الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أوسكار  2024.. والقادمون من الجنوب 

أوسكار 2024.. والقادمون من الجنوب 

ما افتقدته فى السنوات القليلة الماضية وجدته فى حفل أوسكار هذا العام. كان جميلا ومبهرا للعين وأيضا مداعبا للخيال ومحتضنا لأحلام مبدعى السينما وعشاقها، ثلاث ساعات فى أجواء سحر السينما بأضوائها وظلالها وبما شكلته وبما تشكله فى حياتنا. لسه الأفلام ممكنة.



أهل السينما بكافة تخصصاتهم كانوا حاضرين وكانوا موضع احتفاء جماعى واحتفال بما حققوه وبما يطالبون به من حقوق فى مواجهة متطلبات الحياة اليومية وتحديات الذكاء الاصطناعى المتغول فى تفاصيل دنيانا وفى عالم الكتابة والإبداع الفنى عفوا يجب دق ناقوس الخطر القادم. وهذا ما تم تكرار قوله فى حفل أوسكار.

لم يكن بالأمر المفاجئ أن فيلم أوبنهايمر الذى يتناول حياة عالم الفيزياء الشهير وقنبلته الذرية واستخدامها قد حصد ٧ جوائز أوسكار.

منذ بدء عرضه العام الماضى صار هذا الفيلم المبهر سينمائيا والناجح جماهيريا (لمخرجه كريستوفر نولان) موضع نقاش حاد حول الحرب والسلام وأسلحة الدمار الشامل. وبالطبع تساءل البعض: هل ما تم تناوله فى الفيلم يحتفى بعالم الذرة وقنبلته الفتاكة أم أن بعرضه للنقاشات والمصادمات الفكرية والسياسية يضع الفيلم أمام المشاهد كما هائلا من الانتقادات والتساؤلات حول ما حدث فى تلك الفترة التاريخية من أمريكا والعالم؟. 

ورغم أن فيلم باربى الجميل والمبهر فنيا (للمخرجة جريتا جرويج) لم يحصل إلا على جائزة واحدة إلا أنه حقق أكثر من 1.3 مليار دولار إيرادات على امتداد العالم. ونجح مع فيلم أوبنهايمر فى تحقيق عودة المشاهدين والمشاهدات لدور السينما. بعد أن عانت دور السينما من تبعات الكوفيد والعزلة وفرجة الأفلام من البيوت.  

لقد نجح باربى فى تسليط الأضواء وبشكل شامل على قضايا المرأة وعلاقتها مع الرجل والمجتمع. والفيلم بما طرحه من أفكار ورؤى كان من الطبيعى أن يكون موضع حوار نسائى ومجتمعى حول ماهية المرأة واستعداد الرجل أو المجتمع لتفهم ما تقوله هى هذه الأيام. 

القادمون من الجنوب

ما لفت انتباهى مؤخرا أرقام وردت فى تقارير رسمية تكشف أن 18 فى المائة من القوى العاملة فى أمريكا من المهاجرين إليها. وأن هؤلاء القادمين من خارج أمريكا يمثلون ثلث العاملين فى مجال البناء والتعدين ونحو 75 فى المائة من العاملين فى مجال الزراعة. وهذه الأرقام تقول وتكشف الكثير عما يحدث فى أمريكا. 

وقد اعتاد ساسة أمريكا منذ سنوات على أن يجادلوا ويزايدوا على كل القضايا الخاصة بالمهاجرين والهجرة خاصة فى سنة الانتخابات الرئاسية.

إنها فرصة لتأجيج مشاعر الخوف والقلق من هؤلاء القادمين من الجنوب عبر الحدود مع المكسيك. والأرقام التى تذكر حول الهجرة غير الشرعية أو غير القانونية وصلت الى 2.5 مليون خلال العام الماضى ولهذا نقرأ ونسمع الأصوات التى تنبه وتقول: هذه الأزمة لا يمكن التصدى لها باقامة الأسوار أو الاجراءات الأمنية. خاصة أن اقتصاد أمريكا فى حاجة الى الأيدى العاملة والى أصحاب القدرات المحدودة  التى تأتى عبر الحدود.

وبالطبع تتعالى أصوات التهويل مما يحدث وقد يحدث والحديث المتكرر عن الجريمة والمخدرات القادمة مع الذين يتسللون عبر الحدود. القادمون من أهل المكسيك كانوا فى نهاية ديسمبر 2023 أكثر من 56 ألفا فى حين عبر الحدود فى نفس الفترة من أهل فنزويلا نحو 47 ألفا. والمجموع الكلى كان أكثر من 250 ألفا 54 فى المائة منهم من دول غير المكسيك والسلفادور وجواتيمالا وهندوراس!! عدد من تم إيقافهم من أهل الصين عبر الحدود إياها كان نحو ستة آلاف!!

وحسب ما لاحظه المهتمون بشئون الهجرة وأمن الحدود فإن عدد القادمين من دول إفريقيا عبر الحدود المكسيكية تجاوز الـ 58 ألفا فى السنة الماضية وكان هذا الرقم نحو 13 ألفا فى عام 2022. والدول الإفريقية التى تحتل رأس القائمة هى موريتانيا (أكثر من 15  ألفا) والسنغال (نحو 13 ألفا) وأنجولا (أكثر من 4 آلاف). والقدوم من إفريقيا الى أمريكا رغم طول الرحلة والمعاناة عبر محطات مختلفة سببه التعامل الأمنى والحدودى القاسى مع الأفارقة من جانب الدول الأوروبية. وليس سرا من أن أفراد ومجموعات تأتى أيضا من الشرق الأوسط ودول الجوار لتتسلل وتعبر عبر الحدود المكسيكية الأمريكية. 

نعم، إذا أردت أن تعرف المشهد بتفاصيله عليك أن تهتم بما جرى وما يجرى وأن تتابع كل ما هو جديد فى تفاصيل المشهد. هكذا يتكرر التنبيه وهكذا تجد أن المشهد بصوره المختلفة صارت واضحة بشكل كبير وصرت أنت أكثر الماما بما يحدث فى دنيانا مكانا وزمانا