السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عاصمة الشعور بالوحدة!

عاصمة الشعور بالوحدة!

آخر لقب حصلت عليه لندن هذه الأيام هو: 



عاصمة الشعور بالوحدة!

فسكانها هم الأكثر شعورًا بالوحدة بين كل من يعيشون فى مختلف أنحاء بريطانيا.

هذا ما توصل إليه الباحثون مؤخرًا، فهناك ما نسبته أكثر من 35 % من اللندنيين ممن يعانون مشاعر العزلة والوحدة معظم الوقت مقارنة بنسبة 28 % ممن يساورهم هذا الشعور فى بقية أنحاء البلاد، مع ملاحظة انتشار هذا الشعور بنسبة أكبر بين الفتيات.

 

وقامت جمعية «الانتماء» بتكليف الباحثين بهذه الدراسة بهدف العمل على تخفيف وطأة هذا الشعور بين من يعانونه. وتم بحث عينة تضم 10 آلاف شخص من الجنسين فى مختلف أنحاء بريطانيا، بينهم 1300 ممن يعيشون فى لندن، وهذه الدراسة هى الأكبر والأشمل فى بحث ظاهرة العزلة والوحدة وعدم الانتماء على مستوى الدولة، ولا سابق لها.

 أكثر مكان يعانى سكانه الوحدة

وجاءت منطقة «فوكسهول» كأكثر مكان فى لندن يعانى سكانه من شعور الوحدة والضعف والعزلة حيث يشكو 41 % منهم من هذه الأعراض بانتظام، على الرغم من أن «فوكسهول» حى فاخر يقع فى وسط لندن وتسكنه طبقة غنية.

وهناك مناطق فى شمال العاصمة وشرقها ووسطها تعانى بدرجة أقل قليلًا 39 %.

وعلى العكس من ذلك رصدت الدراسة أن سكان أطراف لندن وضواحيها الخارجية لا يعانون من أى إحساس بالوحدة والعزلة والضعف على الإطلاق. وقد صدق تحليل هذه الدراسة حيث ينطبق ذلك على حالتى شخصيًا، حيث أسكن مع زوجتى حى كينجستون على أطراف لندن - كما كنت أسكن المعادى على أطراف القاهرة - وتجمعنا صداقات وعلاقات اجتماعية ممتازة مع الجيران وليس بينهم من يعانى العزلة أو الوحدة أو الضعف، بل العكس هو الحاصل، فالاتصالات يومية واللقاءات متكررة فى المناسبات وبدون مناسبات ويجرى تبادل المعلومات والخبرات والمساعدات بشكل تلقائى مدهش.

 

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

ثلث سكان لندن يشعرون بالعزلة

وقد جاءت نتائج هذه الدراسة فى الوقت الذى يشتهر عن سكان لندن ميلهم الطبيعى إلى التواصل مع الأصدقاء والجيران، وتبادل الدعوات للسفر أو التزاور، وهذا يمثل ما نسبته 34 % أكثر من بقية أنحاء بريطانيا حيث لا تزيد النسبة على 20 %. 

لكن تظل لندن عاصمة الشعور بالوحدة.

وتقول كيم صمويل، مؤسسة جمعية «الانتماء»: لقد أظهرت الإحصائيات أن هناك مشكلة حقيقية فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية فى لندن، ما يعنى المزيد من مشاعر الوحدة والعزلة وقد يعود هذا فى تقديرى إلى الأجيال الشابة التى تعيش فى العاصمة.

وقد رأينا أن النساء الشابات والعازبات وساكنات شقق الإيجار، تمثلن نسبة واضحة ممن يشعرون بالوحدة والعزلة، ونحن نعلم من مصادر أخرى موثوقة أن عوامل مثل عدم الاستقرار الاقتصادى تزيد من شعور الإنسان بالعزلة والوحدة، ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت تكشف لنا تزايد هذا الشعور، كما أنها تسهم فى نشر هذا الشعور حيث يستغرق الانشغال بالـ «سوشيال ميديا» وقت الناس وخاصة الشباب بما يقضى تقريبًا على أى فرصة للتواصل الإنسانى الاجتماعى، وهكذا يتفاقم الشعور بالوحدة هنا. ما العمل؟

العزلة حقيقة قائمة هنا فى لندن..

ويكفى أن تركب المترو لترى التجسيد الدائم كل ساعة وكل يوم، لهذه الظاهرة، فكل الركاب تقريبًا منشغلون طوال الوقت بالمحمول يقلبون مواقع الإنترنت التى لا حصر لها، وحتى لو كان هناك شخصان ركبا المترو معًا، فلن تمضى سوى دقائق معدودة قبل أن تراهما وقد انشغل كلاهما بالتليفون المحمول! فهل يكون المحمول وغيره من أدوات إلكترونية محمولة أيضًا واستغراق الناس وخاصة الشباب والمراهقين والمراهقات، وانشغالهم المرضى بها وراء انهيار التواصل الإنسانى المباشر وانتشار الشعور الحاد بالعزلة والفراغ والضعف والوحدة؟!

تقول صاحبة مبادرة «الانتماء» إن المطلوب لمعالجة هذه الأزمة الاجتماعية هو وضع ميثاق للانتماء، وتشجيع كل نشاط اجتماعى بين الناس وفى اعتقادى أن اللندنيين يتمتعون بروح يمكن أن تساهم فى معالجة هذه الظاهرة المؤلمة. 

الحقيقة التى لم تشر إليها الدراسة ويرصدها علماء وكتاب معنيون هى أن الإنسان البريطانى يميل بطبعه إلى العزلة لأنه ابن جزيرة معزولة!