الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كنت أبحث عنك

ريشة: هانى حجاج
ريشة: هانى حجاج

ما زلت أقاوم.. أحاول أن أصمد فى وجه الريح العاتية، اختبئ من الفشل والتداعى، لا يتوانى عن مطاردتى.. يرهقهما استمرارى فى الحياة، طالما أفصحت عن أمنيتى أننى أود أن أموت واقفا كالأشجار، وليتنى لم أفصح عن هذه الأمنية، تلك التى أرهقت الكثير، ولكنى أتعجب حقا وأتساءل: كيف يريدون حتفى؟ ماذا يروق لهم؟ قلت ما عندى!.. كنت أسمع عبارة طالما استنكرتها نفسى (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)، كنت أعتقد تجنب الحسد والعين ولكن مع رحلتى فى الحياة أدركت عمقها، لا تعلنوا عن أحلامكم، أمنياتكم، طموحاتكم، كى لا تصابوا بخيبات الأمل علنا فهى أكثر ألما وتصابون بمن يحاول وأد الحلم قبل أن تلمس أقدامه أرض الواقع.



تعلمت المراوغة وكلما ضايقنى المكان استبدلته فورا، وكلما هم أشخاص بأذيتى غادرتهم فورا، وكلما طرحت فكرة وشعرت بأنها لا تروق لى استبدلها فورا بفكرة جديدة، وكلما ازدادت على الضغوط أتسرب إلى مكان ما يخصنى وأقاوم الإحباط بأن أقرأ أو أكتب بشغف مثلما أفعل الآن! كلما نامت خيبات الأمل، أستيقظ أنا وأبتعد عنها لعلها تنام للأبد. طالما سألت نفسى: أنا.. من أنا؟ حاولت أن أصاحب الكمال، وأصادق المثالية، حاولت أكون إنسانا بمعنى الكلمة، طوال عمرى وطدت نفسى على ألا أخدع أحدًا أو أكون سببا فى أذية أحد، ألا أطلب خدمة أو واسطة أو استثناء لأحصل على ما لا أستحق، قد أتشفع لآخرين أساعدهم بطلب خدمة لهم لكن لنفسى لا.

ولكن فى موقف وحيد فى حياتى لا يمكن أن ينسى حملنى على محاولة طلب ذلك ولكن العدل الإلهى أعفانى من هذا العبء الثقيل على نفسى، أحد زملائى القدامى ترأس تحرير إحدى الإصدارات وعندى الكثير مما أنشره وأتعاون معه وأحصل على قدر من المال قد يعيننى على مواجهة مصاعب الحياة، قررت أن أقابله فأخبرنى مدير مكتبه أن هذا أمر صعب لعدم حصولى على موعد سابق، فاقترحت عليه أن يعلنه باسمى ووجودى وإذا رفض سأغادر فورا، وما هى إلا دقائق وكنت بمكتبه أصافحه وبادرنى بسؤال: كنت أبحث عنك؟ أحتاجك معى للعمل فى هذا الإصدار الجديد، أعلم قدراتك جيدا وأنك لن تتوانى أو تتردد فى مساعدتى، ابتسمت ورحبت فورا وفوجئت أن دموعى طفرت من عينى، لم أعد أرى طريقى من شدة الانفعال، أعفانى الله أن ينطق لسانى بالرجاء ومن حينها تغيرت الدنيا فى نظرى.. المخلصين أمنياتهم لا تضيع هباء.