إنشاء محطة الضبعة النووية بمفاعلات من الجيل الثالث وتكنولوجيا آمنة وموثوقة
حلم «عبدالناصر» الذى حققه «السيسى»
تابع الخطوات: رضا رفعت
حققت مصر خطوات كبيرة لاستكمال مشروعها النووى الطموح، والتوجه إلى تلك الصناعة والتكنولوجيا الاستراتيجية، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، ودعم جهودها الحثيثة لمواجهة التغيرات المناخية؛ لتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية وبيئية عديدة، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات، وفتح مجالات جديدة لتوفير فرص العمل، مع حماية الاقتصاد المصرى من تقلبات سوق الطاقة العالمى، ووضع مصر على خارطة الطاقة النووية السلمية العالمية.
أصبح الوصول إلى الطاقة الرخيصة (نسبيًا) ضروريًا للاقتصاديات الحديثة، لدورها الحيوى والفعال كمحرك أساسى ومؤشر للنمو الاقتصادى، وتقليل نفقات الإنتاج؛ وبالتالى زيادة القدرة التنافسية للمنتج الذى سيستخدمها، خاصة مع وجود توقعات بازدياد حدة أزمة الطاقة العالمية خلال السنوات المقبلة، بما فى ذلك تجاوز سعر خام برنت 100 دولار للبرميل وربما 110– 115 دولارًا، مع ارتفاعات موازية فى أسعار الغاز الطبيعى والمسال والفحم والكهرباء، وسط استمرار حالة عدم اليقين فى أسواق النفط والغاز الطبيعى.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار فى الطاقة النظيفة -بما فيها المشاريع النووية الجديدة- سيزداد بمقدار تريليونى دولار سنويًا بحلول عام 2030؛ حيث إن الطاقة النووية لا تتعرض لتقلب أسعار الوقود مثل محطات الطاقة التى تعمل بالغاز؛ فإذا ارتفعت أسعار الغاز الطبيعى بنسبة 100 ٪، فإن تكلفة الكهرباء فى محطة تعمل بالغاز سترتفع بنحو 60 إلى 70 %، وإذا تضاعف سعر السوق لليورانيوم الطبيعى فستكون الزيادة فى التكلفة أقل من 10 ٪.
كما أصبحت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون العالمية حوالى 32 مليار طن سنويًا، والمتوقع تجاوزها 34 مليار طن بحلول عام 2030، فى حين تُشكل محطات الطاقة النووية مصدرًا مهمًا لتوليد كهرباء منخفضة الكربون على مدى 60 عامًا على الأقل، وهى صديقة للبيئة مقارنة بالمحطات التقليدية؛ لأنها لا تنتج الغازات المدمرة للبيئة مثل أكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين، ولا تستهلك الأكسجين، كما أن كل كيلوجرام من اليوارنيوم بتخصيب حوالى 4 % يوفر عند احتراقه طاقة تُعادل حوالى 100 طن فحم عالى الجودة أو حوالى 60 طنًا من النفط الخام.
ورغم أن بناء هذه المحطات مكلف، فإن تشغيلها وصيانتها أرخص من الغاز والفحم. ولذلك أوصت العديد من الدراسات العالمية بضرورة توسيع نطاق الطاقة النووية.
وحسب المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، بلغ إجمالى سعة الطاقة النووية المركبة بالعالم حوالى 400 جيجاوات (عام 2021)، لتُمثل حوالى 10 % من قدرة توليد الكهرباء فى العالم.
ووفقًا لإحصائيات عام 2022 هناك حوالى 439 مفاعلًا نوويًا فى 32 دولة بالعالم، وأكثر من 52 مفاعلًا قيد الإنشاء فى حوالى 19 دولة، ومن المرجح أن تشهد سعة الطاقة النووية المركبة إضافة أكثر من 54 جيجاوات، بمجرد اكتمال البنية التحتية لها.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية هى أكثر الدول إنتاجًا للطاقة النووية بحوالى 790 جيجاوات/ ساعة من 96 مفاعلًا وبنسبة حوالى 30.9 % من إجمالى الإنتاج العالمى، واعتمدت فى توليد أكثر من 50 % من الكهرباء النظيفة على الطاقة النووية.
بوابة «العالم النووى»
تمثل محطة الضبعة بوابة دخول مصر إلى عالم الطاقة النووية السلمية؛ وعنصرًا مهمًا فى استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، وتهدف مصر من خلاله تنويع مصادر الطاقة البديلة غير الناضبة والرخيصة نسبيًا بخفض الاعتماد على الغاز الطبيعى والمنتجات البترولية.
وتشمل المرحلة الأولى للمشروع إنشاء 4 مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور (مفاعلات الماء المضغوط)، لتوليد كهرباء بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات بواقع 1200 ميجاوات لكل منها (إجمالى الطاقة المتولدة من السد العالى 2100 ميجا وات)، وإعداد البنية التحتية الخاصة برصد وقياس درجات الحرارة والرطوبة واتجاهات الرياح والزلازل والتيارات البحرية، وإمداد خطوط الغاز والمياه والكهرباء والاتصالات وإنشاء المبانى الخدمية الخاصة بالعاملين.
وذلك بتكلفة حوالى 29 مليار دولار، منها 25 مليار قرض روسى بفائدة مدعومة بحوالى 3 % لمدة 22 عامًا، يتم تسديده من الأرباح اعتبارًا من عام 2029، بينما تتكفل مصر بتمويل الباقى (15 %).
ووفق مجلس الوزراء، فإن مفاعل محطة الضبعة النووية أحد مفاعلات الجيل الثالث المتطور والذى يعتبر أعلى ما توصلت إليه التكنولوجيا النووية فى العالم، مع بساطة التصميم وانخفاض التكاليف ووجود نظم أمان سلبية لا تقبل الخطأ البشرى وتعمل تلقائيًا، فضلًا عن تحمل عال للمؤثرات الخارجية مثل اصطدام طائرة زنة 400 طن بسرعة 150م/ث، وكذلك تحمل عال للظواهر الطبيعية مثل موجات التسونامى والزلازل والأعاصير، والتوافق التام مع متطلبات الأمان للوكالة الدولية للطاقة الذرية. والعمر الافتراضى الكبير مقارنة بالمحطات الحرارية. وتنتج كميات أقل من النفايات المشعة.
ومحطة الضبعة تنفذها هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء بالتعاون مع شركة «روس اتوم» الروسية، فى الكيلو 135، بطريق مطروح- الإسكندرية الساحلى، على مساحة حوالى 50 كيلومترًا مربعًا، بطول 15 كيلومترًا على ساحل البحر المتوسط، وبعمق 5 كيلو مترات.
وقد تم اختيار الموقع منذ عام 1983 كأحد أفضل المواقع بين المواقع المرشحة والواقعة على جميع السواحل المصرية سواء بالبحرين الأحمر والمتوسط وخليج السويس.
وعلى مدار أكثر من أربعين عامًا تم خلالها إجراء دراسات فنية مختلفة أثبتت جميعها ملاءمة الموقع لتشييد المحطة.
وقال د.مدحت سابق، أستاذ الطاقة النووية، إن منطقة «الضبعة» مكان ملائم وآمن جدًا، وقريب من المياه والتى يمكن استخدامها لتبريد المحطات النووية، كما أنها أرض مستقرة بعيدة عن حزام الزلزال؛ مما يضمن عدم حدوث تسريب نووى، إضافة إلى أنها تبعد نحو 60 كيلو مترًا من التجمعات السكانية، وبالتالى لن تشكل خطورة بيئية أو مجتمعية.
فيما أكد الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن أول مفاعل نووى للمحطة سيدخل الخدمة فى سبتمبر 2028، وكل 6 أشهر يدخل مفاعل آخر، وبحلول عام 2030، ستكون الوحدات الأربع للمحطة النووية فى الضبعة تعمل بشكل كامل. مشيرًا إلى العمل على تعظيم مشاركة الطاقات المتجددة لتصل إلى 42 % سنويًا من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة عام 2035، مقارنة بـ 20 % عام 2022، وإدخال الطاقة النووية بنسبة حوالى 3 %.
فى 23 يناير 2024 تم إطلاق الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الرابعة بالمحطة؛ وقبلها شهد أكتوبر 2023 تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الأولى، ومصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثانية فى نوفمبر من العام نفسه.
ووفق هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، تم إتمام أعمال الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الأولى فى 20 يوليو 2022 والصبة الأولى للوحدة الثانية فى 19 نوفمبر 2022، ووصول أول أجزاء مصيدة قلب المفاعل من روسيا فى شهر مارس 2023، ثم تلاها الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الثالثة فى 3 مايو.. كما انضمت مصر لاتفاقية الأمان النووى (CNS) فى سبتمبر 2023.
فوائد عديدة
ووفق مجلس الوزراء، يقوم الجانب الروسى ببناء المحطة كذلك بتزويد الوقود النووى طوال العمر التشغيلى للمحطة، وترتيب تدريب الكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية ونقل الخبرات الروسية فى هذا المجال للمصريين، ودعم تشغيل وصيانة المحطة خلال السنوات العشر الأولى من تشغيلها، وبناء منشأة تخزين خاصة وسيورد حاويات لتخزين الوقود النووى المستهلك، إنشاء مصانع روسية فى مصر لتصنيع مكونات المحطة النووية محليًّا، وهو ما يعمل على تطوير الصناعة المحلية فى مصر.
وتوفر روسيا 90 % من المكون الأجنبى «عملة الدولة»، بينما توفر مصر 10 % لتنفيذ المحطة، وهى الدولة الوحيدة التى تصنع مكونات المحطة النووية بنسبة 100 % على مستوى العالم، ولا تعتمد على استيراد مكونات المحطة من دول أخرى ما قد يعرض المشروع للاحتكار من قِبلها.
ويؤدى تنفيذ المشروع إلى إنتاج وتوليد طاقة عالية، تُساعد على تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بطريقة موثوقة اعتمادية ومستدامة ويعتبر أساسًا لتنمية اقتصادية مستقرة.
وسوف يقوم العمل بالتوازى مع استصلاح الملايين من الأفدنة وسد العجز الشديد فى المواد الغذائية وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء والمساهمة فى تحلية مياه البحر إضافة إلى قطاعات صناعية وزراعية عديدة. كما يساهم المشروع أيضًا فى خفض 14 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا (ما يعادل عوادم 30 مليون سيارة).
وسيؤدى إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية غير المتجددة (مصادر الوقود الأحفورى) واستخدامها بشكل رشيد، وتعظيم القيمة المضافة من خلال استخدام البترول والغاز الطبيعى كمادة خام لا بديل لها فى الصناعات البتروكيميائية والأسمدة.
كما أن دخول التكنولوجيا النووية فى المصانع المصرية سيؤدى لارتفاع جودة الصناعة إلى مستوى المعايير الدولية مع استيعاب التقنيات والتكنولوجيا المتطورة، مما ينعكس على تعزيز البحث العلمى، والقدرات الفكرية القومية؛ فضلًا عن تدريب الكوادر المصرية على تكنولوجيات الطاقة النووية ونقل الخبرات الروسية لتشغيل وصيانة وإدارة المفاعلات النووية، وتسجيل أكثر من 350 شركة مصرية على الموقع الإلكترونى ترغب فى العمل بالمشروع، وتقوم عدد من الشركات بتنفيذ أعمال حاليًا بالموقع وأخرى تقوم ببعض أعمال التوريدات اللازمة للمشروع.
والمشروع يشمل إنشاء أول مدرسة تقنية متقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية فى الشرق الأوسط «مدرسة تكنولوجيا الطاقة النووية بالضبعة»، وتضم 3 أقسام هى كهرباء، وميكانيكا، وإلكترونيات، ومدة الدراسة بها 5 سنوات، وتضم الدفعة الواحدة سنويًا 50 إلى 75 طالبًا، كما تم تدريب معلمى المدرسة بهيئة الطاقة الذرية بمعاونة المتخصصين من هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.
والعمر التشغيلى للمحطة 60 سنة ويمتد إلى 80 سنة، وهو ثلاثة أضعاف المحطات التقليدية، كما أن الطاقة النووية لا تخضع للتغيرات المناخية أو الزمنية مثل الطاقة المتجددة؛ حيث قال الخبير الاقتصادى عبدالنبى عبدالمطلب إن المحطة العادية عمرها 25 سنة، كما أن المحطة النووية تعمل بنسبة 92 % من عدد ساعات السنة، مقارنةً بالمحطة الغازية التى تعمل بنسبة 56 %؛ ومحطات الطاقة الشمسية والرياح التى تعمل بنسبة 30 % فقط؛ مما يجعله أحد المصادر المهمة فى إنتاج الكهرباء، ويساعد الدولة فى تنويع مصادر الطاقة بالاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، علاوة على انخفاض تكلفة توليد الكيلو وات من الطاقة النووية، مقارنة بالمصادر الأخرى.
بينما قال الدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، إن المشروع له أثره الإيجابى على التطور التكنولوجى وتطوير الصناعة المصرية من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلى من 20 % للوحدة الأولى وصولًا إلى 35 % للوحدة النووية الرابعة، لنقل الخبرات للشركات الوطنية وإدخال تكنولوجيا الطاقة النووية للبلاد، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والبنية التحتية فى منطقة مطروح وخاصة فى الضبعة.
وفق المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فإن مرحلة بناء مشروع الضبعة تسهم فى تدفق حوالى 9 مليارات دولار إلى الناتج المحلى الإجمالى لمصر، وأن المحطة ستوفر الغاز الطبيعى والنفط بإنتاجها للطاقة، ويُجنّب البلاد تقلبات أسعارهما.. وتوفير العملة الصعبة نتيجة تقليل حرق الغاز الطبيعى فى محطات إنتاج الكهرباء. وإنتاج كهرباء يُعتمد عليها فى التنمية المستدامة والربط الكهربائى بدول أوروبا والخليج وإفريقيا.
ومن المتوقع توفير المشروع أكثر من 12 ألف فرصة عمل فى مراحل الإنشاء و3 آلاف فرصة مع التشغيل، وآلاف فرص العمل غير المباشرة فى الصناعات المكملة والمساعدة.
وقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى كلمته خلال مراسم صب الخرسانة للوحدة الرابعة: إن المحطة النووية ستُقام طبقًا لأعلى معايير السلامة وسيساهم فى تطوير الاقتصاد المصرى، وسيعزز سيادتها فى مجال الطاقة، بجانب توفير فرص عمل لأكثر من 16 ألف عامل أغلبهم من المصريين.
بينما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المشروع سيساهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتى تشمل توفير طاقة نظيفة، وزيادة الاعتماد على المصادر منخفضة الكربون.. وبتنفيذه سيتوافر لدى مصر طاقة نظيفة لمئات السنين، بالإضافة إلى استثمار كبير فى رؤوس الأموال.
معايير دولية
حصلت محطة الضبعة على ثانى أفضل مشروع نووى بالعالم فى نوفمبر 2020، وذلك لما يحتويه المفاعل، من تصميم بسيط وموثوق به.
وحسب شركة «روساتوم» الروسية المسؤولة عن إنشاء المحطة، فإن الوحدات النووية الأربع بمحطة الضبعة أصبحت قيد الإنشاء، وتستطيع المحطة تحمل اصطدام طائرة تجارية تزن 400 طن تسير بسرعة 150 مترًا فى الثانية، ويستطيع المفاعل تحمل «تسونامى» حتى ارتفاع 14 مترًا، ويتحمل الزلازل حتى عجلة زلزالية 0.3 من عجلة الجاذبية الأرضية، ويتحمل الأعاصير والرياح، مع استيفاء معايير تصميم تقاوم خطأ المُشغل، وتضمن هذه المفاعلات عدم التسرب الإشعاعى عن طريق الحواجز المتعددة، كما يوجد بها نظم السلامة السلبية والإيجابية، وزيادة كفاءة استخدام الوقود وإخراج أقل كمية من النفايات، كما تحتوى على نظام التحكم الآلى الحديث.
و«مصيدة قلب المفاعل» هى إحدى المعدات المميزة لمفاعلات الجيل الثالث المتطور؛ ويبلغ وزن مكوناتها حوالى 700 طن، وتعكس أعلى معدلات الأمان النووى لضمان التشغيل الآمن والمستمر للمحطة، وهى عبارة عن نظام حماية فريد يتم تركيبه أسفل «حلة ضغط المفاعل»، لكل وحدة نووية، وتعمل على الاحتفاظ بالمواد المنصهرة، وتحافظ عليها وتبردها، كما تضمن تقليل نسب تولد الهيدروجين وتقلص الضغط العالى فى حالة وقوع حادث، كما تمنع وصولها إلى جوف الأرض.
والمواد المنصهرة عبارة عن مواد شديدة الإشعاعية مثل ثانى أكسيد اليورانيوم، وحديد صلب، وزركونيوم وأكسيد الزركونيوم، وتصل درجة حرارتها إلى أكثر من 2400 درجة مئوية، وتكون شبيه بالحمم البركانية.
ووعاء المفاعل؛ هو «مبنى مكون من حائطين ارتفاعهما حوالى 60 مترًا ويشكل وزنًا يصل إلى آلاف الأطنان ويتم وضعه على قاعدة خرسانية مسلحة سمكها حوالى 4 أمتار.
وفق هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، كانت مصر من أوائل الدول التى أدركت أهمية استخدام الطاقة النووية، حيث أنشئت لجنة الطاقة الذرية عام 1955 ثم هيئة الطاقة الذرية عام 1957.
ومفاعل مصر للاختبارات والأبحاث وأول مفاعل نووى فى مصر «مفاعل أنشاص»، تم توريده لمصر من قبل الاتحاد السوفياتى عام 1956؛ وهو مفاعل أبحاث وتدريب، بقدرة 2 ميجا وات شاملا حمولة وقود ابتدائية قدرها 3.2 كجم من يورانيوم U235 تخصيب 10٪.
وانضمت مصر بعدها للوكالة الدولية للطاقة الذرية ثم حصلت مصر على معامل للنظائر المشعة من الدنمارك والنرويج، وقامت مصر فى عام 1964 بطرح مناقصة دولية لإنشاء محطة نووية فى منطقة برج العرب لتوليد الكهرباء قدرتها 150 ميجاوات وتحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب فى اليوم، وبتكلفة 30 مليون دولار، إلا أن عدوان 1967 أوقف المشروع.
وتوالى طرح المشاريع النووية فى عهد عبدالناصر بالتعاون مع السوفيت ثم فى عهد أنور السادات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى بداية ثمانينيات القرن الماضى، إلا أنها كانت جميعها تجارب لم تكتمل.
وبعد حرب 1973 أعيد التفكير فى الموضوع وطرحت مناقصة عالمية لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 600 ميجاوات فى موقع سيدى كرير (35 كم غرب الإسكندرية) وتمت الترسية على شركة وستنجهاوس الأمريكية وقبيل توقيع العقد عام 1978 حاولت الولايات المتحدة الأمريكية فرض شروط جديدة رفضتها مصر وتوقف المشروع بعدها.
فى عام 1981 وقعت مصر وفرنسا اتفاقية للتعاون، تتضمن إنشاء محطة للطاقة النووية؛ وذلك بسبب نقص موارد الطاقة، لاسيما أن نقص الغاز الطبيعى والنفط يمثل مشكلة كبيرة فى ظل النمو السكانى الكبير (عدد السكان كان حوالى 45 مليون شخص وحاليًا نحو 105 ملايين نسمة)، وتم اختيار موقع للمحطة فى مدينة الضبعة، لكن لم يتم تنفيذ المشروع، وفى عام 1998 تم تشغيل مفاعل الأبحاث الثانى بقدرة 22 ميجاوات حرارى بأنشاص، وفى عام2007 تم إنشاء المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، برئاسة رئيس الجمهورية وفى نفس العام عاد المشروع بطيئا عندما أعلنت مصر عن تبنيها برنامجًا نوويًا لإنشاء محطات نووية، وتوقف مرة أخرى عام 2011 مع أحداث 25 يناير وما تلاها من أحداث.
وفى فبراير 2015 وقعت مصر وروسيا، مذكرة تفاهم، تنص على إمكانية التعاون فى بناء محطة الضبعة النووية. وفى 19 نوفمبر 2015، وقع البلدان اتفاقية حكومية (دخلت حيز التنفيذ فى 13 يناير 2016). وفى 11 ديسمبر 2017، تم التوقيع على بدء العمل لإنشاء المحطة وعقد توريد الوقود النووى لها.
الوقود النووى
فى سياق متصل قام مؤخرًا مصنع نوفوسيبيرسك لصناعة الكيميائيات المركزة أحد مصانع شركةTVEL التابعة لشركة روساتوم، وهيئة الطاقة الذرية المصرية (EAEA)، بتوقيع عقد لتوريد مكونات الوقود النووى منخفض التخصيب إلى مصر.
وبحسب بيان للشركة الروسية يتم ذلك فى إطار توقيع عقد طويل الأجل لتصدير مكونات الوقود النووى لمفاعل ETRR-2 إلى مصر. حيث تشمل قائمة المنتجات مكونات اليورانيوم، بالإضافة إلى المنتجات المصنوعة من سبائك الألومنيوم ومسحوق الألومنيوم.
وسيتم الانتهاء من عملية التسليم فى عام 2024، كما تم تسليم دفعة المنتجات إلى مصر خلال العام وفقًا للوثائق التعاقدية الموقعة فى نوفمبر 2022.
ويتم استخدام مفاعل الأبحاث ETRR-2، الموجود فى مركز البحوث النووية فى إنشاص، فى البحث العلمى فى مجالات فيزياء الجسيمات وعلوم المواد وإنتاج النظائر المشعة.
وترتبط آفاق تطوير أعمال شركةTVEL فى السوق المصرية أيضًا بتوريد الوقود النووى لمحطة الضبعة النووية التى ستعمل قريباً.