنشاء 8 قرى للصيادين لتصبح قريبة لهم من مصادر الصيد.

الطرق والموانئ

أكد الدكتور ياسر شويتة، على أن عملية التنمية الحقيقية، لا تتم إلا من خلال إصلاح البنية التحتية المرتبطة بإنشاء الطرق والمحاور، إضافة إلى محطات الكهرباء، وتوفير مصادر المياه، لاجتذاب السكان وإحداث تعمير حقيقى، ولذلك تم تنفيذ 73 مشروعا خلال السنوات الأخيرة، وحوالى 460 مشروعا فى مجال إنشاء وتطوير الطرق الطولية والعرضية، لربط شمال وجنوب ووسط سيناء بالوادى والدلتا.

كما حرصت الدولة على تطوير الموانى البحرية والبرية فى سيناء، حيث تم تطوير 8 موانى بحرية تطل على شواطئ البحرين الأحمر والمتوسط، وقناة السويس، وخليج العقبة، كما تم إنشاء إنشاء وتطوير 3 موانى برية، وتنفيذ مشروع القطار الكهربائى السريع الذى يربط بين العين السخنة والعلمين ومرسى مطروح بحوالى 675 كيلو مترا.

وبذلك استطاعت الدولة أن تؤسس لإقامة بنية تحتية حقيقية فى مجال الطرق والكبارى والمحاور داخل سيناء، وإنشاء وسائل مواصلات نقل حديثة لتسهيل عملية التنمية، وهو ما يشجع على انتقال البشر إلى سيناء لتعميرها، كما يمثل نقطة ركيزة أساسية للحفاظ على أمنها.

محور القنال

وعن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، «محور القنال» للتنمية، تم تطوير البنية التحتية من محطات كهرباء، وطرق، وموانئ بحرية، وأرصفة فى هذه المنطقة، وتجاوز حجم الاستثمارات 14 مليار دولار، لتصبح مركزا عالميا للاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، من خلال الشراكات الاقتصادية التى تقوم بها الدولة مع شركاء التنمية العالمين.

قطاع التعليم

اهتمت الدولة بقطاع التعليم قبل الجامعى فى سيناء، من خلال التوسع فى إنشاء المدارس بجنوب ووسط وشمال سيناء، باعتباره يمثل ركيزة أساسية لترسيخ قيم الولاء والانتماء لمصر، ومواجهة الفكر المتطرف، وربط المدارس الفنية بطبيعة البيئة فى سيناء للاستفادة من هذه المخرجات التعليمية فى دعم الإنتاج، وكذلك الحال على المستوى الجامعى فحرصت الدولة على التوسع فى إنشاء الجامعات، باعتبار أن التعليم الجامعى وما بعده، يمثل نقطة انطلاق لأبناء سيناء نحو دمجهم مع أقرانهم فى باقى المحافظات.

 

 

 

التنمية السياحية

جاء الاهتمام بقطاع السياحة فى سيناء، حيث تمتد على شواطئ البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، ولذلك تسعى على ضخ استثمارات كبيرة فى هذا القطاع مثل إقامة المنتجعات السياحية، حيث تمثل منطقة جذب للسياح على مستوى العالم، إلى جانب الاهتمام بالسياحة الدينية، من خلال ضخ استثمارات من أجل تطوير الطريق المرتبط برحلة العائلة المقدسة، وتطوير المناطق السياحية فى جبال موسى والطور، باعتبار أن السياحة الدينية من المصادر المهمة لجذب النقد الأجنبى، لأنها دائمة طوال العام، إضافة إلى السياحة العلاجية والشاطئية والثقافية.