#حكاية-وطن
حضــارة .. وأصالـــة

أعده للنشر: مصطفى عرام
الثقافة حق لكل مواطن تكفله الدولة وتدعمه بإتاحة الموارد بجميع أشكالها للحفاظ على الهوية الثقافية بروافدها الحضارية المتنوعة.
وأكد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، أن «لكل شخص حق المشاركة الحرة فى حياة المجتمع الثقافية، وفى الاستمتاع بالفنون، والإسهام فى التقدم العلمى وفى الفوائد التى تنجم عنه».

وإن «لكل شخص الحق فى حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على إنتاج علمى أو أدبى أو فنى من صنعه».
فى السياق ذاته، انضمت مصر إلى الإعلان العالمى بشأن التنوع الثقافى الذى أقرته منظمة اليونسكو والذى يؤكد أن «التنوع الثقافى، بوصفه مصدرا للتبادل والتجديد والإبداع، هو ضرورى للجنس البشري، وينبغى الاعتراف به والتأكيد عليه لصالح الأجيال الحالية والأجيال القادمة».
وبما أن الثقافة هى التى تترجم كياننا، وهى العنصر المؤسس لهويتنا، وباعتبار أن ترسيخ الثقافة فى صميم سياسات التنمية، وهى السبيل الوحيد لتحقيق تنمية شاملة للإنسان، فقد تم إدراج الثقافة لأول مرة فى جدول الأعمال الدولى للتنمية المستدامة، وذلك ضمن أهداف التنمية التى اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2015.

ونصت المادة 47 من الدستور على «تلتزم الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة». وكذلك المادة 48 التى نصت على أن «الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافى أو غير ذلك. وتولى اهتماما خاصا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجا».
رؤية شاملة
بلغ عدد قصور وبيوت الثقافة على مستوى الجمهورية 357 قصرًا وبيتا، حتى عام 2023، بزيادة 30 قصرًا وبيتًا مقارنة بعام 2014، بينما بلغ عدد الأنشطة الثقافية 2357 نشاطًا ثقافيًا تم تنفيذها، إضافة إلى تنفيذ 1368 برنامجًا تدريبيًا للعاملين بوزارة الثقافة خلال 9 سنوات، فى حين تم افتتاح 85 موقعًا ثقافيًا خلال 9 سنوات.
وتهدف الدولة من خلال رؤيتها المتكاملة للنهضة الثقافية إلى رفع كفاءة المؤسسات الثقافية والعاملين بالمنظومة الثقافية عن طريق تعظيم دور المؤسسات الثقافية وتأثيرها، وتوسيع نطاق وصولها لمختلف فئات المجتمع.
كما تهدف إلى تعزيز التراث بكافة أنواعه، من خلال ضمان حماية التراث الحضارى ورفع الوعى الخارجى والداخلى به.
وأكدت الدولة من خلال «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، التى أعلنتها فى سبتمبر 2021، على الحقوق الثقافية للمواطن المصري، باعتبارها من حقوق الإنسان الأساسية إلى جانب الحقوق السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية.

ووافق مجلس النواب فى عام 2020، على مشروع القانون الذى تقدمت به وزارة الثقافة إلى مجلس الوزراء لاستحداث جائزة جديدة تحت مسمى «جائزة الدولة للمبدع الصغير»، تمنح سنويا لمن يقدم منتجا فكريا أو ماديا مبتكرا، ولم يتجاوز عمره 18 عاما فى مجالات الثقافة والفنون.
تعزيز القيم
تعمل الحكومة على ترسيخ الهوية الثقافية والحضارية؛ حيث شرعت فى تنفيذ عدة مبادرات لتعزيز القيم الإيجابية فى المجتمع من خلال إطلاق مشروعات عديدة، أبرزها: مشروع «سينما الشعب»، ومشروع «عاش هنا» ومشروع «ذاكرة المدينة» ومشروع «حكاية شارع»، ومبادرة «ثقافتك فى بيتك» ومبادرة «المؤلف المصري».
ويعد تحقيق العدالة الثقافية أحد المحاور الرئيسة فى خطة عمل وزارة الثقافة، ويهدف إلى توزيع الخدمات الثقافية فى مختلف ربوع الوطن بشكل متوازن باعتبار الثقافة حقا أصيلا لكل المواطنين كما نص الدستور

وفى سياق آخر بلغ عدد المكتبات المدرسية التى تم تزويدها بـ 11.3 ألف كتاب ضمن خطة المشاركة فى مبادرة حياة كريمة 59 وبلغ عدد الأنشطة فى إطار مشروع المسارح المتنقلة 347 نشاطا فى 41 قرية بـ9 محافظات.
وحققت مصر الترتيب 38، فى مؤشر القوة الناعمة من بين 121 دولة على مستوى العالم 2023.
وبلغ عدد الفعاليات الفنية والفكرية والإبداعية التى قدمتها وزارة الثقافة ما يقرب من الألف، فى52 قرية ونجعا بعدد من المحافظات بينما تم تنظيم ما زاد عن الألف والنصف خاصة بذوى القدرات الخاصة، وإطلاق مشروع السعادة لنزلاء دور الرعاية من كبار السن والأيتام عام 2022.
تطوير المؤسسات
تربعت الثقافة المصرية على عرش الماضى والحاضر، فقد اختيرت محافظة الأقصر كعاصمة للثقافة العربية لعام 2017، ضمن مشروع العواصم الثقافية العربية الذى تشرف عليه «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» كنتاج لجهود حثيثة للارتقاء بالثقافة.
وفى إطار سعى الدولة للنهوض بقطاع الثقافة، قامت الحكومة بتنفيذ العديد من المشروعات وإطلاق المبادرات المختلفة التى تسهم فى تحقيق تلك الغاية على مدار السنوات التسع الماضية؛ حيث عملت على إحلال وتجديد المنشآت الثقافية، ورفع كفاءة وإعادة تأهيل وتأمين البعض الآخر، إضافة إلى إدراج منشآت جديدة ضمن الخدمة الثقافية.

وتعتبر مدينة الفنون والثقافة التى يجرى إنشاؤها بالعاصمة الإدارية الجديدة منارة للإبداع الفنى والفكرى والثقافى، وفقا لأحدث المواصفات العالمية وأرقى التصميمات المعمارية، وهى خير دليل على جهود الدولة فى الجانب الثقافى.
أما مركز مصر الثقافى الإسلامى (مسجد مصر): فهو فى هذا السياق أهم المشروعات التى تم إنشاؤها فى العاصمة الإدارية الجديدة، ليكون مركزا إسلاميا يهدف إلى النمو الفكرى والثقافى والدينى والاجتماعي، ومحاربة الأفكار المتطرفة. تم تطوير العديد من المتاحف الثقافية من 2014 2022- .
أما عن إحلال وتجديد المسارح والسينمات، فقد بذلت الدولة جهودا مضنية فى هذا الجانب خلال السنوات التسع الماضية؛ بغية نشر الوعى الثقافى بين أفراد المجتمع.
ولم تتوقف جهود الدولة بل قامت بإنشاء عدد من المؤسسات الثقافية، يأتى فى مقدمتها، المكتبات الثقافية، التى تعد أذرع المعرفة والوعى للمواطن المصري، وتلعب دورا مهما فى خلق جيل جديد مستنير، وتهدف إلى نشر الثقافة فى القرى المحرومة، وزيادة الوعى الثقافى بين القرى المختلفة، وبناء الإنسان المصرى.
تم إنشاء قصور وبيوت الثقافة، بهدف اكتشاف المواهب الفنية لتدعيم قوة مصر الناعمة، ونشر التنوير، وترسيخ الهوية المصرية بين أبناء الوطن.
بلغت تكلفة افتتاح مدرسة أكاديمية الفنون للتكنولوجيا التطبيقية عام 2020، 231 مليون جنيه، وتعد الأولى من نوعها فى مصر.
وحصدت مصر جائزة الاستحقاق فى فئة مشروعات الثقافة والعبادة فى مسابقة التحكيم العالمية لمجلة «إيثر» الأمريكية لعام 2022، عن مشروع مركز مصر الثقافى الإسلامى.
وتولى الدولة اهـتماما كبيرا بتنمية الموهوبين للاسـتـعـداد للنبوغ والإبداع، وتنمية قدراتهم الإبداعية غير المتحققة، لتتحول إلى إبداع حقيقى فى الواقع، الأمر الذى يمثل صناعة واستثمارًا ثقافيًا حقيقيًا فى عقول النشء والشباب، باعتبارهما رأس المال الحقيقى الذى يمكن الاستثمار فيه، ومصادر لبناء الوطن فى المستقبل.

وفى هذا السياق، وفرت الدولة رعاية عشرات الموهوبين فى مختلف المجالات بإطلاق عدة مبادرات ومسابقات لاكتشاف المواهب والنابغين والمبدعين.
كما دُشنت مراكز وفصول لتنمية المواهب فى مختلف الأقاليم ضمن الاستراتيجية المصرية لاكتشاف ودعم الواعدين، وتجسيدا لمبدأ العدالة الثقافية؛ حيث تم إنشاء مراكز لتنمية المواهب بالإضافة إلى زيادة فصول تنمية المواهب وانتشارها.
المرأة والفنون
إيمانا من الدولة بضرورة دعم إبداع المرأة خاصة، دُشنت مسابقة «إبداعاتهن للفنانات التشكيليات»، فى مارس 2021، بعنوان «إبداعاتهن» فى مجالات المجسمات.
وفى إطار تعزيز ريادة مصر الثقافية عالميا، تم تنفيذ العديد من الفعاليات الدولية لإظهار وجه مصر الحضارى ودور القوة الناعمة. ومن أبرز الفعاليات «قمة المناخ COP27» بمدينة شرم الشيخ.
وفى إطار العلاقات الإفريقية، تم توقيع العديد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون الثقافى مع غالبية الأشقاء فى القارة حيث تم تنظيم عدد 110 فعاليات فكرية وفنية وإبداعية فى مصر، فى الدول الإفريقية.
وفيما يتعلق بالمشاركة فى المهرجانات الدولية، شاركت مصر فى عدد من المهرجانات الدولية، منها: الـدورة الـ 21 لمهرجان «كورسيكا الدولى لموسيقى البحر المتوسط» بفرنسا، ومهرجان «مصر على ضفاف الجانج» بالهند بالتعاون مع السفارة المصرية بالهند، ومهرجان أيام قرطاج المسرحية بتونس.
واستكمالا، نظمت أكاديمية الفنون المؤتمر العلمى الثانى بعنوان «المرأة الإفريقية أيقونة القارة السمراء» إلكترونيا، وشاركت أيضا فى البيت الفنى للمسرح بعرض «أنا كارمن» فى المهرجان الدولى النسائى للمونودراما بالجزائر، وحصل على جائزة أفضل عرض به.
فيما شهد عام 2022 أكبر تحرك فى مجال الدبلوماسية الثقافية ويتمثل فى عودة القوة الناعمة المصرية للمحافل الدولية، بتوقيع العديد من البروتوكولات الثقافية المبرمة مع ودول العالم، بما يمهد التحرك المستقبلى على الساحة الدولية.