الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الطموح مالوش حدود.. والدليل حكاية : حنان فهمى

جوائز السماء

هى فتاة استثنائية من صغرها.. عاشقة للتعليم رغم بيئتها التى مازالت إلى حد ما ترى فى تعليم البنت بعض المعوقات.



بدأت مع الإصرار والطموح من عاملة بوفيه فى أحد البنوك الشهيرة، وتدرجت فى الكد والتعب حتى تولى منصب المدير فى ذات البنك.

 

تقول إنه دائمًا ما كان لديها إحساس بأنها ستصل مهما كانت الظروف.. ومهما كان ما تشعر به وقتها من إحباط.

فى طفولتها أصرت على التعليم.. واستمرت فى رحلتها مؤمنة بنفسها، رغم ما قابلته من عقبات. 

فى يوم من الأيام أدت بها الصدفة إلى مقابلة مع الراحل عبدالوهاب مطاوع الذى قال لها إن عليها أن تسعى.. وتنتظر جوائز السماء.. وقد كان.

بعد مقابلة مطاوع، قررت ألا تستسلم وأن تكمل رحلتها مع التعليم حتى تخرجت فى كلية التجارة بتقدير جيد جدًا.

وقتها لم يكن أمامها إلا وظيفة «عاملة فى بوفيه» .. أو «أوفيس جيرل» فى أحد البنوك.. تبعًا لإحدى شركات توريد موظفى الخدمات التى عملت لديها فترة.

ظلت كما قال لها مطاوع: «لا تستسلمى.. ولا تتوقفى ولا تهملى أحلامك»، وفعلت كما قال. 

بدأت الحكاية كما قالت حنان: «أنا بنت مصرية عادية من صعيد مصر.. من قنا.. والدى ووالدتى صعيديان.. ولى من الإخوة أربعة. نقلنا إلى القاهرة بينما كنت فى سن صغيرة.. والدى اشتغل عامل صيانة فى أحد المصانع.. وكنت وقتها فى المرحلة الابتدائية». 

تكمل: «أسرتى بسيطة جداً.. أبويا كان على قد حاله.. وكانت أولويات الأسرة لمصاريفها اليومية، هنأكل إيه هنشرب إيه».

أضافت: «التعليم بشكل عام ماكانش له أولوية فى الأسرة.. خصوصًا لى كبنت.. لأن الأولوية للذكور.. والفكرة إن البنت بعد مرحلة عمرية معينة المفروض مكانها البيت والزواج والحياة التقليدية».

أضافت حنان: « الظروف والصدفة ساعدتنى كتير.. وخصوصًا أن والدى لما انتقل للعمل فى القاهرة للعمل.. كانت الناس حوالينا كل أولادهم وبناتهم فى مدارس لذلك وجدت أنا طريقى للتعليم».

تقول: «على مشارف نهاية المرحلة الابتدائية.. كان المفترض حسب الحالة المادية إنه كفاية كده على.. كان فى وقت ما صعب على والدى أن يتكفل بمصاريفنا كلنا فى الدراسة.. مش مسألة مصاريف المدرسة.. لكن مصاريف تنقلاتنا اليومية.. واحتياجاتنا خلال الدراسة.. بالنسبة لنا كان مبلغ كبير ووالدى على قده».

والدها.. كان إلى جانب عمله فى إحدى الشركات بشغلانة بسيطة، إلا أنه كان يعمل أيضًا حارس عقار فى الجيزة.. وحسب حنان: «الجميل فى الموضوع إن سكان العمارة كانوا دائما يشجعون والدتى على تعليمنا.. كانوا عارفين أننا أذكياء فى استجابة للتعليم، فكانوا دايما يقولوا حرام تطلعوهم من التعليم، يعنى ممكن يبقى عندهم فرصة أفضل لو كملوا».

لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. أو كما قالت حنان: «بعد فترة تعقدت ظروف والدى الصحية بعد إصابة.. اضطر فيها إنه لا يغادر البيت.. ومن هنا بدأت أنزل شغل وقدرت أدفع مصاريف دراستى من كتب ولبس مدرسة».

البداية كانت من شغل فى مصنع خاص بالملابس.. واشتغلت حنان عاملة تشطيب وبدأ دخلها يرتفع وتقول: «كنت بأخذ المرتب أديه لوالدتى كله.. وهى تمنحنى بعضه لاستكمال دراستى». 

فى أجازة كل صيف كانت تعمل حنان طوال الأسبوع.. وتغيرت الوظيفة، لكن ارتفع الدخل.. تقول: «اشتغلت فى مصانع كتيرة.. واشتغلت فى محلات.. واشتغلت شوية مندوبة مبيعات.. وجاء اليوم اللى ايقنت أن اللى عملته فى حياتى.. وتمسكى بالتعليم.. وتمسكى بالفرص اللى جاتلى إنى عملت الصح». 

حكايتها مع الراحل عبدالوهاب مطاوع.. فرقت معاها كتير.. وبدأت القصة كما قالت حنان: «كان حظى الحلو.. لأنى كنت بأخذ الجرايد بتاعت السكان وأقراها.. وبالصدفة وقع تحت إيدى ما كان قد كتبه الراحل عبدالوهاب مطاوع فى بريد الجمعة.. كان كلامه مشجع.. وفيه أمل.. ومن هنا بدأت أقرأ للأستاذ عبدالوهاب.. وده كان طاقة الأمل اللى فتحت عينى على أشياء ماكنتش أعرفها». 

 

 

 

أكملت: «كان سنى وقتها 14 سنة، وكنت بستنى يوم الجمعة وأدور على جرائد قديمة وأقرا بريد الجمعة.. لاقيت ناس كتير عندها مشاكل فى حياتها وبيبعتوا للأستاذ عبدالوهاب.. وبعد كده بيكتبوا إنهم نجحوا.. ويقولوا إنهم اجتهدوا وتعبوا.. وكافحوا.. وبعيدن لقوا نتيجة لأعمالهم».

تكمل حنان: «فاكرة بعد ما خلصت الإعدادية الكلام كله كان بيدور حول خلاص المفروض أقعد فى البيت ومكملش.. وأذكر وقتها لما والدى فكر إنه خلاص لازم نرجع الصعيد نقعد هناك لأنه خايف على البنات من تربية القاهرة.. طبعًا كان له نظرة مختلفة كرجل صعيدى تقليدى.. وأنا كنت مضايقة جدا وحزينة.. لكن فى نفس الوقت كنت حاسة أن فيه حاجة حلوة هتحصل.. وإنى بس محتاجة فرصة».

تقول حنان: «فجأة مسكت ورقة وقلم وكتبت جواب لعبدالوهاب مطاوع، كتبت له كل حاجة أنا حاسة بيها والظروف.. وبعت الجواب فى البوستة، وكنت مستنية يرد فى مقالة مثل الذى أقرأهم إلى آنسة «ح. م» وهكذا، بعد فترة بعتلى إلى آنسة «ح. م» برجاء الحضور.. اتبسطت جدا وروحت مكتبه واستقبلتنى سيدة فى مكتبه وقعدت شوية وبعدين دخلت اتكلمت.. وحسيت إن أنا موجودة وحد بيسمعنى ومهتم يعرف باحلم بإيه وعاوزة إيه وشايفة الدنيا إزاى».

تقول: «منحتنى تلك المقابلة طاقة أمل خصوصا أنه قالى إن اللى بافكر فيه صح.. وقالى كملى.. وانتظرى جوائز السماء.. وقالى كمان أن علشان الفجر يطلع قبله بتبقى أكثر فترات الدنيا ضلمة.. وإن أنا ممكن يبقى فجرى قريب أووى بس كل اللى محتاجه أصبر».

وبعد المقابلة كما تقول حنان: «روحت البيت اتكلمت مع والدتى ووالدى شوية كلام طبيعى وشوية خناق.. انتهى بأنى فوزت بقرار إنى أكمل تعليمى.. وأكمل شغل».

أتمـــت حنــــان الثانوية العامة بمجموع 85 % ودخلت كلية التجارة: «فى الجامعة كنت بشتغل طوال السنة وقبل الامتحان بشهر أسيب الشغل وأذاكر.. وبعد التخرج كنت متفائلة جدًا.. وبدأت أقدم على وظائف وأعمل إنترفيو واترفضت كتير لأن كان فيه مهارات لازم أشتغل عليها وأخد كورسات.. وشغلى كمندوبة مبيعات كان مرهق وكنت بلف لساعات طويلة فى الشمس.. فبدأت أدور على شغل مواعيده مناسبة علشان أخد كورسات، فوجدت شركة عاملة إعلان عن عمل وطالبين ناس للعمل والذى لفت انتباهى إن الموظفين بيخلصوا شغل الساعة 3.. روحت للشركة.. وقلت لهم عاوزة أشتغل، طبعا كانوا مستغربين إزاى حاصلة على مؤهل عالى وعاوزة أشتغل فى الخدمات.. الشركة دى كانت فايندر للبنوك والشركات، اشتغلت فى أحد البنوك المتعاقدة مع الشركة فى البوفيه، ومن هنا بدأت يبقى فى كلام ما بينى وما بين الموظفين، وفى واحدة منهم عرفت إن أنا متخرجة فى الجامعة.. وبعد فترة اقترحت على المدير إنى أقدم للشغل فى البنك.. لكن أول مرة للأسف الموضوع مكملش». 

لكن بعد سنوات.. عادت حنان لنفس البنك.. وعملت به.. ووصلت لمنصب مدير المبيعات.. تقول: «اللى عملته إنى ذاكرت ونميت مهاراتى وحطيت عينى على كارير ابتديه شوية شوية.. الكورسات فرقت معايًا جدا.. ولفيت على شركات كتير.. وكل شغلانة بقت تفتح لى الفرصة لشغلانة تانية.. لغاية ما اشتغلت فى البنك اللى بدأت فيه فى الأول.. وأول يوم دخلت البنك بعد السنين دى من تانى.. ماكنتش مصدقة وافتكرت وقت ما اشتغلت فى البوفيه.. وكنت فاكرة إنى مش هروح فى حتة أبعد من كده.. وإزاى أن جوائز السماء حضرت.. وإن ربنا كان معاى».

تقول حنان : «أهلى فخورين بيا.. مبسوطين أووى باللى أنا وصلت له.. وأنا سعيدة بهم قوى.. وعاوزة أوصل بهم دايما لحتة أفضل وأحسن».

تقول حنان فى نهاية حديثها : «أحب أوجه النصيحة من خلال التجربة.. صحيح احنا ممكن نمر بصعوبات كتير فى حياتنا.. لكن دايما خلى عندك أمل.. وصبر.. وفيه مقولة لابن عطاء الله السكندرى.. إن ما منع الله عنك إلا ليعطيك.. الصبر جميل».