الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ما الذى فعلته بهم الهرمونات؟

ثقافة على بعض محاسنها إلا أن فهمها الخاطئ حولها إلى «الجيم» آلية غيرت من النظرة للرياضة التى من المفترض أن تستهدف أولا تكوين وتشكيل شخصية الشاب. لكن الأزمة أن اليوم أصبح الشغل الشاغل لفئة من الشباب شكل الجسم الذى أصبح هدفًا لمختلف الأعمار فيما أغفل الكثيرون أهمية الشخصية كما يبنى العضلات.



 

 من هنا كان التحقيق التالى للتعرف عن قرب على رؤية الشباب والجيم وهل يفكر فى إثراء فكره كى يصبح متحملا للمسئولية أم اكتفى البعض منهم ببناء الجسم فقط وبات همه الوحيد «الفورمة» وهنا نستعرض أيضًا وجهة نظر المختصين لتفسير هذه الظاهرة وعلى من تقع المسئولية حيث يتخطى الأمر فكرة شكل الجسم أو تكبير العضلات لتتداخل معه أمور عدة من شأنها التأثير السلبى فى تكوين الشخصية. 

كريم محمود17 سنة قال إنه يذهب إلى الجيم للتحسين من شكل جسمه وإظهاره بما يتوافق مع المصطلح الشهير فورمة الساحل، فيما أكد هيثم عمار 14 سنة أن الجيم بالنسبة له وسيلة أساسية للتخسيس، فى المقابل قال ناير حسنى 21 سنة: إن الأمر بالنسبة له ولزملائه مجرد طريق لحياة صحية سليمة، ومنه إلى محمود أيمن 25 سنة الذى قال إنه يذهب إلى الجيم بعد نهاية عمله يوميًا بسبب وقت الفراغ. 

 

 

 

وعلى العكس قال أمجد علاء 23 سنة أنه يبحث عن الشكل المثالى للعضلات وعمل SHAP مناسب ليتباهى بصوره على زملائه وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعى.

وذكر حازم عماد 30 سنة أن الجيم أسلوب حياة مفيد حيث اعتاد منذ سنوات النمط الصحى فى الغذاء لكن فى الوقت نفسه لا يشغله فورمة العضلات كما هو منتشر الآن. 

بناء الكتلة 

العقل السليم فى الجسم السليم، هكذا أوضح كابتن أحمد فتحى مدرب لياقة بدنية مشيرًا إلى أن من يريد التحسين من الكتلة العضلية للجسم أو أن يرفع من لياقته البدنية فإن الأمر يسٍتغرق فترات طويلة قد تصل لسنوات فى بعض الحالات، والحل هنا ليس فى المنشطات أو الهرمونات التى يتخذها بعض الشباب طريقًا قصيرًا.

 وأضاف: نتحدث هنا عن بناء كتلة عضلية يتداخل معها أمور أخرى مثل نظام غذائى محدد السعرات فى الطعام من حيث النوع والكم فضلا عن طريقة التدريب. 

وأضاف: إن من يريد بناء جسمه بشكل سليم وصحى فعليه الاعتماد فى المقام الأول على البروتين الطبيعى بنسبة 45 % من النظام الغذائى والنسبة المتبقية مقسمة بين الكربوهيدرات والدهون الصحية على حسب نمط كل جسم، مؤكدًا أن الهرمونات ليست بديلًا ولا خيارًا صحيًا ولا خيارًا مقبولًا. 

 وفسر الكابتن أحمد فتحى معادلة بناء الجسم بأنه لابد  من الأخذ فى الاعتبار الحالة الصحية له وما إذا كان يعانى من أى مرض كالضغط أو السكر على سبيل المثال أو لديه إصابات سابقة أو أجرى عمليات جراحية من قبل. 

قال: وهذه أمور أساسية قبل تحديد مدة التمرين وعدد الأيام حتى يتم وضع برنامج تدريبى يتناسب مع المتدرب.

 

 

 

 بعد الانتهاء من هذه الخطوات نحدد البرنامج الغذائى المناسب حسب الطول والوزن والأنشطة اليومية التى يقوم بها وأسلوب النوم وما إذا كان يحصل على قسط كاف منه أم لا.

ولفت الكابتن أحمد فتحى إلى ضرورة عدم الخلط بين المكملات الغذائية والفيتامينات وأى أدوية أخرى قد تكون ضارة للجسم مشيرًا إلى أنه بالرغم من أن أنواع البروتين الموجودة بالأسواق مستخلصة من مصادر طبيعية مثل شرش اللبن على سبيل المثال ويلجأ لها البعض لتعويض نسبة نقص البروتين الذى يحصل عليه، فهو لابد أن يحصل على 200 جرام بروتين من المصادر الغذائية الطبيعية يوميًا.

 يضيف الكابتن فتحى: بعض الأنواع المنتشرة من البروتينات يمكن أن تسبب مشاكل صحية إذا كان الفرد يعانى من حساسية اللاكتوز إضافة إلى أنه حال زيادته فى الجسم يؤدى إلى مشاكل بالكبد لذا لابد أن يرشده متخصص فى التغذية العلاجية.

وحذر كابتن فتحى من العقاقير التى يستخدمها البعض خصوصًا الهرمونات لأضرارها الجسيمة حيث إنها ترفع إنزيمات الكبد بشكل واضح فضلا عن مشاكل بالقلب ورفع نسبة الكوليسترول الضار إضافة إلى مشاكل الخصوبة لمن يتناولها وللأسف يلجأ إليها البعض لأنها الحل الأسهل للحصول على فورمة سريعة وشكل مؤقت.

وعقب كابتن فتحى قائلا: لابد من الحوار مع الشاب المتدرب لإدراك أن العضلات ليست هى الأساس فى شخصيته وأنه لا سبب للمقارنة مع أشخاص آخرين. 

وأضاف: إن الاستمرار فى الرياضة مطلب مهم لحياة صحية متكاملة مع التأكيد على أن القوة العضلية نفسها ليس لها علاقة بحجم العضلات كما يعتقد الكثيرون.

على المدى الطويل

عن طبيعة التغذية المناسبة لبناء عضلات الجسم أكد الدكتور عماد الدين فهمى استشارى التغذية العلاجية والتجميل عدم وجود بروتوكول موحد يمكن الاعتماد عليه لكل الناس، وإنما كل حسب حالته ومخطئ من يظن أن بإمكانه بناء فورمة فى شهرين كموضة كل سنة. 

قال فهمى: إن الكثير من الشباب فى الجيم يلجأ إلى برامج الإنترنت غير المدروسة وبدون إجراء الفحوصات الطبية اللازمة لبدء خطة تمرين. 

وذكر أن طبيعة الجسم تختلف من شخص إلى آخر حيث يوجد أشخاص عضلاتهم لا تكبر وبالتالى فالقاعدة الرئيسية أن يتناول المتدرب وجبة متكاملة يغلب عليها النشويات قبل التمرين، أما بعده وجبة كاملة الجزء الأكبر فيها البروتين.

موضحًا أن تكبير العضلات هو نتيجة عدة عوامل مجتمعة، أما العقاقير المختلفة للحصول على حجم عضلات واضح ففى أغلب الأحوال وعلى المدى تُحدث نوعًا من العقم. 

أما الدكتور إيهاب ماجد استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى والتربوى فقال: ظاهرة إقبال الشباب على صالات الجيم عن الفورمة السريعة تبدأ مع المراهقة فيبحث المراهق عن تحسين مظهره حيث يضطرب أحيانا تقديره الذاتى لنفسه على عكس الفترات السابقة فى حياته.

ومن هنا تأتى نقطة التحول فيحافظ على شكله الاجتماعى فى أعين الناس بذهابه إلى الجيم ويعمل على أن يصبح أقوى وبالتالى قادر على مزيد من لفت نظر الجنس الآخر ومع ذلك فالغالبية لا تستمر لأن الأمر يتطلب التزامًا، فالشاب يكون لديه الحماس فى البداية لكن أكثر من 70 % منهم لا يكمل. 

 حسب د.إيهاب ماجد, المشكلة هنا أن الشباب يريد الظهور بشكل مختلف وجذاب وبسبب عدم الوعى هناك من يستغل تلك الرغبة بالتسويق للمكملات الغذائية وغيرها من العقاقير الضارة. 

وأكد أن الوعى لدى الشباب أمر ضرورى جنبًا إلى جنب مع وعى الأب والأم فى الحوار عن أضرار ما يلجأون إليه لبناء أجسامهم سريعًا بفورمة. 

وشدد الدكتور إيهاب ماجد على فكرة الوعى أيضًا بمعانى الموازنة بين بناء الجسم والشخصية لدى المراهق أو الشاب. 

 

 

 

يقول المسألة تراكمية فعندما يعود الأب والأم الشاب على تحمل المسئولية منذ الصغر يتحملها فى الكبر والفكرة فى الأساس فى القدوة لأن الابن يأخذ من أبويه دون أن يعى أكثر من 90 % من ملامح شخصيته ويكتسبها منهما، إذن المسئولية الأساسية ملقاة على عاتقهما وبالطبع المجتمع يؤثر لكن الأسرة هى الأساس وبوجود الثقة المتبادلة يجد الشاب مرجعية ويؤكد أنه لابد أن يعرف الآباء أن «أولادنا زى ما احنا عايشين، مش زى ما احنا عايزين». 

من جانبه، أعاد الدكتور رفعت عبدالباسط أستاذ علم الاجتماع جامعة حلوان التأكيد على مسئولية الأسرة فى المقام الأول عن بناء شخصية متوازنة واعية بالتنشئة السليمة وليس فقط ببناء الجسم، فالأب والأم هما من يقومان بتوجيه المراهق أو الشاب إلى الطريق الصحيح الذى يسهم فى تكوينه ويستفيد منه رياضيًا وروحانيًا وأخلاقيًا. 

 

وأكد عبدالباسط على أن تضافر جهود كل من البيت والمدرسة والمؤسسة الدينية ومراكز الشباب والنوادى الاجتماعية يؤدى بالضرورة إلى بناء شباب لديهم وعى وفكر لافتًا إلى المعنى الأشمل والأعم للرياضة والجانب الأخلاقى بها والذى ينمى الشخصية ويجنب الشباب العنف والغرور والتعالى والتركيز على الشكل فقط.