الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لسه بنحتفل بـ الفلانتين

ســيرة «القديــس الغامـــض»

ريشة: عبدالرحمن أبوبكر
ريشة: عبدالرحمن أبوبكر

زهور ودباديب حمراء.. بطاقات معايدة مليئة بالقلوب.. رسائل وكلمات الحب.. ماركات الشيكولاتة، أصبحت عادات ترتبط بيوم ال «الفلانتين» ليتبادل فيه الحبيبان الهدايا.



ولكن ما هو أصل تلك المناسبة؟، التى أصبحت محط اهتمام العالم، بل عند البعض هى نقطة فارقة فى حياتهم، باعتبارها تحدد مدى الاهتمام والحب بين الأشخاص وبعضهم البعض؟!

والسؤال الأهم، هل تعتبر الدراما والفن سببا فى انتشار تلك المناسبة؟، حتى أصبحت من عادات واهتمامات الشعوب العربية، حيث نجد الكثير من الأعمال الدرامية التى تعرض قصص الرومانسية والحب، وتغرس فى عقول الشباب وتضفى على نسيجهم الروحى، ضرورة الاحتفاء بالحب فى هذه المناسبة.

كيوبيد
كيوبيد

 

أساطير العشق

«فلانتين» الكاهن راعى العشاق فى العالم، والذى ارتبط اسمه بعيد الحب العالمى بعد إعدامه، عاش  فى روما خلال القرن الثالث الميلادى، واعتقله الإمبراطور الرومانى «كلاوديوس الثانى» خلال فترة الاضطهاد، بتهمة مخالفة أوامره.

حيث كان فلانتين يعقد زواج العشاق سرا، بسبب منع الإمبراطور للزواج، اعتقادا منه بأن ذلك يتسبب فى عزوف الشباب عن الخدمة العسكرية، وعندما اكتشف الإمبراطور الأمر سجنه وأمر بإعدامه.

وتقديسا لفلانتين أصبح يوم إعدامه «عيدا للحب».

أما عن سبب ارتباط اليوم باللون الأحمر، فهو أن الشباب كانوا يلقون على «فلانتين» الزهور الحمراء تقديرا لما فعله معهم، وتعبيرا عن فرحتهم بزواجهم، فى حين جاءت فكرة بطاقات المعايدة، من رسالة الحب التى كتبها فلانتين وأهداها لحبيبته، وهى ابنة السجان التى وقع فى حبها أثناء سجنه، وقبل إعدامه كتبها لها بتوقيعه.

وأصبح «فلانتين» راعى العشاق 

وكتب  الشاعر الإنجليزى «جيفرى تشوسر»، قصيدة لتكريم الملك «ريتشارد الثانى» فى عيد خطبته على «آن» من مملكة بوهيميا.

وقال «يوم عيد القديس فلانتين.. حين يأتى كل طائر بحثا عن وليف له، فى مستهل الربيع الإنجليزي»، واعتقد  قراء القصيدة خطأ، أن تشوسر كان يشير إلى الرابع عشر من شهر فبراير باعتباره عيد الحب، وأصبح من أبرز الشعراء الانجليز، فى فترة ما قبل العصور الوسطى، بسبب تلك القصيدة.

إدوارد الثامن
إدوارد الثامن

 

وأصبح الجميع يتبادلون رسائل الحب تعبيرا عن وفائهم للمحبوب، بل تألمهم عند فراق الحبيب، وظهر ذلك أيضا فى مسرحية «هاملت» لويليام شكسبير، ورثاء «أوفيليا» فى «هملت» حيث أشار إلى الخرافة القائلة أنه إذا التقى شخصان فى صباح يوم القديس فلانتين فمن المحتمل أن يتزوجا وقالت أوفيليا «غدا يوم القديس فلانتين، كل ذلك فى الصباح الباكر، وأنا انتظرك عند نافذتك، لأكون عيد الحب الخاص بك». 

واعتبر أن الأديبين «تشوسر» و«شكسبير»، مسئولان بدرجة كبيرة عن نشر شعبية الاحتفال بعيد الحب فى بريطانيا، ومنها إلى باقى أوروبا والعالم أجمع، ورغم أن المسيحيين الأوائل ربما احتفلوا بهذا اليوم، إلا أنه لم يرتبط بتبادل الهدايا حتى العصور الوسطى.

إله الخصوبة

أحد أقدم الاحتفالات هو الاحتفال بعيد الحب ويعود لمهرجان وثنى يستمر لمدة 3 أيام، ويعقد فى منتصف فبراير، مع البداية الرسمية لفصل الربيع احتفاء ب «إله الخصوبة» وهو إله الحقول والقطعان، لضمان الخصب للناس والقطعان والحقول، وكجزء من الاحتفال، كان الشباب يسحبون بشكل عشوائى من صندوق، أوراقا مكتوبا عليها أسماء فتيات، ويظل الشاب برفقة الفتاة التى حصل على اسمها طوال مدة المهرجان، وفى أغلب الاحول تنتهى بالزواج.

ليدى سيمبسون
ليدى سيمبسون

 

وبعد ذلك أرادت الكنيسة أن تنهى هذه الاحتفالات، باعتبارها مهرجانا وثنيا ومحظورا من قبل الكنيسة، حتى أعلن البابا غاليليوس، عيدا بديلا للحب، وتحولت المناسبة إلى مهرجان يحتفى بذكرى القديس «فلانتين».

وكان أول احتفال رسمى به عام 496 ميلادية.

لأجل الحب

واحدة من أهم قصص الحب فى القرن ال20، الملك «إدوارد الثامن» والليدى الأمريكية «واليس سيمبسون»، التى تنازل ملك بريطانيا عن العرش ليتزوجها.

واتسم «إدوارد» بالأناقة واللطف، وأطلقت عليه عائلته اسم «ديفيد»، وكان الابن الأكبر للملكة «مارى» والملك «جورج الخامس» المعروف بالانضباط والصرامة.

البابا جاليليوس
البابا جاليليوس

 

تولى «إدوارد» إمارة ويلز حتى عام 1936، وكان من أشهر وجوه مجتمع عشرينيات القرن الماضى، حيث قام بجولات واسعة النطاق فى الإمبراطورية البريطانية، ثم أصبحت اهتماماته بالشئون الوطنية، وفاقت شعبيته شعبية والده وجده إدوارد السابع بكثير، إلى أن بدأت صداقة بينه وبين الأميرة الأمريكية واليس سيمبسون من بالتيمور، فى عام 1930، وكانت الأميرة قد انفصلت عن أرنست ملازم البحرية الأمريكية، والذى كان من أصدقاء إدوارد المقربين.

وتحولت الصداقة بين «إدوارد وسيمبسون» إلى حب شديد بعد 4 أعوام، وفى هذه المرحلة، وقبل أن يناقش إدوارد الأمر مع والده، توفى «جورج الخامس» وأُعلن إدوارد ملكا، وأصبح ملكا على بريطانيا من 20 يناير إلى 10 ديسمبر من عام 1936، حيث تنازل عن العرش، وكان الملك الوحيد الذى فعل ذلك طواعية.

فعندما نصب ملكا، كان فى انتظاره تحد كبير وهو حبه ل «سيمبسون»، حيث إنه بصفته الملك والحاكم، لا يمكنه الزواج من مطلقة فكان عليه أن يختار بين بلده وحبه.

وأثارت علاقته مع سيمبسون الكثير من التعليقات، حول الخطر الذى هدد سلامة النظام الملكى.

شكسبير
شكسبير

 

ونشرت فى الصحافة، وأعلن خبر التنازل عن العرش فى الصحف لأول مرة، بعد أن تم التصديق عليه من البرلمان.

وتزوج «إدوارد» و«واليس» فى عام 1937، بمباركة رجل دين من كنيسة إنجلترا فى شاتو دى كاندى بفرنسا، ومنحه الملك الجديد شقيقه الأكبر «جورج السادس» لقب دوق، وعاشا فى فرنسا حيث توفى هناك عام 1972، بينما عاشت الدوقة حتى عام 1986، وبعد وفاتهما، تم دفنهما جنبا إلى جنب فى فروغمور، داخل أراضى قلعة وندسور.

بطاقات معايدة

أشارت الأسطورة إلى أن فلانتين، هو أول من كتب بطاقة حب لابنة السجان بعنوان "من فلانتينك".

برج لندن
برج لندن

 

وعرفت هذه البطاقات شعبيا فى العصور الوسطى، رغم أن طقوس تعابير الحب لم تبدأ بشكل واضح إلا بعد عام 1400م، وعرفت أقدم بطاقة «عيد حب» بالقصيدة التى كتبت فى عام 1415م، التى كتبها «تشارلز» دوق أورليانز لزوجته، وهو كان مسجونا فى برج لندن، وهى الآن جزء من مخطوطات المكتبة البريطانية.

وبعد عدة سنوات، يعتقد بأن الملك «هنرى الخامس»، استأجر كاتبا يدعى جون، لكى يؤلف له قصيدة فى عيد الحب، لكاثرين من سلالة آل فالوا الفرنسية.

وكان العشاق يكتبون رسائل الحب بخط اليد ليعيرونا عما بداخلهم، ولكن فى القرن ال19 انتشر تبادل البطاقات المكتوب بها الشعر، وعليها رموز مثل «كيوبيد»، إلهة الحب والجمال عند الرومان، وغيرها، وانتشرت تلك العادات فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتطورت من بطاقات المعايدة إلى تبادل الزهور، والشوكولاتة، والحلوى التى يتم تغليفها بالساتان الأحمر، وغيرها من هدايا يتبادلها الرجال والنساء على حد سواء.

على شاطئ المحيط
على شاطئ المحيط

 

بيزنس الرومانسية

وبمرور الوقت أسهمت الثورة الصناعية، فى تحول تقليد تبادل البطاقات بين المحبين، إلى عمل تجارى مربح فى القرن ال19، عندما صنعت بطاقات مخصصة للفلانتين، وتغيرت طبيعة الاحتفال فى جميع أنحاء العالم، حيث أصبح هناك تنافس بين الشركات على تصنيع مختلف الهدايا لهذه المناسبة، وأصبح «عيد الحب» من أهم مصادر التجارة المربحة.

وفى ثمانينيات القرن العشرين، شاع تقديم هدايا من المجوهرات، لدى الطبقات الأرستقراطية، حتى أن تجارة الألماس كانت تشهد انتعاشا خلال شهر فبراير.

وانتشرت هذه المناسبة فى مجتمعاتنا العربية، التى ازدهرت بتجارة وإنتاج بطاقات المعايدات، والورود، وغيرها من الهدايا، وأصبح هناك إقبال شديد على شرائها، واعتبروها وسيلة التعبير عن الحب بطريقة عصرية، فى حين أنه أمر لا علاقة له بالتقليد الدينى أو الشعبى لإحياء ذكرى القديس فلانتين. 

ومع التطورات السريعة، أصبح هذا اليوم يقاس عند البعض بأبعاده التجارية، لتحقيق المليارات من بيع الهدايا، وهناك العديد من الطرق ومنها «الأونلاين»، وصناع المحتوى، وغيرها من أفكار، حيث نجد الكثير من الفيديوهات التى تنتشر عن كيفية صنع هدايا بسيطة بأقل التكاليف والخدمات من المنزل، فهى هدايا «هاند ميد» بتعبر عن مدى الاهتمام بالمحبين.

كما تمثل هذه المناسبة عند البعض أجواء رومانسية للتعبير عن الحب، ولكن عند البعض الآخر لا تعنى أى شيء..  

فى جولة لصباح الخير بالشارع قالت إحدى السيدات فى الثلاثينات من عمرها، وهى غير مرتبطة،«احتفل بعيد الحب على طريقتى الخاصة».

 مشيرة «مش شرط اللى بنحبهم هما بس الحبيب» قالتها الفنانة ليلى علوى فى فيلم حب البنات، وهى والحبيبة، ممكن يكون الأب، الأم، الأخت، الصديق، الجار، المهم إننا نحب».

وأوضحت أنها اعتادت على شراء هدايا بسيطة لأبناء إخواتها ال 5، وتجتمع العائلة ويقومون بصنع قالب من الكيك على شكل قلب ويزين، ويحتفلون ويتشاركون السعادة فى هذا اليوم.

وقالت أخرى مرتبطة: «إن الحب ليس مرتبطا بيوم واحد، ولكن نعتبر هذه المناسبة تحدى لمن نحب، وهل أن حبيبته جزء من اهتماماته ومشاغله الكثيرة فى الحياة؟، وأكدت أن كلمة بسيطة لها تأثير قوى فى النفس.

وكما نجد من يهتمون بطقوس هذه المناسبة الأسطورية، هناك أيضا البعض الذين لا يعتقدون فى أهميتها أو يتذكرونها إلا حينما يجدون الأجواء من حولهم، وانتشار الورود الحمراء بكثرة، وإذاعة الأغانى الشبابية، التى تحكى عن الحب والعشاق، وكذلك الأعمال الدرامية بقصص الحب سواء عربية أو عالمية، وغيرها.

لذلك يتفق الشباب من الجنسين، وتتراوح أعمارهم بين العشرينات والثلاثينات، على أن هذا اليوم مناسبة خرافية، وأن من يحب لا يحتاج ليوم واحد ليثبت فيه لمن يحب مشاعره، سواء بالكلام أو الهدايا أو الاحتفال

ولكن الحب أفعال تقدم لمن نحب، وليس بالضرورة العشاق أو الأزواج، فكل من نهتم بوجودهم ولأمرهم هم احباء على قلوبنا.