الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
جامعات بريطانيا تعيش على فلوس الأجانب

جامعات بريطانيا تعيش على فلوس الأجانب

ما هو الهدف من الجامعات؟



السؤال يتردد هذه الأيام فى بريطانيا التى تتمتع بأعرق وأشهر وأرقى الجامعات فى العالم..  هل الهدف هو البحث عن الحقيقة؟.. أم إعداد النخب فى مختلف المجالات..أم تنمية الدخل القومى، أم النهوض بالمجتمع؟..

وسبب طرح هذه الأسئلة هو تقارير تقول إن أعرق الجامعات هنا تحصل على معظم مواردها المالية من رسوم الالتحاق بها التى يسددها الطلاب الأجانب، وأن نسبة الطلاب الأجانب الذين تفتح لهم هذه الجامعات أبوابها زادت لتصل لما يزيد على الربع.. بالإضافة إلى التعاقد مع جهات أجنبية لمدها بالمال مقابل المشاركة فى مجالات بحوثها.

وهكذا فقد تحولت مهمة الجامعة خلال العقد الأخير، لتصبح تحقيق أكبر دخل ممكن، لتغطية مشاكل عجز التمويل.. 

 التعليم الجامعى مجرد «بزنس»!

فأصبح التعليم الجامعى بالتالى مجرد «بزنس»!

 

 

 

حيث زادت نسبة التحاق الطلاب الأجانب 50 % فى السنوات الأخيرة.. وفى مقابل كل 4 طلاب بريطانيين هناك طالب أو طالبة من الخارج. وهؤلاء يدفعون ثلاثة أضعاف ما يدفعه أقرانهم البريطانيون من رسوم سنوية.. وهذا هو سر اهتمام هذه الجامعات بفتح المجال للطلاب الأجانب.

لكن هذا التوجه كان له تأثير خطير على التعليم العالى، لأن إلحاق أعداد كبيرة من الطلاب الأجانب بالجامعات ضيق الفرصة أمام أعداد كبيرة من الراغبين فى الالتحاق بالجامعات من أبناء البلد. والغريب فى الأمر، حسب ما رصدته عدة صحف هو أن شروط التحاق الطلاب الأجانب بالجامعة تم تخفيضها بالقياس إلى الشروط المفروضة على أبناء البلد!

والوجه الآخر للمشكلة يظهر لدى الجامعات التى لم تستطع الحصول على إقبال كاف من الطلبة الأجانب، إذ ترتب على ذلك تخفيض عدد الأساتذة والمحاضرين والعاملين وتسريحهم.. وتخفيض برامج الدراسة والكورسات، وأصبح الخاسر الأكبر هو الطالب الملتحق بهذه الجامعات.

الطالب أصبح يعامل كـ«زبون»!

على جانب آخر رصدت الإحصاءات تزايد وتضخم عدد الموظفين والمديرين فى الجامعات التى تحولت لمؤسسات لحصد الأموال، الزيادة فى عدد المديرين بلغت 60 % !

 وتقول «جوانا وليامز» فى كتابها «استهلاك التعليم العالى» إن الطالب أصبح يعامل ك«زبون»! ويعرف أن له نفوذًا، فيطلب تعديل مناهج وإلغاء أقسام واستحداث مواد وموضوعات دراسية جديدة حسب الموضة!.. ويتم له ما يريد.. فالجامعة تريد إرضاء الزبون حتى لا يتركها فتفقد مواردها.

وتضيف: هذا الإحساس بالأحقية لم يخلقه الطلاب، خلقته هذه الجامعات التى شعر الطلاب أنها تتطلع إلى إرضائهم فزاد لديهم الإحساس بالنفوذ والدلال.. وهكذا اضطرب مستوى التعليم العالى. وأصبح المطلوب من الأساتذة تعديل المواد التى يقومون بتدريسها وإضافة مواد حسب اهتمامات الطلاب مع تغير الأمزجة، وهكذا تم التخلى عن عمق الدراسات لصالح مجاراة تطلعات الطلاب حسب الموضة.

الطلبة الأجانب يتدخلون فى برامج الدراسة!

وبلغ نفوذ الطلبة الأجانب حد التدخل فى برامج الدراسة كما حدث فى جامعة «لندن كوليج» التى تضم بين طلابها أكثر من 11ألف طالب وطالبة من الصين وحدها، وقد اعترضوا على تدريس وقائع العبودية فى تاريخ الصين وطالبوا بإلغاء هذه الدراسة فتم لهم ما أرادوا!

وانتقد «عارف أحمد» المسئول عن حماية حرية التعبير فى جامعات إنجلترا استجابة الجامعات لنفوذ الطلاب الأجانب وتدخلها بتقييد الحرية الأكاديمية حتى لا تغضب الطلاب الأجانب، أو بدعوى عدم الإساءة لدول وحكومات أجنبية، محذرًا من خطورة هذه السياسة على التعليم الجامعى  تعود الكاتبة «جوانا وليامز» لتقول:

إذا أرادت جامعاتنا أن تنجو خلال السنوات العشر المقبلة، فعلينا أن نعود إلى الأصول التى نشأت من أجلها هذه الجامعات وأن نتخلى عن فكرة أن الطلاب ليسو إلا «أبقارًا نحلبها أموالًا» ولا هم «زبائن».. ولكنهم شباب يتطلع للمعرفة.. يريد أن يتعلم.

فالهدف من الجامعة هو المعرفة، نشر المعرفة.