الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نساء فى ملاعب الرجال

أسرار من حياة الحكمة صاحبة أشهر «غمزة»

خلال بطولة كأس العالم للأندية التى أقيمت بالسعودية، نجحت «الحكمة» الأمريكية «تورى بينسو» فى تصدر تريندات مواقع التواصل، بسبب غمزاتها التى توزعها على لاعبى الفرق المختلفة، خصوصًا فريقى «الأهلى» المصرى و«اتحاد جدة»، ما لفت أنظار عشاق الساحرة المستديرة فى كلا البلدين، وفتح الباب للكثير من القصص والحكايات عن التحكيم النسائى.



 

غمزات وابتسامات «بينسو» فتحت الباب سريعًا لخبراء التحليل النفسى والرياضى للتعليق على الصور المتداولة للحكمة الأمريكية، مع محمد الشناوى حارس مرمى الأهلى المصرى، و«إيجور كورونادو» لاعب اتحاد جدة، وبعيدًا عن هذا التحليل، فإن ابتسامات الحكمة وغمزاتها فتحت الباب لنكتشف وجهًا آخر لامرأة اقتحمت ملاعب كرة القدم للرجال مؤخرًا، حيث تعد «تورى» إحدى حلقات المواهب النسائية فى ملاعب الساحرة المستديرة.. هذه الحلقات تكشفها «صباح الخير» فى السطور التالية. 

 

 

 

غمزات وابتسامات

بعد فوز «الأهلى» على منافسه اليابانى «أوراوا» بـ 4 أهداف مقابل هدفين، تصدرت «بينسو» التريندات، حيث تداول عشاق كرة القدم صورًا ومقاطع فيديو لبعض تصرفاتها بتعليقات وآراء مختلفة، خصوصًا بعدما جمع بين الشناوى و«بينسو» حديث باسم ختمته بـ«طبطبة» على كتف الشناوى.

سريعًا، حسم خبراء تحليل لغة الجسد بأن «ملامح وجه الحكمة الأمريكية» من نظرات بالعين لا تعبر إطلاقًا عن الإعجاب بـ«الشناوى»، لأنه لا يوجد ميل فى الرأس من أحد الجانبين، وبالتالى كانت نظرة عادية تخلو من الابتسامة.

وبالنسبة لحديثها بشكل فردى قبل انطلاق المباراة، فقالوا إنه تصرف طبيعى، خصوصًا أنه «كابتن الفريق» وطبيعى أن يتم التواصل معه لتعريفه بالتعليمات التى يجب على كل من الفريقين الالتزام بها.

بينما اعتبرت «حركة الجسد» التى بدرت من «بينسو» مثل «الطبطبة» على الكتف أمرًا عاديًا فى الثقافة الغربية، ولا تعبر عن إعجاب خصوصا أنها متزوجة من حكم أمريكى.

الصورة الأخرى التى تداولها رواد مواقع التواصل، أظهرت قيام «بينسو» بالغمز بـ«عينها اليمنى» للاعب اتحاد جدة السعودى «إيجور كورونادو»، خلال المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم للأندية، مع الفريق النيوزيلندى «أوكلاند سيتى»، التى أقيمت على ملعب «الجوهرة المشتعلة».

 

 

 

هذه المرة تصدى النقاد فى استوديوهات التحليل لتفسير «الغمزة» التى اعتبروها «رسالة» من الحكمة الأمريكية تعنى: «أنا كشفتك»، بسبب سقوطه وتمثيل الإصابة، وقال بعضهم إنه أحد أساليب القدرة النسائية على التعبير بشكل مختلف عن سلوك الحكام الرجال.

وكانت «بينسو» تلقت إشادة واسعة من النقاد والمتابعين بفضل أدائها الممتاز خلال المباراة و«شخصيتها القوية» حسب وصفهم.

لأول مرة

«تورى بينسو» أول حكمة أمريكية تحكم مباراة نهائية فى كأس العالم للنساء خلال عام 2023، وقد شاركت فى تحكيم العديد من المباريات فى الدوريات الأمريكية، بما فى ذلك دورى الدرجة الأولى الأمريكى للرجال ودورى الدرجة الأولى النسائى الأمريكى، كما أنها فى 2020، أصبحت أول امرأة تتولى إدارة مباريات فى الدورى الأمريكى.

وتمثل «تورى» مرحلة مهمة ضمن مراحل التطور الإيجابى لـ «التحكيم النسائى» فى ملاعب الساحرة المستديرة، حيث كانت الفرنسية «ستيفانى فرابار» حتى 2021 أول امرأة تدير مباراة فى دورى أبطال أوروبا للرجال، وكانت الأمريكية «كاتى نيدز» فى عام 2022، أول امرأة تدير مباراة فى دورى الدرجة الأولى الإنجليزى للرجال.

وكانت الأمريكية «كاترين هيندريكس» عام 2023، أول امرأة تدير مباراة فى دورى الدرجة الأولى الألمانى، وعربيًا كانت السعودية «روان السمرى» أول امرأة تدير مباراة فى دورى الدرجة الأولى السعودى، ومن المتوقع استمرار هذا التطور مستقبلاً، ما يؤدى لزيادة التنوع والتمثيل فى التحكيم النسائى فى كرة القدم. و«تورى بينسو» واحدة من 21 من منطقة «كونكاكاف» الذين شاركوا فى كأس العالم للسيدات.

 

 

 

و«كونكاكاف» هى المنطقة التى تغطى الأمريكتين الشمالية والوسطى ومنطقة «البحر الكاريبى».

وأدارت «بينسو» مباراة نهائى البطولة فى أستراليا ونيوزيلندا، والتى كانت بين «إنجلترا» و«إسبانيا» على ملعب أستراليا فى سيدنى أغسطس الماضى، ووصفت التقارير الصحفية أداءها خلال المباراة بـ«الرائع»، وساعدتها مواطنتاها الأمريكيتان «بروك مايو» وكاثرين نيسبيت، بينما كان مواطنها «أرماندو فياريال» الرجل الوحيد فى فريق التحكيم المكون من 9 أعضاء، بصفته حكم فيديو مساعد.

جاءت «بينسو» وتبلغ من العمر 38 عامًا، على رأس فريق التحكيم، بعدما نجحت بأدائها فى الوصول لتحكيم النهائى بين منتخبين وصلا للنهائى لأول مرة، هما إنجلترا وإسبانيا.

وسبق أن أدارت «بينسو» لقاءً خلال البطولة لـ«سويسرا ضد نيوزيلندا» و«ألمانيا ضد المغرب»، ومباراة دور الـ16 بين «فرنسا والمغرب»، حيث فاز «إنجلترا» على «أستراليا» البلد المضيف، فى مباراة نصف النهائى الثانية. 

وبعد «نهائى سيدنى»، أصبحت «بينسو» أول أمريكية تدير نهائى كأس العالم، وأول حكم نهائى لكأس العالم للسيدات من الأمريكتين، وثانى حكم غير أوروبى يحكم نهائى كأس العالم للسيدات فيفا.

بدأ ظهور «بينسو» الدولى خلال 2021، حيث حصلت على تقدير لجنة الفيفا باعتبارها واحدة من أكثر الحكام احترامًا، كما ظهرت لأول مرة فى كأس العالم للسيدات تحت 20 سنة فى 2022.

التقارير الدولية فى شئون التحكيم النسائى لا تعتبر «بينسو» غريبة على صناعة التاريخ، حيث كانت فى عام 2020، أول امرأة منذ 20 عامًا تدير مباراة فى الدورى الأمريكى لكرة القدم، بين فريقى «ناشفيل» و«دى سى يونايتد»، منذ «ساندى هانت» فى عام 2000، وبعد تلك المباراة، قالت بينسو: «هذا ما نطمح إليه.. ألا نتحدث عن هذه حكمة جديدة، ولكن عن حكم جيد».

مضيفة: «أشعر بسعادة غامرة»، متابعة «وآمل أن أفتح الأبواب للكثيرين ورائى».

 

 

 

الجودة أولاً

بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، كانت مشاركة «بينسو» و«بروك مايو» و«كاثرين نيسبيت» تاريخية، حيث المرة الأولى التى يقود فيها «حكام أمريكيون» نهائى كأس العالم للكبار.

وفى وقت سابق على نهائيات كأس العالم 2023، أدارت الأمريكية «إيكاترينا كوروليفا» مباريات «اليابان إسبانيا»، و«السويد جنوب أفريقيا» فى دور المجموعات، ومباراة «ربع النهائى» التى فاز فيها منتخب إنجلترا على كولومبيا.

ويضاف إلى ذلك، حصول «ميليسا بورخاس» من هندوراس، على 3 مباريات كحكمة أولى، فى المنافسات بين «إيطاليا والأرجنتين»، «ألمانيا وكولومبيا» والمباراة بين إنجلترا ونيجيريا.

من جهتها تولت الكندية «مارى سولاى بودوين» إدارة مباراتى «الدنمارك والصين» و«النرويج والفلبين»، ويعد أداء ممثلى الكونكاكاف الستة مشرفًا، حيث كانت البطولة صعبة، لكن هؤلاء السيدات نجحن فى احتلال الصدارة بكل جدارة.

فى حوار سابق، قال الحكم الإيطالى الشهير «بييرلويجى كولينا»: «كما هو الحال دائمًا، فإن المعايير التى استخدمناها كانت «الجودة أولًا»، والحكام الذين تم اختيارهم على أرض الملعب يمثلون أعلى مستوى من التحكيم فى جميع أنحاء العالم».

التتويج الحقيقى لـ«تورى بينسو» كان فى إعلان اختيارها لأداء مباراة النهائى عام 2023، التى رفعت مكانة لعبة السيدات وحكامها.

ولدت «مارى فيكتوريا بينسو» 1986، فى منطقة ستيوارت بولاية فلوريدا، وبدأت التحكيم فى المدرسة الثانوية، وتمت دعوتها إلى معسكر تحكيم برنامج التطوير الأولمبى فى ألاباما فى سن 18.

تخرجت «بينسو» فى جامعة فلوريدا ودرست التسويق الرقمى، وعملت لصالح كوكا كولا وريد بول، وانتقلت إلى «أوهايو» لتحصل على الماجستير فى إدارة الأعمال عام 2015 من جامعة «كيس ويسترن ريزيرف».

انضمت «بينسو» إلى اتحاد كرة القدم الأمريكى فى 2013، وتم تعيينها فى البطولات الجماعية للسيدات ولاحقًا فى الدورى الوطنى لكرة القدم للسيدات.

وبعد كأس جيل أديداس 2019، تمت دعوتها للانضمام إلى برنامج تطوير تابع لمنظمة الحكام المحترفين، ثم عملت لاحقًا كحكم رابع فى العديد من مباريات الدورى الأمريكى، بالإضافة إلى الدورى الوطنى لكرة القدم الأمريكية.

و«بينسو» متزوجة «كريس بينسو»، أحد الحكام فى الدورى الأمريكى منذ فترة طويلة ولديهم 3 أبناء، وخلال مقابلة صحفية، قالت بينسو: «أتذكر المباراة النهائية كما لو كانت بالأمس»، مضيفة: «لقد كانت التجربة الأكثر روعة فى حياتى».

وحول بداياتها مع التحكيم قالت: «عرفت أن وظيفتى تتضمن الجرى، وبعد إدارة إحدى المباريات الحماسية بين فتيان لا يزيدون على 16 عامًا عرفت أن معنى الجرى الركض بسرعة إلى السيارة هربًا من 3 غاضبين من أدائى، حيث تمكنت من الوصول إلى سيارتى، وأغلقت الأبواب، ثم انفجرت فى البكاء».

وقتها قررت «بينسو» قرارا لن يستمر بالتخلى عن عملها كحكم كرة، قائلة: «لم أكن بحاجة أن يطاردنى الناس.. يمكننى أن أفعل شيئًا آخر»، لكن فى نهاية المطاف، أقنعها مدرب التحكيم بالعودة إلى الميدان مرة أخرى، وإطلاق صافرة الحكم من جديد.

 

 

 

وحول مشاركة النساء فى لعبات الرجال قالت: «لا يزال صعبًا على بعضهم رؤية الإناث فى ألعاب الذكور». وبالنسبة للاختلاف بين الرجال والنساء فى التحكيم، قالت: «هناك اختلافات نفسية، لذلك نرى الكثير من ردود الفعل فى مباريات الرجال»، مضيفة: «النساء أكثر حساسية فى استجابتهن للأشياء، عادة فى كرة القدم للسيدات، لا ترغب اللاعبات فى التحدث إليهن، ليس لدى الكثير من المحادثات فى الميدان مع النساء، لكن الرجال يريدون المساهمة فى كل شىء».