الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قانون يعرض نساء بريطانيا للخطر

آلاف النساء فى إنجلترا معرضات لخطر الأذى الشديد، نتيجة فشل الشرطة فى تسليم معلومات قد تنقذ حياتهن من مجرمين عنيفين.



وفى أحدث مثال على تقاعس قوى الشرطة عن حماية النساء، أظهرت بيانات رسمية أن أكثر من نصف الطلبات المقدمة التى يريد أصحابها إجراء تدقيق فى خلفية مرتكبى اعتداءات أسرية جرى رفضها خلال فترة ستة أشهر.

 

ويقول ناشطون إن الضحايا يواجهن تفاوتات فى التعامل مع طلباتهن بما يشبه اليانصيب وحذر أحد الخبراء من أن الحجم الهائل لحالات الرفض فى الإفصاح عن المعلومات، يعرض حياة نساء كثيرات للخطر.

روبرت باكلاند، عضو البرلمان عن حزب «المحافظين»، طالب بإجراء مراجعة مستقلة على وجه السرعة، للقانون المعروف بـ«قانون كلير» Clare’s Law الذى يتيح الاطلاع على سجل العنف الأسرى للشريك، والقانون سُمى على اسم كلير وود الامرأة التى قتلت فى عامها الـ36 على يد صديقها السابق جورج أبلتون عام 2009. وكان لأبلتون تاريخ غير معلن من العنف لم تعلم به كلير وود عند ارتباطها به لأن تلك النوعية من المعلومات سرية.

يقول البريطانيون إن استمرار سرية تلك النوعية فى اليابان تسبب فى ترك آلاف النساء عاجزات عن الحصول على معلومات تتعلق بشركائهن، ولا حتى معرفة تاريخهم الإجرامى قبل الارتباط.

وانتقدت والدة امرأة قتلت على يد صديقها السابق الذى أساء معاملتها، أجهزة الشرطة لأنها خذلت ابنتها، قالت هيلارى ستينشكومب لـ«اندبندنت» إن الإفصاح عن المعلومات بموجب «قانون كلير»، كان من الممكن أن ينقذ حياة ابنتها لورا مورتيمر 31 سنة، وحفيدتها إيلا دالبى 11 سنة.

ريشة: منة الصياد
ريشة: منة الصياد

 

 

والمرأة والطفلة تعرضتا لـ42 طعنة داخل منزلهما فى جلوستر عام 2018، على يد كريستوفر بون، شريك لورا مورتيمر وزوج أم إيلا، الذى كان قد حكم عليه سابقًا بالسجن مع وقف التنفيذ من دون أن تعلم شريكته لورا بتهمة الاعتداء على شريكته السابقة ووالدتها، أمام طفلين.

وقالت ستينشكومب إن الأسرة طلبت معلومات عن بون بموجب «قانون كلير»، لكن أجهزة الشرطة رفضت طلبها، مدعية على نحو غير صحيح أن طلبًا من هذا النوع يجب أن يأتى مباشرة من الضحية بينما الضحية نفسها كانت قد ماتت!

ووصفت والدة لورا ما حصل بأنه «مثير للاشمئزاز»، قائلة إن «الشرطة أساءت فهم القواعد وحجبت عنا المعلومات. ولو كنت أعرف أن فى حق شريك ابنتى إدانات سابقة، لما كنت سمحت له بالاقتراب من أطفال (لورا)، ولما كنت لأسمح له بالدخول إلى المنزل».

وقالت السيدة ستينشكومب والدة لورا إن ابنتها توجهت بعد الهجوم عليها إلى مركز الشرطة، طالبة الكشف عن معلومات تتعلق بشريكها بموجب «قانون كلير»، لكن طلبها رفض. وتقول والدتها إن ابنتها «كانت متأكدة من أن لديه إدانات سابقة - كما قال لها أحدهم - لكن أحدًا لم يعلم ذلك.

يشار إلى أن مخطط الإفصاح عن المعلومات، فى القانون محل النقاش فى بريطانيا اليوم يمنح الضحايا وأقاربهم الحق فى سؤال الشرطة عن الخلفية الجنائية للشخص. ويعطى للهيئات العامة الحق فى طلب معلومات عن الأفراد الذين يشعرون بأنهم يشكلون خطرًا على النساء قبل الارتباط.

وقال متحدث باسم الشرطة فى بريطانيا إنه رفض طلبات بموجب «قانون كلير» يحدث عندما لا تكون هناك معلومات متاحة للكشف عنها حول الجريمة.

 

 

لكن عضو بالبرلمان البريطانى طالب الحكومة بأن تتعاون مع الشرطة فى تحديد شروط الإفصاح عن المعلومات، لضمان عدم رفض الطلبات أنه يقوم بشكل غير عادل.

وقام جهاز شرطة مقاطعة ويلتشير بمراجعة آلاف الطلبات المتعلقة بالإفصاح عن معلومات، التى كان من الممكن أن تحمى نساء تعرضن لخطر العنف الأسرى. وأجريت المراجعة بعدما أثيرت مخاوف فى شأن أحد الموظفين لديها. وقال متحدث باسم: «المكتب المستقل لمراقبة سلوك الشرطة وهو الذى يحقق فى أخطر الشكاوى ضد أجهزة إنفاذ القانون، ويضع المعايير التى ينبغى للشرطة أن تتعامل بموجبها مع الشكاوى، إن المراجعة المستقلة ما زالت مستمرة. وهذا منذ أكثر من شهرين الأمر الذى أثار جدل حول القانون من جديد».

أما أليكس ديفيز جونز، وزيرة شئون العنف الأسرى فى حكومة الظل «العمالية»، أعربت عن قلقها الشديد من الفرص الضائعة التى أدت إلى خسائر فى الأرواح، ورفض كثيرًا من الطلبات المقدمة فى هذا الشأن. وطالبت «الشرطة» بالتعاون من أجل ضمان «تطبيق نهج ثابت وصارم فى هذه القضايا».

وأكدت جونز على وجوب أن «يشمل القانون» كل فرصة لحصول الأفراد على حماية مبكرة ووقاية لهم، عندما يتعلق الأمر بالعنف المنزلى وسوء المعاملة»، مضيفةً أن «الفرص الضائعة تكلف أرواحًا، وضاع بالفعل كثير منها حتى الآن».

مفوضة العنف المنزلى فى بريطانيا نيكول جاكوبس، رأت أن القانون يمكن أن يوفر معلومات من شأنها أن تنقذ حياة أشخاص، ورفض الطلبات يعنى «إهدار فرص» لحماية الضحايا.

من جهتها، قالت إيلى بات، من منظمة «ريفيوج» Refuge - (مؤسسة خيرية تعمل فى مكافحة العنف الأسرى)، أنها لاحظت كثيرًا من الثغرات فى مخطط الإفصاح عن المعلومات، منبهة إلى أن «قانون كلير» يمكن أن يعطى «انطباعًا زائفًا بالأمان عندما تحجب معلومات حيوية، أو يتغاضى عن تقديمها».

وقالت المحامية ريتشيل هورمان براون، وهى متخصصة فى قضايا العنف المنزلى، إن عدم الكشف عن المعلومات المطلوبة يمكن أن يعرض حياة نساء عدة للخطر. ولفتت إلى أنه فى حين يحصل بعض من اللاتى يتلقين مساعدتها، على معلومات بموجب القانون، فإن كثيرًا من النساء الأخريات يواجهن الرفض فى طلباتهن.

وأضافت: «يقال لهن فى بعض الأحيان، «بما أنه حصل انفصال عن الشريك، فلا حاجة لأن تعرفن أى شىء عنه». لكن فى سياق العنف المنزلى، فإن الانفصال لا يكون سهلًا فى الغالب».

وأوضحت أن «السبب يرتبط بتلاعب بعض الجناة مما يجعل الضحايا يشعرن الخوف منهم. لكن من غير المرجح أن يعود كثير من الضحايا للعيش مع شريك عنيف إذا كن على علم بتاريخه الإجرامى. إن التبرير من جانب الشرطة المتمثل فى رفض تقديم معلومات، هو غير مقنع».

الدكتورة شارلوت بارلو، إحدى المناديات بضرورة إقراره رأت أن تشريعاته حتى الآن تعمل بمثابة «يانصيب» بحيث تخصص بعض إدارات البوليس فى بريطانيا أموالًا له من غيرها.

 

 

 

وذكرت أن كثيرًا من ضحايا العنف الأسرى اللاتى تقابلهن ينتظرن أحيانًا أشهرًا قبل أن يكشف عن خلفية شركائهن، مشيرة إلى امرأة اضطرت إلى الانتظار خمسة أشهر، على رغم اتصالها بالشرطة مرات عدة، ورغم استمرار تعرضها للعنف دون أن تكون قادرة على التعامل قانونيا مع شريكها.

لكن لويزا رولف، مساعدة مفوض «شرطة العاصمة البريطانية» والمسئولة عن قضايا العنف المنزلى، أشارت إلى أن «أجهزة الشرطة تحتاج إلى استشارة الوكالات المعنية بحماية المعلومات قبل الكشف عن أى بيانات. وفى حال أبلغت إحدى الضحايا عن تعرضها لإساءة، ولم تكن هناك سجلات سابقة، فإن الشرطة تتعاون مع وكالات أخرى ذات صلة، لاتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية لهن».