الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بطل بلاعيم النفطية العقيد د. أحمد صليحة - مستشار بمكتب مدير المخابرات العامة الأسبق.. ومدرس بمدرسة الصاعقة سابقا:

رجل صاعقة من طراز  رفيع.. موسوعة عسكرية ثقافية متنقلة، تقلد العديد من المناصب حتى وصل إلى منصب مستشار مكتب مدير المخابرات الأسبق، عمل مدرسا بمدرسة الصاعقة المصرية، اشترك فى اقتحام والسيطرة على مستوطنة بلاعيم النفطية إبان حرب أكتوبر 73، كان لنا لقاء مع العقيد د.أحمد صليحة الذى استرجع معنا ذكريات حرب العاشر من رمضان.



 

كانت منطقة بلاعيم المركز الرئيسى للمنشآت البترولية التى أقامتها إسرائيل لسرقة واستنزاف بترول مصر، وقد تولى الشهيد البطل«إبراهيم الرفاعي» ومجموعته تفجير تلك المنشآت مساء يوم السادس من أكتوبر، ثم اقتحمت بعدها المنطقة مجموعة من الضباط والجنود المقاتلين، كانت مهمتهم السيطرة على تلك النقطة الحصينة. وكان العقيد أحمد صليحة واحدا منهم.

يقول العقيد د. أحمد صليحة: كنت وقتها برتبة نقيب، وقبل الحرب بيوم ظننا أن الصاعقة ستقوم بمهام قتالية فقط، لكننا لم نعلم بقيام الحرب، فقط قادة اللواءات هم من كانوا على علم بذلك، لكنهم تكتموا على الأمر، حتى صدرت الأوامر وأعلموا قادة الكتائب، وهكذا.

 

 

 

حكى لنا العقيد د. أحمد صليحة المهمة التى كان مكلفًا بها فى حرب 73: كانت البداية عندما استقللنا هليكوبتر منخفضة المدى 5 أمتار فوق المياه حتى لا نُكشف، وكان بينى وبين شرم الشيخ 70 كم فقط، فوجئنا وقتها بأسراب وطلقات من كل صوب وحدب، كما وجهوا إلينا مدفعًا مضادًا للطائرات بطلقات 37 ملم، أى بحجم ذراع. وعلى عكس المتوقع كنا نقابل كل هذا بنشيد « إن رمى الدهر سهامه... أتقيها بفؤادى.. واسلمى فى كل حين» وكأن الشطر الذى ننشده يتحقق فى الوقت نفسه.

كانت قوتى مكونة من عدد من الضباط والجنود المقاتلين، وقد حرصت على فتح شباك الطيارة والإمساك بالعلم المصرى،  فجاء مساعد الطيران، وحذرنى من ذلك نظرا لأن الطلقات كانت تنهال علينا، لكن الجنود كانوا ينظرون لى،  فرفضت لأنى قدوة لهم.

هبطنا فى منطقة بلاعيم الحصينة بطائرتنا التى كان يقودها الطيار البطل جلال النادى،  بعد أن ضربنا فناطيس البترول.

( معجزة إلهية)

يتذكر البطل العقيد د. صليحة لحظة إصابة جندى اسمه الحريرى،  فأصر على حمله وهو ينزف، حتى يصلوا للجبل الذى سيقيمون عليه معسكرا لهم، على الرغم من صعوبة التربة المغطاة بالبترول، وهنا طلب منه الجندى أن يتركه مع المسدس لأنه يقيدهم عن التحرك، ومن الممكن أن تضيع المهمة كلها.

وهنا حدثت معجزة مع الحريرى رأيتها بعينى،  ضربته طائرة إسرائيلية وبدلاً من موته المحقق، سدت الرمال المغطاة بالبترول أماكن الجروح، فتوقف النزيف، وعاش وقابلته بعدها بشهرين، ووقتها ذكرنى بمقولتى الشهيرة لرجالى قبل العملية: نتقابل فوق يا رجالة؛ أى فى الجنة.

فى طريقنا للنقطة الإسرائيلية، لمحت عدداً من السيدات والأطفال يختبئون، فشاورت لهم بالخروج، بعد أن أوقفت الضرب، فخرجوا غير مستوعبين ومندهشين من رد فعلنا، على الرغم من احتمالية ضربى من ناحيتهم، لكن الجيش المصرى طالما كان صاحب مبدأ.

كنا فى هذا الوقت قد وصلنا للجبل وقمت بعدة دوريات، ثم فى اللحظة المناسبة اقتحمنا المستعمرة، واستولينا عليها.

يرى العقيد صليحة أن أكتوبر غيرت العقائد العسكرية، كما غيرت مفهوم استراتيجيات الخطط العسكرية ومفهوم الحروب التقليدية، وهذا يتلخص فى ثلاث مستويات:

 

 

 

 الأول؛ بحريا: لانش صواريخ صغير بقيادة نقيب مصرى يسمى عونى مع بطل آخر لقبه «بتانوني» يضربان بارجة اسرائيلية ضخمة، فغير ذلك الاستراتيجيات البحرية بالكامل، ولم يعد أحد يعتمد كليا على بناء السفن الحربية الضخمة، واستعاضوا بها عن الخفيفة المدمرة التى تضرب أهدافها وتراوغهم فى خفة ويسر.

الثاني؛ بريا: لم يصبح الاعتماد على الدبابات الثقيلة أساسيا، لأن الأربجيهات أصبحت تقتنصها بسهولة، وهذا ما فعلناه مع الدبابات الاسرائيلية، على الرغم من أن هتلر احتل بها أوروبا، لكن حرب أكتوبر غيرت هذه الاستراتيجية البرية.

الثالث؛ جويا: عندما أقيم حائط الصواريخ سام بمختلف أنواعه ( 2،6،7،9) حيد الطيران الإسرائيلى فى 73، وعرقله، وفشلت إسرائيل فى ضرب تشكيلاتنا البرية، وانتصرنا، وأصبحت حربنا تدرس فى جميع كليات الحرب على مستوى العالم.