الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قدرات خارقة؟!

تبيَّن مؤخرا أن القدرات الخارقة لدى الإنسان منذ الطفولة ربما توجد بالفعل!



وفى بحوث جمعتها لكتابها المقبل بعنوان «ممتلك لقوى خارقة»، كشفت الباحثة «إريكا أنجلهويت» عن عثور علماء على ما يعتبر «قدرات خارقة» لدى البشر. ورغم أن من وهبوا تلك القوى لا يركضون بأسرع من الصوت أو يحلقون عالياً في السماء، فإن البحوث أشارت إلى امتلاك بعض البشر قدرات تتخطى المعايير العادية بأشواط كثيرة، ولربما اعتبرت «خارقة».

 

ومن شعب «شيربا» فى الهمالايا إلى شعب «باجو» الملقبين بـ«رحّل البحر»، يشير  بعض الباحثين إلى وجود مجموعات مختلفة من الناس يولدون مع أفضليات جينية تأتى من تكيفات مع البيئة التى ينتمون إليها.

وقدمت الباحثة تاتوم سيمونسون من «جامعة كاليفورنيا، سان دييجو» التى دققت فى المعطيات الجينية والفيزيولوجية للتأقلم مع العيش فى المرتفعات العالية، شرحًا عن ذلك إلى مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» معتبرة أنه لا مفاجأة فى تلك القدرات.

وأوردت أن «البشر مستمرون فى التطور»، لافتة إلى أن شعب «شيربا» يقدم نموذجًا أوليًّا عن حدوث تأقلم مع التطور إلى حد يمكن اعتباره «قدرة خارقة».

ودرست سيمونسون القدرة المميزة لدى تلك المجموعة العرقية على الاستمرار فى العيش مع هواء يحوى أوكسجين يقل بـ40 فى المئة عما يتوافر لمن يعيشون على السواحل.

 واعتبرت ذلك نتيجة متأتية من عيش ذلك الشعب طوال 6 آلاف سنة خلت فى منطقة تعلو 14 ألف قدم (4267.2 متر) عن سطح البحر.

ولاحظت سيمونسون أنه «توافر وقت طويل يكفى لحدوث عملية انتقاء طبيعية، والتوصل إلى أفضل الطرق فى التعامل مع نقص الأوكسجين».

وخلال دراستها تلك المجموعة القاطنة فى هضبة التيبت، وجدت أن الفضل فى قدرات أفرادها على تحمل ذلك النقص فى الأوكسجين، يعود لتأقلم جينى أثَّر فى طريقة إنتاج أجسامهم لكريات الدم الحمراء التى تنقل الأوكسجين إلى خلايا الجسد. وبخلاف من يعيشون عند مستوى سطح البحر، تطوّر شعب «شيربا» بطريقة مكنته من الاحتفاظ بمستوى متدنٍّ من كريات الدم الحمراء، بالاستناد إلى قدرة مكون الـ«ميتوكوندريا» فى الخلايا على التعامل مع الأوكسجين بطريقة لا تتطلب بذل كثير من الجهد أو الطاقة.

 

 

 

 

وفى الشخص العادى، يعوض الجسم معاناته الهبوط فى مستوى الأوكسجين لدى تسلق المرتفعات، عبر إنتاج أعداد فائضة من الكريات الحمراء كى تلتقط ما يتوافر من الأوكسجين. ويؤدى الإنتاج الفائض للكريات الحمراء إلى زيادة كثافة الدم، مما يحمل إمكان التسبب فى مرض المرتفعات، أو حتى الوفاة فى أسوأ الحالات. ووجدت سيمونسون أن لدى الـ«شيربا» القدرة على إنتاج كريات دم حمراء بأعداد أقل، ولا يتأثر ذلك بالبيئة الخارجية، وتستمر أجسادهم فى إنتاج ذلك العدد المنخفض بغض النظر عن الارتفاع الذى يصلون إليه.

وبحسب دراسة نشرتها المجلة العلمية «سل»  فلربما يمتلك شعب «باجو» طفرة جينية تجعل الطحال لدى أفراده أكبر من العادى، مما يعنى زيادة فى القدرة على تخزين كريات الدم الحمراء المشبعة بالأوكسجين مع إمكان إعادة ضخها إلى مجرى الدم حينما يتقلص الطحال أثناء الغوص. وقالت الباحثة مليسا للاردو إنه «إذا حدث شىء على مستوى الجينات فسيتكون لديك طحال من حجم معين. ولذا، نرى ذلك الفارق الكبير المحمل بالدلالة».

 وتشرح تلك الكلمات سبب ضخامة الطحال لدى أفراد «باجو» إلى حد يوازى ما تملكه الكائنات المائية اللبونة مثل الحيتان التى لديها طحالات ضخمة.

وأبعد من التأقلم التطورى، بدأ العلماء يعتقدون أنه من المستطاع تدريب أو تهيئة استجابات معينة فى الدماغ لأية تغيرات بيئية تواجه الجسم البشرى. وتوجد إحدى تلك الأنماط «الفائقة» لدى متسلق الصخور أليكس هوننولد المعروف بإنجازه مجموعة من أخطر حالات التسلق الحر فى أضخم المنحدرات الأمريكية، من دون دعم بأدوات التسلق.

وفى 2016، أشارت أشعة الرنين المغناطيسى أن دماغ هوننولد يتعامل مع الخوف بطريقة تختلف عن الشخص العادى، إذ أُجريت تلك الإشعات أثناء عرض مشاهد مخيفة من شأنها تحفيز عمل مكوّن فى الدماغ يسمى «الغدة اللوزية» الموجودة فى الجزء الصدغى من المخ وتتولى المسؤولية عن ردود الفعل التى ترافق الإحساس بالخوف. فى المقابل، لم تتحرك الغدة اللوزية لدى هوننولد أثناء رؤيته تلك المشاهد، بل بقيت صامتة بصورة ملحوظة.

 

 

 

ولاحظت الأخصائية فى علم الأعصاب من جامعة فيرجينيا، جاين جوزيف، أن قدرة هوننولد على تجاهل الذكريات المرتبطة بالخوف أو كبحها، ربما جاءت من تهيئة عقلية، مما يشير إلى أن «قدرات خارقة» كتلك التى يحوزها هوننولد، ربما تُكتسب عبر التعلّم، وبذلك فإنها ليست محض قدرة أو سمات شخصية موروثة.