السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بهجورى يكسب الرهان بعد الـ90

صحة وعافية
صحة وعافية

ذهبت إليه فى منزله بوسط البلد وكانت زوجته مازالت على قيد الحياة كى يشاهد مقطعًا من رسومه لأم كلثوم.. قامت ابنتى فريدة بتحريكه مع الموسيقى.. وقمت بتسجيل إعجابه بالموبايل ليضاف إلى الفيديو، وتمنى أن تقوم ابنتى بعمل رسوم متحركة لعبدالحليم وعبدالوهاب.. ثم طلب منى إعادة مشاهدة الفيديو وهو يقول: مفيش أجمل من الست.



 

سألته السؤال المكرر: ماذا بينك وبين الست؟

أجاب ضاحكًا: (اعتذار دائم عن قلة أدب لفنان صغير لم يقدر قيمتها).

وكل لوحة هى اعتذار.

 فى طريقك للعام الـ 91 ومازلت ترسمها.. أنت متهم بالتكرار؟

 

 

 

نظر لى بغضب وقال: أنا لم أعد أرسم أم كلثوم وأنت تعلم ذلك .. أنا أرسم إحساسى ومشاعرى، أرسم علاقتى بالموسيقى.. أرسم من خلال ملامحها حبيباتى (أراهنك أرسمها لك 20 مرة لو وجدت واحدة متشابهة أعزمك على كباب وكفتة.. لكن لو لم تجد واحدة تشبه الأخرى .. سوف تعزمنى أنا ونيتو.. وقبل أن أرفض الرهان قال ضاحكًا: على كشرى أبوطارق.. أعجبنى الرهان واتفقت معه على موعد.. يصعد السلم تجاه الأتيليه الخاص به.. أسمع خفقات قلبه.. وكلما وقف ليستريح.. أقول لنفسى: سوف أكسب الرهان.. لم يعد جورج كما كان.

صعدنا إلى أعلى وجلس على طاولة الرسم وبحث عن أوراق.. كان معى بعض أوراق ماكينة التصوير وضعتها أمامه.. تأكد من امتلاء القلم الفلومستر العريض.. كانت معى فرشاة صغيرة وبرطمان أكولين أسود.. وضعتها أمامه.. ثم طلب كوب ماء ليشرب وأغمض عينيه وكأنه يستدعى الست.

وبدأ فى الرسم.. الحقيقة أن جورج الذى كانت ترتعش قدماه وهو صاعد الدرج غير جورج الذى تمسك يداه بالقلم الآن.. يظل صامتًا لحظات ثم تسمع صرير القلم على الورقة.. الخطوط تعود بالزمن للوراء مع كل خط يصغر البهجورى عامًا حتى أصبح الولد الشقى الصعيدى الذى جاء من بهجورة ليملأ صباح الخير بالمرح.. يرسم أول بورتريه للست أسمع ضحكة صلاح جاهين بينما ينظر لى جورج نظرة المنتصر.. ثم يغمض عيناه مرة أخرى وأنا أسمع صوت أم كلثوم: (هات عنيك تسرح فى دنيتهم عنيا.. هات إيديك ترتاح للمستهم إيديا).

أشعر بضحكة عبدالوهاب ترن فى أرجاء المكان.. للمرة الثانية ينجح البهجورى.. وبدأت الضحكات ترن فى المكان ضحكة جمال كامل وأحمد بهاء الدين ومصطفى محمود وإيهاب شاكر وحجازى وصلاح الليثى واللباد ورجائى ونيس وأبوالعنين وحسن فؤاد ومفيد فوزى مع كل ورقة يرسمها جورج يعلو صوت الموسيقى للقصبجى والسنباطى وعبدالوهاب وبليغ حمدى.. أنظر للبهجورى الذى بدأ يضحك وهو يشير لى على اتجاه محل أبوطارق.. مسكت الرسوم أعدها.. كانت فعلا 20.. لا أعرف كم مر من الوقت.. لكن البهجورى الذى يتحرك بصعوبة يرسم مثل بيكاسو.

 

 

 

لقد خسرت الرهان لكنى أشعر بسعادة لم أشعر بها أبدًا وأنا أخسر.. كنا نتناول الكشرى ونضحك.. قلت للبهجورى: متى تكبر؟!

أجاب: .. لقد خلقت وبداخلى طفل صغير أراه دائمًا فى التاسعة.. وسيبقى فى التاسعة أو يزيد عامًا واحدًا.. وأشار لقلبه.. متى عرفت الحب الحقيقى؟!

ستبقى دائمًا روحك شابة.. وبدأت أم كلثوم تصدح: .. ابتديت دلوقتى بس أحب عمرى..ابتديت دلوقت أخاف للعمر يجرى