الخميس 28 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

احتراف المصريين فى أوروبا.. لف وارجع تانى

لمـــاذا يجــد لاعبـونــا صعـوبــة فـى الاحتـــراف خـارجيًــا؟!

فور انتقال أى لاعب مصرى للاحتراف فى الخارج، سرعان ما يفكر فى العودة إلا عددًا قليلًا الذى يمكنه التحمُّل ومواصلة الطريق فى سماء الكرة الأوروبية التى تشهد منافسة كبيرة وقواعد انضباط يصعب على الكثير من اللاعبين تحملُّها.



ويظل النجم المصرى «محمد صلاح» على رأس قائمة المحترفين الذين نجحوا فى تحقيق إنجازات أوروبية كبيرة مع ناديه «ليفربول» وخير مثال على التفوق خلال مسيرته، حيث حقق الكثير من الألقاب الفردية والجماعية أبرزها الفوز بدورى أبطال أوروبا.

كما يعد «محمد النني» لاعب وسط «أرسنال» من أبرز اللاعبين الذين نجحوا فى الثبات والاستمرار فى أوروبا من خلال التزامه وتفانيه، ولكن يبقى الكثير من الأمثلة على الفشل فى البقاء داخل القارة العجوز أمرًا مثيرًا للتساؤلات.

وإذا كان الاحتراف الأوروبى صعبًا فى الماضى، فقد ازداد صعوبة فى التوقيت الحالى، خاصة مع دخول تكنولوجيا «الذكاء الاصطناعى»، واحتياج اللاعبين للبقاء ساعات لدراسة الأساليب التكتيكية الجديدة ومدى التطور الذى ظهر مؤخرًا؛ حيث أثبتت التجارب أن بعض التفاصيل الصغيرة قد تحسم مباريات وربما ألقابًا لذا كان الاهتمام بكل ما يتعلق باللعبة الشعبية الأولى هو الشغل الشاغل للأجهزة الفنية وإدارات الأندية.

داخل كل جهاز  فنى..  يوجد فريق من محللى الأداء، مهمته العمل على ثغرات اللاعبين، وأيضًا دراسة أخطاء المنافسين، ويقدم للجهاز الفنى معلومات يمكنه استخدامها فى الاعتماد على خطة معينة أو تكتيك جديد.

أخطاء قاتلة

أحيانا يملك اللاعب المحترف القدرة على التألق داخل الملاعب الأوروبية، ولكن تبقى بعض الأخطاء الساذجة قاتلة، منها ما فعله «إبراهيم سعيد» الذى احترف فى صفوف «إيفرتون الإنجليزى» حيث هبط إلى أرض الملعب وشعره مصبوغ بالأحمر. وهو ما أثار الجمهور ودفعه لصب غضبهم عليه، لاعتقادهم أنه يغازل الغريم التقليدى «ليفربول» الذى كان يرتدى قمصانًا بنفس اللون.

عمرو زكى
عمرو زكى

 

أما عمرو زكى الذى خطف الأنظار سريعًا فى صفوف «ويجان أتليتك» بأهدافه المميزة، فعاد إلى القاهرة دون أى مقدمات، وترك التدريبات، ما دفع إدارة النادى الإنجليزى لإقصائه من حساباته، خاصة بعدما قرر مدربه «ستيف بروس» عدم الاعتماد عليه، واعتبره أسوأ محترف تعامل معه فى تلك الفترة.. وفقًا لما قاله فى تصريحات صحفية وقتها.

تعد فرص المحترفين المصريين فى الاستمرار داخل أوروبا مرتفعة، لولا بعض الأخطاء السلوكية التى ارتكبها اللاعبون وكان يصعب تجاوزها أو أن تمر مرور الكرام.

طريق الأشواك

من أهم الصعوبات التى تواجه المحترف المصرى فى أوروبا هى «عامل اللغة» و«التأقلم» مع الأجواء والحياة الاحترافية بصفة عامة، حيث لا يوجد أصدقاء كثيرون عكس الوضع فى مصر، كذلك فإن السهر حتى ساعة مبكرة من الصباح ممنوع تمامًًا، ويجب أخذ قسط كبير من الراحة من خلال النوم المبكر، بالإضافة إلى تنوع التدريبات التى تعتمد على اللياقة البدنية والدروس التكتيكية، وضرورة المرور على الطبيب النفسى لحل أى مشكلات يتم اكتشافها خلال المران، فضلا عن أداء بعض الاختبارات داخل صالة الألعاب الرياضية.

محمد الننى
محمد الننى

 

كل تلك العوائق تحتاج إلى قدرة كبيرة على التحمُّل، لذلك كان من الصعب على لاعبين مثل «محمود شيكابالا» الاستمرار فى «سبورتنج لشبونة» أو تواجد «محمد إبراهيم» فى «ماريتيمو» أو «عماد متعب» فى أوروبا.

واعترف «عماد متعب» عقب رحيله من «ستاندر لياج» البلجيكى بصعوبة التدريبات البدنية والعنيفة التى تحتاج إلى بذل جهد كبير، وكان يصعب عليه التأقلم هناك، لذا رحل عن صفوف ناديه خاصة أنه خاض تجربة الاحتراف فى أوروبا بعدما تجاوز 25 عامًا.

ويبقى إمام عاشور أحدث وأقصر التجارب الاحترافية مؤخرًا، ما تسبب فى إثارة الجدل بعدما كان من أبرز اللاعبين فى صفوف الزمالك ثم قرر الذهاب إلى «ميتيلاند الدنماركى» مقابل نحو 3 ملايين دولار، ولم يستمر سوى شهور معدودة بسبب صعوبة التأقلم وحاجز اللغة والأجواء الباردة، فقرر العودة إلى مصر، ولكن من بوابة النادى الأهلى.

ضوء فى النفق

رغم التجارب الكثيرة التى وضعت احترافية اللاعب المصرى فى الملاعب الأوروبية محل شك، فإن الضوء لا يزال ينير نهاية النفق خاصة بعد احتراف «عمر خضر» بعد فترة معايشة فى صفوف «أستون فيلا» الإنجليزى بالإضافة إلى «عمر فايد» قلب دفاع «المقاولون العرب» الذى انتقل إلى «فنربخشة» التركى, الذى أعاره إلى فرق «نوفى بازار» الصربى لـمدة عام.

وبات «عمر سيد معوض» قريبًا من الانتقال إلى أوروبا، بعدما تألق مؤخرًا فى صفوف فريق الشباب بالنادى الأهلى، حيث قضى فترة معايشة فى صفوف «ريال بيتيس» الإسبانى, لكن ظروف اصابته أجلت احترافه.

ويبدو العامل المشترك فى مثل هذه الحالات، هو الانتقال المبكر إلى أوروبا، حيث يساهم ذلك فى التأقلم والاعتياد أسرع على الأجواء وإمكانية تحمل الضغوط هناك.

خريطة حرارية توضح اماكن تحرك اللاعب داخل الملعب
خريطة حرارية توضح اماكن تحرك اللاعب داخل الملعب

 

ومن جهته، اعتبر «علاء عبدالصادق» نجم الأهلى الأسبق، أن اللاعب المصرى يفتقد ثقافة الاحتراف فى أوروبا، حيث يجب أن يتولد لديه الشعور وهو صغير أنه يمكنه السفر إلى الخارج فى أى وقت والتعامل مع الحياة هناك.

وأضاف إن هذه الثقافة منتشرة بين اللاعبين الأفارقة الذين أصبحوا عنصرًا رئيسيًا فى أغلب الفرق الأوروبية ويمكن لأغلبهم النجاح وبالتالى استفادة المنتخبات الوطنية منهم.

وأوضح «عبدالصادق» أن اللاعبين فى الأهلى أو الزمالك يجدون الشهرة الكبيرة داخل مصر وأينما ذهبوا يطاردهم الجمهور وحين يقبل بعضهم الاحتراف فى أوروبا لا يجد هذه المعاملة، وبالتالى قد يفكر فى العودة من جديد.

ويرى عبدالصادق أن عامل اللغة لن يكون عائقًا إذا رغب اللاعب فى التعلُّم، خاصة إذا خرج إلى أوروبا فى سن صغيرة مثل «صلاح» أو «النني» حيث يعمل النادى على تخصيص معلم يساعدهم فى تعلم المصطلحات الرياضية وما يحتاجونه فى حياتهم اليومية.

تحليل إدارى
تحليل إدارى

 

ومن جهته أكد «طارق مصطفى» نجم الزمالك الأسبق، أن أهم ما يفتقده اللاعب المصرى هو «الطموح» لذلك سيجد صعوبة فى التأقلم مع الأجواء الأوروبية بالإضافة إلى العامل المادى الذى قد يدفع بعضهم يفكر فى الابتعاد عن الاحتراف.

وأضاف إن اللاعب فى الأهلى أو الزمالك يتقاضى راتبًا لا يمكنه أن يحصل عليه إذا احتراف فى ناد صغير داخل أوروبا، وبالتالى إذا لم يمتلك الطموح للتطور من أجل الذهاب إلى ناد أكبر فإنه قد يفشل ويعود مرة أخرى إلى مصر.

واستكمل «مصطفى» حديثه بالتأكيد على أن اللغة عامل رئيسى فى النجاح، ولا يوجد أبرز من لاعبى شمال إفريقيا الذين يجيدون اللغة الفرنسية، وبالتالى يسهل عليهم التعامل خاصة فى الدورى الفرنسى مما يدفعهم للاستمرار.

وأشار مصطفى إلى أن أغلب اللاعبين المصريين الذين نجحوا فى أوروبا خرجوا فى سن مبكرة، لذا كان يسهل عليهم التحمل حيث لم يتمكن فيروس النجومية من التحكم فيهم. وبالتالى يجب نصح اللاعبين الصغار بالتفكير جيدًا فى الاحتراف وهم صغار من أجل التعلم أكثر.