الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
نصب إلكترونى على العواجيز

نصب إلكترونى على العواجيز

لم تعد عمليات وجرائم النصب الإلكترونى التى ترتكب ضد النساء باستخدام الإنترنت، مقصورة على الضحايا من المراهقات، أو النساء اللاتى يعانين أزمة منتصف العمر.. فقد امتد نشاط عصابات الجريمة المنظمة ليشمل النساء كبيرات السن.



 

وشهدت إحدى محاكم لندن واحدة من هذه الجرائم التى وقعت ضحية لها سيدة غنية فى الستين من عمرها، أوحى لها رجل إنجليزى - من خلال التواصل معها على الإنترنت - أنها تعيش معه قصة حب رومانسى.. هى تعيش فى سويسرا.. وهو قدّم لها نفسه على أنه طبيب إنجليزى.

هكذا استمعت محكمة «ساوث آرك» إلى تفاصيل الجريمة، وتبين أن من كان يتواصل معها عبر الإنترنت لم يكن طبيبًا، ولم يكن رجلاً واحدًا..إنما كانا زميلين يتشاركان السكن فى شقة فى شرق لندن وينشطان فى أعمال النصب والاحتيال الإلكترونى.

أحدهما «جيمس» فى السابعة والأربعين من عمره لكنه أرسل لها صورة لجواز سفر بريطانى مزوّر يحمل بيانات مختلفة عنه فهو- فى الباسبور- تحوّل إلى رجل ستينى فى مثل سنها.

أما الثانى فهو «أديسولا» نيجيرى عمره 39 سنة، يعيش فى لندن ويتعامل مع عصابة دولية لغسيل الأموال مركزها نيجيريا، واستطاع الاثنان التحايل على ضحيتهما التى سددت لحبيبها الإلكترونى الطبيب الإنجليزى المزيف ما يساوى أكثر من 600 ألف جنيه إسترلينى طوال علاقة الغرام التى جمعتهما. 

 

ريشة: أحمد جعيصة
ريشة: أحمد جعيصة

 

ضحايا بالعشرات

كان ذلك خلال فترة الحجر الصحى والإغلاق فى ذروة انتشار فيروس كورونا فى السنتين الماضيتين، وأوحى لها الطبيب أنه يساهم فى مد هيئة التأمين الصحى البريطانية بمعدات ضرورية تستخدم فى مكافحة وعلاج الوباء، فتعاطفت العجوز السويسرية مع هذا الموقف الإنسانى وأصبحت تمده بالمال.

وتبين خلال المحاكمة أن المتهمين المحتالين عضوان فى شبكة للجريمة المنظمة تعمل فى بريطانيا ونيجيريا وتجمع المال بالاحتيال وتقوم بأعمال وجرائم غسيل أموال، وأن ضحاياها بالعشرات ممن يقعن فى شباك الحيل العاطفية وممن يعشن حياة الوحدة ومعاناتها والشوق إلى الآخر، نساء ممن دخلن المراحل الأخيرة من العمر، ولديهن ثروات كامنة، لكنهن يفتقدن الحب.

وحكم على المتهمين بالسجن لمدة أربع سنوات مع تكليف البوليس بالعمل على استعادة المال المنهوب وإعادته إلى الضحية.

جرائم تنتشر كالوباء!

هذه القضية وغيرها من الجرائم الإلكترونية القائمة على الاحتيال والغش والخداع لاقت اهتمام لجنة العدالة فى «مجلس العموم البريطانى» البرلمان، التى درست الأمر فوجد أعضاء البرلمان أنه من الضرورى إنشاء محاكم متخصصة فى هذا النوع من الجرائم الذى انتشر بشكل ملحوظ، وتبين للجنة أن هناك أربعة ملايين و600 ألف جريمة احتيال ونصب تقع كل عام، وأن بينها الكثير الذي لا يتم التقاضى فيه بالسرعة المناسبة فيعيش الضحايا لسنوات فى معاناة وعذاب. وتبين أن قضية واحدة فقط من كل 700 قضية يتم الحكم فيها ومعاقبة الجناة.

ووصفت اللجنة البرلمانية انتشار جرائم النصب فى بريطانيا بأنه أشبه بالوباء.

وقالت إنه من الضرورى أن تكون هناك محاكم متخصصة فى جرائم المال والجرائم الاقتصادية عمومًا، وأن يتم إعداد قضاة متخصصون فى هذا المجال متمتعون بالقدرات المطلوبة لمواجهة مثل هذه الجرائم، حيث تبين للجنة أن هذا النوع من الجرائم لا يلقى الاهتمام اللازم من المحاكم والقضاة، إذ يرون أن قضايا الاحتيال والنصب، ليست لها الأولوية. 

وحذرت لجنة العدالة فى تقريرها من أن بعض النصابين المتهمين فى جرائم تنظرها المحاكم يواصلون ارتكاب جرائمهم والنصب على الناس وسرقة أموالهم بطريق الاحتيال، خلال نظر القضايا حيث يسمح لهم بالخروج بكفالة من الحبس، بينما يجرى نظر القضية!

واعتبرت اللجنة البرلمانية أن تأخير النظر فى قضايا الاحتيال والنصب الإلكترونى يتسبب فى مزيد من الضحايا مع زيادة انتشار هذه الجرائم.