السبت 30 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أين صناعة الجمال؟!

أين صناعة الجمال؟!

العنف يحيطنا من كل جانب، الدموية تجتاح القلوب قبل العقول، فهل لنا أن نعيش فى معية سفك الدماء حتى من خلال أجمل وأنقى ما يمكن أن يحقق اللذة فى حياتنا وهو الفن!!! علينا إعادة النظر فيما يقدم على شاشاتنا سواء السينما أو التليفزيون أو حتى المنصات، وأن نبحث عن الجمال فى الجمال، ولنكتفِ بالعنف عند حد واقعنا المؤلم، والمرير.



مؤخرًا تابعت فيلم شقو على شاشة السينما، وإذا أخذنا بالتفسير والتحليل لعناصر العمل سنجد تجسيدا للعنف وبقوة. فواقعنا ملىء بالحوادث، والأشرار، كما جاءت نهاية الفيلم مؤكدة على انتصار الشر، فقد تجاوز البطلان المدى ظلمًا واعتداءً، وفى النهاية رحلا بعيدًا عن البلد وسافرا دون أية محاسبة، حتى وإن تراجعا أو شعرا بالذنب، وندما عما اقترفاه، فأين حق البشر المعتدى عليهم، وهل نرسخ لدولة اللا قانون، وأن المادة فوق كل اعتبار، حتى مشاهد ضباط مباحث وزارة الداخلية لم تظهر براعة رجال الداخلية وقوتهم فى استعادة الحقوق، بل انتصر حجازى وشقو للنهاية.

نحن فى حاجة لمراجعة المحتوى المقدم، وأن يكون هناك توجه باستعادة القيم الغائبة لدى المتلقين، وفى مقدمتها البحث عن الجمال، والذى لفت الأنظار فى أعداد المشاهدة التى تزايدت يومًا بعد يوم للأعمال الدرامية التركية والمكسيكية المدبلجة، والتى دعمت بجمال الصورة وأداء الممثلين نحو ما نفتقده من الإحساس بالجمال، فكانت المعادل المفقود الذى يبحث عنه الجمهور وسط صراعات الحياة ومتطلباتها.

فى الواقع محمد ممدوح ممثل يعيش فى أدواره، ويبدع فى تقمص شخصياته، ويؤكد من خلال أعماله أنه ممثل بقدرات عالية، أمينة خليل أمعنت فى الدور، ويختلف عما اعتدناه منها فخرجت على جمهورها بإضافة لرصيدها الفنى حتى وإن وصل لحد المبالغة، عمرو يوسف ودينا الشربينى أديا أدوارهما بتعايش وصدق فى الأداء، يسرا رغم التكرار إلا أنها كعادتها صاحبة الطلة الجاذبة والخاطفة للأضواء. ورغم ما سبق إلا أننى أقف باحثة عن الجمال، وخرجت من قاعة العرض ساخطة مما تعرضت له من عنف نفسى، ولم أجده فى سياق جمالى بمعالجة درامية، بل تأكيدًا على مزيد من العنف المجتمعى المستشرى.

أعتقد علينا أن نرفع شعار لا للعنف وهيا نحو الجمال، وهنا أرى أنه ليس تدخلًا فى الأعمال الإبداعية، ولا سطوا على حرية الفكر والإبداع التى يكفلها الدستور، ونحن ندعمها بحكم كوننا فنانين ومبدعين قبل أى شىء، ولكن أن نتمسك بشعار المرحلة لا للعنف أو كفانا عنفًا ربما يكون توجيهًا استراتيجيًا مقبولًا لصناع السينما، لخلق نماذج إيجابية، ونثر مواطن الجمال، وأن نكف عن هذا الكم الهائل من العنف الذى يستكمل بنية حياتنا اليومية، وكذا إيمانًا بدور السينما وما تلعبه فى عقول ووجدان المشاهدين، فالشباب والأطفال استغرقوا وانتهكت براءتهم فى حياة قاسية مليئة بالعنف والحروب والآلام الموجعة إنسانيًا، وليكفِنا ما يحدث على الحدود الشرقية فى قطاع غزة، وما يؤلمنا لحظة بلحظة من انعدام للإنسانية، فينبغى أن نفكر فى قيمة ما يقدم، لنحقق مزيدا من المتعة ونسب المشاهدة، ليس فقط بالمردود المادى، وإنما المردود الإنسانى أولًا.