الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أقطاب فى الطريق لربنا

لمعت فى سماء الصوفيّة نجومٌ، استرشد بنورها طلبة العلم فى كل زمان ومكان، واهتدى بها المريدون.  فقهاءٌ، وشعراءٌ، وفلاسفةٌ تجمّعوا تحت عباءة الزُّهد مع اختلاف مذاهبهم، وآرائهم، وقطعوا العلائق مع الدنيا، جاعلين متاعها خلف ظهورهم، معتصمين بحبلٍ من النور الإلهى، واستقاموا على الطريقة، فأسقاهم الله ماءً غدقًا، وساندهم بمَدَدٍ من عنده، فلُقبوا بأولياء الله فى أرضه. 



هم أقطاب الفِكر الصوفى، الذين خلّد التاريخ ذكراهم.

 

أول هؤلاء النجوم هو الحلاج الذى اتُهم بالكفر والزندقة واقتيد من محبسه، سائرًا فى خطوات واثقة مقيّدًا بالقيود، مُساقًا إلى الصليب المنصوب بباب خراسان، لتنفيذ الحُكم بقتله، تلك النهاية التى أخرجها الوزير حامد بن العباس، تنفيذًا لأوامر الخليفة العبّاسى المقتدر بالله، الذى وضع الفصل الأخير فى «مأساة الحلّاج».

والحلّاج هو الحسين بن منصور بن محمى، وكنيته «أبو المغيث»، عاش شاعرًا وفيلسوفًا، وهو الصوفى الأكثر إثارةً للجدل فى التاريخ الإسلامى، وأحد أهَمِّ أقطاب التصوّف وقت الخلافة العبّاسية بالقرن الثالث الهجرى.

وُلِدَ الحلاّج عام 244هجرية، بقرية تابعة لبلدة البيضاء الفارسية، وقيل فى واسط بالعراق، ونُسب إليه أنه غيّر مفهوم التصوّف، فبات عنده جهاد فى سبيل إظهار الحق، ومجابهة الظلم سواء داخل النفْس الإنسانية أو المجتمع الذى يعيش فيه، وليس فقط مجرد زُهد وانعزال فى سبيل التقرّب للخالق، والتعبُّد لله، فمثّل التصوّف عنده علاقة بين ثلاثة أطراف هى الخالق والنفْس والمجتمع.

 

 

 

ويقال أن الحلاج قد مزَج بين أفكار متصوّفى ديانات قديمة واعتقد فى مفهوم «الحلول والاتحاد»، رُغم أن بعض أقطاب الصوفية كعبدالقادر الجيلانى نفوا ذلك، لكن بعضهم كفره ولم ترض أفكاره الفقيه محمد بن داود، قاضى بغداد حينها، وطالب بمحاكمته، فألقى القبض على «الحلّاج» بأمر «المقتدر»، وأحيل إلى المحاكمة.

فى النوبة

أبوالفيض ثوبان بن إبراهيم، المُلّقب بـ «ذوالنون المصرى» هو أحد أشهر الفقهاء والمتصوّفة فى بدايات القرن الثالث الهجرى، ليس فقط فى مصر، بل فى العالم الإسلامى. 

وُلِدَ فى أخميم بصعيد مصر سنة 179هـ، ويعود أصله إلى إحدى القبائل العربية، التى توطّنت فى النوبة بعد الفتح الإسلامى لمصر، وقيل إنه من ضمن العلماء العرب الذين سبقوا شامبليون فى فك رموز الأبجدية الهيروغليفية.

وذُكر اسم ثوبان فى الرسالة القيشرية من بين الأوائل فى تعاليم الصوفية، بوصفه: «أول من عرّف التوحيد بالمعنى الصوفى، وأول من وضع تعريفات للوجد والسماع والمقامات والأحوال»، فوضع العديد من قواعد الصوفيّة، وكان سببًا فى بلورتها، وانتشارها، فعُرف بالورع، والتقوى.

أما أبوالقاسم الجنيد بن محمد الخزاز القواريرى فهو من أوائل المتعلّقين بالتصوّف فى بدايات ظهوره بالقرن الثالث الهجرى، تعلّم أصول الفقه على يد خاله سرى السقطى ببغداد، فكان من أوائل علماء الصوفيّة.

ورُغم مكانة الجنيد، التى جعلت التابعين له من مشاهير الصوفية يأخذون عنه، فإنه لم يحظ بشهرة توازى تلك المكانة مقارنة بغيره من أعلام تصوّف آخرين وهو الأمر الذى دفع بعض المحققين إلى جمع ما استطاعوا من مخطوطات تُمثّل موروث تعاليم الجنيد، وآراءه، وأقواله المنقولة عنه من معاصريه، والتابعين له، وتضمينها فى كتاب واحد تحت عنوان «رسائل الجنيد».

وتُعَدّ «الرسالة القشيرية» لمؤلفها القطب الصوفى الشيخ العالم عبدالكريم بن هوازن المُكنّى بأبى القاسم القشيرى، أحد أشهر مراجع الصوفيّة، التى تتلمذ عليها العديد من المتصوّفة بعد القرن الرابع الهجرى.

أما القطب عبدالقادر الجيلانى (المعروف بتاج العارفين) والمولود فى العراق 470هـ، فنجد نسبه إلى الحسن بن على بن أبى طالب، وهو كما يُقال هو أولَ أقطاب الولاية الأربعة فى الصوفيّة، فتنسب له الطريقة القادرية أحد أشهر الطرُق الصوفية فى العالم الإسلامى، والعراق تحديدًا.

 

 

 

وكان الجيلانى «ليبراليّا» بالمفهوم الحديث، فلم يُعرف عنه التعصّب لمذهب لذا نراه يحضر مجلس الغزالى شافعىّ المذهب، ويتعلّم منه رُغم انتسابه للمذهب الحنبلى. وهو الذى دعا إلى التوحّد ضد أعداء الإسلام حينها المتمثّل فى الغزو الصليبى، محذّرًا من التشرذم المذهبى، والفكرى، فكان شعاره «لكلّ مذهبه الفقهى والفكرى، وهدفنا واحد هو تحرير القدس من نير الاحتلال الصليبى».

أما القطب أحمد الرفاعى فهو الذى تُنسب له الطريقة الرفاعية، وتشتهر تلك الطريقة بين العامة بقدرة شيوخها على إخراج الثعابين السامة من المنازل عن طريق ترديد قَسَم مُعين. 

والرفاعى أشهر فقهاء القرن السادس الهجرى، فينتسب للفقه الشافعى، كما يعود نسبه إلى الحسين بن على بن أبى طالب. وُلِدَ عام 512 هـ فى العراق، وتكفّله خاله الشيخ منصور البطائحى بعد وفاة والده، فأخذ عنه الزُّهد، والتصوّف.

تأثّر الرفاعى بالنشأة الدينية، فشغف بدراسة العلوم الشرعية، وحفظ القرآن، واطلع على أصول الفقه الشافعى فى طفولته، وساعده فى ذلك ملازمته لشيوخ الفقه فى بلاده، فكان معاصرًا لأعاظم أقطاب الصوفيّة مثل الجيلانى، وبرع فى تحصيل العلوم حتى صار عالمًا، وفقيها شافعيّا منفردًا فى التميّز، له طريقته الخاصة، التى تقوم على العمل بظاهر الكتاب والسُّنّة، ومجاهدة النفس، وتهذيبها وتزكيتها بكثرة الذّكر، وإقامة العبادات، وقراءة الورد، والالتزام بتعاليم الشيخ، والانصياع لأوامره.

عوارف المعارف

أما شهاب الدين أبوحفص عمر السهروردى فهو أحد أعلام التصوّف السُّنى فى القرنين السادس والسابع الهجريين، فتنسب إليه الطريقة السهروردية، ومؤلف كتاب «عوارف المعارف»، ويرجع نسبه إلى محمد بن أبى بكر الصدّيق.

أخذ السهروردى العلوم الشرعية فى أول الأمر من عمّه الشيخ الزاهد أبى النجيب، كما التقى بالقطب الصوفى عبدالقادر الجيلانى فى بغداد، وتوافد العديد من مريديه على مجلسه، ونقلوا عنه تعاليم الصوفيّة، حتى توفى فى 632هـ، ودُفن بالمقبرة الوردية، ثم شُيّد بعد ذلك مسجد كبير بجوار ضريحه يحمل اسمه إلى الآن، حيث تحوّل لمزار.

ولم يعرف تاريخ الفلسفة الإسلامية فيلسوفًا ومتصوّفًا بقدر محيى الدين بن عربى، الذى كان نبراسًا فى العِلم، والتقوى، ومثالًا فى الزهد والتصوّف.

عُرف عنه الانشغال بعلوم الدين والفلسفة، وفى سبيل ذلك جاب العديد من البلدان الإسلامية فى عصره، منطلقًا من مرسيه بالأندلس، التى وُلِدَ فيها فى شهر رمضان بمنتصف القرن السادس الهجرى تحديدًا فى 1164م.

نشأ فى أسرة متدينة، فوالده على بن محمد كان من أئمة الفقه والحديث، وعُرف عنه الزهد، والتصوّف، وحفظ ابن عربى القرآن الكريم فى السنوات الأولى من طفولته بعد انتقاله إلى أشبيلية على يد الفقيه أبى بكر بن خلف.

عاش ابن عربى متأثّرًا بظروف نشأته فى أجواء دينية صوفية، فضلًا عن تنقّله بين مدن الأندلس، فبدأ منذ أن بلغ صباه فى الاطلاع على أسرار التصوّف، والمسائل الروحانية، كما شُغف بدراسة الفلسفة اليونانية، والحِكمة الفارسية كفيثاغورس، وأفلاطون، فتعلّم أسرار التأويلات المأخوذة عن حضارات أخرى قديمة مثل الإغريقية، والهندية، والفارسية.

 

 

 

ترك ابن عربى الأندلس متجهًا إلى الشرق، وكان فى ذلك قصة تداولها مريدوه، تشابهت مع قصص بعض أباطرة التصوّف، فقيل إنه رأى نفسه فى السماء يُحلّق حوله طائرٌ بديعٌ، يأمره بالارتحال إلى الشرق، وينبئه بأنه سيكون مرشده السماوى فى رحلته الروحية، وبأن رفيقًا من البَشر ينتظره فى مدينة فاس. 

وبالفعل رحل فى أول الأمر إلى غرناطة عام 594هـ، والتقى هناك شيخه أبا محمد عبدالله الشكاز، وأقام معه نحو 3 سنوات، قبل ارتحاله إلى دمشق، ثم إلى مكة، التى التقى فيها الشيخ الفارسى أبا شجاع بن رستم الأصفهانى، فتزوّج ابن عربى نجلته الجميلة «نظام»، التى تأثّر بها بشدة، فاتخذ منها رمزًا ظاهريّا للحِكمة الخالدة، وأنشأ فيها قصائد عدة تضمّنها ديوانه الشهير «ترجمان الأشواق».

وعُرف عن ابن عربى عشقه للسَّفَر بين بلدة وأخرى لطلب العِلم، فرحل إلى الموصل للتزوّد من التعاليم الروحانية، والصوفيّة للعالم الشيخ على بن عبدالله بن جامع، الذى قيل إنه تلقاها مباشرة من الخضر. 

ثم ارتحل إلى بغداد لمقابلة أحد أباطرة المتصوّفة هناك وهو الشيخ السهروردى، فأخذ من تعاليمه، واستقر ابن عربى حتى وفاته فى 1240م، فدُفن بجبل قاسيون، تاركًا خلفه أشهر مراجع الفكر الصوفى.

شمس الشاعر

الإمام شمس الدين التبريزى فهو مولود فى تبريز عام 582 وهو واحد من أبرز أقطاب الصوفيّة، وهو عالم، وشاعر، عاش فى بدايات القرن السابع الهجرى، وأعد مع صديقه وتلميذه جلال الدين الرومى كتاب «الديوان الكبير»، وفيه قواعد العشق الأربعون الشهيرة، فخصصه للعشق الإلهى.

وجاب التبريزى مُدُنًا عربية عدة منها حلب، وبغداد، وقونية عاصمة السلاجقة، ودمشق، ومال قلبه للزهد، والتصوّف على يد ركن الدين السجاسى، ولازم الشاعر جلال الدين الرومى لسنوات عديدة فى قونية، وربطتهما علاقة روحية قوية كانت محل حسد من بعض طلبة العِلم وقتها، وقُتل التبريزى عام 645هـ بقونية فى ظروف غامضة، وشُيّد له ضريحٌ بعد وفاته.

أما جلال الدين الرومى فاكتسبت مؤلفاته أهمية خاصة خلال القرن السابع الهجرى، وأثّرت تأثيرًا كبيرًا فى الأدب الفارسى، والعربى، والتركى، والأردى، محدثة تطورًا ملحوظًا فى مسار الصوفيّة.

وجلال الدين الرومى هو محمد بن حسين بهاء الدين البلخى، يرجع نسبه إلى محمد بن أبى بكر الصديق، وهو أحد أشهر الشعراء، وعلماء الفقه، والتصوّف فى القرن السابع الهجرى. 

ووُلِدَ فى 1207م بمنطقة بلخ فى خراسان، وهو مؤلف كتاب المثنوى الشهير، وصاحب الطريقة المولوية المعروفة حتى الآن، وتنظم حفلاتها فى العديد من الدول الإسلامية، خصوصًا فى تركيا، والقاهرة الفاطمية بمصر، وفيها يتراقص أشخاص يرتدون ملابس خاصة بشكل دائرى، بالدوران حول مركز الجسد، على أنغام الموسيقى الصوفية، وأشعار قصائدها.

لعبت الصُّدفة دورًا كبيرًا فى تشكيل وجدان الرومى، واتجاهاته الفكرية، والأدبية، وفى كل مرحلة من مراحل حياته يلتقى أديبًا أو عالمًا يُغيّر مسار حياته العلمية، وتعتبر أولى تلك الأحداث التى أثّرت فيه، ارتحال أسرته إلى نيسابور بسبب هجمات المغول، وهناك التقى الرومى الشاعر الفارسى الكبير فريد الدين العطّار، فشُغف بدراسة الشِّعر، والروحانيات، والصوفية.

وبعد ارتحال من بلدة إلى أخرى فى رحلة دامت نحو تسعة أعوام، استقرت أسرة الرومى فى قونية بتركيا عاصمة دولة السلاجقة الأتراك، وهناك برع فى علوم الدين بمساعدة والده الفقيه، والشيخ سيد برهان الدين محقق بعد وفاة أبيه، فتولّى الرومى التدريس فى مدارس قونية المختلفة، واشتهر بعلمه فكان له مريدون، وأتباع ينهلون من علومه فى مجالس العِلم، وكان لزيارته لدمشق، وإقامته بها بين العلماء أثر كبير فى شخصيته، خصوصًا بعد مقابلته للعالم المتصوّف محيى الدين بن عربى، فمال قلبه إلى الزهد، والتصوّف.

بخلاف تأثير العطار، والشيخين برهان الدين، وابن عربى، التقى الرومى بعد عودته قونية عالمًا آخرَ، لازمه فى أيامه الأخيرة، وأحبه حُبّا جَمّا، هو القطب الصوفى شمس التبريزى، الذى توفّى فجأة مقتولًا، فحزن عليه الرومى حزنًا شديدًا، فانعزل عن الحياة، واستمر فى نقل علومه، وخبراته، وتعاليمه لمريديه وتلاميذه، حتى فارق الحياة فى 1273م.

قلبــى يُحـدّثـنـى بأنـك متلفــى.. روحى فداك عرفت أم لم تعرف

 كلمات تضمّنها مطلع أحد أشهر القصائد لـ الشاعر الصوفى عمر ابن الفارض، وهى القصائد التى يتغنّى بها المنشدون حتى الآن فى العشق الإلهى، لذا لُقب ابن الفارض بـ«سلطان العاشقين».

هو أبوحفص شرف الدين عمر بن على الحموى، هاجرت أسرته من سوريا إلى مصر قبل مولده فى 576 هـجرية لأسرة دينية زاهدة، فكان والده عالمًا، وفقيهًا، حفظ ابن الفارض القرآن فى طفولته، ودرس أصول الفقه الشافعى، وعلوم التفسير، والحديث على يد معلمه الشيخ أبى الحسن على البقال، فروى أحاديث عن ابن عساكر.

وسلك طريق التصوّف فى صباه بعد رحيله إلى مكة، وإقامته هناك لنحو 15 عامًا، فحبب إليه الزهد، والعزلة، والتأمُّل، فأخذ فى نَظم شِعر الغزل الصوفى، الذى خصص أغلبه فى العشق الإلهى، حتى ذاع صيته كأشهر شعراء المتصوّفة فى بدايات القرن السابع الهجرى، فتعتبر «التائية الكبرى» من أشهر قصائده.

قطع ابن الفارض خُلوته بمكة، وعاد إلى مصر مَرَّة أخرى، وقيل إن سبب ذلك سماعه أثناء خُلوته لصوت شيخه البقّال يطلب منه العودة للقاهرة، وأقام الشيخ فى القاهرة حتى وفاته، فدُفن بجبل المقطم بمنطقة الأباجية بجوار مقبرة شيخه البقال كما أوصَى، وهناك شُيّد مسجده المعروف باسمه، ويرتاده الكثير من مريديه إلى الآن.

أما القطب الصوفى الشهير أبوالحسن على بن عبدالله الشاذلى المولود فى المغرب عام 571هـ، فاشتهر بزهده فى نهايات القرن السادس الهجرى، والنصف الأول من القرن السابع، فكان أشهر متصوّفة عصره، وإليه تنتسب الطريقة الشاذلية، التى تنتشر بشكل أكبر فى دول المغرب العربى، وتأثّرت به طرق أخرى شهيرة، خصوصًا فى مصر.

سلك الشاذلى فى تصوّفه طريقًا ميّزه عن سابقيه من أقطاب التصوّف، الذين أسسوا تصوّفهم على مبدأ مجاهدة النفس باجتناب الشهوات، والإقامة على العبادات، والرياضة الروحية، فجعل الشاذلى محبة الله ورسوله الأساس الأول فى بنيان التصوّف قبل مجاهدة النفس، وإقامة الفرائض، فرأى أن تلك المجاهدة يجب أن تقوم فى الأساس على الإخلاص فى محبة الله ونبيه.

وفى مدرسة أبى الحسن الشاذلى تعلّم الفقيه المالكى تاج الدين ابن عطاء الله السكندرى فكان من تلاميذه البارعين بعد أبى العباس المرسى.

وُلِدَ ابناء عطاء فى الإسكندرية عام 658هـ لأسرة دينية، فحفظ القرآن فى صباه، وتلقى العلوم الشرعية على مذهب الإمام مالك من خلال جَدِّه الفقيه أبى محمد عبدالكريم بن عطاء الله.

ولُقب بن عطاء بالعديد من الألقاب أبرزها «قطب العارفين»، «ترجمان الواصلين»، و«رشد السالكين»، ولشيخه الشاذلى الفضل فى وضع قدمه على أول طريق الصوفيّة، بعد أن كان منكرًا لها، فخطى أولى خطواته نحو الورع، الزهد، ودروب العارفين، منكبًّا على تعاليم الشاذلى، فأصبح من أقطاب الطريقة الشاذلية، واشتهر بين الناس، فتوافدوا على مجلسه، وشغفوا بعلمه، وحكمته، سواء فى الإسكندرية، أو بعد انتقاله إلى القاهرة ليسلك طريق التدريس بالمدرسة المنصورية.

ويعدُّ كتاب «الحِكَم العطائية على لسان أهل الطريقة» من أشهر مؤلفات السكندرى، وهو من أهم مراجع الفكر الصوفى.

ومن مؤلفاته الأخرى «لطائف المنن فى مناقب الشيخ أبى العباس وشيخه أبى الحسن، القصد المجرد فى معرفة الاسم المفرد، التنوير فى إسقاط التدبير، أصول مقدمات الوصول، الطرُق الجادة فى نَيل السعادة، عنوان التوفيق فى آداب الطريق، مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح فى ذكر الله الكريم الفتاح».