الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أسطورة العشق

ريشة: زهرة كامل
ريشة: زهرة كامل

بعيدًا فى القرون الماضية، اجتمعت آلهة الحب وأمرتنى أن أخبرك بحبى لكِ، وأنا كعادتى أعانى من نقص تدينى، فكنت أنوى أن أخبرك فى الوقت المناسب ولكنى تأخرت، فوجدتك خارج القصر تمتطين الحصان فى سعادة مع زوجك المستقبلى والذى فاز بقلبك قبل أن أفكر أن أتحدث بما فى قلبى، وها أنا أعانى أمس واليوم وغدًا، وأفتقدك بين الحين والآخر، وأعانى من قلة النوم الحال الذى سيودى بحياتى، أوقات أتخيل أنك ستمرحين مع أحفادك فى المستقبل وأنا سأشاهدك من بعيد وقلبى يعتصره الألم من وحدتى وندمى على تأخرى فى مصارحتك بحبى.



فكرت أن أنهى حياتى مرات ومرات لكن لم تُجدِ تلك المحاولات نفعًا، فى كل مرة أخفق فى الانتحار.

ولكن يشاء القدر أن تقوم الحرب بين مملكتك ومملكة الشمال ويستشهد من خطف قلبكِ، ويتفجر لدى الأمل من جديد.

يدق ناقوس الحب فى الأفق وتحيطنى هالتى بطاقة فرح لم أعتدها قبلًا، يكاد قلبى أن يخرج من مكانه فلم يعد يخفق برويَّة.

أعلم أن قلبك حزين ولا يقوى على خفقات حب جديد الآن، نعم أعرف إنى متعجل فى إخبارك هذة المرة ولكنى سأبلغ دقات قلبى أن تتمهل، وسأقول لعقلى أن يصبر فالوقت المناسب لم يأتِ بعد.

لا أعلم كم سيمر من الوقت كى تطيب جراحك، فربما محاولاتى ستذهب سُدى ولكنى لن أيأس وسأنتظرك إلى آخر العمر.

لقد مرت ثلاثة أشهر الآن وأنا أحصى اللحظات والساعات والأيام وأتمنى أن تكون طابت جراح قلبك وأتسائل متى سأجثو على إحدى ركبتاى أمامك كى أطلب يدك للزواج؟!

أيقنت أنه الوقت المناسب؛ فارتديت أفخر الثياب وتطيبت بأعتق العطور وامتطيت حصانى وأخذ يركض وتزامنت دقات قلبى الفَرِحَة مع الركضات، إلى أن وصلت لحديقة قصرك حيث تتواجدين مع حصانك وخادمتك كل صباح، وبينما أقترب من اللحظة الحاسمة فجأة رَمَح الفرس وبدأ يجمح بأميرة قلبى ورأيتها وهى تسقط على الأرض فأصابنى الفزع، وركضت بحصانى بأقصى سرعة نحوها لتدارك الموقف:

- هل أنتِ بخير أيتها الأميرة؟

- لا، لا أستطيع أن أحرك قدمى اليمنى، الألم فظيع.

- ساعدينى أيتها الخادمة، فلنحملها على الحصان، ولتحرصى على حملها معى بتروٍّ لنعود إلى القصر فى أسرع وقت.

- مهلًا، من أنت أولًا؟. (تتساءل الخادمة فى تعجب)

- سأخبرك ولكن يجب أن نسعف الأميرة فى البداية.

أعلم أنه أضيف إلى جرحك ألم جديد ولكن معى ستطيب كل الجراح وسنكتب سطور أحلامنا معًا وسنرسم أفضل اللوحات لمستقبلنا الأبدى. 

وما إن وصلنا إلى القصر تساءل الجميع من أنا؟ والسؤال جاء مصاحبًا لملامح الهلع التى تبدو على الوجوه خوفًا على الأميرة.

طمأنتهم أنى لست من الأعداء؛ فأنا أمير المملكة المجاورة المحب والمولع بأميرتهم، ولكنهم لم يطمئنوا، وطلبوا طبيب العائلة الملكية على الفور، ثم أمروا الحراس بتكبيلى لحين البت فى أمرى.

وبعد أن اطمأنوا على صحة الأميرة وذهبت فى سبات عميق لترتاح، وجه الملك اللوم على شخصى وكادوا أن يقتلونى بشأن ما حدث للأميرة، ولكن أتت الخادمة وبرأت ساحتى وأوضحت أنى من قام بإنقاذ الأميرة وليس العكس، وعندما اتضحت الأمور وصرحت بحبى لأميرة قلبى أمر الملك كشرط لإتمام الزواج أن أذهب لأحارب فى مملكة الشمال وأعود منتصرًا.

نفسى فداء لكِ ولحبى الوحيد، ذهبت أنا والعتاد والمؤن اللازمة للحرب وحاربت مع الجيش بكل ما أوتيت من قوة فى مواجهة الأعداء حتى ربحت ممكلة الجنوب الحرب بكل شرف، وتطلعت أن أتوج بطل الأبطال وأفوز بصولجان النصر وبقلب الأميرة ورضا الملك والعائلة الملكية والجميع، أخذت أحلم فى الليل وأنا أنظر لنجوم السماء قبل نهار العودة بمراسم عرسنا وكيف ستصبح حياتنا مع أبنائنا حتى أشرقت الشمس، لكنها لم تشرق كعادتها فتلبدت السماء بالغيوم فجأة فانقبض قلبى.

بعد انتهاء الحرب وبينما كنت أعد نفسى للعودة للقصر، فوجئت بمرسال الملك يأتى إلينا بخبر إصابة أميرة قلبى بمرض خطير؛ فهممت بالعودة مسرعًا ولا أدرك كيف وجدت نفسى فى المملكة فلم ألحظ طريق العودة وكيف كان، كل ما كنت أراه هو وجه حبى الأول والأخير وغايتى المنشودة فهو من أرشدنى إلى الطريق حتى وصلت، ولكنى وصلت بعد فوات الأوان؛ فدرة قلبى قد فارقت الحياة.

أصابنى فراقها بطعنة نافذة فى القلب سقطت على الأرض باكيًا والألم يعتصر قلبى وكأن الآلهة قد عاقبتنى على تأخيرى القديم!